أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: خطأ في التوقيت والعنوان

  1. #1
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 177
    المواضيع : 19
    الردود : 177
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي خطأ في التوقيت والعنوان

    كان يسكن في بيت ريفي وسط البساتين والمزارع. وكان البيت ملاصقا لبيتين آخرين صغيرين يحوطها جميعا سور كبير له باب واحد. وكان الذي لا يعرف المكان يظن البيوت الثلاثة بيتاً واحداً كبيراً لهذه الأسباب.

    الناس في الحي يتهامسون عن وجود أربعة من شباب المقاومة المسلحة في أحد تلك البيوت الثلاثة. ويبدو أن أحد الخونة أو الجواسيس قام بإيصال الرسالة إلى سادته. ولكنه بسبب بلادته واستعجاله لينال رضا رؤسائه أخبر في تقريره بأن الشبان الأربعة يسكنون ذلك البيت الكبير دون تفصيل.

    وبدأت دوريات الاستخبارات تجوس خلال الديار آخذة كافة التفاصيل، مسجلة كل شاردة وواردة وكل ذلك من أجل وضع الخطط النهائية للهجوم الكبير. فبالنسبة لهم المسألة ليست مسألة أربعة شبان مسلحين فقط. ولكن المسألة مسألة حياة أو موت. يريدون إنهاء المقاومة التي أقضت مضاجعهم بأي شكل. و سيستخدمون من أجل ذلك كل ما لديهم من وسائل وامكانات هي في الأصل وضعت من أجل حرب الأعداء لا حرب الأبناء.

    وفي تلك الأثناء كان هو وأسرته غافلون عما ستأتي به الأيام وهم يقضون إجازتهم الصيفية كالمعتاد في بيتهم الريفي في أطراف تلك المدينة بين البساتين والحدائق.

    كانت ليلة عادية جدا كأي ليلة في ذلك الصيف. نسيم عليل يشوبه شيء من البرودة اللذيذة المنعشة التي تجعل النوم في صحن الدار مستحيلا إلا لمن لا يؤثر فيه البرد كبعض السمان وأصحاب الوزن الثقيل ولم يكن هو أحدهم. فآثر أن ينام في غرفته بعد أن انتهت سهرة المساء على التلفزيون الذي لم يكن به قنوات فضائحية في ذلك الحين، وإن كان لا يخلو من مشاهد مؤذية وبيانات عن المقاومة مليئة بالحقد والكذب والدجل.
    أخوه الكبير كان في زيارة لبعض أقاربه فنام عندهم ولم ينم في صحن الدار كعادته.

    وبعد أن انقضى شطر الليل والجميع غارق في نوم عميق شق سكون الليل انفجار هائل هز بيتهم هزا ثم تلته انفجارات متتالية، فقنابل مضيئة جعلت من الليل نهارا. ومع كل هذا الصخب الهائل بدأ الرصاص ينهمر كالمطر على صحن الدار. فاستيقظ أهل البيت مذعورين ذعرا شديدا لا يوصف.
    واستيقظ هو أيضاً بحال لا يعلمها إلا الله ولكنه كان متمالكا نفسه، وهو لا يظن إلا بأن حربا أخرى مع العدو الصهيوني قد قامت ووصلت إلى أطراف بيته.
    وبدأ خياله يشرح له ما يحصل فلا شك بأن إنزالا عسكريا مظليا معاديا يحدث قريبا جدا من بيته وهو يعلم تماما أن المنطقة مليئة بثكنات عسكرية للجيش حامي الحمى. وهي بلا شك ترد بكل عنف على الانزال.

    ولكن هناك أمر عجيب جدا لا تفسير له يشعر بحدوثه وهو أن بيت أسرته فقط هو المستهدف فما الذي يحصل. بدأ يصرخ بأفراد أسرته أن اختبئوا تحت الطاولات و الكراسي لأن البيت يوشك على الانهيار من جراء كل تلك الانفجارات وحمم الرصاص المنهمرة التي لم تدع زاوية في البيت إلا أصابتها. فقد سمع بأنه في حال الزلازل يجب الاحتماء تحت الطاولات والكراسي في حال انهيار البيت أو سقوط أجزاء منه.

    و بعد مدة ليست بالقصيرة صرخ أحد الجيران بصوت عال جدا .. تسليم .. تسليم .. تسليم.. وقد كان عسكريا ولكنه كان في إجازة وكان يعلم طرق الاستسلام وإن لم يكن مستهدفا هو بشخصه. فتوقف إطلاق النار وعاد إلى الليل سكونه. وبدأ هو وأفراد أسرته يخرجون من غرفهم إلى خارج الدار وهم لا يرتجفون خوفا فقط بل يتراقصون من شدة الخوف والهلع الذي أصابهم وأسنانهم تصطك اصطكاكا شديدا.

