أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: وحدة المسلمين في ضوء القران الكريم

  1. #1
    الصورة الرمزية محمد سوالمة قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : رفح
    العمر : 69
    المشاركات : 488
    المواضيع : 188
    الردود : 488
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي وحدة المسلمين في ضوء القران الكريم

    مقدمة

    يتجه العالم اليوم نحو التكتلات والتجمعات بحيث لم تعد الدول الصغيرة والضعيفة بقادرة على العيش من دون الاعتماد على الدول الأخرى، وفي المقابل نجد البلدان الإسلامية تسير نحو المزيد من الضعف والتفكك والتشرذم مع العلم بأن الإسلام يدعو إلى التوحد.
    إن وحدة المسلمين السياسية هي نتاج طبيعي لوحدتهم العقائدية، ولقد قرَّرَ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الوحدة منذ اللحظة الأولى لبناء الأمة الإسلامية فوضع منهاجاً حدَّدَ من خلاله هوية الأمة والدولة، وتوحد المسلمين على أساس الإسلام. وتتناول هذه الدراسة بيان هذه الأسس في ضوء القرآن الكريم في المحاور التالية :

    1- التعريف بالأمة الاسلامية.

    2-التعريف بالواقع الذي تعيشه الأمة الأسلامية الأن .

    3-وحدة المسلمين العقائدية وأحكامها في ضوء القرآن الكريم ..

    4-وحدة المسلمين السياسية وكيفية سبل تحقيقها في ضوء القرآن الكريم .

    5-الآثار المترتبة على وحدة المسلمين العقائدية والسياسية .

    المحور الثاني : التعريف بالأمة الإسلامية .

    أولاً : في اللسان العربي المقصود بالأمة : الجماعة . (1)

    وفي الاصطلاح : هي مجموعة إنسانية تجمعها عقيدة واحدة ينبثق عنها نظامها . (2)

    ثانياً : أقسام الأمة :

    الأمة قسمان :

    القسم الأول : أمة الدعوة ، وتشمل الثقلين جميع الإنس والجن ، كما جاء في حديث أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( والذي نفس محمد بيده ، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة : يهودي ولا نصراني ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار) .(3)

    والقسم الثاني : أمة الإجابة ، وهي الأمة التي استجابت للدعوة الإسلامية ، ونسبتها إلى الإسلام لتمسكها به ، وكل من أستسلم لله تعالى بالتوحيد وانقاد له بالطاعة وخلص من الشرك دخل في جماعة المسلمين ، قال الله تعالى : ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ (4) ، وعن عرفجة ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إنه ستكون هنات وهنات ، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان ) .(5)

    والأمة الإسلامية بهذا الوصف تشمل البر وغيره ، كما قال تعالى : ﴿ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴾(6) ، وبهذا أفادت الأخبار النبوية ، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يكون في أمتي فرقتان فيخرج من بينهما مارقة يلي قتلهم أولاهم بالحق ) (7). وهذه الأمة هي أعز الأمـم على الله تـعالى ، وآخرها بقاء ، وأكثر الأمم دخولاً الجنة ، كما قال تعالى : ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾(8) ، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عرضت علي الأمم فأجد النبي يمر معه الأمة ، النبي يمر معه النفر ، والنبي يمر معه العشرة ، والنبي يمر معه الخمسة ، والنبي يمر وحده ، فنظرت فإذا سواد كثير قلت : يا جبريل هؤلاء أمتي ؟ قال لا ولكن انظر إلى الأفق ، فنظرت فإذا سواد كثير ، قال : هؤلاء أمتك ، وهؤلاء سبعون ألفاً قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب ، قلت : ولم ؟ قال : كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) . فقام إليه عكاشة بن محصن فقال : ادع الله أن يجعلني منهم قال : ( اللهم اجعله منهم ) . ثم قام إليه رجل آخر قال : ادع الله أن يجعلني منهم قال : ( سبقك بها عكاشة ) . (9) ، وعلى التحقيق فأول هذه الأمة خير من أخرها وفي كل خير كما جاء عن عبدالله ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير أمتي القرن الذين يلوني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) (10) وأما عن بقائها فقد جاء عن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم ، والله يعطي ، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) .(11)

    والجدير بالذكر هنا أن هذه الأمة يدخل فيها ظاهراً من ليس منها باطناً كالمنافقين الذين يظهرون الإسلام ، وكذا يدخل فيها من أهل البدع طوائف كثيرة ، وهم يقربون ويبتعدون عن الإسلام بحسب قربهم منه وبعدهم عن هدي النبوة النقي ، كما قال تعالى : ﴿وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾(12) ، وعن أهل البدع جاء عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة ، وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ) .(13)

    وفي الجملة لكل طائفة من الطوائف التي تنتسب للإسلام حقها من الولاء والبراء بقدر قربها وبعدها من السنة النبوية ولا ينكر ما معها من الحق ، وتؤمر بالمعروف وتنهى عن المنكر .

    مدخل في التعريف بواقع الأمة الإسلامية :

    من نافلة القول أن الأمة الإسلامية تعرضت لنكبات عدة قسمت أرضها وفرقت بين شعوبها وأحيت النعرات العرقية والطائفية بينها ، وما تعيشه الأمة الإسلامية الآن هو مرحلة من مراحل ذلك التقسيم ، وحيث إن هذه المرحلة استنفدت أغراضها عند المحتل وأدت الدور في كبح جماح المد الشيوعي الذي كان يهدد المعسكر الغربي والأمريكي تمثلت في معاهدة لوزان واتفاقية سايكس بيكو وغيرها ، كان من الطبيعي عند العدو النهم الجشع أن يبادر بمشروع يقتل ما بقي من عوامل الوحدة الإسلامية ، وكان هذا المشروع الإحتلالي الجديد هو ما يسمى بـ" الشرق الأوسط الجديد " ، ولأهمية هذا المشروع جعل الخبراء والمراقبون والمحللون السياسيون والدبلوماسيون يحرصون بقوة على معرفة خارطته الجديدة والاهتمام بتفاصيله الجغرافية والسياسية ، ويجدر بنا هنا الحديث بإلمامة عن أهم عناصر التقسيمات قديماً وحديثاً .

