أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الرؤية التنويرية في نص ( و إن زحفوا فللدنيا هدير ) بقلم : حسين الهنداوي

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين الهنداوي قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 49
    المواضيع : 37
    الردود : 49
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي الرؤية التنويرية في نص ( و إن زحفوا فللدنيا هدير ) بقلم : حسين الهنداوي

    الرؤية التنويرية في نص ( وإن زحفـــوا فللدنيــا هدير)
    )

    إذا كانت قدور الناس تصـــفو
    فــــإن قـــدورنا أبــــداً تفـــــــور
    و إن كانت همومهـــم رمـــاداً
    فـــــإن همـوم أصـغرنا ســــــعير
    نغني و النوافذ مشــــــرعات
    على دمنا و ترمقنــــــا القبـــــور
    فلا الأبطال في بلدي صغــــــار
    و لا وجه الطفـــــولة مستديـــــر
    لقد كبر الصغار على الأمــانـي
    و أنضج خبـــزهــم هــم كبيــــــر
    جبال النار تعرفهم و ســــــفح
    به راحت دوائرهـــــــم تــــــدور
    ومن قبل الصلاة لهم صـــــلاة
    ومن بعد الطهور لهم طــــهــــور
    كأن الــــقدس ليــس لها رجال
    و شـــــعب القدس ليس له جذور
    و لاكتبت ملاحمـــــــنا مواض
    و لا عشــــقت شــــــواهقنا نسور
    و أعجب كيف بعض القوم يبغى
    عليه فــــلا يغــــــار و لا يغيـــــر
    و تهتز البـــــلاد ومن عليهـــا
    و في الحانات تهتز الخصــــــــور
    يتاجر من يتاجر في أســـــــانا
    و ينهــــش لحمــــــنا كلب عــقور
    إلى أعنــــــاقــنا مدت نصـــال
    و أحقــــــر ما بها نصــــــــل أجير
    و قبلنا الأكف لقــــاء ســـــــلم
    صغير ســــــاقه بطـــــل صغيــــــر
    رجالاً أصــــــــبح الأبطال فينا
    و في قلب الصـــراع لهـــــم زئير
    فلا تعجب و ليس لهم رصاص
    إذا وقعت على المـــــــوت الصدور
    نعم ثاروا و عدتهم حجـــــار
    و نحن - القاعدين - متى نثــــور
    دماؤهم على الساحات مسك
    و يمضـــي للعـــــبيـــر بك العبـــير
    فنبت القدس ليس له نظيــــر
    و حاشـــى أن يــــكون له نظــــــير 0

    إذا كانت مصطلحات النــــقد الثلاث ( الرؤيا و المنهج و المصطلح ) ما زالـــت على عتبات التجديف النقدي العربي فإن نصاً كنص الشـــــاعر محمود مفــلح المــــسمى
    ( و إن زحفوا فللدنيا هدير ) قد استطاع أن يشـــــــرع أجنحته باتجاه بوصلة الرؤيا العربية للجهاد العربي الفلسطيني الذي يمثل نقطة الانطلاق الأولى لنبذ كل معطيات الزحف الصهيوني الصليبي الذي يحاول أن يعيد الكرة في ســـــيطرته على المشرق العربي و نحن نعرف أن فلسطين هي نقطة البدء و أن القدس هي محطة الاستراحة الأولى التي عول عليها أتباع الاستعمار و الذين جاءوا يحملون إلى الشــــرق عودة المسيح بصورته ( البوشية ) 0
    إذن نحن أمام نص يرسم فيه شــــــاعرنا رؤية جديدة قديمة لمنطلقات الجهـــاد ضد المستعمر و يؤطر فيه لمعاني عروبية إسلامية تســــــتحث الخطا باتجاه العودة إلى تخليص القدس من قبضة مغتصبيها و الذين يحــــاولون في هذه المرة أن يهودوها ضمن أسطورة مملكة سليمان التي تمثل من وجهة نظر الآخر نقطة النهاية لتشــرد اليهود الذين اقتلعوا من الأرض العربية أصحابهـــــــا و أحلوا مكانها مجموعة من الشراذم تتسافد على عتبات المسجد الأقصى معلنة عصراً جديداً 0
    نص و إن حمل بين جنبيه هموم الجهاد العربـــي الفلســـــطيني بشكل خاص إلا أنه عكس ذلك على عروبية هذا الجهــــــاد الذي مثله في هذا العـــصر الصعب و( الذي تخلت فيه الكثير من الزعامات العربية عن مهمة استرداد ما سلب من الأرض ) أطفال فلسطين و تلك معادلة صعبة حين يتخلى الرجال و تنبري ســــــواعد الأطفال لتعيد السليب من الأرض أو على الأقل لتثبت أقدام الأجيال القادمة على هذه الأرض لعل و لعسى أن ينطلق ( صلاح الدين آخر ) يعيدوا ما ســـــــلب من كرامة و أرض و عرض 0
    صورة عرضها الشاعر من خلال الوهن الذي أصــــاب الأمة و أخص بالذكر أصاب رجالاتها فأصبحت الهموم رماداً لم يبق من جمره إلا سعير الطفل الفلسطيني الذي لا يتوانى أن يشتعل في كل لحظة نار على أعدائه و نوراً لأبناء جلدته

