..عَلى تَلّتِنا صامِتَة الحِجارة ,مُنْهَكَةَ التُّراب,عَقيمَةَ النّبات..وقفْنا جَمِيعاً على بوّابَةِ الحُلُمْ..نُصافِحُ النّسائمَ السَّحَرِيّة بِنَبْضاتِ قُلوبِنا البارده..وَقَفْنا لا نَتَكَلّم...فالكلامُ ضاعَ في الحناجرِ مَع الدمِ و الخوفِ و الرّصاصِ..
لا نَتَكلّم.....
فَقَط نُصَلّي بآياتِ الدموعِ و نُرَتّلُ الصّمتْ...
ما أجمَلَهُ في حَضْرَةِ الغِيابِ و غِيابِ الحُضورْ...كُلُّ شيءٍ حَوْلَنا ساكِنٌ ..
حَتّى الجُثَثُ التي كانَتْ لا تَتَوَقّفُ عن الثرْثَرة...
حَتّى البنادقُ مُشوّهَةَ الخُدودْ..
و حَتّى أيادينا مُرْتَعِشَةَ الكَلِماتْ..
سَكَنَتْ جَميعُها..
الكلُّ أخرسٌ هنا... لا يَنْبِسُ بِبِنتِ شفةٍ و لا بِبِنتِ جُرْح..
/
/
أيُّ وِلادةٍ عسيرةٍ هذه؟!!
أيُّ ولادة؟!!
العيونُ لا تتحرّكُ مطلقاً ..تسمّرت في محاجرها..تَتَرَقّبُ وِلادةَ الطِفْلِ أَمَليّ الأمِّ حُلُميّ الأب..
(سَيَموتُ حَتْماً) تُتَمْتِمُ قَطَراتُ النّدى الثلجيّةُ على أغْصانِنِا لحْميّة اللّحاء...
يتَمَلْمَلُ الرّصاصُ مَقْطوعُ الرأْسِ في مَكانِهْ..يَهْتَزُّ قَلَقاً ..يَتَصاعدُ نَفَسُ البارودِ المشويّ..و تَئنُّ غُيومُ المَعْرَكةِ المُلَبّدةِ في جِراحِنا..
لكنْ بِصَمْت....
رِفاقاً كُنّا في ساحةِ الدمِ نَتَقاسَمُ الموتَ و الخُبْزَ و الآلامَ و الرّصاصْ..
نَتَقاسَمُ الحَنينَ و الوَرَقَ و الرّسائلَ و لفافاتِ الوطَنِ التّبْغيّة..
و الآن نتقاسمُ التّرَقّبَ..
و الشوْق..
.
.
.
.
ها هوَ ذا..
وُلِدَ أَخيراً..
فَجْراً أحْمر...ضَعيفاً ...واهِناً ..ليّنَ العِظامْ..
لكنّهُ يحْمِلُ الكَثيرَ لَنا..
نَنْظُرُ لِلَحظاتٍ أُخْرى إليه..نَبْتَسِمُ ابْتِسامَةً خَفيفَة..
ثُمّ نتكئ على جِراحِنا و نَمْضي حامِلينَ ذاكرتْنا المخدوشة..وَ وَطَننا المُنْهكْ..و َ حَنينَنَا المكبوتْ..
نَمْضي إلى حيثُ تُرْشِدُنا بوْصلةُ البنادقْ...