    هناك مؤامرة قديمة تعود إلى مئات السنين للوراء ، وكانت في الماضي القديم كما هي اليوم تستهدف إيقاظ النعرة المذهبية والطائفية والعرقية في الحاضر الإسلامي بهدف تمزيقه رغم أنه ممزق ، وبهدف تركيعه ، وشطب بعض دُوَلِهِ عن خارطة الوجود أو تقسيمها أو فرض دول جديدة مصطنعة ، ثم رسم خارطة جديدة بعد كل هذه المتغيرات تجسد من ضمن ما تجسد الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى أمريكا اليوم إلى صناعته بما يتفق مع المصلحة (الأمريكية - الإسرائيلية) فقط !! نعم هكذا كانت أهداف هذه المؤامرة في الماضي القديم وهكذا هي أهدافها اليوم ، وهي نفس الأهداف لم تتغير سوى أن فاشية (بوش- رايس) تحاول أن تتحدث عنها اليوم بمصطلحات العصر الحاضر وتعابيره السياسية والإعلامية مع الاحتفاظ بنفس المعنى بالضبط . وفي وثيقة محفوظة في دار الوثائق القومية في باريس ، هي عبارة عن رسالة كان قد أرسلها لويس التاسع ملك فرنسا عندما أُسر في دار ابن لقمان بالمنصورة في مصر خلال فترة الحروب الصليبية حيث يقول في هذه الرسالة الآتي :" إنه لا يمكن الانتصار على المسلمين من خلال حرب ، وإنما يمكن الانتصار عليهم بواسطة السياسة بإتباع الآتي :

    إشاعة الفرقة بين قادة المسلمين ، وإذا حدثت فليعمل على توسيع شقتها ما أمكن حتى يكون هذا الخلاف عاملا في إضعاف المسلمين .
    عدم تمكين البلاد الإسلامية والعربية أن يقوم فيها حكم صالح .
    ج- إفساد أنظمة الحكم في البلاد الإسلامية بالرشوة والفساد والنساء ، حتى تنفصل القاعدة عن القمة . د- الحيلولة دون قيام جيش مؤمن بحق وطنه عليه يضحي في سبيل مبادئه .

    هـ - العمل على الحيلولة دون قيام وحدة عربية في المنطقة .
    و- العمل على قيام دولة غربية في المنطقة العربية تمتد ما بين غزة جنوباً وأنطاكية شمالاً ، ثم تتجه شرقاً ، وتمتد حتى تصل إلى الغرب."
    وعند التأمل في هذه الوثيقة نجد أن فكرة المشروع الصهيوني لم تكن فكرة صهيونية فقط بل هي فكرة غربية كذلك ، وهي ليست فكرة جديدة تعود إلى مؤتمر بازل الذي عقد عام 1897م بل هي فكرة قديمة تعود إلى فترة الحروب الصليبية الأولى ، فها هو لويس التاسع ملك فرنسا يدعو صراحة في هذه الوثيقة إلى إقامة دولة غربية على أرض فلسطين ، بحيث تكون هذه الدولة مشروعاً استيطانياً قابلاً للامتداد في العمق الإسلامي والعربي شرقاً ونحو أنطاكية شمالاً ، أي الحرص على الهيمنة على لبنان على الأقل وصولا إلى أنطاكية ، وما يجري على أرض الواقع اليوم هو صدى عملي لتلك الوثيقة ، بل إن الأبجديات الأساس لمشروع الشرق الأوسط الجديد نجدها في هذه الوثيقة ، إذ أن هذه الوثيقة كما هو واضح لكل من يتأملها تدعو إلى إحياء النعرات المذهبية والطائفية والعرقية في العمق الإسلامي والعربي ، وتدعو للإبقاء على أنظمة حكم تبعية فاسدة ، وتدعو إلى تجريد الحاضر الإسلامي من عقيدته الاسلامية ، وتدعو إلى مواصلة شرذمة الحاضر الإسلامي إلى دويلات ، وإن كل هذه المطالب التي تدعو إليها هذه الوثيقة هي ذات المطالبة العلنية أو المدفونة بين السطور التي يدعو إليها مشروع الشرق الأوسط الجديد ، مع بعض التعديلات إضافة أو حذفاً ، ولم نقل أن مشروع (الشرق الأوسط الجديد) ليس جديداً استناداً إلى هذه الوثيقة فقط بل هناك عشرات الوثائق الأخرى التي جاءت بعد هذه الوثيقة وسنذكِّرُ بأهمها ، ومن أهمها ما نجده من أفكار متناثرة لمشاريع عمل يدعو إلى تنفيذها لورانس ملك العرب في كتابه المعروف (أعمدة الحكمة السبعة) ، فهو الذي عمل على إسقاط (مبدأ الخلافة) لتمزيق الحاضر الإسلامي إلى شذر مذر ، وهو الذي عمل على فرض شرخ عميق بين الحاضر العربي وتركيا ، وهو الذي هيأ الأرضية لمشروع ( سايكس-بيكو) فيما بعد ، وهذا ما كان حيث تمّ تقسيم الحاضر الإسلامي والعربي وفق مصالح (بريطانيا- فرنسا) ، وهو الذي هيأ الأرضية من خلال كل ذلك لإنجاح المشروع الصهيوني فيما بعد على أرض فلسطين التاريخية ، لذلك فإن لورانس العرب كان ممن مارسوا عملياً فرض شرق أوسط جديد فيما مضى ، ولعله لا يختلف عن مشروع (بوش- رايس) إلا ببعض الفروع وإلاّ فالجوهر واحد والمستهدف واحد ، ولكن في هذه المرة ليس لصالح (بريطانيا- فرنسا) بل لصالح المؤسسة (الأمريكية- الإسرائيلية) ، وبذلك قدم لورانس النموذج العملي لمن بعده ، ومن أهم هذه الوثائق فيما بعد وثيقة " مؤتمر لوزان " وما حملت من شروط فرضتها بريطانيا يومها على تركيا ، حيث اشترطت بريطانيا على تركيا بواسطة هذه الوثيقة أنها لن تنسحب من الأراضي التركية إلاّ بعد تنفيذ الشروط الآتية :
    أ- إلغاء الخلافة الإسلامية ، وطرد الخليفة من تركيا ومصادرة أمواله .

    ب- أن تتعهد تركيا بإخماد كل حركة يقوم بها أنصار الخلافة .

    ج- أن تقطع تركيا صلتها بالإسلام .

