أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: إشكالية التطوير بين الإرادة والوسيلة

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    العمر : 37
    المشاركات : 23
    المواضيع : 15
    الردود : 23
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي إشكالية التطوير بين الإرادة والوسيلة

    الطاقة في هذه الأيام تكاد تطاول السماء شموخا وعزة وغلاء، وهي شريان شجرة الحياة، تمتد غصونها إلى كل نواحي المناشط الإنسانية، ولمثل من هذه صفته أن يتطاول ويتعاظم، ولكن ثمة طاقة أخرى أغلى من كل الطاقات، تمد الحياة نفسها بالحياة، وتجري في أغصانها نبض الحركة الدائب، وتعطي شموخها وعزتها وكبرياءها معاني النبل والقداسة.
    تلك الطاقة هي طاقة الإرادة الإنسانية، إرادة الوجود، إرادة التغيير والتطوير، إرادة القدرة على امتلاك مسار سفين الحياة الذي يبحر في خضم عالم مزدحم بالسائرين في ركب من المتنافسين، يسعى كل منهم إلى تصدر قيادة هذا السفين الجاري مع أمواج العصر الشارد عن ذوي الإرادات الخائرة.
    ولهذه الطاقة الإنسانية وقود، به تسرح في سماوات الطموح المجنح، هذا الوقود هو الأمل الذي يعطي لحياتنا متعة لولاها لفقدت هذه الحياة ألذ طعم لها، ألا وهو طعم الطموح، يقول شاعرنا القديم:
    أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
    بالأمل تندفع إرادة الشعوب، وتتحرك قدراتها نحو أهدافها العليا النبيلة، إذ إن كل أمة عزيزة، ينبغي أن تطمح إلى عناق مستقبل مشرق، يؤمّن لها مكانة مرموقة بين الأمم على هذا الكوكب الذي يشهد صراعا محتدما دائبا، كل أمة تسير فيه بخطى حثيثة من أجل التميز وبسط أجنحة الهيبة والاحترام على الأطراف التي تعيش معها فوق هذه الأرض المزدحمة بشتى صنوف الكبَد والجهد المتصل سبيلا إلى الانتصار بقوة جامحة هي وقود الإنسان ومصدر دافعيته نحو أمله المراد وحلمه المنشود، هذه القوة هي الإرادة.
    إن في تراثنا الأدبي القديم نماذج من هذا الصراع من أجل تحقيق الأهداف السامية والآمال المجنحة التي لا تعرف الحدود، فهذا أبو الطيب المتنبي، يدخل في معركة مع فرسان أشداء، ليست نوائب الدهر وعاديات الزمان سوى واحد منها، وهو ماض بعزيمة لا تلين مدججا بعزيمة قوية وصبر حديد:
    أطاعن خيلا من فوارسها الدهر* وحيدا وما قولي كذا ومعي الصبر
    فمن لنا بإرادة أو عزم كإرادة وعزم هذا الشاعر الذي جعل من نفسه جحفلا، يقاوم كل الصعاب والعراقيل في سبيل تحقيق الأهداف السامية؟
    إنها القوة الكامنة في كيان الإنسان الجموح الطموح إلى الانتقال من واقع مليء بالعراقيل والعثرات إلى واقع تكون فيه الغلبة والانتصار على كل القيود التي تأسر عنان النهضة وتلوي ذراع التطور نحو الهدف النبيل.
    إنها زاد الأمم في رحلتها إلى بلوغ مرامها، لتتبوأ منزلتها اللائقة بها بين الأمم.
    إنها القائد الملهم لمسيرتها نحو ارتياد عالم لا يعرف الضعف والخور، ولا ينثني عن قمم الجبال، ليتربع فوق عرش الكبرياء والمجد الذي يمنح الأمم مفتاح الخلود في عالم يهوي فيه كل مستسلم للضعف قابع في كهف الظلام غير آبه بما يحيط به من عبر ومحن ولا ملتفت إلى سنة التنافس والتدافع من أجل البقاء.
    فما أحوجنا إلى أن نغرس في ناشئتنا قوة الإرادة وصبر الجلد من أجل الاستمتاع بلذة وصال الهدف السامي.
    إن تراثنا القديم خير باعث لهذه الإرادة في أجيالنا، وفيه من الشواهد ما يغري بالطموح والنهوض وتجشم الصعاب لاجتياز كل العراقيل لمعانقة الأهداف التي نرسمها.
    ما أحوجنا إلى طرح أسئلة كبرى، تحتاج بصيرة وتدبرا وصولا إلى أجوبة أكبر!
    ما أجدرنا بأن نجري الدراسات والاستبيانات لاكتشاف مكامن الضعف في إرادتنا!
    وما أحوجنا إلى أن نعد الخطط ونضع المناهج من أجل بناء قوة الإرادة!
    إن في تربتنا إرادة سياسية قوية وعزما للقائمين على أمرنا العام، لا يلين، ولا يعرف إلى الضعف والاستكانة سبيلا، ولدينا موارد -بحمد الله- عظيمة، ولدينا ثروة هي أغلى من كل الثروات، إنها الإنسان الذي عرف في الماضي كيف ينتصر على محيط طبيعي أبرز معالمه المادية العوز والشح والفاقة، ولكنه محيط غني بثروة الإرادة التي قهرت تنين الطبيعة، وأقامت فوق أديم أرض جرداء في السنين الشهباء تلو السنين حياة وقودها الصبر والعزم والاستبسال نذَروها للثبات على أرض عزيزة متشبثين بترابها الطاهر.
    إن الإرادة هي التي تصنع الحضارة وتبني الأمجاد، ومهما قويت واشتدت، تسامت وعلت الأمم، وارتفع ذكرها بما تشيّد من المعالم الحضارية العظيمة، يقول أبو الطيب المتنبي:
    على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم
    إن في تراثنا القديم كنوزا من القيم، لو بذرناها في تربة ناشئتنا، لأثمرت رياض النهضة والنماء والتطور، منها هذه الإرادة التي نجدها عند الإنسان الطامح إلى أهداف عليا نبيلة مشمرا عن ساعد الإرادة الصلبة التي لا تعرف الانكسار، إنها تلك الإرادة التي نقرؤها في تراثنا القديم لدى عمالقة سطّروا حكما بليغة تجاوزت زمان ومكان تجربتهم المبدعة لتعانق هموم الإنسان وشموخه لتجاوز كل العراقيل وتذليل كل الصعاب من أجل بلوغ المرام السامي والهدف النبيل المنشود.
    إن ما نقرؤه في تراثنا القديم عن تلك الإرادات الشامخة والعزائم العظيمة، يجب أن يكون نبراسا يضيء مسيرتنا المباركة نحو التطور والعزة والخلود.

