د/ سلطان الحريرى
تحية خالصة لك على هذا الموضوع الشائك (شروط النقد الموضوعى )
بداية أرجو أن يتسع لى صدرك الناقد والمتفهم لما سأقول , وأن تسامحنى _ أحيانا _ فى شطحاتى , أنا لا أتخيل يا عمنا سلطان , أن هناك شروط ومعايير لكل ما يتعلق باالفن عموما , من بداية الخلقة , وحتى الآن , ولكننا يمكن لنا أن نتفق , أننا نرسم خطا وهميا , فى عصر ما , ولحقبة ما , عن تصور وهمى أيضا , بما يسمى بشروط الفن , أو النقد , أو نسمها كما نشاء , وبإنتهاء هذا العصر , وهذه الحقبة , تزول بزوالها خيوطنا الوهمية جميعها , ليبدأ غيرنا , فى صنع خيوط وتصورات وهمية , تناسب عصره ووقته وثقافتة وحقبتة , بما يرونه هم ملائما لهذا الوقت , وباالتالى , أرى أن عملية النقد , عملية متغيرة دائما وأبدا , فى كل زمان ومكان , نأتى إلى الشق الثانى من البحث , وهو شروط النقد الموضوعى , لا تسطيع أنت , ولا أنا , ولاأى كائن ما , أن يفصل الناقد , عن ثقافتة , ومعتقداته , وثوابتة , وأوهامه أيضا , وتصوراته التى يراها صحيحة مائة فى المائة , ربما يراها الآخر خلاف ذلك تماما , ومن هنا علينا أن نتعلم أولا ما يسمى , بفقه الخلاف والإختلاف , ولا نتصارع تصارع الديوك , كما يحدث للأسف بمختلف الندوات والمؤتمرات , لإثبات وجهات نظرنا , دون الإستماع إلى رأى الأخر , ولا أتصور أمة من الأمم , من مهدها حتى الآن , أرباب أقلام , ولخلافاتهم الكثيرة , لم ينجزوا _ بعد _ نظرية عربية نقدية , وأصبح لجوئنا الدائم , إلى بنيوية فرويد وتحليلته, وإلى غيره من النظريات المستوردة , وذلك ليس لفقرنا الثقافى , إنما لفقرنا إلى فقه الإختلاف معا , أليس من المضحكات المبكيات , أن يتلهف كتاب الرواية العرب كافة , منذ عشر سنوات وأكثر , إلى الواقعية السحرية عند ماركيز , والتى إستقاها من أصول ألف ليلة وليلة العربية الأصل والمنشأ , أليس من العيب أن نقرأ _ الآن_ بكل أسف جزء كبير , من تاريخنا العربى , من خلال المخطوطات التى إستجمعها هيكل , من لندن وباريس وروما , نحن لم نقرأ يا سيدى للنفرى والسهروردى والحلاج والجيلى , إلا من خلال المستشرقين , وليس من خلال ممتلكاتنا لهذا التراث , لكم أحبك أيها السلطان الجميل , ولكننا فعليا بحاجة ماسة , لأن نطرح قضية كيف يكون المواطن العربى إنسانا أولا, ثم يكن ما يكون بعد ذلك , أعلم أن كلامى هذا ربما يغضب بعض النرجسيين , ولكننا باالفعل بحاجة ماسة , إلى صدمة إفاقة كبيرة , وكل خشيتى أن تأتى هذه الصدمة لنا , بعد فوات الأوان , النقد لا يختلف بحال من الأحوال _ بكل أسف _ عن المواطن العربى , من المحيط إلى الخليج , نرتدى لهذا المؤتمر قناع الكلاسيكية , ولهذه الندوة , قناع البنيوية , ولتلك قناع الدادية , وللأخريات قناع الرمزية , حتى إذا بحثنا عن أصولنا داخل هذه الأقنعة , إكتشفنا أننا قد غبنا تماما , وغابت عنا هوياتنا , أرجو ألا أكون قد أثقلت عليك , هذا تكملة لحوار لم يكتمل يا خال سلطان , قد تم بينى وبينك منذ شهور , وهانذا قد وفيت بوعدى لك , مع محبتى