أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ذرات الرمال

  1. #1
    الصورة الرمزية وائل بن يوسف العريني قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Sep 2006
    المشاركات : 32
    المواضيع : 14
    الردود : 32
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي ذرات الرمال

    مسح جبينه فتساقطت حبات الرمل ومعها تناثرت أعباء نصف قرن قضاها في هذه البقعة يمني نفسه مع إشراقة شمس كل يوم وإطلالة هلال كل شهر ، كان يعلم أن ما أمسى به من كرب يكون وراءه فرج إلا أنه يشك في قربه فقد طالت سنوات انتظاره حتى بات كمن يسعى خلف سراب .. كانت علاقته بالرمل حوله علاقة تبادلية حزينة .. علاقة عطاء صامت كصمت لياليه الطويلة التي قضاها وحيداً يرقب خيالات أشجار " الأثل " وهي تحف بالبلدة تتحرك مهددة وتزمجر غاضبة مع الرياح لتعطي أهل القرية حدا حيوياً وفاصلاً رمزياً بين المدينة المحدودة وصحراء المتاهة اللا نهائية ، ولتعطي إشارات مفهومة تفصل بين حياة الاستقرار وحياة الرحلة والأسفار ..

    كان عمله يلتهم سحابة نهاره حتى ما يسلمه لوحدته المرعبة وغربته الوجدانية بين تلك البيوتات الطينية ، ولكن الليل يفجر في نفسه كوامن أفكاره وتنبعث إثرها أحزان الماضي والحاضر .. ولربما المستقبل أيضاً .. كم تمنى أن يقضي يومه كله في العمل لا يسرق منه إلا سويعات متناثرة للراحة تحت النخلة أو على حصيره المتآكل يسمي هذا نوماً ولو على سبيل التجوز لأنه لا يجد في نومه الراحة المنشودة وكأنه ورقة في مهب الريح تصرفه في كل اتجاه .. لا يرى في نومه تلك الأحلام الوردية التي يسمع عنها وكأنها هرطقات من عالم الخرافة والأسطورة ..

    يغادر غرفته الطينية مع رحلة الظلام اليومية ، يحمل " طعامه " على ظهره مربوطاً بخرقة أحلها الزمن وحولها من " شماغ " إلى بقايا أشباح حمراء على أرض سوداء .. وعلى كتفه تبدو الانحناءات التي يخلفها " قدومه " و" مشذابه " و " مسحاته " وربما زاد في وقت من الأوقات حبلاً معقوداً يسمى " الكر " حين يطيب الثمر وتجود صديقته بالعطاء .. ويغطي جسمه بأطمار متخرقة ربما يرقعها حين يهل هلال العيد إشعاراً بتغيير منظره في ذلك اليوم البهيج ، ثم لا تعود تلك الخروق بعد أيام رافضة الإذعان للرغبة البشرية في تغيير الواقع ..
    ما يلبث أن يخطو أمتاراً حتى يجتاز خط النهاية المتمثل في تلك الأشجار الفارعة المخيفة ثم يستدير بشكل آلي نحو الشرق مصاحباً هذه الأشجار يسامره عصفور " الحوقلة " وربما " الهدهد " يستمع إلى نشيد الحياة وبهجة تلك المخلوقات بإطلالة الشمس وزيارتها المعتادة ، حتى إذا صعد بمشقة تلك السهول اللينة " النفود " أشرف على أرضه وأحاطها بطرفه الكليل الذي ذرت عليه السنون رمادها ، تلك الأرض التي قتل أيامه من أجلها فكانت لا تعطيه إلا قطرات من الحياة تضن بها وبغيرها فلا تريه الحياة إلا بعد استشراف الموت ودنو القنوط واليأس .

    صبيحة أحد الأيام لا يعلم ما اليد التي ألقته في فراشه وأملت عليه أن يبقى ، ألا يذهب وألا يخرج ، كان في قرارة نفسه معجباً بهذا الانعكاس المفاجئ في دورة الأيام ورتابة الحياة ، ولكنه تصنع الرغبة في المسير في عبث صبياني كبحه الهاجس الأول الذي أقعده فكان أقوى من إرادته الهرمة ذات الأعوام الخمسين .. أعوام طمرت بئر حياته بطين الأيام الحزينة ورمال ليالي الوحدة ..

    كانت شمس ذاك اليوم تخطر في استحياء ، ولا تملك أن تمس الوجوه بحرارتها المعهودة ، بل كانت تسمح للهواء البارد أن يداعب تلك الوجوه لينسيها ألم الشمس الحارقة اللاهبة التي سلبتهم بياض جلودهم ونعومة بشرتهم وأقامت في الوجوه أخاديد الذكريات .. لا تلبث الشمس أن تتوارى خلف سحابة يتيمة تبارز الشمس في حماسة غريبة فلا تفتأ تغطيها كلما استطاعت الشمس النفوذ إلى سطح البلدة ورمالها المحيطة .. وكانت أشجار الأثل سعيدة بتلك النسمات الحيية فتتراقص مبتهجة بهذا الانتصار الموهوم على أنغام الطيور وترانيمها الصباحية مداعبةً صغارها فوق الأعشاش المتمايلة مع النسائم الرخية . \

    استمتع صاحبنا بتلك المشاهد التي يراها فنسي للحظات عبء أيامه الخالية وظلام مستقبله الموحش .. تركته يستمتع لحظاته التي بدأت تتصرم سريعاً مع صوت ذلول " الخوي " ..

