موت النهر

[center]موت النهر[/center]

كان النهر يتلوي متألما ، تدخل له خاصرة هنا وتبرز له أخرى هناك ليمتص في كبرياء قساوة الطعنات التي أنهكته فكسا الاصفرار ماءه ، وغزا الجفاف جوانبه
و تجرأت الطحالب فطمعت في تمكين مستعمراتها على شفتيه ولم يجد ما يستر به هوانه فراح يحفر بين الصخور أخاديد عميقة ليندس في باطن الأرض بعد أن جرد من عنفوانه .
صار من الصعب سماع خرير مياهه من ضفتيه ،وكانت ألحانه مذ طفولتي قد حفرت في وجداني حقولا للإيقاع ، تمتد شلالات من نور وسنا؛ من إيحائها تفجر الحب، والأسى ، والحياة والإبداع .
ناديته: يا نهرنا يا راوي تاريخنا، ورفيق أجدادنا ، وساقي أعمارنا ما دهاك ؟ لم البين ولمن تتركنا؟ والى أين؟ انتظرت ردحا لأتلقى الجواب الحزين.
وجاءني الصدى ، يشكو العدى ، ويحمل أوجاع الردى: كرهت عداواتكم وأحقادكم ، وغباءكم و قذارتكم التي أفسدت مائي وهوائي، وجشعكم الذي نهب رمالي ؛ ودمر جمالي.
سممتم أسماكي وضفادعي ، وجففتم روافدي ومنابعي ، ولوثتم ضفافي وقطعتم شراييني فزادت مواجعي ، شكوت ظلمكم فقطعتم أصابعي، فوجدت أن بطن الأرض للعزيز إذا ذل خير حام ومانع.
عدت أدراجي أتوكأ على أحزاني وقلت: ألا عَبرَة للعزاء فعزت وبدأ العطش.

الضيف حمراوي 18/04/2008

عزيزي الضيف حمراوي ...

مع موت النهر ماتت براءتنا .. حضارتنا .. كبرياؤنا وشجاعتنا .. وبات النهر رمزا من رموز الضعف الذي حل بنا .. يعد ان كان رمز الكرم والعطاء .. والاقدام !!

تحياتي لك دمت بود

المبدع الحمراوي...
سردية عميقة في مداليلها ،ورؤيتها ، التي استخدمت النهر للتعبير عن الواقع العياني بشكل متسفيض من حيث الايحاء ، والاسقاطات الذهنية ، والنهر سواء أكان هنا رمزا ، ام كائنا لايستعاض ، كان مدخلا للكثير من الرؤى الاخرى التي تجعل الانسان يعيش الواقع هذا بصوره المتناقضة دائما ، فحتى الحيوان والجماد ، والنهر كله اصبح يشتكي من سطوة الانسان ، الذي هو في نفسه يشتكي سطوته على نفسه.

دم بخير
محبتي
جوتيار

الفاضل الضيف ..

ما وُجِدَ على الأرض يتعرض لـ شتى أشكال الإيذاء والحب بشكل أو بآخر ، وعليه بعدها
الاستمرار أو الانسحاب.

قصة رمزية مدلولاتها بسيطة الطرح عميقة المعنى والفكرة .

دمتَ بخير ..

صاحبة الحروف الأربعة