    د- أن تختار لها دستوراً مدنياً بدلاً من دستورها المستمد من أحكام الإسلام ، فكان أن نفذ كمال أتاتورك الشروط السابقة فانسحبت الدول المحتلة من تركيا ، ولما وقف كرزون وزير خارجية بريطانيا في مجلس العموم البريطاني يستعرض ما جرى مع تركيا ، احتج عليه بعض النواب البريطانيين بعنف واستغربوا كيف اعترفت بريطانيا باستقلال تركيا ، التي يمكن أن تجمع حولها الدول الإسلامية مرة أخرى وتهجم على الغرب ، فأجاب كرزون : " لقد قضينا على تركيا ، التي لن تقوم لها قائمة بعد اليوم ... لأننا قضينا على قوتها المتمثلة في أمرين : الإسلام والخلافة" ، ولو تأملنا هذه الوثيقة وممارسات كرزون لوجدنا فيها خطوات سابقة ومتقدمة سعت إلى فرض شرق أوسط جديد كجزء من خارطة عالم إسلامي وعربي جديدة تقوم على أساس تفكيك عناصر القوة في العمق الإسلامي والعربي ، والتي كان فيها كرزون على قناعة أنه لن يتم تفكيكها إلا بإلغاء مبدأ الخلافة ، لأن إلغاء مبدأ الخلافة يعني إلغاء مبدأ القدرة على بناء وحدة إسلامية تجسد معسكراً مقاوِماً للطمع الإحتلالي الغربي في العمق الإسلامي ، ومن أهم هذه الوثائق فيما بعد ما نجده من تقييم لحاضر ومستقبل العالم الإسلامي وما نجده من مشاريع مقترحة قرينة لهذا التقسيم في كتاب : (الإسلام قوة الغد) للرحالة الألماني (بول أشميد) حيث يقول (أشميد) في هذا الكتاب : (إن مقومات القوة في الشرق الإسلامي تنحصر في عوامل ثلاثة : أ- في قوة الإسلام كدين وفي الإعتقاد به،وفي مُثُله ، وفي مؤاخاته بين مختلفي الجنس واللون والثقافة .


    ب- في وفرة مصادر الثروة الطبيعية في رقعة الشرق الإسلامي ، وتمثيل هذه المصادر العديدة لوجهة اقتصادية سليمة قوية ، ولاكتفاء ذاتي ، لا يدع المسلمين في حاجة مطلقاً إلى أوروبا أو إلى غيرها إذا ما تقاربوا وتعاونوا .
    ت- خصوبة النسل البشري لدى المسلمين ، مما جعل قوتهم العددية قوة متزايدة ، ثم يقول (أشميد) : ( فإذا اجتمعت هذه القوى الثلاث ، فتآخى المسلمون على وحدة العقيدة ، وتوحيد الله ، وغطت ثروتهم الطبيعية حاجة تزيد عددهم ، كان الخطر الإسلامي خطراً منذراً بفناء أوروبا وبسيادة عالمية في منطقة هي مركز العالم كله) ، ثم يقترح (أشميد) أن يتضامن الغرب شعوباً وحكومات ويعيدوا الحروب الصليبية في صورة أخرى ملائمة للعصر !! ولكن بأسلوب نافذ حاسم !! ولو تأملنا كتاب (أشميد) جيداً لاكتشفنا بسهولة أنه يتحدث عن (صدام الحضارات) دون أن يستخدم هذا المصطلح، ويتحدث عن ضرورة تفكيك عناصر القوة في العالم الإسلامي ، ويتحدث عن ضرورة غزو عسكري غربي في عقر دار العمق الإسلامي قبل أن يتحول هذا الحاضر الإسلامي إلى مارد يهدد أوروبا بالفناء !! وهي تحليلات سبق بها مدرسة (صدام الحضارات) في أمريكا !! وهي دعوة لصناعة شرق أوسط جديد تضمن فيه أوروبا دوام العجز الإسلامي !! وهي دعوة لأوروبا كي تتحد وكي تعود إلى حملاتها الصليبية تحت مسميات جديدة ، وبذلك يكون (أشميد) أذكى من (بوش الإبن) الذي أعلنها حرباً صليبية غربية على المكشوف ، عندما بدأ يستعد لغزو أفغانستان ، ثم غزو العراق ، ثم الانتشار في العمق الإسلامي !! ولذلك فإن الدور العدائي الذي تقوم به أمريكا ضد الحاضر الإسلامي على صعيد مفكريها وسياسييها ليس جديداً بكل ما قدم من أفكار مثل فكر (صدام الحضارات) ومن مشاريع مثل مشروع (الشرق الأوسط الجديد) ، بل أن هذا الدور العدائي الأمريكي فكراً ونهجاً هو استمرار للدور الغربي السابق شبراً بشبر وذراعاً بذراع سوى بعض المتغيرات التي تقتضيها قبل كل شيء المصلحة الأمريكية الإسرائيلية.