    إذا كانت قدور الناس تصفو
    فإن قـــدورنا أبــــداً تفور
    و إن كانت همومهـــم رماداً
    فإن هموم أصـغرنا سعير
    نغني و النوافذ مشــــرعات
    على دمنا و ترمقنا القبور

    هذه التفاؤلية التي تقفز من ذاكرة الشـــــاعر تؤكد أن بريق الأمل ما زالت أضواءه تتلألأ في سماء القدس التي خصها الشـــــاعر بهذه القطعة من كبده على الرغم من الدماء التي ما زالت تثعب من الجرح الطفولي الفلســطيني الذي حول وجه الطفولة الفلسطينية إلى تجاعيد تخفي في أسرارها العزيمة و الإصرار على ســـــحق كل من يريد أن يجعل من القدس هيكلاً جديداً يغني أمامه نشيد الموت العربي 0
    وقد أوحى لنا الشاعر بذلك حين أشار إلى أن وجه الطفولــــة الفلســــــطينية لم يعد مستديراً كالوجوه الأخرى بل و أضاف إلى هذا الوجه الهم الطفولي الذي توقد أتوناً مســـتعرة لتجعل الخبز الفلســـــطيني هو إزالة هذه الطغمة التي تسعى بشكل حثيث لتهويد القدس 0
    لقد رســـــــم لنا الشاعر محمود مفلح كعادته صورة مسيرة الكفاح الفلسطيني الذي يبدو أنه يتعثر على أيدي البعض بحيث يرتضي هذا البعض بألقاب و نياشـــين يتزيا
    بها على حساب الملاحم العربية التي تأبى إلا أن تعيد ما اســـــتلب من الحق العربي
    و كأني به حين يقول :

    كأن القدس ليس لها رجال
    و شعب القدس ليس له جذور
    و لاكتبت ملاحمنا مواض
    و لا عشــــقت شواهقنا نسور

    يريد أن يرسم صورة لهذا الوهن العربي الذي أطبق بفمه الفاغر على كل النـفـوس فحولها إلى ركام من الحجارة أو إلى رماد أســـــــود اللهم إلا أولئك الصـــبية الذين يسخرون من الذين يتاجرون في أسى الأم الفلســــطينية و بدماء الطفولة فيقفز إلى صورة أخرى تستلب عمق اللاشعور و تحمَّله البعد اللامنطقــــي الذي يرجح معادلة الحق و الباطل و يحملها باتجاه بوصلة الموت 0
    و أعجب كيف بعض القوم يبغى
    عليه فلا يغـــــار ولا يغــــير
    و تهـــــــتز الـــــبلاد ومن عليها
    و في الحانات تهتز الخصور

