أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: هلع الدموع

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    المشاركات : 320
    المواضيع : 85
    الردود : 320
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي هلع الدموع

    هلع
    الدموع



    تقدم أيها الطفل نحوي ، اغمس ذاتك بدمي ، بروحي المشدودة على أوتار الحيرة والسهوم والانشداه ، تقدم هنا ، وأشعلني ككبريت الثقاب المتلاشي من الوهج والضياء ، ولا تتردد ، دع خطواتك تنغرس في الأرض انغراس الزيتون المعمر ، وربما كانغراس السنديان والجوز والرمان ، تحرك كموج حيفا ويافا وبيسان ، واخترق الرؤى كعاصفة تل الربيع وعيون قارة ، طهرني بصفاء دمعك من أدران الهزيمة والاستسلام ، اغسلني من عفن العجز الراقد بتكويني كشلال تجمدت مياهه .

    أنت أيها الملاك الفلسطيني القادم من رحم الأم إلى رحم الطفولة المخدوشة بشظايا الرصاص والمدافع والقذائف ، أنت أيها الطفل المحشو بالجثث والدماء والأشلاء والرعب والدموع ، أنت أيها الطفل الموزع بين الرعب والرعب والخوف والخوف .

    رايتك اليوم ، والبارحة ، وقبل أيام وأيام ، قبل سنوات وسنوات ، قبل عهود وعهود ، تتناثر هنا بقايا من حسرة ، وهناك بقايا لوعة ، تمر من بين الأزمان والعصور فينقا وعنقاء ، تنبعث من غبار الرماد المنتشر في الأجواء ، كشهيد متجدد الحيوات والأرواح ، تعرف معنى الصعود إلى عليين ، ثم تعود إلى الموج الصاخب بالهدير ، لتهاجر في ذرات الرمل المتحولة من شكل الأرض إلى شكل الوطن ، لتتوزع رحلة نور بأعماق شمس الحرية التي تلف فلسيطن ، كأرض نابتة من وطن الوسن المرسوم فوق جفنيك المعقودين على تيارات الزمن والوجود ، المتصل بالسرمدية والبقاء .

    رايتك يوما وأنا اعبر لحظات الموت والفناء ، من بين زخات الرصاص وشظايا القذائف ، وحمم الطائرات ، رايتك تقف بأسمال الفقر المزروع فينا إلى حدود الروح والفؤاد ، على ناصية رصيف مزقت أحشاءه إلى أشلاء ، وتناثرت حجارته هنا وهناك ، رايتك يومها ، وأنت غارق فيما لا يعرف الناس عنه شيئا .

    أكان علي أن أقف يومها لالتقط الوميض الناهض من عينيك المذهولتين المصعوقتين رعبا وهلعا ؟ أم كان علي أن أقف لأرى الدموع وهي تتزاحم كدفق يفجر حاجز ، فيندفع بجنون اللحظة المندفعة من اعماقة بقوة مجمعة مضغوطة ؟

    شاهدتك يومها ، وقد رسم الوجوم كل انهيارات السقوط الملفع بمفردات الثقافة والفكر والأدب ، كنت تبحث بين الجذوع المخلوعة كالفؤاد المخلوع من جوف طفولتك العابقة برائحة الموت والرصاص والكبريت ، عن لحظة دفء يمكن أن تأتي من قاع الجوار المرصوص بالجدران والأسلاك والبنادق ، كنت تبحث في وجوه الرمل الموزع بين حدين من زمن بعيد .

    فماذا وجدت ؟

    لم تجد غير وجه ممصوص ممجوج ، فيه علامات تعرفها أنت ، وفيه نقاط واضحة الملمس ، قال : - انه سيكسر قدمي والدك ، وربما والدتك وأختك ، أن فكر احدهما أن يحمل لوعتك وحسرتك من حد الموت إلى حد الحياة ، وصدقني انه قادر على ذلك ، أكثر من قدرتك على ذرف الهول والانبهار والفجيعة ، هو قادر على سحق أمك وأختك ، والدك وعمك ، لكنه لا يملك قدرة سحق نملة تعيش في كنف محاصرك ، بل ولا يملك قدرة أن ينش بعوضة .

