أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قصيدة " رسالة فى ليلة التنفيذ " / للشاعر هاشم الرفاعي ..

  1. #1
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي قصيدة " رسالة فى ليلة التنفيذ " / للشاعر هاشم الرفاعي ..

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هذه رسالة من كتاب الأعمال الكاملة للشاعر هشام الرفاعى

    وهى رسالة موجهة إلى كل صاحب عقيد يجاهد فى سبيلها وهى رسالة من مجاهد إلى أبيه ليلة الحكم عليه بالإعدام

    ------------------------------------------------------

    أبتاه ، ماذا قد يخط بنانى والحبل والجلاد منتظران
    هذا الكتاب إليك من زنزانة مقرورة صخرية الجدران
    لم تبق إلا ليلة أحيا بها وأحس أن ظلامها أكفانى
    ستمر يا ابتاه ــ لست أشك فى هذا ــ وتحمل بعدها جثمانى

    *****

    الليل من حولى هدوء قاتل والذكريات تمور فى وجدانى
    ويهدنى ألمى ، فأنشد راحتى فى بضع آيات من القرآن
    والنفس بين جوانحى شفافة دب الخشوع بها فهز كيانى
    قد عشت أؤمن بالإله ولم أذق إلا أخيراً لذة الإيمان
    شكراً لهم ، أنا لا أريد طعامهم فليرفعوه ، فلست بالجوعان
    هذا الطعام المر ما صنعته لى أمى ، ولا وضعوه فوق خوان
    كلا ، ولم يشهده يا أبتى معى أخوان لى جاءان يستبقان
    مدوا إلى به يداً مصبوغة بدمى ، وهذى غاية الإحسان
    والصمت يقطعه رنين سلاسل عبثت بهن أصابع السجان
    ما بين آونة تمر .. وأختها يرنو إلى بمقلتى شيطان
    من كوة بالباب يرقب صيده ويعود فى أمن إلى الدوران
    أنا لا أحس بأى حقد نحوه ماذا جنى ؟ فتمسه أضغانى
    هو طيب الأخلاق مثلك يا أبى لم يبد فى ظمأ إلى العدوان
    لكنه إن نام عنى لحظة ذاق العيال مرارة الحرمان
    فلربما وهو المروع سحنة لو كان مثلى شاعراً لرثانى
    أو عاد ــ من يدرى ؟ إلى أولاده يوماً وذكر صورتى لبكانى
    وعلى الجدار الصلب نافذة بها معنى الحياة غليظة القضبان
    قد طالما شارفتها متأملاً فى الثائرين على الأسى اليقظان
    فأرى وجوماً كاضباب مصوراً ما فى قلوب الناس من غليان
    نفس الشعور لدى الجميع وإن هم كتموا ، وكان الموت فى إعلانى
    ويدور همس فى الجوانح ما الذى بالثورة الحمقاء قد أغرانى ؟
    أو لم يكن خيراً لنفسى أن أرى مثل الجميع أسير فى إذعان ؟
    ما ضرنى لو قد سكت ، وكلما غلب الأسى بالغت فى الكتمان
    هذا دمى سيسيل ، يجرى مطفئاً ما ثار فى جنبى من نيران
    وفؤادى الموار فى نبضاته سيكف فى غده من الخفقان
    والظلم باق ، لن يحطم قيده موتى ، ولن يودى به قربانى
    ويسير ركب البغى ليس يضيره شاة إذا اجتثت من القطعان

    *****

    هذا حديث النفس حين تشف عن بشريتى ... وتمور بعد ثوان
    وتقول لى : إن الحياة لغاية أسمى من التصفيق للطغيان
    أنفاسك الحرى وإن هى أخمدت ستظل تغمر أفقهم بدخان
    وقروح جسمك وهو تحت سياطهم قسمات صبح يتقيه الجانى
    دمع السجين هناك فى أغلاله ودم الشهيد هنا سيلتقيان
    حتى إذا ما أفعمت بهما الربا لم يبق غير تمرد الفيضان
    ومن العواصف ما يكون هبوبها بعد الهدوء وراحة الربان
    إن إحتدام النار فى جوف الثرى أمر يثير حفيظة البركان
    وتتابع القطرات ينزل بعده سيل يليه تدفق الطوفان
    فيموج .. يقتلع الطغاة مزمجراً أقوى من الجبروت والسلطان
    أنا لست أدرى ، هل ستذكر قصتى أم سوف يعروها دجى النسيان ؟
    أو أننى سأكون فى تاريخنا متآمراً أم هادم الأوثان ؟
    كل الذى أدريه أن تجرعى كأس المذلة ليس فى إمكانى
    لو لم أكن فى ثورتى متطلباً غير الضياء لأمتى لكفانى
    أهوى الحياة كريمة لا قيد ، لا إرهاب ، لا استخفاف بالإنسان
    فإذا سقطت سقطت أحمل عزتى يغلى دم الأحرار فى شريانى


