أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 17

الموضوع: الإنسانُ مخلوقٌ جاهلٌ وضعيفٌ - ويحملُ أمانةً عظيمةً ..!

  1. #1
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي الإنسانُ مخلوقٌ جاهلٌ وضعيفٌ - يحملُ أمانةً عظيمةً ..!

    رُبَ سائلٍ يسألُ .. أين العدل والإنصاف بحق الإنسان-عند معاقبته على الإخفاق- وهو المخلوق للعبادة وحمل الأمانة .. إذا كان قد قـُدِّرَ لهذا الإنسان طبيعة الأنا داخله ، وأصناف الآخـر خارجه ، ومعطيات البيئة من حوله ؛ وإذا لم يُعطَ رجاحة العقل ذي الأبعاد الفكرية الإبداعية ، وقـُدِّرَ عليه الجهل وسطوة الفتن ، وحُرِمَ الإمكانات المادية المُسَاعِـدة .؟

    وأنا من الذين يعتقدون بأن الإجابة على مثل هذه التساؤلات- هي وجبة روحية-علمية فكرية أدبية حياتية أساسية ضرورية- لسلامة إسلام الفرد وثبات وقوة إيمانه ، وهي بالغة الأهمية والحساسية من أجل نضوج العقل وصواب الفكر .!
    ولكنها ليست متوفرة حتى اليوم في مكتبات الفكر العربي الإسلامي- بالشفافية وقوة الحجة المطلوبتين .!
    وأن كل ما هو متوفر حيالها لا يعدو أن يكون تداخل للمفاهيم وتمازج للألفاظ - قد يزيد من تعقيد السؤال وحيرة السائل دون أن يرقى إلى مستوى الجواب ..!

    وأعتقد جازماً بأنها- أي الإجابة- لا يُخفيها سوى عدم البحث الجاد عنها – بسبب التخوف اللا مبرر ، أو لعدم الإحساس بأهميتها في بناء كيان الإنسان ، أو لأن السابقين لم يضعوا لها تصوراً ..!

    وإني لأرجو أن يُتيح لنا-عامل الزمن - المجال الكافي لكشفها ووضعها بصورة شفافة في إطارٍ متناسقٍ جميلٍ مهيبٍ يليق بحجمها ويُناسب قدراتنا على الفهم والإدراك والاستيعاب .. في ظل الواحة العزيزة .!

    وسنتجول الآن - سويةً- في مظانّ حقائق بعض الأمـور ذات الصلة بهذه التساؤلات ، ولنطرق هنا باب الجهل لدى الإنسان .! والذي يقود عادة إلى تساؤلات جدلية بسبب النقص الحاد في الثوابت الفكرية التي تحظى بالإجماع .!

    إننا عندما نقول نحن بني آدم .. إنه ليس بيننا من هو أهل للقب الملاك ؛ فإن ذلك ينبغي ألا يقودنا إلى التفكير بالانتقاص من قدر الإنسان- بالمطلق- لصالح الملائكة . فلكلٍ من الفريقين شأنه ومجاله الذي يُناسبه ، والذي لا يُفلح فيه الآخـر ..!
    فالملائكة هم خلقٌ كرامٌ ، مخلوقون لأداء مهام محددة لا يحيدون عنها ، وليس بينهم من يتصف بالجهل ؛ ومن هنا فهم لا يقترفون الذنوب ، ولا يعصون أمـر الله ، فهم مُسيّرون ومهيئون لئلا يُخطئوا .

    ولو تصورنا وجود مُـذنبٍ من الملائكة- فستكون عقوبته السحق - لحظة الذنب ، وبالتالي فلا يوجد بينهم مُذنب .

    أما الإنسان والجن فقد خـُلِقوا لمهمة جسيمة وحَمَلوا أمانة عظيمة ، تلك هي عبادة الله وعدم عصيانه- غيباً ، مما يوجب عليهم الاستقامة- قولاً وعملاً ، سراً وعلانية - في حين أنهم مُهيئون للخطأ والانحراف بحكم طبيعة خلقهم ومقتضيات حياتهم وعلاقاتهم ؛ حيث أن حياتهم الدنيا هي عبارة عن مرحلة اختبار عملي ، في ساحة مليئة بشتى أنواع الفتن – من معوقات ومغريات .

    ولذلك فإن جزاء من أفلح منهم عظيمٌ-عِـظـَمَ نجاحه في حمل الأمانة ، وكذلك عقاب من أخفق فهو عظيم بحجم الإخلال بالعهد مع الخالق .

    يقول الحق تبارك وتعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات 56 .
    نلاحظ هنا أن الملائكة ليسوا مشمولين بأمـر العبادة ، لأن العبادة المقصودة هنا هي تلك العبادة الطوعية التنافسية التفاضلية – التي يعقبها ثواب أو عقاب ، والتي لا تخلو من خطأ وتقصير ، والتي تزيد أو تنقص - توافقاً مع سلامة التفكير وإخلاص النية وصدق الإرادة وبذل الجهد ؛ فيزيد تبعاً لذلك وينقص الثواب والعقاب . ولا يترتب على التقصير فيها- عقوبة آنية ؛ بل يوجد مجال للتوبة والرجوع والتكفير عن الذنوب وفتح صفحات جديدة ، مما يعني المغفرة والفوز بالجنة لمن أناب إلى ربه – صادقاً – في مرحلة الاختيار .!