    حقاً إن الخصور لتهتز في الحانات على جــسد القدس فكم من كلب عقور نهش هذا اللحم الفلسطيني و الأدهى و الأمر أن تهن عزيمة بعض الفلسطينيين لتقبيل الأكف مضيعة الأمانة وراضية بسلم متوهم ( صغير ساقه بطل صغير )
    البعد الفني في النص :
    إذا كان الجاحظ يؤكد في رؤيته النقدية على أن المعاني ملقاة في الطرقــــات يعرفها العربي و الأعجمي و البدوي والحضري و إنما المعول عليه في الباس هذه المعاني ثياباً جديده تحمل في صورها البعد المشــــرق للجماليــة الفنية فإن النص الذي بين أيدينا : ( و إن زحفوا فللدنيا هدير ) و إن كان لا يخرج في إطاره العام عن عمـــود الشـــعر العربي المتمثل في وحدة البيت و القافية إلا أنه يحمل إلينا في جنباته بعداً دراميا يعتمد على المفارقات التي تبرز تناقض الضعف العربي و الهمجية الصهيونية
    يتاجر من يتاجر في أســـــــانا
    و ينهــــش لحمنا كلب عقور
    إلى أعنــــــاقــنا مدت نصـــال
    و أحقــــــر ما بها نصل أجير
    رجالاً أصــــــــبح الأبطال فينا
    و في قلب الصـــراع لهم زئير
    فلا تعجب و ليس لهم رصاص
    إذا وقعت على الموت الصدور

    و كأنا بالشــــاعر يؤطر لملحمة ينتهي فيها صوت الباطل و تعلو رايات الحق حاملاً بين جنبات نصه مفردات ترسم بريشتها الألم الفلســطيني العروبي المغموس بدماء الأطفال و الذي يستمد زيته من جذور زيتون تلك الأرض 0
    و إذا كان الشاعر لا يتمذهب بمذهب أدبي في نصه هذا إلا أنه غمس رشــــته الفنيه في تجارب شـــــــعراء عظام و أخرج لنا جعبة جديدة تميز بهـــا من خلال نصوصه المعهودة فقد كان بحترياً في سلاسته و تماميا في إيحائه ومتنبيا في بنائه الشعري الذي انطلق من مقولة الحطيئة
    ( الشعر صعب و طويل سلمه إذا ارتقى فيه لا يعلمه )
    و هذه هي صورة الشاعر محمود مفلح في نصه تحمل إشراقات المستقبل مبشراً بغد جديد تخفق فيه رايات الفرح العربي على روابي القدس لأن نبت القــدس كما يقول ليس له نظير 0
    نعم ثاروا و عدتهم حجـــــار
    و نحن - القاعدين - متى نثور
    دماؤهم على الساحات مسك
    و يمضـــي للعبيـــر بك العبـــير
    فنبت القدس ليس له نظيــــر
    و حاشـــى أن يكون له نظــــــير 0

    حسين علي الهنداوي
    تفضلوا بزيارة مدونتي

    hosn955.maktoobblog.com

  2. #2
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي


    نسعد بمثل هذه القراءات النقدية لتي تثري الحركة الأدبية والنقدية بما يؤطر لرؤية نقدية أعمق وأسمق.

    كنت هنا ناقدا مميزا أوضحت جوانب في القصيدة جيدة.

    أهلا بك دوما في أفياء واحة الخير.



    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. هدير العشق
    بواسطة يزن السقار في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 29-11-2021, 05:34 PM
  2. تجليات الرؤية حول ( بلا عينيك لن أبحر ) بقلم د بيومي الشيمي
    بواسطة عاطف الجندى في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-10-2021, 12:49 PM
  3. إنَّ الرُّجُولَةَ فِي الْحَيَاةِ مَوَاقِفُ
    بواسطة عبدالمولى منصور زيدان في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-05-2021, 12:21 AM
  4. هدير الصمت
    بواسطة يعقوب العبادي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 26-03-2013, 02:50 PM
  5. على هدير البوسطة ....
    بواسطة باسم الخندقجي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 06-12-2009, 12:51 PM