الأخت الكريمة الفاضلة \ لميس الامام
تحية أخوية صادقة

أعتقد أن الأولوية ينبغي أن تُعطى إلى الاتفاق على إعادة الصياغة لبعض ركائز الثقافة العربية وبعض ثوابت الفكر الإسلامي .
وأعتقد أن الحديث عن بناء الحضارة العربية الإسلامية اليوم - هو أمـر لا يستند إلى حيثيات منطقية ، ولا قواعد عملية له ... ، وكذلك الحديث عن بناء إرث فكري ثقافي حضاري من أجل الأجيال القادمة - هو أمـر سابق لأوانه .!
وأعتقد أننا في طور تصحيح الثقافة وتهيئة البيئة الفكرية لكي يعمل العقل العربي على بناء الإنسان ومحاربة الفقر والجهل ... ، ولم نصل بعد - إلى مرحلة جني ثمار الفكر .
وأعتقد أن الصورة التاريخية للحضارة العربية الإسلامية - المرسومة في أذهاننا ، هي أضخم وأكبر بكثير من الحقيقة . وكذلك دور الاستعمار في سقوطها - قد أعطيناه أكبر من حجمه بكثير . وبذلك أصبحنا نبحث عن استعادة سريعة لأمجاد كبيرة ، بدل أن نبدأ البناء .!
أعتقد أن دورنا اليوم يكمن في استثمار السُبُل المتاحة - لتوفير بيئة عصرية يجد فيها الإنسان العربي نفسه ولغته ودينه ، مع تقليل مساحة التصادم مع الثقافات الأخرى .
وأعتقد أن الثقافة الرشيدة الناضجة هي تلك التي تُقيم وزناً للإنسان الفرد في المجتمع ، وهي بذلك تقود المجتمعات إلى الاستقرار ، ومن ثمّ إلى الإبداع الفكري ، ومن ثم إلى الحضارة .
وأعتقد أن ثقافتنا العربية - السائدة - يشوبها العديد من النزعات التعصبية (القبلية مثلاً ) - وهي من ثوابتها - وتلك النزعات ينتج عنها غيابٌ لدور الفرد وكيانه .
وأعتقد أن الأمة الأمريكية ، صاحبة الحضارة الرائدة في العالم اليوم ، هي أمة فتية في تراثها التاريخي ، ولم تقم على تراث تركه الأجداد للأحفاد . بقدر ما قامت على حرية الفكر وكيان الفرد واستقطاب العقول ومتابعة الأبحاث وتراكم وتكامل الأفكار .
وأعتقد أن ما يجري اليوم باسم الإسلام لا يسمح للعرب ببناء حضارة - بل ويُشكك في حقيقة حضارتهم السابقة ، لأن الحضارة لا تقوم إلا بقبول الآخرين لها - بفعل أثرها الإيجابي عليهم ، وإلا أصبحت إنغلاق على الذات أو فرض إرادة وتهميش للآخـر - وليست حضارة . وبالتالي فالأولى أن نسعى لتصحيح الثقافة والفكر ، من أجل بناء الإنسان الذي يعي دوره .
وأعتقد أنه من حق الأمم الأخرى أن ترى الإنسان العربي كما هو على أرض الواقع -اليوم ، وليس من المنطق أن ننتظر منهم تقييم إنسان اليوم بمعايير الماضي .
وصورة الإنسان العربي المسلم اليوم - في بلاد الغرب ، هو ذلك الإنسان اللاجئ أو الباحث عن لقمة العيش ، أو المحارب ( إذا استثنينا طلبة العلم - وهم قليل ) .

أخيراً ...
أعتقد أن قيام الحضارات وانهيارها هو من سنن الحياة عبر التاريخ ، وليست الحضارة العربية الإسلامية استثناءً .

أما أننا لم نستفد أو أننا تضررنا مما أنتجته الحضارة الغربية - فإن ذلك إن حدث - فمـردّه إلى عدم تناغم وعدم انسجام الفكر مع الثقافة في مجتمعاتنا ، وهو دليل على ضعف المناعة الثقافية لدينا .!

عذراً أختي الفاضلة على الإطالة .

تقبلي فائق تقديري واحترامي .