    يقول الحق أيضا :
    (ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) الأعراف 179 .
    الغافلون لا يختلفون كثيراً عن الجاهلين- الذين هم صلب موضوعنا في هذه المقالة المُطـوّلة .. ففي أمـور كثيرة تكون الغفلة سببٌ والجهل نتيجة . فالذين تصفهم الآية هنا بالغافلين هم أولئك الذين يمرون بالأحداث دون وضعها في ميزان المنطق والمبادئ والفطرة الإنسانية ، وتمر عليهم الأيام والسنون دون أن يُلقوا بالاً لما تـُحيطهم به من أكداس العِظات والعِبر ، وكأنما تنازلوا عن وجودهم ، وأبقوا على الأمانة في أعناقهم .!

    ويقول الحق : ( وقالوا لولا أُُنزِلَ عليه مَلَكٌ ولو أنزلنا مَلَكَاً لَقُضِي الأمرُ ثم لا يُنظـَرُونَ ) .. الأنعام 8 .
    ويقول أيضا : (قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا ) الإسراء 95 .
    في هاتين الآيتين الكريمتين .. يُشير الحقُّ إلى إحدى أشـدُّ درجات الجهل- خطورة ، وأكثرها تفشياً بين بني البشر .. ألا وهي طـَلَبُ الحقيقة الكاملة - جاهزة ، وكأنهم ليسوا معنيين بالبحث عنها ، مما يعني عدم الإرادة لديهم في استعمال العقل الذي يُميـّزهم عن سائر المخلوقات من حولهم- بما يُشبه اعتراضهم على مشيئة الله .!

    فيذكـّرهم الخالق جل في علاه - أنه لو تجلّت لهم الحقيقة دون بحث وجهد منهم ، فإن ذلك سيعني العقاب الآني - لمن ضلّ منهم ، ولن تتاح لهم فرصة التوبة ( لَقُضِي الأمرُ ثم لا يُنظـَرُونَ ) . ولن يتمكنوا حينها من عمل ما يستحقون به المغفرة والثواب .

    ويقول البارئ جلّ من قائل : (وإن كان كَبُرَ عليك إعراضُهُم فإِنِ استطعتِ أن تبتغي نَفَقاً في الأرض أو سُلَّمَاً في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين) .. الأنعام 35 .
    هنا يُشير الحق تبارك وتعالى إلى أنّ الإنسان مُخيّـرٌ من ربه ومُسيّرٌ بعقله وراشدٌ بفطرته . ودور الرُسُلِ يكمن في التذكير- ليس إلا ، وهم ليسوا مكلفين بسد كل الذرائع التي يتحجج بها أقوامهم – حتى يؤمنوا . فلو شاء الله لجعل الناس مُسيّرين- ولأتوا حينها أمـر الله كـرهاً أو طوعاً ، غير متسائلين ولا مُجادلين .

    وهكذا فإن من لا يهتدي بفطرته وعقله وحواسه- حتى بعد تذكيره- فهو ملازم للجهل ، ولن تـُجدي مسايرته نفعاً ، بل إن من يُسايره على هواه قد لا يبعده جهلاً .

    وفي شأن الجهل والجاهلين يقول الحق تبارك وتعالى - أيضا :
    ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون) .. الأنعام 111 .
    وقال على لسان يوسف ( قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) .. يوسف 33 .

    ولو منحنا أنفسنا فرصة الوقوف- مُـطولاً- مع الذات متسائلة ومُجيبة ، ومع الآخـر بأصنافه المتنوعة- متعارضاً ومتوافقاً معنا- في محاولة لتحليل وفهم ماهية الجهل ..

    فسنجد أنه بمقدورنا القول بأن الجهل يُمثـّل إحدى الصفات الملازمة للإنسان ، وأنه أشبه بشيطان ذاتي شخصي ، وأن أهم ما يحتاجه الجهل ليعلن عن وجوده هي موافقة الإنسان لهوى النفس .

    وسنجد أن مقاومة داء الجهل هي إحدى رسائل الإنسان في الحياة ، وهي من أهم جوانب أمانته التي تعهد بحملها .

    وأن محاربتنا للجهل في حياة الإنسان ينبغي أن تنصبّ على تطهير أساسيات الفطرة الإنسانية - من شوائب المصطلحات وغموض المفاهيم وتشوه الأفكار . وأنه علينا إعادة ضبط الفطرة وفق معادلة مخلوق ضعيف يحمل أمانة عظيمة ..!

    فالإنسان الذي يتمكن من الإحاطة الكاملة بالمعنى الدقيق - لمفهوم الجهل ، ويصل إلى تحديد معالم- مفهوم الجهل بالأمور - سيكون مؤهلاً لكشف مواطن ومداخل ونقاط الضعف التي يدخل منها الجهل . ويُصبح بالنتيجة - ذلك الإنسان- مهيئاً لمقاومة الجهل وتحجيمه والنجاة من سطوته الكاملة- سواء فيما يخص عبادة الإنسان لربه أو في رؤيته لذاته وعلاقته بالمحيط .!
    وسيصبح بذلك قادراً على مساعدة الآخـرين ، بل ومُطالباً بها كبند أساسي ضمن بنود إنسانيته ..!

    والجهل درجات ، وهو نسبي ، ويبرز في عدة أمور ، فقد يظهر في أمـور ثانوية يمكن التغاضي عنها- جزئياً أو كلياً - مرحلياً أو بصورة دائمة – درءاً لما هو أعظم ..!

