الأمر يغُر..
الميل إلى التغييرِ يقودُ جفافَ البحَّارين إلى غرق البَر!
قال القادمُ :
لا يَقرب أىٌّ منكم للسُّمِّ شراباً
شرب المسموم يضر !
من ذاقَ فقدْ جَرَّبَ ..
فلنستثنِى السُّمَّ من التجريبِ فلا حاجةَ
للفقدِ الأوحَدِ يَفرِقُ
كى نعرف ألاَّ فقدَ سواهُ ادَّخَرَتْهُ الأرواحُ
لنعبَث ..
ماذا عندك يدفعنا للتجريب؟!
لهِتَافِكَ ما يوقظُ فينا العِرْقَ السَّاخِرَ
ممتلئاً بطرائفَ لن تتكرر
فكما أخبرتُ رفاقى:
أزمتُنا بِلُغاتٍ ظَنَّ البعضُ لدَينا عصريَّتَها فاغتَرَّ
كأنْ يَتَزَلَّجَ مِن حرْفِ الزَّاىِ فيَجْمَعُ
بين كلامٍ يُستغْرَب حال الجمع
فيظُنُّ بأنَّ الزقُّومَ سيُنْبِتُ زهراً!
وبأنَّ الزَّوْبَعَةَ سَتُرسى الزَّورق..!
وبأنَّ الزمن الزافرَ قد يتجمدُ فيه الزئبق!
كيف تمكَّنَ هذا من نَبرَتِنا؟؟
قُلْتُ لأنَّا قد عُوِّدَ فينا الحَدَثُ السَّاكِنُ
ألاَّ يتحركَ فى طلبِ النجدةِ
إلا بعد وصولِ الشهقةِ لشفيرِ المخرجِ/
بعد سقوط الطفلِ من الدَّورِ السَّبعينَ
وبعد الذبحِ/
وبعدَ السَّلخِ
وبعد .. وبعد .. وبعد ..
***
تركوا الجرداءَ تقاسى الوحدةَ
واللفحاتِ و قالوا ليست مِنَّا !
ثم إذا عادوا وجدوها تنطقُ بالتينِ وبالزيتونِ فقالوا :
الزرعُ لنا ..!
وقضاءٌ بالميراثِ يُسَطِّرُ قانوناً وضعياً
ليس يبالى بالنسَبِ المقطوعِ لديهم من دهرٍ
المادةُ رقمُ الإحدا عَشْر ..
من قانون " العائد بعد الموتِ" هنالك تستوحى ماتُمْليهِ
من الأسطورةِ
وتريد الحُكْمَ بوصلِ زجاجٍ مكسور !
اختار الجَبَلُ البركانَ وآثَرَ منذ قديم العهْدِ
تناوُلَ وجبَتِهِ من حِمَمٍ
جُمِعَتْ بسنامٍ يسكُنُ بالباطِنِ
ليسَ يفوقُ الأظهُر ..
اختارَ الجَبَلُ البركانَ قديماً
ويجىء الآن يطالب بنصيبِ الإرثِ
من الكوثر !
تركوا الجرداء ..
وصفوها فى كُلِّ مكانٍ كثيابٍ رَثَّة !
قالوا :
لا تُحْجَبُ فيها السَّوآتُ ولا تَصْلُحُ رِيشاً
أنَّ الآبارَ بها جوفاء تبالغُ فى الكشفِ
إلى أن نُهِبَت منها الخيراتُ وصار البطنُ خِواءً
قالوا :
من يسكُنْ فيها يغشاه المَسُّ
ويُمسى بين الأشياعِ ردىءَ السُّمعة..
والآن ..
لا شَكَّ ستَبْطُلُ كُلُّ النظرياتِ
ستخضعُ لجديد التحليلِ وتُسْقى من عين الحكمةِ
تُعطَى شأنا بالحينِ يُدَرَّس ..
حتماً سوف يزيحون السِّترَ عن التشريعِ الحقِّ
بأنَّ الظالمَ – من غيرِ جدالٍ- يَنفُذُ فيه قضاءُ اللهِ
على عين الأشهادِ بحرّ جهنمَ يُغمس ..
وبها ..
يتوالى المطلبُ أن هيّا
اليومُ لنا ..
والزرعُ لنا ..
والحقلُ لنا ..
أفَتَضحكُ مثلى ؟
أدرى ..
فمواقفُ هذا الحقل أذاعت
فيما يتعلقُ بالشَّأنِ كثيراً
ملحمةً ضَمَّت أعمدةً لِكِفاح ..
أعمدةً .. لا ترتاح ..
كم قاست فى الحرِّ غيابَ الأعوانِ
محاريثُ وثيرانُ وأيدٍ تعمل ..
ساقيةٌ تبحثث عن دَوَّار ..
عرباتٌ فى فُسحَتِها تفتقدُ الجرَّار ..
والحقلُ الباحِثُ يُطرِقُ ملتاع الحالِ
بعينٍ تشبهُ شاشةَ عرضٍ
تنقِلُ من باطِنِهِ بأسَ سواقيهِ إذا
ذُبِحَ الثورُ بكفِّ الظالمِ
كم كنت أقولُ لها دوما ً :
"ساقيةَ الحقلِ كفاكِ نحيباً يتخطَّفُ
بِضْعَ كُلَيماتٍ للفقدِ بكلِّ لسان ..
فعلى ضَوْءِ المذبحةِ الكُبْرَى إذا يُذبَحُ ثورٌ
يولَدُ من ردةِ سيرَتِهِ .. ثورٌ ثان!
البلدةُ فاضت بالثيران..
وكفاحُ الخيرِ لئِن يَخذُلُهُ جَورُ الإنسِ
فلله حضور الإنسِ
وغيبُ الجان .."
***
أَذكُرُ ..
لحظةَ أنْ ضاقَ المجلسُ بالجاسوسِ تَعِبنا
العددُ الغالبُ لم يَكفِ لقطعِ القلقِ المتسلِّلِ
من رِجليه لئلاّ يقربَنا الأُخرى ..
الهمسُ المتبادَلُ صار فُرادَى ..
و ثُغُورُ الحائط ليسَتْ تعرفُ ميعادا ..
هل نَصْمُتُ ؟
أم أن الشيطانَ الأخرس قد تُغنِى عنهُ
وعنَّا لُغَةُ الشَّارةِ ؟
أتُرى إن يسقُطْ هذا الحائطُ بالأركانِ
هو الآخَرُ ورأينا أنفُسَنا طوقَ الشَّارعِ
ساعتها ننطِقُ بالحقِّ
ونَشْهَدُ انَّ الظُّلمَ حَضَر ؟؟
-
18/5/2008