أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: ( الحـــظ والـشــاعرة )

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2007
    المشاركات : 20
    المواضيع : 5
    الردود : 20
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي ( الحـــظ والـشــاعرة )

    ( الحـــظ والـشــاعرة )
    الشمس تقترب من المغيب . الرياح تزمجر, الشاطىء يرقب الموج , البحر في صراع مع العاصفة .
    مراكب هنا وهناك تنتظر لحظة هدوء , غاب الخيال عنها . أبى الشعر أن يحضر . أخذت (فادية ) القلم.
    طلبت كوباً من الشاي . دخلت غرفة نومها . يكاد قلمها ينكسر.., لم تمهلها الرياح طويلاً .هبت عاصفة شديدة .
    تبعثرت على لسانها الكلمات خرجت من قلبها الآهات . سقطت من عينيها دمعتان حارقتان على خديها .
    ارتمت على سريرها المتوقد بحرارة مشاعرها الملتهبة من تصرفات مجتمعها الجاحد .
    كتبت بأصبعها من دمعتيها على المرآة عبارة : ( لا يزال الحظ غائباً )..
    غابت الشمس تماماً . باتت (فادية) ليلةً أشبه بليلة حلمٍ مزدوجٍ . أرَّقها ذلك كثيراً .
    أسفر الصباح عن خبرٍ جميلٍ . كلفت بإدارة إحدى المدارس في المدينة . استقبلت ذلك الخبر بابتسامة عابرة .
    لكنها لم تمحُ آثار الحزن الواضحة على وجهها , لازالت الصورة في عينيها قاتمة , التهنئات تمر بها مرور الكرام باللغو , إلا من تمتمات لا تكاد تُسمع أو تُفهم , .
    مرت السنون و(فادية )مثالٌ حيٌ للمديرة المخلصة المتميزة . تألقٌ , جديةٌ ,انضباطٌ , تعاملٌ , تضحياتٌ , جهودٌ جبارةٌ, مشاركاتٌ رائعةٌ,.
    سبع سنين من العطاء المستمر كأنها أحلامٌ لكنها حقائقُ ملموسةٌ , نجاحاتٌ باهرةٌ رغم كل الجهود المبذولة , الصعوبات التي تجاوزتها ,
    الظروف التي تغلبت عليها , . (لا يزال الحظ _ كما هو حال الشعر _ غائباً )
    يوم جديد . دقت الساعة مشيرةً إلى السابعة صباحاً . كل شيءٍ يدعو إلى التأمل ؛ تلبدت السماء بالغيوم , تفتح الورد, شقشقت العصافير ,
    غردت البلابل , تراقصت الأغصان , كانت الأرض على موعد مع السماء. أخذت زخَّـات المطر تتساقط على المدينة .
    الجوُّ بديعٌ , النسمات عليلة , . (فادية) : يا إلهي .. ! شعور غريب ينتابني اليوم , كأن في الأمر شيئاً ..,
    مرت الساعات عليها سريعاً . نظرت إلى الساعة قائلة : الواحدة ظهرا ... لابد لي من إنجاز أعمالي المتبقية .
    أحضرت الملفات , دونت البيانات , أخذت تتجاذب أطراف الحديث مع مسؤولة النشاط في المدرسة . قاطعتهما (المراسلة) قائلةً :
    هذا خطاب من الإدارة جئت كي أسلمه إياك .. أخذته , فتحته , قرأته , كادت أن تصعق . لم تكن تتوقع ما فيه , . مسؤولة النشاط : ما الأمر ؟ . (فادية) : لقد تم تكليفي معلمة للصفوف الأولية .. مسؤولة النشاط : هل هذا يعقل ؟ هل هذا جزاء البذل والعطاء والتضحيات ؟
    (فادية) : لا ضير , لا ضير , .. عادت إلى قلمها . أمسكته علها تكتب به قصيدةً تعبر فيها عن حالها . وجدته مكسورا ,
    لم تفلح كل المحاولات . أيقنت أن الحال كما هو عليه . استدركت ذلك قائلةً :
    غدا ستكتب أيها القلم , (وإن غداً لناظره قريبُ ... )
    ذاع صيتها , سطع ولمع نجمها , إخلاصٌ له بريقٌ , عملٌ دؤوبٌ , نشاطٌ مميزٌ , جديةٌ لا مثيل لها , أخذت مكانة مرموقة بين زميلاتها .
    هي تستحق ذلك . تُبارك , تُـشارك , تعمل في صمت بعيدا عن الإعلام , تُبذل بلا حدود . تعطي بلا مقابل .
    (فادية) كالشمعة التي تحترق لتضيء للأخريات . عاد الأمل إليها من جديد. أمسكت بالقلم تحت إصرار وإعزاز بالنفس . هتفت بأعلى صوتها ..
    وجدتها .. وجدتها .. وجدتها ...!
    لم تنتظر حينها كثيرا , كتبت قصيدةً رائعةً , في أقدس البقاع , عاصمة الثقافة ,(مكة المكرمة) تركت في ذاكرتها أشياء وأشياء. طبعتها , نشرتها في كتاب.
    كانت بمثابة الانطلاقة المأساوية . فرحت قليلاً,تلاشت آثار الحزن التي كانت علامةً فارقةً تميزها عن زميلاتها , لكنها سرعان ما عادت .., بدأ الحسد يدب في قلوب الزميلات .
    الغيرة , الاستهزاء , التحيز , غابت .حضرت . الحالان واحدةٌ .
    ابتعدت عن القلوب , لم تلق تقديراً كما كان ينبغي , لم تكن تنتظر المكافآت . الجوائز , الترقيات , ذهبت كل خطابات الشكر . شهادات التقدير ,
    عبارات الثناء , لمن لم تعمل , لمن لم تجتهد , لمن صعدت على أكتاف الأخريات .
    كانت في أمس الحاجة إلى كلمة شكر فقط . لمسة وفاء . لكنها لم تجد إلا سراباً بقيعة ., يحسبه الظمآن ماءً .رغم شدة الظمأ , طول السفر ,
    وعورة الطريق , متاعب الحياة , سهر الليالي , لم يشفع شيءٌ من ذلك كلِّه لها عند أصحاب القلوب الحاقدة . وصاحبات النفوس الحاسدة.
    في مجتمعٍ يحارب المبدعات , ولا يعرف قدر المخلصات .,
    دقت الساعة معلنةً الرابعة والنصف فجراً ؛ عندها أمسكت (فادية) بالقلم, لتكتب به قصيدة لكنها لم تستطع كتابة بيتٍ واحدٍ .
    حاولت وحاولت لكن دون جدوى .., أدركت أنها غير قادرة على الكتابة . سرعان ما أصبحت تكره ذلك . حزنت كأنما حيل بينها وبين الشعر .,
    لا تدري عن الأسباب , أحاطت بها الحيرة , آثرت على نفسها , زفرت زفرات المعاناة . لملمت أوراقها , جمعت كتبها , وضعتها في حقيبتها ,
    أطفأت المصابيح , الدمع يخترق جدران الصمت في الغرفة . يجتاز حواجز الحرمان , يثير بركان الحظ المنزوع من صخور جبال ( الهملايا ) .
    حملت نفسها , ألقت بجسدها المتهالك المحمل بهموم مجتمعٍ لا يعترف بالإبداع , على سرير أحلامها الوردية . كأنها تريد أن تنام على فراش من حرير.
    على شواطىء البحار اللازردية . كأن (النوارس ) تردد معها بصوت حزين .. ( ولد معكِ الحظ العاثر وسيموت معكِ).
    اغرورقت عيناها بالدموع , كتبت خلف حقيبتها ... أيها الحظ لتكن بعدي قصة تُروى للأجيال الجديدة على عتبات الزمن القادم
    عنوانها (الـحــــــــظ والـشــــــاعـــرة )....