    وقد يُصيب الجهلُ لدى الإنسان أمـوراً مفصلية- تمس مصيره وكينونته بكاملها ، وفي هذه الحال يكون لعامل الزمن دوراً أساسياً ، فقد يستفحل الجهل بصاحبه ويكون الزمن في صالح الجهل ، فيتطور ويتحول إلى ما يُشبه الحقيقة في ذهن الإنسان- مما يُعطّـل عمل العقل ، ويُـحيل الإنسان إلى مصدرٍ متجـددٍ للجهل .

    فمثلاً قد يُقلق الإنسانَ سؤالٌ مُلِحٌ ، فيجد له جواباً خاطئاً - لكنه الوحيد في الساحة تلك الساعة ، فيُحدد ذلك الجواب نقطة البدء والاتجاه - لمسار العقل ، فتـُنسج مبادئ وثوابت الإنسان وفق ذلك الجواب ، ويُفرض الأمر على العقل ، فيعمل على مواءمة الأفكار- حيال المستجدات- لتتناسب مع ذلك المفهوم .
    ومع مرور الزمن وتطور الحياة - وتأخر التصحيح - يتعاظم أمـر الانحراف ، وتكبر المعضلة أمام العقل ، وتزيد الهوة بين المنطق الذي هو صورة ولغة العقل السليم ، وبين الجهل المُسيطـر الذي طبع الواقع والأحداث بطابعه ..
    وفي أحسن الأحوال ستتطور وظيفة ذلك العقل- تفاعلاً مع الواقع وطلباً للمنطق- ويصبح منتجاً للأسئلة المُحيّـرة لصاحبه وللآخرين ..!

    ومن خلال تعريف الجهل فيما استعرضنا من آيات قرآنية ، وبالتبصّـر في مواقف الحياة العملية- من حولنا ، أستطيع تعريف الجهل على أنه سيطرة الفكر على العقل – بدل إنتاج العقل للفكر ، وهو خللٌ يُعـطـّل أو يُعيق عمل العقل الطبيعي التفاعلي- لدى الإنسان ، فيبدو الإنسان عاجزاً عن رؤية بعض الجوانب الأساسية الفاصلة من كينونته وصيرورته كإنسان ، والتي يراها غيره بديهية صارخة ..!
    حيث أن العقل هو العنصر المسئول عن إنتاج الأفكار التي تـُعالج متطلبات الحياة الإنسانية ورغبات النفس البشرية وميول القلب وحاجيات الروح – وفق معتقدات الإنسان وثقافته ومبادئه ومعطياته وقدراته ..!

    كما أستطيع تعريف الجهل على أنه مرضٌ(فيروس) ثقافي يستقر في فكر الإنسان فيُحدث خللاً في ميزانه المنطقي فيُلوث فطرته مما يؤدي إلى تشوه بصيرته فلا يعود عقله قادراً على رؤية الفواصل والحدود بين المنطق واللا منطق ، فيجد الإنسان صعوبة بالغة في قبول أفكار الآخرين المغايرة لما بات يعتقده ، وعندما يُدرك ضعف حجته ، فإنه يلجأ إلى المكابرة والعناد ، ظناً منه أن اعترافه بخطئه وصواب الآخرين هو مساسٌ بكرامته .

    والحقيقة أن الجاهل بأي أمـرٍ هو كل إنسانٍ لا يملك القدرة الفكرية للتحاور والدفاع المنطقي عن ذلك الأمـر الذي يعتقده - بغض النظر عن صواب فكرته من عدمها – مرحلياً ؛ .. وأكثر منه جهالة ذلك الذي يستطيع التحاور ولا يستطيع التراجع عن قناعاته عندما يثبت له بُطلانها .!

    فالجاهل لا يملك ميزاناً فطرياً سليماً يُمَكـِّنـُهُ من الوقوف عند نقطة مناسبة بين خطئه وصواب الآخرين ؛ لأنه لا يستطيع التوفيق بين ضعفه كمخلوق وقوته كحامل أمانة- وقراءة الواقع في ضوء ذلك .!

    ولذلك فإن مُحاورة الجاهل- أو معالجته تتطلب من الطرف الآخر حنكة وموهبة وإلماماً تاماً بحيثيات الجهل لدى الجاهل وملابساته الفكرية .

    فالجاهل لا يعلم بجهله ، أي أنه مريضٌ لا يدري بمرضه ، وبذلك فهو لن يتناول العلاج طواعية ؛ ويستلزم علاجه توافر واشتراك مُعطيات كثيرة - لعل الحظ والقدر يُمثلان نسبة كبيرة منها .. فذكاء وبلاغة المُحاور ، وموضوع ومستوى الجهل ، والأوضاع المعيشية للجاهل ، والبيئة وموروثاته وثقافة المجتمع - من حوله ، وما أبقى الجهل من قدرة للفطرة الإنسانية لدى الجاهل على الاستجابة لمنطق الحق .. كلها أمور ينبغي أن تتكامل وتعمل في ذات الاتجاه لإزالة طبقات الجهل وإفساح المجال أمام العقل ليعود للعمل بصورة طبيعية ..!


    والله تعالى أعلم ، والله ولي التوفيق ..
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  2. #2
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.28

    افتراضي

    أخي الحبيب أبا بكر:


    موضوع كبير مهم يحتاج لتناول متعمق وحوار يتناسب وأهمية الأمر وأجدني هنا الآن أمر على عجالة لأشكر لك طرح هذا الموضوع ولأعدك بعودة قريبة بحوارات مستفيضة في كل ما طرحت من نقاط مهمة.


