تحلقنا حولها في صمت....نكتم الأنفاس....نفتح حدقتينا ما استطعنا....بينما هي مسجاة أمامنا بلا حول ولا قوة...غير أن ملامح الوجه تحوي سحرا...تشدني انا شخصيا لا أرى سواها..صمتها الضاج يؤججني....رفعت رأسي قليلا..الكل مستغرق بلا وعي في التأمل أو ربما الشرود, كأنما أسكنوا عند تلك اللحظة...لا حركة..لا صوت..لا بل هناك لهاث أنفاس نضال الذي قد يكون مصابا بنوبة زكام تزعجه.
أفكار شتى تحاصرني...ضدي... من هؤلاء؟ من نحن لنسمح لأنفسنا بالتطفل الجريء على هذا الوجه المحير؟ أي علاقة لنا به؟ لا أدري حتى كيف تمتزج الخطوط بين انامل هؤلاء..لا ..كيف أنس؟
علاقة وثيقة كانت تربطني ب"كريمة" ماا لو كانت مكاني الان؟ كيف ستتفاعل ذرات تفكيرها؟ اي افق ستعلو؟ اي بحر ستسبر غوره؟ يقفز إلى ذهني الان حوار دار يوما: لقد خسرت الجائزة الاولى..اتعرفين لماذا؟ وأكملت كأن لم تسأل:لقد اكتشفت لجنة التحكيم ان البريق الذي زرعته في بؤرتي عين ذلك الشيخ الذي استضفته بين اناملي لم تكن في اتجاه واحد..لم انتبه لذلك.
سألتها ربما ببلاهة: على فكرة كيف تزرعين البريق؟ اضافت بسخط ..ربما لم تسمعني: لقد لاحظوا ان انغراس جانبي الانف في الوجه لم يكونا بشكل متواز في الجهتين ..وهذا يعني بنظرهم اني لم اتقن فن التشريح؟ دهشت حينها : ماذا؟ وما علاقة ما تفعلينه بالتشريح؟ هل انت طبيبة؟
وأرجع للحظة حيث استدرنا حول طاولة كأي لجنة متمرسة على صوت نادية: انها مطربة...انا متأكدة
يعلق سعيد: لا...غامضة... وأدلي بدلوي: اراها بدوية ..عنيدة
تعلق نوال بثقة: ليس لها الا تفسير واحد خذوا مني... هي وجه حالم...
أي مدعاة لثقتها هذه...لا الومها..كيف رايتها انا بدوية...بينما رآها سعيد بعدها غجرية فاجرة..ما لنا نحن؟؟؟ ما حقنا؟؟؟ اينك كريمة؟ ثورتك الغاضبة قبل امد تلسعني..اظنها تطول هؤلاء...انا ظننا انا نقيم اي شيء كأي شيء..انا تورطت ايضا, وبت اشارك كاي متمرس..سامحيني ادرك تماما ان بحرك اعمق من سطحية نظراتنا..اذكر الان نتاجك...."الوردة السوداء"..."سر الحياة"..." الامل"....
صوت يعلو اتبينه احمد: لنعطها اعلى تقدير...هكذا ارى..الم نحتر في تفسيرها؟
يا الله.... دوامة هي امامي....اكاد اغرق...لا ... تحضر كريمة مرة اخرى الان..وابدأ بالذوبان...انصهر امام لهيب النظرات المعاتبة..لا شيء يبقى مني... غير اني لا زلت اعي..ولا زال تنور فكري يفور...لم لا يذوب هو الاخر؟... لماذا اتيت كريمة؟ لماذا تصرين ان اناملك اقوى من طريقتي في التعبير.؟....وصوت يعلو برهة..ماذا؟..اه...ها هو احمد ..اذن فهم لا زالوا هنا ايضا... صوته يتردد:" يلا شباب" ..انتهينا....
واظنني انتهيت..لم حضرت ياصديقة؟.. اظنني انتهيت....اصبت بدوار...ولكني استطعت قراءة النتيجة" تفوز اللوحة بالمرتبة الاولى".... الدوار يشتد....همهمة من حولي... لم اعد اميز الاصوات.. عماذا يتحدثون بكل طاقة ؟ اي طاقة بعد هذا اللقاء.... لا زلت الى اليوم احاول اقناعني اني اقرأ الفن لدرجة تؤهلني اقيمه.