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    إذن صدق قولنا ... أننا العلة وأننا الشفاء ...

    لا تصدقوا من كانوا يعبدون الصنم واليوم يعبدون ... الوهم

    لا تصدقونهم ... واستفيقوا ... الهمم الهمم

    \

    لاتزال أمتي بحاجة إلى أبناء يحملون همة توازي هموم ... رخص الذمم




    ليس في تراثنا وحده المحفز ... بل واقع فواجع لحظتنا الراهنة ...

    \

    مودتي
    الإنسان : موقف

المواضيع المتشابهه

  1. التطوير الذاتي --//-- مقالات منوعة
    بواسطة بابيه أمال في المنتدى أَكَادِيمِيةُ الوَاحَةِ للتَنْمِيَةِ البَشَرِيَّةِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 03-08-2008, 09:53 PM
  2. فهرس قسم التطوير الذاتي.
    بواسطة نورا القحطاني في المنتدى أَكَادِيمِيةُ الوَاحَةِ للتَنْمِيَةِ البَشَرِيَّةِ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-03-2006, 09:16 PM
  3. أنا مع التطوير فانتخبوني
    بواسطة مصطفى بطحيش في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 01-03-2006, 02:51 AM
  4. مناهجنا بين التطوير والتغريب
    بواسطة عطية العمري في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 26-01-2006, 09:08 AM