    تقبل التقدير والاحترام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    موضوع مثير بحق أيها الأخ الكريم ..
    وقفت هنا لأتأمل هذا الفكر العميق ، وتفكرت به مليا ، طرح رائع بحق .
    سأتابع بشغف ما طرحته هنا للنقاش .

    احترامي .
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  4. #4
    الصورة الرمزية محمد المختار زادني شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    المشاركات : 1,230
    المواضيع : 143
    الردود : 1230
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي

    السلام عليكم
    أعتقد أننا نقف بهذه الشرفة على باب من أبواب النقاش الجاد، لقضية أرقت المفكرين والعلما على مر العصور. ولدي ملاحظات حول مقدمات وردت في النص تستدعي التاني في الحكم على "الجاهل" وعلى الجهل - أرجو من الإخوة من ذوي الاختصاص بعلم النفس والفلسفة أن يتمعنوا بما ورد في هذا الطرح كي يثروا النقاش ويفيدوا غيرهم-

    فمتى عرفنا ما يحيط بالموضوع من أمور توضح المرض " الجهل " أمكننا دراسة ما يجب إعداده من آليات وإجراءات علاجية ...

    وسأتابع بكل شغف

    دمتم على درب الهدى سائرين

  5. #5
    الصورة الرمزية محمد المختار زادني شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : المملكة المغربية
    المشاركات : 1,230
    المواضيع : 143
    الردود : 1230
    المعدل اليومي : 0.18

    افتراضي تابع الرد ..

    الإنسانُ مخلوقٌ جاهلٌ وضعيفٌ - يحملُ أمانةً عظيمةً ..!


    قد لا يتفق معك علماء النفس وعلماء الاجتماع في وصف الإنسان بالضعيف وهو الذي طوع بفكره الطبيعة وكشف من أسرارها ما كشف وركب الريح وغاص في أعماق البحار وبنى الأهرامات ...
    ... وقـُدِّرَ عليه الجهل ...

    يميل بنا هذا القول إلى التساؤل حول ما إن كان الجهل مقدّرا على الإنسان. ولست أدري إن كان يمكننا اعتبار الجهل قدرا فعلا. أما الحرمان من الإمكانات المادية فقد يكون مصدره الآخر لظروف اقتصادية أو اجتماعية أو غير ذلك...

    ... ولكنها ليست متوفرة حتى اليوم في مكتبات الفكر العربي الإسلامي- بالشفافية وقوة الحجة المطلوبتين..


    المكتبات في كثير من بلدان العالم، تضم نفائس ما أنتجه الفكر الإسلامي مابين القرنين الثاني غشر والسابع عشر. وقد شهدت تلك الحقبة من الزمن تفاعل الباحثين –حتى من غير المسلمين – مع النصوص التي ناقشت مثل هذه القضايا في ظروف تنامت فيها موجة التحجّر الفكري بموزاة ما كان من نشاط فكري وفلسفي. وبتدهر أحوال الأندلس وضعف نفوذ في المشرق العربي؛ طغى التحجر على الإبداع وحورب الفكر المستنير وتدنى دور الأدب ليترك المجال " للجهل " والتخلف عن مسيرة العلم. ولعل بداية هذه الكارثة الفكرية كانت حين شاع تداول مقولة : « من تمنطق فقد تزندق!» والتي حورب بها الفلاسفة وأقطاب الفكر من أمثال ابن رشد والفارابي وغيرهما... وهكذا فإن ما كتب في تلك الفترة ترجم إلى عدة لغات واستفاد منه الأدب والفكر الأوروبي – بشهادة الغرب كله- وبنيت عليه نظريات دارت بينها وبين الكنيسة معارك طاحنة كان الفوز فيها للمعرفة على الجهل .

    ... ولو تصورنا وجود مُـذنبٍ من الملائكة- فستكون عقوبته السحق - لحظة الذنب ، وبالتالي فلا يوجد بينهم مُذنب ...


    هنا تظهر إشكالية ذات شقين : يتمثل الأول في عصيان إبليس لرب العالمين، وقد كان ضمن الملائكة ويدعونا للتساؤل عما كانت عليه طبيعة إبليس قبل أن يؤمر بالسجود لآدم أكانت ملائكية أم جنية حسب ما جاء في الذكر الحكيم :" ... كان من الجن ففسق عن أمر ربه..". والشق الثاني يعود إلى العلم أو المعرفة لدى الملائكة؛ حيث إننا –بمقاييسنا البشرية – نعتمد السؤال بابا للمعرفة، والمقارنة وسيلة للحكم ؛ إذ سألت الملائكة العلي العليم « .. أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ...؟ »

    ... أما الإنسان والجن فقد خـُلِقوا لمهمة جسيمة وحَمَلوا أمانة عظيمة ...

    ليس هناك ما يثبت أن الجن قد حُمِّلوا الأمانة – مع أنهم أُمِرُوا بالعبادة - « ..إنا عرضنا الأمانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان ...» فالانسان هو الذي حُمِّلَ الأمانة.

    ...والجهل درجات ، وهو نسبي ، ويبرز في عدة أمور ، فقد يظهر في أمـور ثانوية يمكن التغاضي عنها- جزئياً أو كلياً - مرحلياً أو بصورة دائمة – درءاً لما هو أعظم ...!