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    الحلواني المبدع.............
    نص يبدأ بالتفاتة عميقة ، ورؤية ناضجة من خلال عنوان يضع المتلقي على مفترق الطرق ، من ثم يغوص بنا النص في محطات شعورية تنقل هذا الإحساس بتنوع أبعاده ، تحكيه الذات بعفوية وتنقله لنا بإيقاع متزن فننسل للمكان عبر تجربة إنسانية تتجاوز السطحية وتنفذ للأعماق ، هاجس العمل والتضحية والبذل والاخلاص ، يضع المتلقي امام نمطية خصت به شريحة قليلة من ابناء الاجتماع ، حيث يغلب عليه العمل المضني ونسق مرتفع ، متلاحق يعطي إحساس عميق بالحسرة ، مرارة الاصطدام بالواقع ، في اول مواجهة حقيقية مع الروتين الاداري ، وكيفية سير العملية الادراية التي تعمق اوجاع العملية الحياتية ، من حيث الحقوق والاحقية ، لقد اجدت في رسم هذه المعالم الواقعية بل التي تعدت الواقعية الى ادراك حي ومباشر للواقع ، فكان النص رؤية بعين بصيرة لماهية الحياة الادارية التي تتكأ على الحياة الاجتماعية في مخلفاتها وتاثيراتها.

    دم بخير
    محبتي لك
    جوتيار

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2007
    المشاركات : 20
    المواضيع : 5
    الردود : 20
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جوتيار تمر مشاهدة المشاركة
    الحلواني المبدع.............
    نص يبدأ بالتفاتة عميقة ، ورؤية ناضجة من خلال عنوان يضع المتلقي على مفترق الطرق ، من ثم يغوص بنا النص في محطات شعورية تنقل هذا الإحساس بتنوع أبعاده ، تحكيه الذات بعفوية وتنقله لنا بإيقاع متزن فننسل للمكان عبر تجربة إنسانية تتجاوز السطحية وتنفذ للأعماق ، هاجس العمل والتضحية والبذل والاخلاص ، يضع المتلقي امام نمطية خصت به شريحة قليلة من ابناء الاجتماع ، حيث يغلب عليه العمل المضني ونسق مرتفع ، متلاحق يعطي إحساس عميق بالحسرة ، مرارة الاصطدام بالواقع ، في اول مواجهة حقيقية مع الروتين الاداري ، وكيفية سير العملية الادراية التي تعمق اوجاع العملية الحياتية ، من حيث الحقوق والاحقية ، لقد اجدت في رسم هذه المعالم الواقعية بل التي تعدت الواقعية الى ادراك حي ومباشر للواقع ، فكان النص رؤية بعين بصيرة لماهية الحياة الادارية التي تتكأ على الحياة الاجتماعية في مخلفاتها وتاثيراتها.
    دم بخير
    محبتي لك
    جوتيار
    (جوتيار) أيها المشرف المتألق بثقافته الراقية
    تقف أحرفي خجلى أمام رؤيتك وردك الذي أعده وسام شرف أعتز به كثيرا أينما حللت ورحلت
    ما عساني أن أقول أما جبل شامخ بكل ماتعنيه الكلمات من معان سامية
    تقبل عظيم ودي واحترامي وتقديري
    دمت بخير وعافية
    محبكم /أحمد حلواني