    ومن الضروري أن نعلم أن روح هذه الوثائق ومعانيها وما تحمل من أفكار ومشاريع قد واصل العالم الغربي الحديث عنها شفاهة أو كتابة ، وواصل تحديد علاقته مع العالم الإسلامي على ضوئها حتى اليوم ، وعلى سبيل المثال فها هي مجلة روز اليوسف تنقل في عددها الصادر بتاريخ 29/6/1963 لأحد المسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية ما قاله عام 1952م وقد جاء فيه ما يلي :" ليست الشيوعية خطراً على أوروبا فيما يبدو لي ، إن الخطر الحقيقي الذي يهددنا تهديداً مباشراً وعنيفاً هو الخطر الإسلامي ، فالمسلمون عالم مستقل كل الاستقلال عن عالمنا الغربي ، فهم يملكون تراثهم الروحي الخاص بهم ، ويتمتعون بحضارة تاريخية ذات أصالة ، فهم جديرون أن يقيموا قواعد عالم جديد ، دون حاجة إلى إذابة شخصيتهم الحضارية والروحية في الحضارة الغربية ، فإذا تهيأت لهم أسباب الإنتاج الصناعي في النطاق الواسع ، انطلقوا في العالم يحملون تراثهم الحضاري الثمين ، وانتشروا في الأرض يزيلون منها قواعد الحضارة الغربية ، ويقذفون برسالتنا إلى متاحف التاريخ ، وقد حاولنا نحن الفرنسيين خلال حكمنا الطويل للجزائر أن نتغلب على شخصية الشعوب المسلمة ، فكان الإخفاق الكامل نتيجة مجهوداتنا الكبيرة الضخمة ، إن العالم الإسلامي عملاق مقيد ، عملاق لم يكتشف نفسه حتى الآن اكتشافاً تاماً ، فهو حائر وهو قلق ، وهو كاره لانحطاطه وتخلفه ، وراغب رغبة يخالطها الكسل والفوضى في مستقبل أحسن وحرية أوفر .. فلنعط هذا العالم الإسلامي ما يشاء ، ولنقو في نفسه الرغبة في عدم الإنتاج الصناعي والفني حتى لا ينهض ، فإذا عجزنا عن تحقيق هذا الهدف ، بإبقاء المسلم متخلفاً ، وتحرر العملاق من قيود جهله وعقدة الشعور بعجزه ، فقد بؤنا بإخفاق خطير ، وأصبح خطر العالم العربي وما وراءه من الطاقات الإسلامية الضخمة خطراً داهماً ينتهي به الغرب ، وتنتهي معه وظيفته الحضارية كقائد للعالم " . ولو تأملنا أقوال هذا المسؤول الفرنسي لوجدنا أنها تحمل روح أفكار (أشميد) الألماني وتدعو في سطرها الأخير إلى ( صدام حضارات) اضطراري وفق رؤية هذا المفهوم الفرنسي ، لأنه وفق رؤيته لا يمكن التعايش بين الحضارة الإسلامية وبين الحضارة الغربية , وحتى تحافظ الحضارة الغربية على بقائها وتفوقها يجب عليها أن تمنع انبعاث جديد للحضارة الإسلامية !! هكذا يفكر هذا المسؤول الفرنسي وإذا افترضنا أنه يعبر عن فكر المؤسسة الفرنسية الرسمية فعندها سنفهم لماذا تبنت فرنسا إقامة المشروع الذري الإسرائيلي في ديمونا والذي عُرف باسم (خيار شمشوم) !! ولماذا منعت فرنسا الحجاب الإسلامي في أراضيها !! ولماذا كانت فرنسا اللاعب الأساس في صياغة قرار مجلس الأمن الأخير رقم (1701) الذي يطمعون من ورائه القضاء على مفهوم الجهاد في العمق الإسلامي ، وها هو أيوجين روستو رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية ومساعد وزير الخارجية الأمريكية ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى عام 1967م يقول :" إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي ، فلسفته، وعقيدته، ونظامه وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي ، بفلسفته وعقيدته المتمثلة بالدين الإسلامي ، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف في الصف المعادي للإسلام ، والى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية ، لأنها إن فعلت عكس ذلك فإنها تتنكر للغتها وفلسفتها وثقافتها ومؤسساتها " ، فهذا روستو لا يخفي ما يريد !! إنه يريد تدمير الحضارة الإسلامية ، وتبني دولة إسرائيل ، والسير خلف خُطى العالم الغربي المحاربة للإسلام !!(14)

    المحور الثالث : مقومات الأمة الإسلامية .

    لم تقم أمة من الأمم قديماً أو حديثاً إلا بمقومات تتظافر في لم شعثها ووحدة كلمتها ومواقفها ، وهذه المقومات كالآتي :

    الأول : العقيدة التي تؤمن بها الشعوب وتقدسها وترتبط بها .

    وعلى وجه اليقين التام ليس ثمة عقيدة تصدق بها النفوس ، وتطمئن لها القلوب ، وتبني الدنيا والآخرة ، وتجيب عن كل التساؤلات عن الله تعالى ، وما يجب له وما يمتنع عليه ، وعن الحياة والكون والانسان وما فيها ، والموقف من ذلك كله ، وعن المصير ، سوى هذه العقيدة الإسلامية الصحيحة التي كان عليها سلف هذه الأمة ، كما قال تعالى على لسان رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾(15) ، وكما قال تعالى : ﴿ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾(16) ، إن هذه العقيدة هي التي سلمت من التحريف والتغيير والتبديل ، وهي التي تقنع العقل ، و تلبي نداء الفطرة ، كما أكد الشرع الحنيف أن كل إنسان فطر مسلماً ، " فعن أبي هريرة رضي الله عنه كان يحدث قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ) . ثم يقول أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ : ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾(17) "(18) .

    فالعقيدة الإسلامية هي أساس حياة المسلمين، وأساس الحكم، وأساس العلاقات، والإيمان بالله هو أساس هذه العقيدة. هذه العقيدة إذا قويت في نفوس المسلمين قوي المسلمون وعزّوا وسادوا، وإذا ضعفت ضعفوا وخضعوا واستكانوا. قوة العقيدة في نفس المسلم تجعله لا يخاف الموت لأنه يعتقد أن الأجل محدود، ولا يخاف على رزقه لأنه يعتقد أن الرزق بيد الله وليس بيد غيره، ولا يخشى قتال الأعداء الكفار لأنه يؤمن أن الشهادة مطلب لكل مسلم، ولا يبخل في الإنفاق بماله مرضاة لله، لأنه يؤمن أن ما عنده ينفد وما عند الله باق، ولا يطأطئ رأسه ذلاً أمام كافر أو حاكم ظالم لأنه يؤمن أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

    قال تعالى: ﴿فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون﴾(19),وقال تعالى: ﴿وفي السماء رزقكم وما توعدون. فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون﴾(20) .وقال تعالى: ﴿ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون﴾(21) وقال تعالى: ﴿وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾(22) (البقرة195.)

    وحين اجتمع سادة قريش في بيت أبي طالب ليكلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: (إذا أعطيتموني كلمة حكمتم العرب ودانت لكم العجم)، قال أبو جهل: (بلى وجدّك نعطيك عشر كلمات. فما هي؟) قال عليه الصلاة والسلام: (قولوا: لا إله إلاّ الله واخلعوا ما دونه من أنداد)(23) . فهذا دليل واضح على أهمية العقيدة وأثرها العظيم، فالمسلمون في كل زمان ومكان إذا قالوا هذه الكلمة بحقها عزوا وانتصروا وسعدوا، وحقها العمل بأحكام الإسلام كلها، قال تعالى ﴿ كنتم خير أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله﴾(24) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها)(25).

    والمسلمون – بمقتضى هذه العقيدة - أمّة واحدة، قال تعالى: ﴿ كنتم خير أمّة أخرجت للناس﴾(26) , ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾(27) , ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾(28) , وهم اخوة متحدون متعاونون، قال تعالى: ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾(29). , وقال: ﴿واعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (30) , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره)(31). وقال: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا)(32) , فلا يجوز للمسلم العربي أن يعتبر المسلم الإيراني عدواً، أو أجنبياً، ولا المسلم التركي أو الباكستاني غريباً وخصماً، ولا يجوز للمسلم الأردني أن يعتبر المسلم الفلسطيني غريباً عنه، ولا يجوز للمسلم السوري أن يعتبر المسلم اللبناني أو الفلسطيني خصماً وغريباً عنه، وإذا دخل المسلم الفلسطيني في حرب مع اليهود، فإنه لا يحل للمسلم السوري أو الأردني أو المصري أو الاندونيسي أن يعتبروا أنفسهم في سلام مع اليهود، قال صلى الله عليه وسلم: (وأنّ سِلْم المؤمنين واحدة)(33)، فالأمّة الإسلامية يجب أن تبقى أمّة واحدة حربها حرب واحدة، وسلمها سلم واحد، وهذا لا يتأتى إذا بقيت الأمّة الإسلامية مجزأة. فحتى يتحقق في المسلمين حكم الله لا بد من أن يكونوا جميعاً تحت راية واحدة هي راية لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، وينقادون لإمام واحد هو خليفة المسلمين، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما).(34)

