هل للموت طعم؟
هل للموت طعم؟ طعم أو رائحة يجدها الواحد تحت لسانه أو في خياشيمه حين يصبح منه قاب قوسين؟
ألا يجده الجند تحت ألسنتهم وهم في الخنادق على جبهات القتال ينتظرون الأمر بالهجوم؟ وتعبق به خياشيم وأفواه المحكوم عليهم بالإعدام قبيل ساعة التنفيذ، في لحظات الفجر، دون أن يكون لهم سابق إنذار بميعادهم مع الموت...؟
لكن لم لا يتذوقه القتلة والجلادون كذلك على رؤوس ألسنتهم، وهم يتربصون لضحاياهم، أو يعدون لهم المذابح..؟ لم تغيب عن عقولهم المشلولة رائحته العابقة..؟ لم لديهم ذاكرة فارغة كصفحة بيضاء ما اقترفت جرما وما اغتصبت حقوقا..؟
لم لا يدركون في عالم وعيهم المادي المحدود أنهم كتلة حية تتنفس داخل فراغ صامت مظلم.. وأنهم عبارة عن عينين تتحركان في محجرين داخل حفر صامتة من السواد في مكان ما من نهر الزمن..؟
ليت رائحة الموت تكون الخيط الوحيد الذي يربط بينهم وبين الوعي.. ليتهم يفتحون أعينهم في ظلام حالك كثيف تكاد أيديهم تتلمسه.. فتستيقظ أحاسيسهم في هذا الصمت المتصلب حتى مع دق المطارق...
ليتهم يخافون خوفا شديدا.. ليس من الظلام والصمت، بل من أنفسهم، من وجودهم.. أو على الأصح من جهلهم بذلك الوجود..
ليت..