ماذا تريدْ
يا أيها الباكي
على الأطلالِ
في عصرِ الجليدْ
ماذا تريدْ
يا أيها الشِّعرِ المكللُ
بالعناءِ و بالمنى
يا من نُحملُهُ خطايانا
ونقسمُ أنْ نتوبَ لأجلهِ
و نعودُ نُخطئ مِنْ جديدْ
أتريدني
أنْ أحتسي مُرَّ الحقيقةِ
فوقَ طاولةِ الزمانِ
و أُجلِسُ الآهاتِ قربي
تحتَ همٍّ أخرسٍ
ليلوكَنا نورٌ تأتّى
مِنْ سِراجٍ أعورٍ
و تُديرُنا
كأسٌ من اليأسِ المُعشّشِ
خلفَ حاضِرنا التّليدْ
ملّتْ حروفي كلَّ أشكالِ القصيدْ
سئمتْ منَ التصريعِ
و الوزنِ البليدْ
فجميعُنا
(مُسْتَغْرِبونَ)"1" و شرقُنا
يَجْترُّ ماضيهِ اللذيذَ
بفرحةٍ
لا ذنبَ لي
إن صارَعَتْ فِكَري
صِراطاً أعوجاً
رَسَمَتْهُ أيدٍ مارأيناها
وقال قُصورُنا
هذا صِراط مستقيمْ
يا شِعرُ ماذنبي أنا
حَمّلتني نَعْشَ القصيدْ
ذنبي بأني زهرةٌ
نبتتْ بحقلِ الشوكِ
تحتَ ظلالِهِ
ذُبِحتْ على أطلالِهِ
و مِنَ الوريدِ إلى الوريدْ
لا ذنبَ لي
إلا لأني
عِشتُ في زمنٍ مشاعِرُهُ صَديدْ
***
تَغتالُنا شَهواتُنا
و نَهيمُ في نَزواتِنا
و ندينُ بالدينِ الذي
نَرتاحُهُ
فلربما
ضمنَ النهارِ نعانِقُ
الدينَ اليهوديَ الفريدْ
نمحو ملامِحَ قُبحِنا
و نبعثِرُ التاريخَ تحت نِعالِنا
و نَخُطّ توراةً جديدْ
و نُحِلُّ في ساعاتِنا
قتلَ الدقائقِ
في خناجرِ لهوِنا
و إذا دَعَتْنا كأسُ خمرٍ من بعيدْ
نحتاجُ دينَ مسيحِنا
و نَعودُ للإسلامِ في وقتِ السحَرْ
فاللهُ حَلّلَ أربعاً
نرمي بِهِنَّ على سريرٍ أعرجٍ
و تقولُ أنفسنا لهُنَّ بشهوة:
زوجتُكُنَّ رذيلتي.
باللهِ قلْ ياشِعرُ
ما داءُ البشرْ
ماكنتُ أنوي أنْ أبثَّ مواجِعي
مازلتَ تطلبُ أنْ أقولَ لكَ المزيدْ!
إسمعْ إذاً ....
***
أخلاقُنا اهترأتْ
فبدّلنا عباءةَ نَهجِنا
بحريرِ بنطالٍ رغيدْ
ما عادَ يُتعِبُنا المسيرُ لأخذِ علمٍ
صارَ أستاذُ العلومِ بأسرها
في بيتِنا
تلفازُنا
نَمتاحُ منه ثقافةً و علومَ دينٍ وهْو
مَصدرُنا الوحيدْ
و تَغَيّرتْ نِصفُ المعاني
في التحَدّثِ
لم نعدْ
نحتاجُ أغلبَ مفرداتِ كلامِنا
حتى تجمّدتِ الحروفُ و قد بدا
صدأٌ على لغةِ العربْ
حتى بشأنِكَ
قد رأينا أنّهُ
جفّتْ بحورُكَ
فابتدعنا قالباً للشعرِ
أسميناه "شِعرُ النثرِ"
أو نَثرُ القصيدْ
ماذا تريدْ
أسمعتَ ما يكفي لتملأ
جعبةَ الأحزانِ من هذا الصعيدْ
و أنا أريدُ بأنْ أموتَ على يديكَ
فضمّني عَلّي بموتيَ أستفيدْ
و تريدُ أنتَ إراقةَ الدمعِ المخضّبِ
بالمشاعرِ و المنى
و اللهُ يفعلُ ما يريدْ
"1" نميل إلى ثقافة الغرب