    خرجوا من الدار ليروا العجب فالعساكر بأعداد هائلة منتشرون في كل مكان ضاربين طوقا كبيراً لمسافة طويلة جداً حول البيوت الثلاثة. وبعضهم قد اعتلى سقف البيت المجاور أيضا وقد نصبوا رشاشات كانوا يطلقون منها نيرانهم على البيت. كما أنهم يحملون أنواعاً من الأسلحة تكفي لنسف مدينة بأكملها بمن فيها وليس فقط بيت صغير يسكنه أربعة شبان مسلحين.

    وخرج هو أيضا مع أسرته يصرخ في وجوه الجنود أما كفاكم ما فعلتم بأبي هل تريدون قتلنا جميعا أيضا.
    ما الذي يحصل؟!! أخبرونا لا بارك الله فيكم. هل وصلت إسرائيل؟!! أين رئيسكم المحترم؟!! أنظروا ما فعلتم بنا!!!
    فأجابه أحد الجنود: لا بأس عليك أيها الولد الصغير لم نكن نقصدكم أبدا. لقد أحرقوا قلوبنا. جعلونا نعيش حالة سيئة جداً من الخوف والهلع.
    ثم ذهب أحد الضباط برفقة بعض الجنود ليتأكدوا من عدم وجود مقاومة مختبئة في تلك البيوت الثلاثة. وحتى يتأكد الضابط الأبله من عدم وجود أحد في خزانات الملابس والطاولات الصغيرة أوأي شيء يمكن الاختباء تحته فإنه كان يطلق رصاصة من مسدسه على جميع تلك الأشياء.

    ثم بدأت كتيبة الدواب بالانسحاب بعد أن خلفوا دمارا هائلا ورعبا وهلعا شديدا.

    وفي صباح ذلك اليوم حينما طلع الصبح عرفت الأسرة حجم الدمار الهائل الذي حل بالبيت فلم يعد يصلح للسكن أبداً. وعندما سألوا عن الحكاية قيل لهم:

    بأن تقريرا وصل إلى الجهات الأمنية يتحدث عن وجود أربعة شبان من المقاومة في بيت من البيوت الملاصقة لهم. ولكن التقرير وصل متأخراً شهرا واحدا فقط. فقد انتقل أولئك الشبان إلى مكان آخر أكثر أمناً منذ فترة طويلة.

  2. #2
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    العمر : 60
    المشاركات : 349
    المواضيع : 7
    الردود : 349
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    أخي حنظلة
    كثيرة هي المعاني التي اردت سردها في قصتك .. الجواسيس وأثرهم على نضال الأمة وكفاحها .. اليهود وقسوتهم مع جبنهم وهلعهم ... السياسة العميلة التي تحمى حمى الاعداء بكل الوقاحة والجرأة .. كل هذا أخذته من قصتك وفيها الكثير .. ضحكت وانت تتحدث عن الاوزان الثقيلة التي لا يصيبها البرد .. بالطبع لست منهم .. ولكني تساءلت هل يتحملوا البرد اكثر .. شكرا لقلمك السامي وهدفك النبيل وعباراتك السلسة التي تتناغم مع معانيها فلا تنافر بينها ولا عجمة في صياغتها وتراكيبها .. تحية لك وتقدير

  3. #3
    عضو مخالف
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 177
    المواضيع : 19
    الردود : 177
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    تذكرت وأنا أكتب قصة ذلك الولد الصغير قصيدة الشاعر هاشم الرفاعي (أرملة الشهيد تهدهد طفلها) فرأيت أنها تنطبق عليه إلى حد بعيد:


    نم يا صغيري إن هذا المهد يحرسه الرجاءْ
    من مقلةٍ سهرت لآلامٍ تثور مع المساء
    فأصوغها لحناً مقاطعه تأجج في الدماء
    أشدو بأغنيتي الحزينة ثم يغلبني البكاء
    وأمدّ كفّي للسماء لأستحثّ خطى السماءْ
    .
    نم لا تشاركني المرارة والمحنْ
    فلسوف أرضعك الجراح مع اللبن
    حتى أنال على يديك منىً وهبت لها الحياه
    يامن رأى الدنيا ولكن لن يرى فيها أباه

    ******************

    ستمرّ أعوامٌ طوالٌ في الأنين وفي العذاب
    وأراك يا ولدي قويّ الخطو موفور الشباب
    تأوي إلى أمٍّ محطمةٍ مغضّنة الإهاب
    وهناك تسألني كثيراً عن أبيك وكيف غاب
    هذا سؤالٌ يا صغيري قد أعدّ له الجواب
    .
    فلئن حييت فسوف أسرده عليك
    أو متّ فانظر من يسرّ به إليك
    فإذا عرفت جريمة الجاني وما اقترفت يداه
    فانثر على قبري وقبر أبيك شيئاً من دماه

