ألم أقل لك لم تستو النفوس

سأل سيادة المفكر الفلسطيني الأوسلوي هذا السؤال : هل من اتخذ قرار غزوة سبعة أكتوبر طوفان الأقصى كان يعرف يقينا ردة الفعل الإسرائيلية ؟
فقال الناس : طبعا أكيد .
فقال لهم : وهل غزوة طوفان الأقصى تستحق أهدافها كل هذه المعاناة والمجازر والفظائع ؟
طبعا لم يكن الناس يعرفون الا هدفا واحدا وهو تحرير الأسرى عند الصهاينة وهذا من أنبل الأهداف لكن بعد زمن زالت الغشاوة وعرفوا أن سيادة المفكر الأوسلوي فكر بعقل الغزي ولم يفكر بفؤاد الغزي .
ياسيادة المفكر لم تستو النفوس ولا الأفئدة هؤلاء قوم أحبوا الموت فعملت في نفوسهم غريزة الكفاح كما قال الرافعي وأنت أحببت مكاسب أوسلو لأنك تحب الحياة وتولد من هذا الحب الرضوخ للأمر الواقع ولذلك واصلوا النضال والجهاد وواصلت أنت سيرك في سراب السلام إنهم قوم دستورهم ياسيادة المفكر : إما أن تتحرر فلسطين وإما أن يموتوا شهداء قبل أن يحدث ذلك وهنا يكمن موطن الإعجاز فيهم لأنهم يعلمون أنهم سيموتون ويستشهدون قبل تحرير فلسطين .
سيادة المفكر : صحيح هذا وهو أمر عجيب . ولذلك ذهبنا الى عملية السلام لأنا أردنا أن نرى قطعة من فلسطين تحرر ونجعلها دولة قبل أن نموت .
الكاتب : والله لقد عمل فيهم الكفاح ماعمل وأنت عمل فيك الرضوخ ماعمل ولولا ذلك لما عجبت ولما يأست .
سيادة المفكر : من حقي أن أيأس فالصهاينة أقوياء جدا .
الكاتب : ذكرتني بالختيار الله يرحمه كان يعرف أن الصهاينة أقوياء جدا لكنه كان يظن أنه أذكى من الصهاينة وأنه سيخدعهم في المفاوضات .
مضى الزمان في المفاوضات ولم يعطه الصهاينة أي دولة واستمر الاحتلال واستمر الاستيطان واستمر البطش والقهر وكأن عملية السلام لم تكن حتى الختيار نفسه قتلوه .
سيادة المفكر : الشعب الفلسطيني شعب واحد سلطة أوسلو والشعب شيء واحد .
الكاتب : كلا . من أكل في موائد أوسلو ومنها لايستطيب رغيف غزة .
ولذلك لا يستوي الذين يؤمنون بالنضال والذين يؤمنون بالسلام .
سيادة المفكر : هههههههه. . أهم شيء أنناكلنا مؤمنون .
الكاتب : كلا . إيمان غزة شيئ آخر .
هل تذكر ياسيادة المفكر الشيخ الجاهل الذي قال : يا أبا عبيدة جاهد بالسنن .
والله إن الإنسان الغزي الذي طلب هذا الشيخ من أبي عبيدة أن يعلمه السنة إيمانه أقوى وأعظم من هذا الشيخ .
رأيته وسمعته هو وزوجته كان إنسانا تعليمه بسيطا تحدث الى المراسل حديث المؤمنين الراضين الصابرين وزوجته بجانبه تقاوم دمعتها بعد أن أخرج صورة ابنتهما الطفلة وقال للمراسل :
شايف قد ايش حلوة . - الكاتب : كانت جميلة جدا - .
أنا منا زعلان الا من شي واحد .
المراسل : أكيد أنها كانت ضحية من ضحايا المجازر الإسرائيلية .
الرجل بأنفة : لا ...مجازرهم ماحركت في شعرة .
اللي زعلني انها راحت عل الجنة واحنا قعدنا مارحنا معها .
المراسل يفتح فمه فاغرا من العجب .
وأظنك أنت أيضا يا سيادة المفكر قد عجبت مثل المراسل .
سيادة المفكر : نعم .
الكاتب : ألم أقل لك لم تستو النفوس .

عجيب صبركم و صمودكم يا أهل غزة فأنتم أهل العزة،
لعل الصبر الذي انتم عليه،،هو من كفالة الله لكم،
،عجيب أمر غزة، كأنهم خلقوا من صمود، ليس هناك من شعب أشد من شعب غزة جلدا،
أجيالها تنشأ على أزيز الطائرات وصوت الدمار ورائحة الموت
لكن شعب غزة لا يضرب مثلا فريدا في الصمود فحسب، بل هو صمام الأمان لبقاء فلسطين،
بل لا نبالغ إن قلنا إنه صمام الأمان بالنسبة للأمة بأسرها،
وينوب عنها في صراع طويل الأمد مع العدو الصهيوني.
صدقت والله ـ إنها حقا لا تستوي النفوس.
بوركت ـ ولك تحياتي.