    هنا أيضا تبرز إشكالية المفهوم؛ هل نأخذ بالمعنى الوارد في الآية : « ...وأعرض عن الجاهلين ...» أم الوارد فو قول من قال : " ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا " أم بمعنى العدو الأول لكل الإنسانية بحيث يكون الجهل ضد المعرفة .؟

    ... قد يُقلق الإنسانَ سؤالٌ مُلِحٌ ، فيجد له جواباً خاطئاً - لكنه الوحيد في الساحة تلك الساعة ...

    هنا تظهر نسبية الجهل بما يدور في محيط الإنسان وسيرورة المعرفة العلمية عبر العصور ؛ فكم من ظاهرة طبيعية تم تفسيرها على هوى المفسر واستمر الاعتقاد سائدا قرونا عديدة حتى اكتشف خطأ المفسر القديم وتبين أن السبب الحقيقي للظاهرة و درست بشكل مستفيض قبل تقديم التفسير الجديد الذي يلقى المعارضة الشديدة من المتمسكين بالقديم باعتباره الأصح المقدس ... وهناك شواهد كثيرة في تاريخ العلوم أسرد منها ما كان يعتقده طلبة "جاليليو" من أن ما قاله سقراط في سقوط الأجسام الحر- بأن الجسم الأثقل يسقط الأول – وكانوا يعتقدون أن كلام سقراط نهائيا ولا يجدر أن يناقش رغم الحجة التي تقدم بها "جاليليو" وهي الدامغة في ذلك الوقت . مما حذا بالعالم " Francis Becon " للقول بأن ذاك من الأوهام الموقعة في الخطأ .
    ... (فيروس) ثقافي يستقر في فكر الإنسان ...
    قد يكون أشرس من الفيروس ولكني لست أدري بما دعاك لوصفه بالثقافي !!!

    ولي عودة بإذن الله

  6. #6
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    الأخوة الأحباب جميعاً \ السلام عليكم ..

    أقف عاجزاً عن تقديم الشكر المُعبّر عن عميق امتناني وتقديري لكل من مر هنا ، مُعلِّقاً ومحاوراً وناقداً وقارئاً ..

    وأنا أُدرك تماماً ( وكما قال أخي الأستاذ د. سمير ) بأن الموضوع أكبر من أن تفيه حقه أو تـُغطي جوانبه مقالةٌ واحدةٌ ؛ ولكن هي إشارة إلى أمـرٍ يؤرقني ، وأجده خطراً ، وما انفك يُقابلني حيث أتيت ، ولم أجد أحداً يراقبه في نفسه – إلا من رحم ربي ..!

    ولذلك أردت التذكير بأن الجهل نقيض الحكمة ، وبأنه لا أحد من البشر يمتلك الحكمة كاملة ، وقد وصف اللهُ الإنسانَ بالجهول ؛ ومن هنا فإن نسبة من الجهل تلازم كل إنسانٍ- غير معصوم . وكفى الإنسانَ الجهلُ - ضعفاً .!

    ولعل من مظاهر الجهل المتفشية والتي تسهل ملاحظتها ، ويمكن معالجتها هي ما نراه من تسرّعٍ غير مُبررٍ لدى البعض في الحكم على أفكار الآخرين قبولاً أو رفضاً ، وانتهاج البعض لأسلوب المهاجمة وظن السوء حيال كل مُحاورٍ متسائلٍ أو معارضٍ منتقدٍ . كذلك الثقة العمياء في صواب الرأي- الأمر الذي يصل بالبعض أحياناً - أن ينظر إلى الآخر والمنتقد والمحاور من ذات الزاوية التي يرى من خلالها العدو .

    أخي محمد زادني .. أرجو ألا تألو جهداً في انتقادي ومحاورتي وإرشادي - ما وجدت إلى ذلك سبيلاً ، فليس بغير النقد والتذكير وقبول النقد والحوار - تستقيم الأمـور وتـُثمر التجارب .

    بخصوص بعض النقاط التي تناولها أخي زادني أحببت أن أقول :

    · عن ضعف الإنسان : إنه قد ورد في كتاب الله العزيز ( النساء\ 28 ) أن الإنسان خـُلِقَ ضعيفاً .

    · وأما عن بنائه للأهرامات ، فإنه يُمكنني القول : إن الإنسان الذي بنى الأهرامات كان قد فعل ذلك نتيجة ضعفه وجهله وليس بسبب قوته . ( بغض النظر عن الحجم المادي والهندسي للإنجاز) .

    لقد بنى الإنسان الأهرامات طاعة لربه آنذاك ( منهم من كان يعتقد ، ومنهم من كان مُجبراً على الإقرار- بأن فرعون ربه ) ،

    والتاريخ يُخبرنا بأن آلافاً من البشر قد قضوا تعباً وجوعاً – رُغماً عنهم - من أجل بناء الأهرامات . فهل يُعد ذلك الاستعباد - قوة للإنسان .!

    وهل تـُقاس قوة الإنسان من ضعفه - بما تعانيه الأغلبية الساحقة عدداً ، المسحوقة إنسانياً - من آلام ، أم بما تـُحققه الأقلية المسيطرة الرافضة لمبدأ المساواة – من شرفٍ وترف .!

    إن ما يُنجزه الإنسان عندما يكون مسلوب الحرية والإرادة والإنسانية- لا يـُعـدُّ قوة له ولا يُحسب لصالح الإنسانية ، بل يـُحسب عليه عبودية مُهينة ، وعارٌ على الإنسانية .