    ******************

    غدك الذي كنا نؤمّل أن يصاغ من الورود
    نسجوه من نارٍ ومن ظلمٍ تدجج بالحديد
    فلكلّ مولود مكانٌ بين أسراب العبيد
    المسلمين ظهورهم للسوط في أيدي الجنود
    والزاكمين أنوفهم بالترب من طول السجود
    .
    فلقد ولدت لكي ترى إذلال أمّه
    غفلت فعاشت في ديا جير الملمّه
    مات الأبيّ بها ولم نسمع بصوتٍ قد بكاه
    وسعوا إلى الشاكي الحزين فألجموا بالرعب فاه

    *******************

    أما حكايتنا فمن لون الحكايات القديمةْ
    تلك التي يمضي بها التاريخ داميةً أليمةْ
    الحاكم الجبّار والبطش المسلّح والجريمة
    وشريعةٌ لم تعترف بالرأي أو شرف الخصومة
    ماعاد في تنّورها لحضارة الإنسان قيمة
    .
    الحرّ يعرف ما تريد المحكمةْ
    وقضاته سلفاً قد ارتشفوا دمه
    لا يرتجي دفعاً لبهتانٍ رماه به الطغاة
    المجرمون الجالسون على كراسي القضاة

    *******************

    حكموا بما شاؤوا وسيق أبوك في أصفاده
    قد كان يرجو رحمةً للناس من جلاده
    ماكان-يرحمُهُ الإله-يخون حبّ بلاده
    لكنّه كيد المدلّ بجنده وعتاده
    المشتهي سفك الدماء على ثرى بغداده
    .
    كذبوا وقالوا عن بطولته خيانه
    وأمامنا التقرير ينطق بالإدانه
    هذا الذي قالوه عنه غداً يرَدّد عن سواه
    مادمت أبحث عن أبي في البلاد ولا أراه

    **********************

    هو مشهدٌ من قصةٍ حمراء في أرضٍ خصيبة
    كتبت وقائعها على جدرٍ مضرّجةٍ رهيبة
    قد شادها الطغيان أكفاناً لعزّتنا السليبة
    مشت الكتيبة تنشر الأهوال في إثر الكتيبة
    والناس في صمتٍ وقد عقدت لسانهم المصيبة
    .
    حتى صدى الهمسات غشّاه الوهن
    لا تنطقوا إنّ الجدار له أذن
    وتخاذلوا،والظالمون نعالهم فوق الجباه
    كشياه جزّارٍ،وهل تستنكر الذبح الشياه؟

    *********************

    لا تصغ ياولدي إلى ما لفّقوه وردّدوه
    من أنهم قاموا إلى الوطن الذليل فحرّروه
    لو كان حقّاً ذاك ما جاروا عليه وكبّلوه
    ولمَا رَموا بالحرّ في كهف العذاب ليقتلوه
    ولما مشوا للحقّ في وهج السلاح فأخرسوه
    .
    هذا الذي كتبوه مسموم المذاق
    لم يبق مسموعاً سوى صوت النفاق
    صوت الذين يقدسون الفرد من دون الإله
    ويسبّحون بحمده ويقدّمون له الصلاة

    **************************

    لا ترحم الجاني إذا ظفرت به يوماً يداكْ
    فهو الذي جلب الشقاء لنا ولم يرحم أباك
    كم كان يهوى أن يعيش لكي يُظلّل في حماك
    فاطلب عدوّك لا يفُتْكَ تُرح فؤاداً قد رعاك
    هذي مناي وأمنيات أبيك فاجعلها مناك
    .
    فإذا بطشت به فذاك هو الثّمن
    ثمن الجراحات المشوبة بالّلبن
    وهناك أدري يا صغيري ما وهبت له الحياة
    وأقول هذا ابني ، ولم يرَ في طفولته أباه

المواضيع المتشابهه

  1. لفظ الجلالة يرسم خطأ عند العرب
    بواسطة د . حقي إسماعيل في المنتدى عُلُومٌ وَمَبَاحِثُ لُغَوِيَّةٌ
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 27-01-2008, 02:10 PM
  2. خطأ في التوقيت
    بواسطة بن عمر غاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16-08-2006, 03:36 PM
  3. خمسون خطأ تقع فيه المرأة.....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-01-2004, 07:54 PM
  4. هل تاريخ ميلاد المسيح عليه السلام صحيح أم خطأ ومتى ولد عيسى ابن مريم
    بواسطة محمود مرعي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 27-12-2003, 08:59 PM