أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: في صالون العقاد كانت لنا أيام

  1. #1

  2. #2
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي إضاءة

    بقلم : الأستاذ : إبراهيم غرايبة

    جريدة الغد الجمعة 21 كانون أول 2007م
    11 ذو الحجة 1428 هـ


    صدر لأنيس منصور عام 1983 كتاب بعنوان"في صالون العقاد كانت لنا أيام" ويروي فيه تجاربه ومشاهداته وحواراته وما استمع إليه في صالون العقاد الذي كان يتردد عليه بلا انقطاع منذ مجيئه من المنصورة إلى القاهرة لدراسة الفلسفة في الجامعة في أوائل الأربعينيات وحتى وفاة العقاد عام 1964.

    كان أنيس منصور معجبا بالعقاد، وسجل إعجابه وافتتانه في كتابه الذي بلغ حوالي 700 صفحة على نحو مؤثر rhzgh: "أعجبني في العقاد هذا الصفاء العقلي، وهذا الرواء الفني، وهذا الشموخ الهندسي في مقالاته، كنت طالبا صغيرا لا اشتري مجلة الرسالة إلا إذا كانت للعقاد مقالة فيها، وفي مثل سني كنت أريد أبا عقليا ووجدته، وكانت لي أفكار صغيرة غامضة، وكان العقاد هو المصباح الذي هداني" ولكن العقاد كان كما يصفه منصور يصعب مناقشته والاختلاف معه، فهو عنيف عصبي المزاج، وقادر على الإقناع بكل شيء.

    كان أنيس منصور يعتبر من أقرب الناس إلى العقاد، وبدا قادرا بحكم ثقافته الفلسفية وقدراته الصحافية على عرض وتقديم أفكار العقاد ببساطة ويسر يخفف من طبيعتها الصعبة وصياغتها التي تبدو للقراء عصية على الفهم والهضم، وكان هذا يزعج الشاب الصاعد في سماء الصحافة والثقافة -أنيس منصور- الذي خشي على نفسه كما يقول أن يتحول إلى

    قارئ في مأتم العقاد.

    وكان العقاد صدمة فكرية للشباب القادم إلى صالونه في آرائه وأفكاره التي تخالف السائد والمألوف، كان شكسبير عنده هو أعظم المواهب في التاريخ، وأما الشاعر الألماني"جوته" رجل عظيم، ولكنه ليس إنسانا عظيما، وأما المفكرون المصريون فكان يحكم عليهم بتطرف وقسوة، عبد الرحمن بدوي جاهل، ولويس عوض أجهل منه، وطه حسين عمى الأدب وليس عميد الأدب، وكان يهاجم الشيوعية والنازية والوجودية ولا يرى خلافا بينها، فالشيوعية تجعل الإنسان حذاء للمجتمع، والنازية تجعل الشعب حذاء للحاكم، والوجودية تجعل الكون حذاء للإنسان.

    وكانت له تعليقات جارحة على الشخصيات الفنية والأدبية والسياسية، عن بخل توفيق الحكيم على سبيل المثال، فيقول إنه وطه حسين لا يحضران جلسات المجمع اللغوي لأنه يدفع مكافأة دورية ثابتة، ويذهبان إلى هيئات أخرى لانها تدفع مقابل كل جلسة! ومحمد عبد الوهاب صوته جميل وأداؤه أيضا، ولكن جميع ألحانه متشابهة، والفرق بين الحزين منها والمرح هو سرعة الدوران، ويجعل يغني "يا عزيز عيني وأنا بدي أروح بلدي" بسرعة وعلى مهل ليدلل على وجهة نظره.

    وكان جميع السياسيين عنده موضع انتقاد لاذع عدا سعد زغلول "الذي خلقه الله غابة وجعل الناس أعشابا"، وكان هتلر في أوج انتصاره عندما كان يرى حتمية هزيمته، وعندما كان وحده صاحب هذا الرأي، كان يعلق ما أهمية رأي ألف أعمى بالشمس أمام رأي مبصر واحد؟ ويقول: الناس ينظرون إلى ما أنظر، ولكنهم لا يرون ما أرى.

    وعندما أخبره أن منصور فهمي يدرسه "علم الجمال" وأنه الطالب الوحيد في الصف، فقال: يعني انحصر ضرره فيك، أنت الآن موبوء يا مولانا!

    هؤلاء الفلاسفة الوجوديون ليسوا إلا جماعة نصابين أصيبوا بالأرق، وبدلا من أن يبتلعوا بعض الأقراص المهدئة فإنهم فرضوا الأرق فلسفة على الجميع.