    تجهز أيها الطفل المنبعث من دماء الشهداء ، لمرحلة لا يمكن لعقلك أو قلبك أو رؤاك أن تتخيلها أو تناديها بحلم نوم أو يقظة ، تجهز يا عمقا قادرا على النهوض من بين كلماتنا المغادرة خوفا ، إلى مفردات البطل القادر على تكسير عظام اهلك وربعك ، تجهز للهجرة من مرحلة الوجوم إلى مرحلة الاختناق .

    وانبش قطرات دم والدك الذي التهمته قذائف الدبابات والمصفحات ، انبش روح والدتك التي وقفت على الحد الفاصل بين الموت والحياة وهي تتحسس قدميها قبل أن تحاول دوس الخطوة الأخيرة التي ستقودها إلى البطل ، بطل العصر الذي نحيا ، البطل القادر على تكسير أقدام الضعفاء والمظلومين ، بعزم وعزيمة ، البطل القادر على منع الأمهات من الحصول على حليب الحياة والوجود للرضع المحمولين على أكفان بطولة ذاك الوجه الخارج من سخام العار ورذيلة الهزيمة .

    ارفع نعلك للأعلى ، لا تخشى ، فالنعل أسمى في هذا الزمن من علم أو راية ، أغلى من روح ودفق ، دع نعلك يصنع بطولة سابقة لبطولة القدم المنذورة للكسر ، فأنت وحدك من يملك الحق للصراخ والتلويح بزمن الهزيمة بكل ما يحمل نعلك المثقب والممرغ بوحل الأرض والدماء المسفوحة صراخا يمكنه أن يهز تلك الوجوه القادرة على سحق آمالك وأمانيك المتمحورة بحق الحياة والوجود .

    أيها الطفل المغموس بالدم والعذاب والذهول ، نحن لا نملك إلا أن ننحني لقامتك الصغيرة الطرية ، انحناء العاجز المقهور ، أمام عظمة الصبر والصمود الخارجة من رحم أم خطت بقدميها المباركتين الحدود وهي تعلم بان هناك من يقف لتحطيمهما وسحقهما .

    علمنا أيها الطفل ، كيف نتحول من رجال ، إلى أطفال يحملون ما تحمل من براءة القوة والصمود والبقاء ، حررنا من رجولة المفردات والكلمات والصفحات ، وحررهم من سخام العار ورذيلة الهزيمة .


    مأمون احمد مصطفى
    فلسطين – مخيم طول كرم
    النرويج – 10- 02- 2008

  2. #2
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    أيها الطفل المغموس بالدم والعذاب والذهول ، نحن لا نملك إلا أن ننحني لقامتك الصغيرة الطرية ، انحناء العاجز المقهور ، أمام عظمة الصبر والصمود الخارجة من رحم أم خطت بقدميها المباركتين الحدود وهي تعلم بان هناك من يقف لتحطيمهما وسحقهما .

    كما عادتي ..
    أدخل صفحتك وقلبي يرتجف ، فأنت من عاش عمق املأساة وما زال ، تعرف كيف تخاطب ذلك الطفل الصامد رغم كل القهر والحصار ..

    أخي الكريم مأمون ..
    كثيرا ما أفر من صفحاتك دون أن أخط كلمة ، فكل حرف من حروفك نصل حاد يمزق أحشائي ..
    تراب الأرض والحنين له صلة وصل دائمة بين حرفك وبيني ..
    هنا ..
    وعلى كل صفحة حملت نقش حروفك ، أترك جزء مني ، جزء لا أستطيع أن أحمله معي ، لأنه يذوب بمداد حروفك ، ويبقى حبيس صفحاتك ..

    لا أملك قبل انتزاع نفسي من هنا ألا الدعاء لك ..
    بارك الله بك أخي الكريم ..

    تحيتي واحترامي ...


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  3. #3
    الصورة الرمزية فاطمة جرارعة شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2007
    الدولة : فلسطين
    العمر : 35
    المشاركات : 848
    المواضيع : 52
    الردود : 848
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    رائعة

    أرضت ذائقتي

    تستحق التثبيت في وجهة نظري

    تحية طيبة
    ~وارتاحَ منّي الشِعرُ,,
    و ارتاحَ القلَمْ~~

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    المبدع مأمون...