    والوحدة بين البلاد الإسلامية هي الأساس، إذ أن الحكم الشرعي يوجِب على المسلمين أن تكون بلادهم كياناً واحداً، ودولة واحدة، وأن يكون حاكمهم واحداً. كما أن الحكم الشرعي يحرم على المسلمين أن تكون بلادهم كيانات ودولاً، وأن يكون لهم أكثر من حاكم واحد، وذلك لورود الأحاديث الصحيحة التي توجب أن يكون المسلمون جميعاً في دولة واحدة، وأن يكون حاكمهم واحداً.

    وقد قررت العقيدة الاسلامية احكاما تمنع من التفرق وتوجب الوحدة بين المسلمين ومنها :

    الرابطة التى تربط المسلمين هي رابطة العقيدة حيث قال جل شأنه : ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾(35).
    حذر الله تعالى من ابتغاء العزة من الكافرين فقال تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً﴾(36) , وقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ﴾(37), وأبان جل في علاه أن الإستقواء بغير المسلمين محرم على أهل الإيمان وأنه سمة أهل القلوب المريضة ، كما قال تعالى : ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ﴾(38), وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تستضيئوا بنار المشركين "(39), والمقصود تحريم اقامة التكتلات والتحالفات العسكرية والاقتصادية وغيرها معهم .
    المرجعية التى يرجع اليها المسلمون عند الاختلاف والتنازع واحدة وهي كتاب الله وسنة رسوله حيث قال جل شأنه : ﴿ يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾(40).
    حرمت التفرق والاختلاف بين المسلمين على غير اساس الاسلام سواء كان على اساس عرقي او طائفي او وطنى او غيره حيث قال جل شأنه : ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾(41) , ولذلك كانت الدعوة الى القومية أي إلى جعل العروبة رابطة أو جعل التركية رابطة أو جعل الفارسية رابطة حرام ، لأن هذا يعني الدعوة إلى القبلية ولكن بشكل موسع وهي دعوة إلى العصبية وهي دعوة كفر، وقد جاء الإسلام يحرمها على المسلمين، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس منا من دعا إلى عصبية)(42) ويقول عنها: (دعوها فإنها منتنة)(43) والله تعالى يقول: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ (44) ، ويقول: ﴿ إنما المؤمنون إخوة﴾(45) ، وهي تدعو إلى الوطنية والله تعالى يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً﴾(46) ، ولابد هنا من لفت النظر الى أن الحكم الشرعي أن الدفاع فرض على المسلمين عن كل بلد من بلاد الإسلام بوصفها بلادا اسلاميةلا بوصفها وطنه , وكانت ايضا الدعوة إلى الاشتراكية، والديموقراطية الرأسمالية لاتجوز بأي حال من الاحوال, فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)(47)، والاشتراكية , والديموقراطية الرأسمالية ليستا من الإسلام فضلاً عن أن الاشتراكية منبثقة عن المادية وهي عقيدة كفر, واليموقراطية الرأسمالية منبثقة عن فكرة فصل الدين عن الحياة وهي عقيدة كفر أيضا .
    وأوجبت ترك الأفراد وعقائدهم وأديانهم وعباداتهم على أن تبقى فردية لا جماعية وأن لا يكون لها كيان في داخل كيان الإسلام، ولذلك يَمنع الإسلام وجود أحزاب أو تكتلات سياسية غير إسلامية تقوم على أساس يناقض الإسلام، ويسمح بالأحزاب والتكتلات داخل حدود الإسلام، وهكذا يقتضي الإيمان بالمبدأ إفراده وحده بالمجتمع، وأن لا يشترك معه سواه (48) .
    6 - جعلت وحدة الامة قضية مصيرية يتخذ تجاهها اجراء الحياة او الموت اذ حرص الإسلام كل الحرص على إقامة جماعة واحدة تكون هي النواة الأولى للأمة الإسلامية ، ولأجل ذلك رغب القرآن الكريم في الهجرة إلى المدينة النبوية أجمل ترغيب ، فقال تعالى : ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾(49) ، وبهذه النواة الأولى قامت الأمة الإسلامية والدولة الأولى ، وتحددت ملامح الحكم والسياسة الإسلامية ، وفي هذا يقول الله تعالى : ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾(50) ، وقال تعالى : ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ ُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾(51) ، ويقول تعالى : ﴿وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾(52) ، وقد امتن تعالى على المؤمنين بهذه الوحدة فقال تعالى : ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(53) ، وبهذه النصوص وأمثالها تحددت الوحدة ، وبقوله تعالى : ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾(54) ، تحددت التسمية ، فهي الأمة الإسلامية الواحدة ، وجاءت النصوص الأخرى لتبين التركيبة الجسدية والنفسية والروحية لهذه الأمة الفتية التي يتولى بعضها بعضاً بالمحبة والنصرة والتأييد والكون معها باطناً وظاهراً ، كما قال تعالى : ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(55) ، وعن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال : ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) (56) ، وعن أبي موسى ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) (57) ، ولم تكتف النصوص الشرعية بهدا القدر من الوشيجة بل جسدتها في مصطلح الأخوة الإيمانية السامي ، كما قال تعالى : ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾(58) ، وكان من لوازم هذه الأخوة الإيمانية النصح لها ، والقيام بحقوقها ، كما جاء عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخواناً ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ههنا ، ويشير إلى صدره ثلاث مرات ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه وماله وعرضه ) (59) ، وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) (60) .