    *****

    أبتاه ، إن طلع الصباح على الدنى وأضاء نور الشمس كل مكان
    واستقبل العصفور بين غصونه يوماً جديداً مشرق الألوان
    وسمعت أنغام التفاؤل ثرة تجرى على فم بائع الألبان
    وأتى ــ يدق كما تعود ــ بابنا سيدق باب السجن جلادان !
    وأكون بعد هنيهة متأرجحاً فى الحبل مشدوداً إلى العيدان
    ليكن عزاؤك أن هذا الحبل ما صنعته فى هذى الربوع يدان
    نسجوه فى بلد يشع حضارة وتضاء منه مشاعل العرفان
    أو هكذا زعموا ، وجئ به إلى بلدى الجريح على يد الأعوان
    أنا لا أريدك أن تعيش محطماً فى زحمة الالام والأشجان
    إن ابنك المصفود فى أغلاله قد سيق نحو الموت غير مدان
    فاذكر حكايات بأيام الصبا قد قلتها لى عن هوى الأوطان
    وإذا سمعت نشيج أمى فى الدجى تبكى شباباً ضاع فى الريعان
    وتكتم الحسرات فى أعماقها ألماً تواريه عن الجيران
    فاطلب إليها الصفح عنى ، إننى لا أبتغى منها سوى الغفران
    مازال فى سمعى رنين حديثها ومقالها فى رحمة وحنان
    أبنى : إننى قد غدوت عليلة لم يبق لى جلد على الأحزان
    فأذق فؤادى فرحة بالبحث عن بنت الحلال ودعك من عصيانى
    كانت لها أمنية .. ريانة يا حسن آمال لها وأمان !
    غزلت خيوط السعد مخضلاً ولم يكن انتقاض الغزل فى الحسبان
    والآن لا أدرى بأى جوانح ستبيت بعدى أم بأى جنان


    *****

    هذا الذى سطرته لك يا أبى بعض الذى يجرى بفكر عان
    لكن إذا انتصر الضياء ومزقت بيد الجموع شريعة القرصان
    فلسوف يذكرنى ويكبر همتى من كان فى بلدى حليف هوان


    نبذة عن الشاعر ..

    شاب تعلم في الأزهر حتى حصل على الثانوية من معهد الزقازيق كان يكتب تحت قصائده ومراسلاته طالب علم بالأزهر دخل دار العلوم وواصل دراسته فيها حتى السنة الثالثة وسطع نجمه في سماء الشعر العربي سطوعا لفت الأنظار إليه لما يتمتع به من موهبة عاتية وقدرة على تناول الأحداث بشاعرية تزلزل وفي إحدى الليالي المشؤومة عام 1959 قتل الشاعر غدرا بيد من لا يعرف أنه يئد الزهرة في ريعان شبابها ، ويكتم العطر في قوة خفقانه لم يكن هاشم رحمه الله يعنيه إلا أن تعود هذه الأمة إلى ربها عودة صحيحة مؤطرة بنهج المصطفى صلى الله عليه وسلم وكان يحب العروبة حب المسلم الواعي الذي يدرك أن العرب معدن هذا الدين وأن نهضة الأمة مرهونة بهم شريطة أن يتخلوا عن تبعية الغرب ويدعوا جانبا ما عرف حينئذ يالاشتراكية أو الشيوعية أو القومية
    وكان يقول :
    ملكنا هذه الدنيا قرونا = وأخضعها جدود خالدونا
    وسطرنا صحائف من ضياء = فما نسي الزمان ولا نسينا

    بعض مما استطعت الحصول عليه عن هذا الشاعر الذي أبكتني قصيدته ، وهي مثال للمجاهد الذي بذل نفسه وروحه في سبيل الله ..