    إن العلم والمعرفة والفكر هي نعمٌ قد وهبها الله للإنسان من أجل عمارة الأرض وإقامة العدل عليها – لا لكي تـُزهق أرواح الآلاف من البشر – من أجل بناء قبورٍ لبعض الملوك .

    هنالك فرق بين القوة والطاعة ، كما أنه يوجد فرق بين الإنسان الفرد الضعيف -من جهة - وبين تطور وتكامل وتتابع إنجازات الفكر البشري بسبب تسخير وتذليل الموجودات لصالحه - بأمر الله ..!

    .. فعندما يستشهد المؤمن في سبيل الله فإنه يموت ولا يُحقق لنفسه- اليوم- شيئاً ، ولا يرغب الإنسانُ- بطبيعته- الموتَ - حتى شهيداً ، ولكن المؤمن مأمور بذلك في ظروف معينة بحكم التزامه الديني - دون ذكر للقوة أو للضعف ، ويُحسب له الموت-حينها- طاعة وإيماناً- وليس قوة .

    للحديث بقية ..

  7. #7
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    متابعة مع وقفات الأخ محمد زادني ..

    هل الجهل مُقـدَّرٌ على الإنسان ..!

    أنا أقول نعم ( والله أعلم ) !

    فالجهلُ مَسَبَّةٌ بين الناس ، وهو بالتالي أمرٌ لا يقبله أحدٌ لنفسه ، كما هو الحال مع الفقر والمرض .!

    ولكن الجهل يُشبه الجُبن والبُخل في مواصفاته ؛ بحيث يراه الآخرون ظاهراً على الإنسان بوضوح ، ولكن المُصاب بالجهل لا يراه في نفسه - وبذلك فهو لا يُدرك قبحه ومساوئه ، فيُنكره -حتى وهو يشعر بشيء منه - وذلك درئاً للمسبَّةِ وظناً منه بعدم قدرة الآخرين على إثباته عليه ، واعتقاداً خاطئاً منه بأنه ربما كان كل الناس مثله .!

    بينما الصواب أن الله قد خلق الداء وخلق له الدواء ؛ وحـمّلَ الإنسانَ أمانة البحث عن الصواب ، وجعل لكل فئةٍ مجالاً يمتحن فيه الإيمان ومصداقية العقل والفكر لدى الإنسان ؛ وما على المُمتـَحنِ سوى الصدق مع الله ومع نفسه ؛ كي يرى عيوبه ويتداركها .!

    فكما يبحث المريض عن الدواء ، والفقير عن المال ، فإنه على الجاهل أن يُعالج نفسه بالصدق وطلب المعرفة .!

    وأنا أعتقد ( والله أعلم ) بأن من علامات الإصابة بداء الجهل : أن يجد الإنسان في نفسه ميلاً شديداً إلى مُحاورة من هم أقل منه قدرة على المحاورة ، والذين يكيلون له المديح دون أن يُقدم لهم ما يستحق المديح ، وأن يجد في نفسه بُغضاً لمن يُثبت له خطئه ، وأن يجد في نفسه مقاومة شديدة للإقرار بالذنب والاعتراف للآخرين بأفضالهم ، وأن يُصـدّق الإنسان نفسه - ويفتخـر- حينما تـُحدثه بأنه قد عـَلِـمَ وأن غيره قد جَهِـلَ ، وأن يفتخر الإنسان بالنتائج يُحققها - ويغـُضُّ الطرف عن وسائلِ الظلم - يتبعها ومضاعفاتٍ يُسببها . وترى الجاهل لا يُطيق سماع حُجَّةٍ تدحضُ حُجَّته ، وتجده قر يباً من العنف ، بعيداً عن المنطق ، ولا يتردد في ضرب الأمثلة في غير محلها ، ولا عن لي أعناق الألفاظ - لتغيير دلالاتها - لتناسب أفكاره التي يمنعه الجهل من تصحيحها .!

    للحديث بقية ..

  8. #8
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي


    متابعة لوقفات الأخ محمد زادني ..


    (هنا تظهر إشكالية ذات شقين : يتمثل الأول في عصيان إبليس لرب العالمين، وقد كان ضمن الملائكة ويدعونا للتساؤل عما كانت عليه طبيعة إبليس قبل أن يؤمر بالسجود لآدم أكانت ملائكية أم جنية حسب ما جاء في الذكر الحكيم :" ... كان من الجن ففسق عن أمر ربه..". والشق الثاني يعود إلى العلم أو المعرفة لدى الملائكة؛ حيث إننا –بمقاييسنا البشرية – نعتمد السؤال بابا للمعرفة، والمقارنة وسيلة للحكم ؛ إذ سألت الملائكة العلي العليم « .. أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ...؟ » )
    لا شك أن إبليس كان من الجن - كما ورد في القرآن الكريم . وأعتقد أن حضوره أو تواجده ضمن الملائكة - أثناء أمر الله لهم بالسجود -لآدم - إنما كان ذلك لكي تشهد الملائكة عصيانه لأمـر الله ، ولتعلم سر وبداية عدائه للإنسان .