    إن هذه الوحدة الإسلامية الرائعة الجميلة وإلى وقت قريب ، كانت من البدهيات والمسلمات عند المسلمين مما أغنى عن التأليف فيها أو الإطناب في الحديث عنها ، غير أن الكافر المستعمر مزق أوصالها ، وسدت هذه الحاجة بالقوميات والنعرات الجاهلية ، والتحزبات السياسية ، مثل الجامعة العربية ،ومنظمة المؤتمر الاسلامي , وغيرها، فحلت القومية محل الأخوة الإيمانية ، والقطرية محل العالمية ، وملوك الطوائف محل الخلافة الإسلامية ، وفرح كل بما هو فيه ، وأغرقت الأمة في ملذات الحياة في ناحية ، وأشغلت بالسعي لسد رمق الحياة في ناحية أخرى ، وفتح باب التغريب على الجميع ، وروضت الأمة بالإعلام ، والمناهج الدراسية وغيرهما ، حتي ألفت هذا الواقع الممسوخ ، وتعاظم حكامها فكل يحكي التأريخ المجيد له ولآبائه ، إن هذا الواقع المرير بحاجة ماسة إلى تغيير في الشكل والمضمون ، تغييراً مناسباً في الحال والمقال ، والزمان والمكان ، يحمل هذا التغيير الخلص من أبناء هذه الأمة يتعصبون له ويبشرون به ، ويصبرون على الأذى فيه(61) ، وصدق الله تعالى حيث يقول : ﴿ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ ﴾(62) ، هذا ومن المناسب التأكيد بأن واقع الأمة الإسلامية الآن أقرب للوحدة الإسلامية أكثر من ذي قبل ، وذلك لما رأت من فشل الطروحات القومية ، والعلمانية ، والشيوعية ، والعشائرية ، والأسرية ، التي طمست معالم هويتها الدينية ، وأسلمتها للعدو وشاركت في دفن كرامتها ، وسرقت خيراتها ، وعرضتها للإحتلال من جديد ، فالله تعالى لا بغيره يكون النصر والظفر، وبالهدى والبينات يزول الضلال والزغل ، وبأيدي العصبة المؤمنة تكون المدافعة والمغالبة ، والله تعالى يقول : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاؤُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾(63) ، وقال تعالى : ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾(64) ، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه كيف تكون الوحدة الإسلامية ، والمسلمون طوائف عدة ؟ والجواب أن أصول تلك الطوائف كانت في القرون المفضلة ، وقد كان هناك خطاباً شرعياً وسياسياً وقدرات مكنت من القدر الأساس وزيادة في تحقيق مفهوم الوحدة الإسلامية ، وبتحديد معالم ذلك الخطاب والقدرات يمكن أن نحقق القدر الأساس الذي يمكن من الوحدة الإسلامية ، وهذا لا يعني أن يذوب الحق في غيره بل الحق هو المثال الذي يؤمر به ويدعى إليه .

    ومن المؤكد إن الوحدة الإسلامية عائدة حقيقة ، لأنها وعد الله تعالى الذي لا يخلف الميعاد بأن الاستخلاف والوراثة في الأرض للمؤمنين ، كما قال تعالى : ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾(65) ، وقال تعالى : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾(66) ، إن هذا الوعد أنجزه الله تعالى للمؤمنين السابقين ، وهو منجز وعده الحق بالوراثة في الأرض للمؤمنين اللاحقين كما قال تعالى : ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾(67) ، وبهذا الجزم صرحت السنة النبوية ، فعن معاوية ـ رضي الله عنه ـ قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم ، والله يعطي ، ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) .(68)

    إن هذا الوعد الحق أمل لاحت بيارقه ، وسطعت شمسه ، وتهللت أساريره ، وصدق الله تعالى حيث يقول : ﴿وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (69) .

    المحورالثالث : وحدة المسلمين السياسية في ضوء القرآن الكريم .

    يختلف النظام السياسي في الإسلام عن غيره من النظم الأخرى جملة وتفصيلاً ، ونجمل ذلك الاختلاف في الآتي :

    1 - أن النظام السياسي في الإسلام يجعل الأمر والحكم لله تعالى ، لأنه هو الذي خلق الخلق وهو أعلم بمصالحهم في العاجل والأجل ، كما قال تعالى : ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ (70) ، ومن الأمر الحكم ، كما قال تعالى : ﴿وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (71).

    2 - أن النظام السياسي في الإسلام يتخذ الكتاب العزيز والثابت من السنة النبوية مصدرا التشريع في النظام السياسي الإسلامي ، كما قال تعالى : ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيما﴾ (72)، وقال تعالى : ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ (73) .

    3 - أن النظام السياسي في الإسلام يقيم العدل في الحكم ، كما قال تعالى : ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ (74).

    4 - أن النظام السياسي في الإسلام يرعى الدين والدنيا ، كما قال تعالى : ﴿ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾(75) ، وقال تعالى : ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾(76).

    5 - أن النظام السياسي في الإسلام تمثله دولة الخلافة أو الإمامة لا الملك العضوض المتوارث، ولا الجمهورية, او الملكية, او الامبراطورية ، وهي عقد طرفه بيد الأمة ، وطرف آخر بيد من توافرت فيه شروط الإمامة ، يكون نائبا عنها في تطبيق احكام الشرع من غير أن يفتات على مشاورتها في ما تتطلبه الشورى ،(77) كما قال تعالى : ﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ولا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ﴾(78) ، وقال تعالى : ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾(79) ، وعن أبي مسعود قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل . فكلمه . فجعل ترعد فرائصه . فقال له: ( هون عليك . فإني لست بملك . إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد ) (80) .

    6 - أن النظام السياسي في الإسلام يوجب إقامة خليفة أو إمام واحد للأمة الإسلامية جمعاء ، وعلى هذا اتفقت جميع طوائف المسلمين من إقامة إمام عادل يقيم في الأمة أمر الله تعالى ، ويسوسها بأحكام الشريعة (81) .

    7 - أن النظام السياسي في الإسلام اشترط شروطاً في الإمام العادل وأوجب توافرها ، وهي : الإسلام ، والذكورية ، والحرية ، والتكليف ، والعلم ، والعدل ، والكفاية (82) .

    8 - أن النظام السياسي في الإسلام لا يعقد الإمامة لأحد ما لم تبايعه الأمة عن رضاً واختيار، وكان هذا واضحاً عند الصحابة رضي الله عنهم ، كما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ( من بايع رجلاً على غير مشورة من المسلمين ، فلا يتابع هو ولا الذي بايعه ) (83) .

    9- النظام السياسي للمسلمين يفرض ان يكون فيه المسؤول للمسلمين وامامهم واحداً، يعد الخارج عليه باغياً يجب قتاله..( من أتاكم ، وأمركم جميع ، على رجل واحد ، يريد أن يشق عصاكم ، أو يفرق جماعتكم ، فاقتلوه)(84) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايضا : من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعه مات ميتة جاهلية)(85) .

    هذا ما يقتضيه التشريع الاسلامي، أما ما نجده اليوم من نظم سياسية متعددة ودول متفرقة فليس من الاسلام في شيء باتفاق علماء المسلمين.

