ترتاح العين وهي تتجول فيها، ويرتاح الفكر وهو يقتنص منها ما يقوم به بنيانه، ويرتاح القلب عندما يرى الألفة فيها أجمل ما فيها.

إنها من نعم الله علينا، غرس شجرها الطيبون المخلصون، فأصبحت جنةً من الفكر والأدب، يهوي إليها كل مفكر مقنع، وأديب مبدع، وشاعر ممتع، فالنازل فيها بين حالتين، إما أن يغرس فيها شتلاً جديداً ، أو يأكل من غرسها ثمراً لذيذا.

تهب عليها بين الفينة والفينة رياحُ غريبة، تظن أنها ستقلع شجرها، فإذ بهذه الريح على حالتين، إما أن تبهر بقوة البنيان فتعلن الإنهزام وتنصرف، وإما أن تعجب به فتنسجم معه وتأتلف.

ترتقي، فبها نحتفي ، نراها في كل يوم في تقدم وإزدهار، وعزة وإقتدار، كيف لا وقادتها هم المفكرون، المصلحون ، أصحاب الهمم العالية، والمطالب الراقية ، وجل مطلبهم أن تعود العزة لأمتهم.

هي واحة تجذب من يطرف بصره نحوها ، فكيف بمن كان فيها منذ زمن ، حتى غدت موطن راحته، ومنبع فكره، ومصب قلمه ، يفيد فيها ويستفيد، وهي كالأم الرؤوم لا تكذب اينها ، ولا تبخل عليه بلبنها.

هي واحة فيها الظل الظليل ، والماء السلسبيل، وماءها حلو المذاق، ما ان تغادرها حتى تشتاق إلى عناق.

يكفي أن أقول : انها موطن كل حر، وبيت كل شهم ، رعاها الله وحفظها.