    من الرؤية ما اوجبت الحكم المؤبد على العقل الانساني بالوأد الاجباري ، والنفي النهائي ، وتلك الرؤية التي رأيتها ، بل تلك المشاهدة العيانية التي مرت عليك ومررت بها ، هي التي اوجبت هذه النغمة الحزينة المحملة باوجاع السماء والارض معا عليك وعلى ماهية الكلم عندك ، فانت مذ وقرات لك لم تخرج عن اطار الاضمحلال في الوجع الانساني بالاخص وجع ارضك التي دائما الانتماء يطغي على مكنونات النفس عند ذكرها.

    دم بخير
    محبتي لك
    جوتيار

  5. #5
    الصورة الرمزية سمو الكعبي شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    الدولة : في صومعتي
    المشاركات : 1,967
    المواضيع : 70
    الردود : 1967
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    رؤية أدبية مائزة لعالم ظل مرقعا بأثام وخطايا بشرية .
    سلم قلمك
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    فلنغتم أوقاتنا بسماع القران :http://quran.muslim-web.com/

  6. #6
    الصورة الرمزية سحر الليالي أديبة
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    الدولة : الحبيبة كــويت
    العمر : 38
    المشاركات : 10,147
    المواضيع : 309
    الردود : 10147
    المعدل اليومي : 1.49

    افتراضي

    الفاضل "مأمون "

    مكثت هنا طويلا ..كـ عادتي كلما صافح ـت لك نبضا ..!!
    شعرت بغصتك تضيق أنفاسك..وبـ عبرتك تعتصر مقلتيك ..ورأيتني وقد كبلني الدهشة بــ نبضك الموجع..أجاري الدمع في أن يسقط.!!

    سلمت ودام قلمك

    تقبل خالص إحترامي وتقديري وتراتيل ورد

  7. #7
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    المشاركات : 320
    المواضيع : 85
    الردود : 320
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    الاخت الكريمة وفاء

    اقف امام ردودك وقفة تامل تكشف ما في نفوس الناس المنزوعة من رائحة الوطن ، لارى مدى الشوق والحنين الذي يرافق خفقات المجهول المستتر خلف ذكريات كونها الخيال الزاحف نحو اشجار الزيتون في عنبتا ، القرية التي احمل لها الكثير من الذكريات التي ربطتني باصدقاء هناك ، كما ربطتني بكتبة ناجي صبحة المتميزة بكتبها .

    مع كل المودة

  8. #8

  9. #9
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    المشاركات : 320
    المواضيع : 85
    الردود : 320
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    المبدع مأمون...

    من الرؤية ما اوجبت الحكم المؤبد على العقل الانساني بالوأد الاجباري ، والنفي النهائي ، وتلك الرؤية التي رأيتها ، بل تلك المشاهدة العيانية التي مرت عليك ومررت بها ، هي التي اوجبت هذه النغمة الحزينة المحملة باوجاع السماء والارض معا عليك وعلى ماهية الكلم عندك ، فانت مذ وقرات لك لم تخرج عن اطار الاضمحلال في الوجع الانساني بالاخص وجع ارضك التي دائما الانتماء يطغي على مكنونات النفس عند ذكرها.

    دم بخير
    محبتي لك
    جوتيار


    العزيز جوتيار

    اشعر بك وانت تقرا الكلمات ، واستطيع ان ارى مشاعرك المتحركة بين السطور والكلمات ، سنبقى نشعر بالالم انا وانت ، وهذا وذاك ، وهذه وتلك ، ففلسطين البداية ، ثم العراق ، فلبنان وسوريا ، وافغانستان ، والسودان ، كم سنبكي ، وكم سننام على الم القهر والعجز ، لنفر من كل ذلك الى عجز السطور والمفردات.

    مع كل التحية

  10. #10

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عندما لا تجف الدموع
    بواسطة محمود سلامة الهايشة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-03-2005, 03:07 AM
  2. يا عيني فلتذرفي الدموع....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-12-2003, 01:49 AM
  3. وتحجرت الدموع
    بواسطة لؤي عبد الله الكاظم في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 12-10-2003, 01:33 AM
  4. ( في شرك الدموع )... قصيدة
    بواسطة ناجي الحرز في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 28-07-2003, 04:30 PM