خيال المآته

قصة قصيرة صديق الحلو - السودان

الافق هادئ ذلك اليوم والجو صحو، صحوت مبكرا علي غير العادة، تسكعت قليلا في الطرقات والأزقة الضيقة ، اتفادي الماء المدلوق في الشوارع ، اتأمل جدران المنازل الآيلة للسقوط، وأشجار النخيل الشامخة في اعتزاز، وأصوات العصافير الجميلة وهي تستقبل صباح يوم جديد، فجأة اجده أمامي بشاربه النابت وشعره الكثيف وعيناه الحمراوان من اثر السهر المتواصل، إنه يشبهني تماما، الجمتني المفاجأة عن النطق، حاولت ان اتفادي النظر اليه رمقني بعينين ملؤهما الحقد، اوجست خيفة، اسرعت الخطي بين الازقة المتعرجة، اسمع وقع خطواته تلاحقني، اقف فيقف صوت الخطوات، ارهف السمع وقع ضربات قلبي يمنعني من سماع صوت العصافير التي كانت تزقزق، اخرج من المنازل الي الفضاء الواسع العريض حيث يوجد في طرفه الآخر مقهى واسع الارجاء، اذهب الى هناك، وفي الفضاء الواسع التفت خلفي بحذر لا اجده، كأن الارض انشقت وبلعته، صارت بيني وبينه ألفه، وجلست مطمئن البال علي أول كرسي في المقهي، أجده أمامي بكامل هيئته .. أنفه المستقيم وشعره المنفوش وابتسامة السخرية تعلو وجهه، حاولت أن أتحدث معه لم يمهلني، بدأ بحديث متقطع، من مدة وهو يحاول أن يستدرجني، كان يود أن ينفرد بي علي مهل، تحدث كثيراً، كنت اود الرد عليه أفند الحجة بالحجة ولكنني لم استطع، كل محصلة حديثه أنني قد انحرفت بالمثل والطريق السوي الذي كنت اسير عليه وأتى هو ليزيحني ويكمل المهمة، وحدد لي عدة طرق لكي اختفي وأفسح له الطريق، كانت رهاناته شاقة وخياراته صعبة التحقيق، وافترقنا على أن نلتقي في موعد آخر، ذهبت الى العمل منفوش الشعر وانفي الشامخ ممرغ بالتراب، عيناي متورمتان من اثر السهر المتواصل، قلق على غير العادة ومضطرب بشدة، غيرت طريقي مرات وسعيت دءوباً للسير في الطريق السوي، تنفست الصعداء بعد أن مر زمن ليس بالقليل وعاد الأفق هادئا والجو صحوا والعصافير تزقزق وهي تستقبل صباح يوم جديد.