    يقول منصور:"إنه كان ينقل للعقاد النقاشات التي تجري في الجامعة عن الفلسفة وعلم الجمال وغيرها من المحاضرات فيفيض العقاد في ذلك بموهبة الشاعر الرقيق الحكيم والذواقة للجمال، جمال المرأة والطبيعة والموسيقى والرسم والنحت والتمثيل والغناء.

    كان كما يبدو في كتاب منصور يتمتع بقدر كبير من الغرور الذي يراه ممتعا ومقبولا ومحقا أيضا، وقد جاءه أحد الناشرين من جنوب شرق آسيا ليترجم كتب "العبقريات" إلى المالاوية مقابل عشرين ألف جنيه، ولكن جاء متأخرا عن الموعد المتفق عليه دقيقة واحدة، فغضب وألغى الاتفاق.

    ولأحمد أمين تعليق طريف على العقاد وطه حسين وهيكل وتوفيق الحكيم الذين كتبوا جميعا عن الرسول، فقال: هيكل وقف إلى جوار الرسول يترافع عنه، وطه حسين وقف وراءه يؤرخ له، والعقاد وقف أمامه يرسم له الطريق، والحكيم دار حوله يصفه من بعيد.

    وفي حيرة منصور وبحثه عن الصواب والحكمة وتقلبه في الفلسفات والجماعات قابل يهوديا اسمه جاك كوهين أرشده إلى الماسونية، وعندما حدث العقاد قال عنه: إنه نصاب يا مولانا، يتخذ من الفلسفة غطاء لأهداف سياسية وللتجسس، وقد جاءني مرة إلى البيت وتحدث معي ليقنعني بفلسفته، فقلت له أريدك تجيبني على سؤال: لماذا إذا خير رجل فقير بين أن يكون ملكا ويذبح ابنه أو يبقى على حاله يختار الثانية؟ فقال أنا أختار ان يذبح ابني لأكون ملكا ثم أنجب ما شئت من الأولاد، فقال له العقاد: هذا ما توقعته منك، عندما تصير إنسانا تعال نتناقش.

    ولد عباس محمود مصطفى العقاد عام 1889 في أسوان، وقد هاجرت أسرته من السودان، وأصلها كردي من شمال العراق، يقول عن نفسه إنه قرأ ستين ألف كتاب! وألف ستين كتابا، وهو لم يتعلم في مدرسة أو جامعة لكنه علم نفسه بنفسه.

    لم يسافر العقاد خارج مصر إلا ثلاث مرات، مرة لأداء الحج، ومرة إلى فلسطين، ومرة ثالثة إلى السودان، ولكن الدنيا كلها جاءت إليه في الكتب والدراسة والعلم والتأمل والفلسفة، كتب محمد مندور في مجلة الرسالة: إن الإنسان يجب ألا يبحث عن الأشياء حيث يجب أن يجدها، ولكن يبحث عنها حيث يمكنه ذلك.

    وروى محمد مندور أنه رأى في مسرح في باريس رجلا مخمورا يبحث عن مفتاح بيته، فاقترب منه شرطي ليسأله عن أي شيء تبحث؟ فقال: عن المفتاح، وسأله الشرطي وهل سقط منك هنا؟ فقال: بل في اول الشارع، فسأله الشرطي بدهشة: ولماذا تبحث عنه هنا؟ فقال الرجل المخمور: لأن المكان هنا مضاء. فرد عليه العقاد في الأسبوع التالي، ولكن هذه النكته التي رآها مندور في باريس قد ألفها السيد جحا التركي دون أن يكون في حاجة لأن يذهب إلى باريس.



    منقول

المواضيع المتشابهه

  1. علمني رمضان ... صالون لكل الأعضاء
    بواسطة علي عطية في المنتدى مُنْتدَى رَمَضَان والحَجِّ
    مشاركات: 33
    آخر مشاركة: 25-04-2022, 10:29 AM
  2. صائد الدبابات فى صالون المرصفى
    بواسطة ابراهيم خليل في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-03-2009, 09:10 PM
  3. مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 29-11-2008, 12:26 AM
  4. تكريم الابطال ومؤرخ حرب أكتوبر فى صالون الشاعر رفعت المرصفى
    بواسطة ابراهيم خليل في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 18-10-2008, 01:09 AM
  5. مفاتيح كبار الشعراء .. في صالون ثقافي .
    بواسطة سمير الفيل في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 02-04-2006, 10:49 PM