    و وجوب ان يكون المسلمون تحت امرة حاكم واحد وضمن دولة واحدة تظافرت عليه الادلة , نذكر بعضا منها :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"اذا بويع لخليفتين فاقتلوا الاخر منهما"(86) وقال ايضا " من أتاكم ، وأمركم جميع ، على رجل واحد ، يريد أن يشق عصاكم ، أو يفرق جماعتكم ، فاقتلوه " (87) فالامارة في الاسلام لا تكون الا لواحد وكان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم كله جعل الامارة في الامرالواحد لشخص واحد وقد اجمع الصحابة رضوان الله عليهم على ان الامارة لا تكون الا لوحد ومارسوا ذلك عمليا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل لثلاثة في فلاة الا وامروا احدهم )(88) ، فمن باب أولى أن يكون لأكثر من ثلاثة من يامروه عليهم.

    المحور الرابع : الاثار المترتبة على وحدة المسلمين العقائدية والسياسية .

    وقبل ان نختم نود ان نورد بعض النتائج المترتبة على وحدة المسلمين العقائدية والسياسية التي تفيد المسلمين جميعا اذا ما توحدوا ثانية على اساس الاسلام :

    1- بدل ان يكون سكان دولة واحدة تسمى نفسها اسلامية (نصف مليون نسمة) يكون انتماؤها لامة يربو عدد افرادها على المليار نسمة،وفي هذا الشعور نفسه طاقة نفسية هائلة ت ترك اثرهاـ بلا شك ـ في روح صاحبها فتدفعه الى تحمل الجسام من المهمات شعوراً منه انه ليس وحده، فخلفه مئات الملايين يرفعون الشعار نفسه ويؤدون الاعمال نفسها.

    2ـ بدل ان تكون ثروات الامة موزعة على حوالي (45 دولية تسمى زورا وبهتانا اسلامية!!!).يتصرف حكامها كل على هواه في هذه الثروات العظيمة دون حساب أو كتاب أو يستفيد ابناء هذه المنطقة من هذه الثروة دون اولئك فليكن الجميع شركاء في ثروات هائلة موزعة على مناطق شتى ومتباعدة، ونفس هذا التباعد او المساحة الشاسعة من مصالح المسلمين حيث نجد في المنطقة الوسطى منها النفط وفي الأخرى المعادن، وفي ثالثة الزراعة ورابعة المياه.

    اما ما نحن عليه فدول الخليج غنية بالنفط ـ وان كان في غير صالح شعبها ـ لكنها فقيرة زراعياً لصحراوية المنطقة ـ في الأغلب ـ وتركيا زراعية لوفرة مياهها وصلاحية اراضيها ولكن ليس لديها ثروة كافية لتنفيذ ما تنويه من مشاريع.

    3ـ بمقدار ما تكون الأمة قوية اقتصادياً، وذات كثافة سكانية عالية، ومساحة شاسعة فسيكون لها الدور الكبير على المستوى السياسي الدولي، وكذلك على الصعيد الثقافي حيث الامة الاسلامية ذات رسالة ترى من واجبها الدعوة اليها.

    4ـ اجتماع الطاقات المتخصصة في اقطار شتى في دولة كبيرة واحدة فبدل ان يكون في خدمة مصر ألف متخصص ـ مثلاً ـ في فرع معين ينضم اليهم الالاف من الاقطار الاسلامية الاخرى.

    5ـ يكون لهذه الدولة الاسلامية جيش جرار لا تضاهيه قوة في الارض يتناسب والرسالة التي يحملها الاسلام لنشر الدعوة وردع من تسول له نفسه بالاعتداء على دولة الاسلام ويكون فرضا على هذا الجيش ان يزحف ليعيد بلاد المسلمين المحتلة وعلى رأسها (فلسطين الشريفة) التي جهد العرب ـ كما يقولون ـ لاسترجاعها ـ كلها ولم يستطيعوا ولن يستطيعوا مادام شعارهم ان فلسطين (عربية) وان القضية عربية (فقط)، وهم يعلمون انهم يخسرون بذلك جنودا مجندة، تبلغ مئات الالاف من المشتاقين للجهاد في سبيل الله وبخاصة نحو اليهود أشد الناس عداوة للذين أمنوا ، قال تعالى : ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾(89) ، الى غير ذلك من الثمار الطيبة..

    واخيراً فرجاؤنا بالله وحده ﴿لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(90) ، ويقول ايضا تبارك وتعالى ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾(91).

    وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله قال: { تكون النبوة فيكم ماشاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، تكون ماشاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ماشاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)(92).

    وفي الختام اسال الله العظيم ان يكون اليوم الذي ترفرف فيه راية الخلافة التي وعدنا بها يوما قريبا اتيا اللهم انك على ذلك قدير وبالاجابة جدير واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .
    مقدم

    لمركز القرآن الكريم والدعوة الإسلامية في كلية أصول الدين

    بالجامعة الإسلامية – غزة

    بعنوان

    ( القرآن الكريم ودوره في معالجة قضايا الأمة )
    إعداد


    محمد محمد السوالمة محمد سالم عياش
    [motr]من اراد الله به خيرا فقهه في الدين[/motr]

  2. #2
    الصورة الرمزية عبدالصمد حسن زيبار مستشار المدير العام
    مفكر وأديب

    تاريخ التسجيل : Aug 2006
    المشاركات : 1,887
    المواضيع : 99
    الردود : 1887
    المعدل اليومي : 0.29

    افتراضي

    الأستاذ محمد سوالمة
    تحياتي على هذا البحث القيم
    جزيت أحسن الجزاء
    و نفع الله بك
    مرور سريع ولي عودة بمشيئة الله

    تقبل خالص الود و السلام
    زيبار
    تظل جماعات من الأفئدة ترقب صباح الانعتاق,لترسم بسمة الحياة على وجوه استهلكها لون الشحوب و شكلها رسم القطوب ,يعانقها الشوق و يواسيها الأمل.

