انهزام غيمة..
أعلم أن حروفي تصر على عدم مصافحة حروف الأثرياء.. و تلح ألا أضعها موضعا تحس فيه بالخجل و الإحراج...توسلت لي مرات و مرات ..و استحلفتني ألا أسكب ماءها و الضيوف كريستال..فهي بطبعها بسيطة و خجولة..همست في أدنها و قلت ..عليك ألا تخيبي أملي ... لن تصافحي حروف الأثرياء فقط.. إنما ستصافحين قلب عملاق الأثرياء...و ستنحنين دون خجل و دون استحياء أمام قلبه الرائع.. قلب جمع كل الأحلام و الأساطير.. من عبق ألف ليلة و ليلة إلى مواويل العشق في ذا الزمان.. و التي أحتفظ بها و أعدها له دون سواه .. مذ كنت تلميذة أو حتى قبل مولدي...
هل ستروين اذن له قصتي بكل صدق؟..هل ستتبنين الانسلاخ من أجلي..فأنا ما كنت لأنصبك المنصب هذا.. لولا ثقتي الكبيرة بك....هيا حروفي وطدي علاقاتك مع هذا العملاق.. و أمطري غيثا.. فهو يعشق حبات اللؤلؤ وهي تغادر رحم السحابة..أحبيه كما أحببته..و اقفزي إلى برجه العالي.. احضنيه بدلا مني...
بوحي له كل ما استحييت بوحه.. فجري كل ما خبأته بداخلي من أجله..انسكبي أمامه.. و استعجليه كي يستفيق إن كان نائما.. امسحي دمعته إن كان يائسا.. ارجميه قبلا و طوفي على قلبه و روحه و جسده الطواف تلو الطواف..إن هام بك..إن أحسست رضاه عنك؟؟ لا تبخلي عليه... أكرميه كأنها المرة الاولى و القبلة الأولى و الطواف الأول...إنما قفي عند كل محطة من محطات جهازه التنفسي و اجعليه يستريح.. اجعليه يتمتع و ينتشي السعادة... سعادة اعتصريها من أساطير السعادات العالمية... أريدها له وحده.. ثقي بي هو لن يسألك..و لن يأمرك و لن يتردد في الشكر و سيحاول إكرامك و رد جميلك... ارفضي و أصري على الرفض... و أخبريه أنك تكرهين أخد المقابل و أنك في الحب كريمة و معطاءة...أخبريه انك إلهة الحب من زمن الأغارقة و السومريين.. من زمن عشتار و أفروديت و ايزيس..و أنك قدمت له عبر آلة الزمن لتعلني الولاء لأحلى حبيب في الألفية الثالثة ..لأنه يستحق أجمل الأوسمة في الحب... فالتنويه و التبجيل و الإطراء و المدح و التصفيق.. لن تفيه حقه... فحبيبته حاولت أن تشكر أن تحمد الله.. أن تصرخ باسمه ..أن تخبئه عن العيون.. أن تفترشه بداخلها.. أن ترسم لنفسها حياة ..تعلم أنها جميلة و ملائكية بفضله..لكنها توقفت و أعلنت لنفسها و لكل العاشقين.. أن هذا لن يفيه حقه...فكلما حاولت حبيبته أن تعبر عن فرحها..كلما حاولت أن تحتمي بين أضلعه.. كلما حاولت أن تعيده إلى طفولتها..لكي يكون رفيقها..كلما حاولت أن تجعله زميلها المفضل بين زملاء الفصول و الجامعات التي درست بها....كلما حاولت أن تلبسه لباسا أنيقا تحبه ..أو تضعه عقدا أو خاتما... آه آه.. كلما أحست أنها تستصغر قدره...
لهدا أثق بك إلى حد الجنون.. احلفي يمينا برب السموات.. رب العرش العظيم.. انك من اجلي و من اجله إلى سبع سموات الإبداع سترقين.. و انك ستتوسلين كل ضميمات اللغة و إيحاءاتها ..و انك و القمر سوف تتنافسان على إبلاغ همساتي إليه..
هانت قد قبلت.. وها أنذا انحني أمامك احتراما لجودك و لبطولتك..
الحروف ستتحدث الآن... و قد استجمعت قواها لكي تكون عند حسن ظن الحبيبة ..فقد أقسمت للحبيبة أمام تراتيل بوحها أنها ستخدش الخجل.. و ستتفرغ لمزاولة مهنة الفصح و التنقيب و التفريخ.. وأنها ستعذب الأبجدية و حروف الهجاء حتى تعتصر أطيب عطر لأحلى كلام ..و أنها ستتولى مهمة الشمس الملتهبة التي ستذوب جليد خجل القطب الشمالي..والذي يسكن و يعشش أعماق الحبيبة............و لكن .. ولكن ..همست الحروف بعد طول عناء أو ربما طول انتظار... و لكن في أذن الحبيبة.. و ليس في أذن الحبيب.. مواسية يا ترى؟؟؟ أم مخبرة إياها أنها لم تجده لتبوح له......
آنذاك استفاقت الحبيبة من غفوتها.. من وهمها... و من سحابة صيف حار مؤرق.. لتعلن أنها كانت تحلم في وضح النهار و الشمس تتربع السماء...
ندى يزوغ..
محاولة ساذجة لبعثرة تربة في الأعماق.....
يونيو 2006
رد مع اقتباس