    انتبه على صوت رغاء " الذلول "ووقع أقدام " الخوي " تخبط بطحاء ساحة منزله مقتحماً حلوته المسروقة حتى وقف عند رأسه وشمله بنظرة تركته يرتعد مكانه ، ثم قال :
    أنت سعد بن راشد ..
    أجاب بتردد وصوته يتلاشى : نـ .. نـ .. نعـ ..عـم ، خير إن شاء الله ..\

    قال بعد صمت يسير : أنت من تزرع الأرض " العفراء " وراء " النفود " ..

    - نعم طــ.. طــال عمررك
    - تملك استحكاماً من " الشيخ "
    - لا أحتاج استحكاماً ،، هذه أرض أبي وجدي
    - هذا الكلام لا معنى له ، الدنيا لا تمشي إلا بالنظام والقانون و.. و الصك
    - ما عندي أوراق ، ثم أنا لا أعرف القراءة وما " كتبت " عند " المطوع " ، لكن اسأل أهل البلد عندهم العلم

    - أنا أعرف هذا ، المهم جئت أبلغك أن الأرض ليست لك بل هي للعم ... لا نراك بعد اليوم وإلا ضربناك بـ" السلاح " .

    استدار " الخوي " قبل أن يعي " سعد " معنى كلامه ، استدار بعدما صب سم " عمه " في أذن ذلك العجوز الهرم .. ركب " ذلوله " وعاد من حيث أتى تاركاً " سعد " يقلب عينيه وفيها آثار الألم ، أسبل دمعة .. تلتها قطرات وهو يشتم الضعف والفقر ..
    تمت 21/ 7 / 1428هـ
    وائل بن يوسف العريني
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    العريني المبدع ....
    ذرات الرمال / نص ابدع السارد فيه / من حيث البناء السردي / والحبكة / واللحمة / والصورة المشهدية / التي ترافق المتلقي من حيث براعة الوصف / ودقته / والتفاصيلية / التي سار عليه منذ البدء / اما الفكرة فهي بلاشك / من الروعة ما تجعلنا نقف مرارا عندها / ونعيد تشكيلاتنا الزمنكانية / وفق معطيات الحدث الصوري والواقعي / وضمن رؤية اكثر تحررا من سابقتها / لقد ابدع السارد هنا في الامساك بزمام الحدث / كما ابدع في رسم الصورة اليومية / والتي نجد النص ينهل اصلا من المعيش اليومي / فجلعنا نرى ذرات الرمال / والشمس الحارقة / والفجريات / والان الطيف الاشراقي / كما جعلنا نلمس بايدينا قطرات العرق التي تنصب من جبيبن سعد / وكذلك الهمة العالية لديه في العمل / واصلاح الارض / من اجل القوت / ومن اجل شيء اخر لايدركه الا امثاله الذين تربطهم علاقة اخرى بالارض / غير علاقة الوطني الشعاراتي / علاقة اقوى من اية علاقة يمكن ان نتصورها ارضيا / جلعنا السارد ان نعيش محنته الداخلية / وقد ابدع في اخراجها صورة وكلمة الينا / كما ابدع السادر في وصف اللحظة الرائدة في النص / والمتملثة في صراع ذاتي / داخل سعد اقعدته للبقاء في باحة البيت / حيث كانت هي التي قضت على الامال فيه / والتي جعلت لعلاقته بالارض تلك نهاية / وهذا مشهد اخر داخل المشاهد الرائعة التي مرت / حيث فيها من العمق الفكري ما يجلعنا نلامس الظلم / والقهر / والفقر / كأنها من موجبات الحياة في زمن / واي مكان / دون ان يتجاوزها الانسان .

    دمت بخير
    محبتي لك
    جوتيار

المواضيع المتشابهه

  1. ذرات الرمال
    بواسطة ابراهيم خليل في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-12-2008, 07:21 PM
  2. 3 – التوزع الالكتروني في ذرات العناصر الطبيعية
    بواسطة مصطفى بطحيش في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 10-10-2006, 07:27 PM
  3. إبداع على الرمال
    بواسطة د. محمد صنديد في المنتدى فُنُونٌ وَتَّصَامِيمُ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 27-11-2005, 04:43 PM
  4. ( بين الرمال )
    بواسطة الضبابية في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 27
    آخر مشاركة: 27-10-2003, 08:41 PM
  5. سحر الرمال
    بواسطة بن عمر غاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 02-05-2003, 07:47 PM