    وأعتقد أن تخيير إبليس - بين الطاعة والعصيان - أو تمكينه من العصيان وتأجيل العقاب له - إنما كان ذلك إيذاناً من الخالق ببداية تحمّل المخلوقات (ما نعلمه .. الجن والإنس ) لتبعات إرادتها - عندما تـُعطى شيئاً من الاستقلالية وحرية التصرّف - في مرحلة معينة ، وإثباتاً عملياً للملائكة بأن ما يجعل الكون يسير وفق نظام ثابت متزن - دون أدنى خلل - إنما هي وحدانية الله وتفرده بالحكم والملك ، وعدم وجود شريك له في الكون ؛ بدليل أنه حتى المخلوق الضعيف عندما امتلك قراره وحريته - مؤقتاً -(إبليس)- فقد غوى وتكبَّرَ وعَصَى .

    أما العلم والمعرفة لدى الملائكة ، فقد اتضح أمرها في قول الملائكة ( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا ..) ، مما يدل على أن الله سبحانه وتعالى قد أطلع ملائكته على ما سيكون من بني آدم في الأرض عند استخلافه لهم فيها ، ولم يُطلعهم بادئ الأمـر على ما منحه لآدم من علم ومعرفة ..!

    ولذلك فقد تساءلوا الملائكة عن جدوى استخلاف الإنسان في الأرض - من خلال ما عَلِموا عنه بدءاً - من سفك للدماء وفساد في الأرض ؛ ثم تراجعوا بعد أن تفوق عليهم آدم -علماً ومعرفة - بإذن الله ،
    وأدركوا أن حُكْمَهم على الإنسان كان ناقصاً ، لأن الذي يتساءلون حول حكمته في جعل الإنسان خليفة .. هو العليم الحكيم الذي يستمدون منه العلم والمعرفة ..!
    وأدركوا أن سفك الدماء والفساد في الأرض - ليس كل ما سيفعله الإنسان ، ولم يكن هو السبب الذي استـُخلِف من أجله ، وإنما هنالك علم ومعرفة تـُمكّن الإنسان من فعل ما لم تفعله الملائكة .. ولعل ذلك يكمن في إقرار الإنسان بوجود الله ووحدانيته وقدرته - غيباً - من خلال تدبره في محيطه وملكوت الله ، ومن ثََم طاعته وعبادته ..!

    والله تعالى أعلم ..

    للحديث بقية ..

  9. #9
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي


    متابعة .. كيف كانت طبيعة إبليس .!

    إشكالية ذات شقين : يتمثل الأول في عصيان إبليس لرب العالمين، وقد كان ضمن الملائكة ويدعونا للتساؤل عما كانت عليه طبيعة إبليس قبل أن يؤمر بالسجود لآدم أكانت ملائكية أم جنية حسب ما جاء في الذكر الحكيم :" ... كان من الجن ففسق عن أمر ربه..
    إبليس كان من الجن وكان حاضراً عندما أمـر اللهُ سبحانه وتعالى الملائكة بالسجود لآدم ، هكذا يُخبرنا القرآن .
    والتفسير الذي ساد -أو ربما لا يزال سائداً عند البعض - أن إبليس من الجن ولكنه كان يعبد الله بإخلاص حتى وصل مرتبة الملائكة في طاعتهم لله ، الأمر الذي مكّنه من التواجد بين الملائكة أثناء أمر الله لهم بالسجود لآدم .!

    هذه وجهة نظر وتفسير البعض لهذا الأمـر .! وأنا لا أعتقد بصحة هذا التفسير ، لسبب بديهي ومنطقي وهو أن الطاعة التي تصل بالعبد إلى مرحلة الملائكة لا يمكن أن تؤهله إلى عصيان مفاجئ بحجم عصيان إبليس .!

    للحديث بقية ..

  10. #10
    الصورة الرمزية بابيه أمال أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    الدولة : هناك.. حيث الفكر يستنشق معاني الحروف !!
    المشاركات : 3,047
    المواضيع : 308
    الردود : 3047
    المعدل اليومي : 0.46

    افتراضي


    سلام الله عليكم..
    لأن ميزة المواضيع المعرفية أنها تدعو إلى التطرق للكثير من الأفكار خدمة لكل ما من شأنه إفادة القارئ أولا وأخيرا.. فهذا الأمر قلما تخلو منه ساحات النقاشات الجادة على الواحة الظليلة..
    وهذا الموضوع المعرفي واحد منها.. وكوني لا أستطيع إلا الإلمام بجانب من جوانبه لتبقى خاصية التعديل كما الإضافة لمن سيلحق إن شاء الله من مشاركين، فهذه إضافة بسيطة لما حمله النص من أفكار إنسانية..