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    المشاركات : 11
    المواضيع : 0
    الردود : 11
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

      افتراضي

      الأستاذ محمد سوالمة
      تحياتي على هذا البحث القيم
      جزيت أحسن الجزاء
      نعم أخي الفاضل لقد كان المسلمون في ظل الخلافة الراشدة ينعمون بكل ما تفضلت به ولكن بسقوطها على يد عميل الإنجليز مصطفى كمال أتاتورك في الثالث من آذار سنة 1924 م هيمن الكافر المستعمر على بلاد المسلمين وخيراتهم ثم قسم تلك الدولة الواحدة التي كانت تمتد من أندونيسيا شرقا إلى حدود فرنسا غربا ومن شمال أوروبا إلى جنوب أفريقيا التي كان لا يفصل بينها حدود ولا سدود ويتنقل فيها المسلم بكل حرية ببطاقة لا إله إلا الله محمد رسول الله وكان حاكمها واحد واقتصادها واحد ومنهجها واحد والمسلمون أمة من دون الناس ، قام ذلك المستعمر في لحظة غفلة من المسلمين بتقسيم تلك الدولة بمعاهدة سايكس وبيكو وزيرا خارجية بريطانيا وفرنسا إلى بضع وخمسين دويلة ونصبوا على كل منها حاكما مواليا لهم يطبق أنظمتهم العفنة ويحافظ على مصالحهم وعلى الحدود التي رسمها بدافع الوطنية حتى أصبح المسلمون لا يكترثون لإخوانهم في البلاد المجاورة فالمصريون مثلا لا يندفعون لنصرة إخوانهم في فلسطين وأهل الخليج يتنعمون بريع البترول مع أن أهل الصومال يموتون جوعا ، والغرب وأذنابه في المنطقة ما زال حريصا على إذلال المسلمين لكي لا يعود الإسلام مرة أخرى لمسرح الحياة ولكي لا تعود وحدة المسلمين مرة أخرى لأنها هي مصدر القوة التى ستطرده من هذه البلاد شر طردة ، ولكن هيهات هيهات فالله تعهد بحفظ دينه ووعد المسلمين بالنصر وما عليهم إلا الثقة بوعد الله وعدم اليأس بالإضافة إلى السعي الحثيث لنشر الإسلام والدعوة لتوحيد الأمة في دولة واحدة مرة أخرى .

    • #4
      الصورة الرمزية محمد سوالمة قلم نشيط
      تاريخ التسجيل : Dec 2002
      الدولة : رفح
      العمر : 69
      المشاركات : 488
      المواضيع : 188
      الردود : 488
      المعدل اليومي : 0.06

      افتراضي

      الإخوة الأفاضل :
      اشكر لكم اهتمامكم وتعليقكم على الموضوع وأشير إلى أن ما ورد فيه ليس جديدا عليكم وانتم أهل العلم والمعرفة وإنما هو تذكرة لمن القي السمع وهو شهيد ,تذكرة تجعلنا نغذ السير ونعمل العمل الصحيح الذي يعيد لهذه الأمة مجدها وعزتها بإيجاد دولتها التي بها يعز الإسلام وأهله ويذل الكفر وأهله ,وإنها مسالة وقت وتحتاج منا جهد وإخلاص ووعي على المسيرة فكما تعلمون أن الغرب قد جند جنوده وهو يراقب بعين بصيرة تقدم العمل الإسلامي الصحيح ويحاول جاهدا وقف أي تقدم لهذا الاتجاه الصحيح ولكن هيهات أن يستطيع ونحن نرى بشائر هذه الدولة وإرهاصاتها تلوح في الأفق وليس أدل على ذلك من تصريحاتهم أنفسهم التي لا يكاد يخلو مؤتمر صحفي من ذكرهم للخلافة إما صراحة أو كناية لأنهم يدركون من خلال ما يقومون به من دراسات واستطلاعات إن هذه الدولة دولة الخلافة باتت على الأبواب وسيرد الله تعالى كيدهم في نحورهم وتعود الخلافة الراشدة الثانية على أيدي العاملين المخلصين من أبناء الأمة كيف لا وهي وعد من الله تعالى ويشري رسوله ولان الله تعالى انزل هذا الدين ليكون هو المنهج ويعلو على غيره من أديان شاء من شاء وأبى من أبى. ويصدق ذلك قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شيئاًً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)(346)

    • #5
      الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
      تاريخ التسجيل : Jul 2005
      الدولة : نبض الكون
      العمر : 57
      المشاركات : 12,545
      المواضيع : 378
      الردود : 12545
      المعدل اليومي : 1.83

      افتراضي

      الأستاذ محمد سوالمة والأخ والحبيب النجيب والقريب إلى قلبي ..


      قرأت المقال للمرة الثالثة فوجدت ذات النقطة التي نختلف عليها دوماً أنا وأنت أيها الحبيب ..

      فأنت تكتب من فضاء الإمنيات وأنا أرد عليك من فضاء الإمكانات


      أنت تكتب واصفاً الحدث وأنا أكتب راسماً الغد لهذا الحدث ...

      أنت تجلس في الأمس ... وأنا أحاول أن أجلس في الغد أو على أقل تقدير في اللحظة الراهنة بكل تحدياتها


      أنت تصور لنا أسلحة العدو التي حاربنا بها ... وانا أزور مصانعه الآن وهي تنتج لنا أفتك الأسلحة التي سيقتلنا بها غداً ..


      ثم

      هاأناذا ومعك ومع كل الخيرين من أصحاب الهمة ... نعلن أننا سنتقاتل العدو وسننتصر ..


      نعم

      سننتصر ...


      لكن من منطلق الإعتراف باللحظة الراهنة وبالإعتراف بفواجع إنساننا


      نعم

      الزمن والإنسان ... المسلمين .... تغيرا

      ولابد

      من منطلقات جديدة للمعركة المصيرية ...

      وأول هذه المنطلقات

      أن نعلن السلم بين المسلم والمسلم
      وأن نعلن أننا سنكف عن دور المستهلك الأعظم لما تنتجه لنا آلة العدو


      وبعد أن ننجح في هذين المنطلقين ... يأضع يدي وعقلي وقلبي رهن اشارتك لنسحق العدو



      فمن أين لي بتنفيذ ما أقول ... وهمتي ليست بمستوى هموم الأمة ... ولله المشتكى
      الإنسان : موقف

    المواضيع المتشابهه

    1. ضَاعَ فِي الظُّلْمَةِ ضُوءُ القَمَر..
      بواسطة جارة الوادي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
      مشاركات: 31
      آخر مشاركة: 22-03-2009, 11:36 PM
    2. توظيف الحدث (على ضوء ما يحدث من ردة فعل من المسلمين)
      بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
      مشاركات: 7
      آخر مشاركة: 30-01-2009, 01:54 PM
    3. وحدة المسلمين السياسية(اهداء للاخ خليل حلاوجي)
      بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
      مشاركات: 5
      آخر مشاركة: 06-07-2008, 09:38 AM
    4. وحدة المسلمين سياسيا
      بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
      مشاركات: 4
      آخر مشاركة: 29-12-2007, 10:24 PM
    5. وحدة المسلمين السياسية
      بواسطة محمد سوالمة في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 20-12-2005, 10:41 PM