    أتمنى أن تنال إعجابكم ..
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    الدولة : استانبول
    المشاركات : 1,527
    المواضيع : 99
    الردود : 1527
    المعدل اليومي : 0.26

    افتراضي

    باركك الله على هذا الاختيار الراقي أختي الكريمة وفاء وهي بحق من عيون الشعر العربي وياحبذا لو قمت بتنضيدها وذلك لزيادة بهائها ..وإليك تمام القصيدة التي أتيت منها ببيتين :

    قصيدة "-شباب الإسلام"
    لهاشم الرفاعي

    ملكنا هذه الدنيا قرونا
    وأخضعها جدود خالدونا
    وسطرنا صحائف من ضياء
    فما نسى الزمان ولا نسينا
    حملناها سيوفا لامعات
    غداة الروع تأبى أن تلينا
    إذا خرجت من الأغماد يوما
    رأيت الهول والفتح المبينا
    وكنا حين يرمينا أناس
    نؤدبهم أباة قادرينا
    وكنا حين يأخذنا ولي
    بطغيان ندوس له الجبينا
    تفيض قلوبنا بالهدي بأسا
    فما نغضي عن الظلم الجفونا
    وما فتئ الزمان يدور حتى
    مضى بالمجد قوم آخرونا
    وأصبح لا يرى في الركب قومي
    وقد عاشوا أئمته سنينا
    وآلمني وآلم كل حر
    سؤال الدهر : أين المسلمون ؟
    ترى هل يرجع الماضي ؟ فإني
    أذوب لذلك الماضي حنينا
    بنينا حقبة في الأرض ملكا
    يدعمه شباب طامحونا
    شباب ذللوا سبل المعالي
    وما عرفوا سوى الإسلام دينا
    تعهدهم فأنبتهم نباتا
    كريما طاب في الدنيا غصونا
    هم وردوا الحياض مباركات
    فسالت عندهم ماء معينا
    إذا شهدوا الوغى كانوا كماة
    يدكون المعاقل والحصونا
    وإن جن المساء فلا تراهم
    من الإشفاق إلا ساجدينا
    شباب لم تحطمه الليالي
    ولم يسلم الى الخصم العرينا
    ولم تشهدهم الأقداح يوما
    وقد ملأوا نواديهم مجونا
    وما عرفوا الأغاني مائعات
    ولكن العلا صيعت لحونا
    وقد دانوا بأعظمهم نضالا
    وعلما، لا بأجرئهم عيونا
    فيتحدون أخلاقا عذابا
    ويأتلفون مجتمعا رزينا
    وما عرفوا الخلاعة في بنات
    ولا عرفوا التخنث في بنينا
    ولم يتبجحوا في كل أمر
    خطير، كي يقال مثقفونا
    كذلك أخرج الإسلام قومي
    شبابا مخلصا حرا أمينا
    وعلمه الكرامة كيف تبنى
    فيأبى أن يقيد أو يهونا
    دعوني من أمان كاذبات
    فلم أجد المنى إلا ظنوناً
    وهاتوا لي من الإيمان نورا
    وقووا بين جنبيَّ اليقينا
    أمد يدي فأنتزع الرواسي
    وأبني المجد مؤتلقاً مكينا

  3. #3
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    شكرا لك أيها الكريم أخي الفاضل / أحمد حمود ..

    أسعدني اهتمامك ، وهذه القصيدة التي حدثني عنها أستاذ وعالم فاضل ، وكنت أتابع معه القصيدة وقصتها ، وقصة كاتبها ، وبحق هي رائعة وشجية وتحمل من المعاني أسماها ..

    رحم الله الشاعر الشاب الفقيد الذي خط هذه الكلمات بروح المناضل الطالب للشهادة ..

    تحيتي وتقديري الكبير ..

المواضيع المتشابهه

  1. ليلة من ألف ليلة و ليلة
    بواسطة المختار محمد الدرعي في المنتدى الأَدَبُ السَّاخِرُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-09-2015, 08:46 PM
  2. ترنيماتٌ نيلية ٌفى قصر ِ الرشيد...!!
    بواسطة عبدالوهاب موسى في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 30-11-2011, 09:39 PM
  3. مجرد""""كلمة"""""ترفع فيك أو تحطمك........!
    بواسطة أحمد محمد الفوال في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-05-2009, 11:27 AM
  4. قصيدة "علامة الإدبار" للشاعر الكبير"جمال حمدان"
    بواسطة معارج الروح في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-02-2005, 12:04 AM
  5. قرأت لك لـ : ( هاشم الرفاعي)
    بواسطة سعد جبر في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 31-07-2003, 10:12 PM