    يقضي الإنسان، طفلا وراشدا، أربعا وعشرين ساعة كل يوم في إرضاء حاجاته أو محاولة إرضاء هذه الحاجات.. وحيث أن حاجات الإنسان هي جسدية واجتماعية وشخصية، فإننا نرى الناس يأكلون ويشربون ويستريحون، ويحاولون إتقان حرفة من الحرف، ويتشوقون إلى الحرية...
    ومن الملاحظ أيضا أن الأطفال الصغار لا ينقطعون عن طلب شيء أو آخر.. وهكذا الأطفال الأكبر سنا والراشدون فهم دائمو الانشغال، يعملون على تحقيق أهدافهم التي تخفف من التوتر الذي تخلقه حاجاتهم. ومن الملاحظ أيضا أن كل نشاط من أنشطة الإنسان تكون فيه محاولة إرضاء حاجة ما، لهذا فالإنسان – طفلا أو راشدا – حين يكون متهيجا أو هجوميا أو متعاونا أو جانحا أو مجرما أو قائما بأي عمل من الأعمال فإنه يكون عاملا على التكيف وقضاء الحاجات. وقد يكون العمل الذي يقوم به خيرا أو شرا – من وجهة نظر الأخلاق والمجتمع – ولكنه مع ذلك يحاول قضاء حاجة جسدية أو شخصية أو اجتماعية.
    ومن وجهة نظر العلوم النفسية، فهناك حاجات إنسانية ذات صلة بالجسد وحاجات ذات صلة بالنفس. تشتمل الحاجات الجسدية على الحاجة إلى الهواء والماء والطعام والجنس وتجنب الأذى الجسدي وسواها. أما الحاجات النفسية فمنها الحاجة إلى الإنجاز والحاجة إلى التميز والحاجة إلى المودة والعطف والاستقلال وغيرها.. المهم في هذا أن يكون هناك رضا إنسانيا ولو عن الذات والاستمتاع بالحياة والذي لن يكون إلا بقضاء الحاجات الأساسية ما كان منها جسديا وما كان منها نفسيا..
    وحيث أنه من المعروف أن الإنسان قلما يكون راضيا رضا كاملا أو نهائيا عما يحيط حياته من ظروف اجتماعية بالأساس، نجد أن نسبة التكيف ليست متساوية بين الناس، لهذا نراهم مختلفين في تصرفاتهم وأعمالهم وفي مدى نجاحهم في حياتهم وحتى في درجة فشلهم في أمورهم الخاصة وأعمالهم.. لنصل من كل هذا إلى أن اختلاف الناس في عقولهم وفي عواطفهم هو من مشيئة الله تعالى في خلقه لقوله سبحانه: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين).

    وبعيدا عن الحكم المطلق بخاصية الجهل لدى كل الناس، ولو حتى الجهل بما حباهم الله به من ميزات إنسانية لا مجال لمقارنتها بما خص به الله المخلوقات الأخرى، فإن تصورنا مثلا أن موازين العقل متساوية بين الناس كافة، وأنهم متشابهون في كل شيء، في تصرفاتهم وأعمالهم، في حركاتهم وسكناتهم، فماذا تكون النتيجة؟ ألن تكون ركودا وجمودا يؤديان إلى الموت الذي هو ضد طبيعة الحياة.. ومثل هذا الموت يقتل الحافز إلى الإبداع والإتيان بكل جديد، وتركيز العقل والتفكير في التجديد والاختراع، وأعظمه الوصول إلى معرفة أسرار هذا الكون العظيم، والذي يعد من أهم الحوافز التي تدفع بالإنسان إلى تعمير هذا الكون، واستخراج كنوزه..
    هكذا يمكننا القول أن عدم التشابه في كل شيء بالإنسان، حتى في مستوى المعرفة والجهل بالأشياء هو من طبيعة الحياة، وهذا الشيء تفسره المستويات الشاسعة بين الناس، بعضهم ما زال يتعثر في حضيض الحياة، بعضهم دفع به الطموح إلى الكشف عن أسرار الكواكب الأخرى والبعض الآخر ما زال يبحث عن لقمة عيش يسد بها رمقه.. وبعضهم يموتون جوعا أو حربا بالمئات..

    خلاصة لما سبق، هناك عقل وعاطفة لدى كل واحد منا، نوجههما للعمل في كل ما يخص حاجاتنا الأساسية أو الثانوية في حياتنا هذه.. وبما أن الإنسان لا يستطيع أن يزيد من درجات عقله، ولا يقدر أن يقلل أو ينقص من درجات عاطفته التي خلقها الله تعالى في كيانه، فإنه يستطيع استعمال كلا من مميزات العقل والعاطفة، لتبقى استطاعة التحكم فيهما بالعمل - وفقا لما جاء به كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم- التي تضمن للإنسان المسلم التحكم والرقي أيضا بمستوى جهله بطبيعة إنسانيته كما بطبيعة ما يدور حوله من صور الحياة.. رقي يصل به إلى الوقوف على ماهية الأمانة السماوية التي حملها من دون الأرض والسموات والجبال.. ليبقى مستوى جهلنا بماهية هذه الأمانة هو الشاهد الوحيد على جهلنا بميزة استعمال درجة العقل كما العاطفة وفقا لما جاءت به شريعة الإسلام السماوية والعالمية..

    سيد أبو بكر سليمان الزوي.. شكرا لما قرأته هنا من طرح هام لقضية عسى أن نجد على صفحتها جواب كل ما تدعو له من نقاشات هامة حول مائدة مستديرة واحدة..
    تقديري..

    سنبقي أنفسا يا عز ترنو***** وترقب خيط فجرك في انبثاق
    فلـم نفقـد دعـاء بعد فينا***** يــخــبــرنا بـأن الخيــر باقــي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. وراء كل امرأة عظيمة رجل
    بواسطة محمد فريد الرياحي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 28-07-2015, 01:28 AM
  2. جبار وضعيف
    بواسطة رشدي مصطفى الصاري في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 01-07-2014, 12:10 PM
  3. الأدب نعمة عظيمة .. طريق الإنشاء
    بواسطة فريد البيدق في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 14-08-2012, 03:01 AM
  4. صحيح وضعيف تاريخ الطبري
    بواسطة عبد الرحيم بيوم في المنتدى المَكْتَبَةُ الدِّينِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 12-06-2012, 10:50 AM
  5. قصة بليغة وعبرة عظيمة
    بواسطة عطية العمري في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 06-11-2007, 10:05 AM