حدائق الجمال

بسم الله الرحمن الرحيم


متعبة أيتها الأرض ؟؟ جروحك تتسع ؟؟ ما أعمق تلك الأخاديد على أديمك .. ما بالها تزداد يوما بعد يوم !!
و ما بال رياح السموم تستوطنها ؟؟

أذكر أني قضيت زهرة صباي أرعاها .. أسقيها ماء عيني .. وأنزع بأيد عارية أشواك الأسى منها .. أهذّب أوراقها .. لتبدو جنة غناء .. تبهج الناظرين .. و ما تركت زهرة عذبة الروح إلا ابتعتها بنبض من خفق فؤادي .. لأضمها بين أرجائها .. فيسعد الغادي والرائح .. لطيب شذاها .. وبهاء صورتها ..
فإذا بالتنين أكثر السعداء .. و أقرب الوافدين .. يدنو بمسوح حمل .. لينفث عليها نيرانه .. فتغدو في لحظات .. أنقاضا .. فلا زهرة أبقى .. ولا بذرة ترك ..
و إذا بأيامي تغدو نسيجا من هباء .. أرقب الرياح تنثره هنا وهناك مع رماد زهوري .. فأقف مكاني مذهولة .. مروّعة .. لست أدري .. أأبكي أيامي .. أم أبكي زهوري ؟؟
و لا أجد غير الأسى يشاركني .. ينوح عليها .. يشق جيوبها بأظافره .. و يلطم وجهها بكفيه .. لتمسي أرضا جرداء .. تصفّر فيها رياح الخوف .. و تصبّحها عواصف الألم ..

و على قبح منظرها .. وسواد أيامها .. لست أدري ما الذي أغرى ذلك الزارع بها .. لينثر بذوره بين شقوقها .. ويسقيها بأمل يمتحه من بئر .. جفت عروقه .. يحدوه فرح يلتمع أمام عينيه .. و ما درى أنه سراب تراه عيون العطشى .. لسعادة .. ليست أرضى دارها .. ولا حدائقي مكانها ..
يجلس يرقب براعم بذوره .. وما أن تطل براعمه برأسها على أديم الأرض .. حتى تقبل رياح السموم .. كارهة .. حاقدة .. فتجتث نبتاته من أعماق تربي .. وتقذف بها خارج حدود أيامي ..
ليعلم أنه ما زرع إلا خناجر في أضلعي مغموسة في السم .. فتبكيني أيامي .. وتبكيني زهوري .. و ينادي خافقي .. خالقه .. يرجوه غيثا من السماء ..

حره ..
حين يكون الإنسان سبباً في نشر التعاسة أينما حل ..حين يبذر بذور الأسى ليحصد الهم والحزن ..حين يعنى بالشوك ويترك الزهر يذبل ..حين تكون خطواته للخلف دائما..حين نفقد الأمل في الإنسان ننظر للسماء بعين الرجاء والدعاء ..ننتظر غيث السماء لتصلح ما أفسده الإنسان ..
حره ....
رمزية رائعة جداً ..حاولت أن أحجز مقعداً في أفيائها وأظنني فشلت ...

ابن المدينة ..

لم تفشل كثيرا .. فحدائقي لوحة مرسومة لقصة تحدث كل حين .. قصة طغيان القوي .. وعجز الضعيف .. بل فيها بقايا قصص لآمال ضائعة .. و أحلام موؤدة ..
و لكنك فشلت تماما حين تظن أننا نلجأ لرب السماء حينما نفقد الأمل في المخلوق .. فالله رجاؤنا دائما وأبدا .. في السعة .. و الضيق .. و في السعادة .. و الكرب ..

ربي كلما رجوت غيرك .. ما وجدت غير الأسى ..

(كآبة الناس شعلة ومتى/مرّت ليالٍ خبت مع الامد)
(أما اكتئابي فلوعة سكنت/روحي وتبقى بها الى الابد)

الأخ ابن بيسان ..

هي كآبة سكنت الروح .. ولكني أملك في قلبي إيمانا بربي .. أخشى معه قول ما قلتَ .. فظني بخالقي .. حسنٌ .. و لن أظن به غير ذلك .. وإن كانت هي كآبة سكنت الروح .. وتعاقب الليل و النهار لن يمحوها .. فرحمة ربي التي أرقبها .. هنا .. أو بين ذلك اللحد .. ستمحو كل كآباتي ..

غيثه قريب .. و حتما ستزهر برحمته كل حدائقي ..

شكرا لك أيها الشاعر ..

أيتها الحرة:

الله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.

كم من زهرة نبتت في جلمود صخر محترق فكان بإصرارها الحياة وبحريتها الأمل.


تحياتي وتقديري لقلم يجيد سكب أوجاعه.

سيدي ..
نعم .. هو يجيد سكب أوجاعه .. فتغدو حريتي معه نسيجا من هباء ..

أختي الكريمة حرة

في ظلام الليل الدامس ، كانت رياح الأسى تثير رمال الصحراء ، وغيوم سوداء تغطي نور القمر ، قدماي قد سئمت منها الرمال ، تمشي ليل نهار تبحث الأمل ، كنت أمشي مطأطئا رأسي ، فجأة ؛ شعرت بإحساس غريب ، رفعت رأسي فسقطت أكوام من الرمل قد أثقلته ، رأيت لوحة تهتز تكاد تسقط من تعبها ، قد حفر عليها اسم هو حدائق الجمال ، انتابتني موجة من الفرح ، لم أحزن ، تذكرت حدائق الجمال ، تذكرت طفولتي ، إنها حيث كنت أروي ظمأ إيماني وفرحة روحي ، إنها حيث كنت أمرغ يداي الصغيرتين بطينها البارد ، وأسابق فراشات السعادة وهي تنثر حنينا كان ينبوعا لأزهار الحديقة ، كم مرة علقت بيدي شوكة صغيرة وأنا ألعب بين الورود ، فتأتي ربة الحديقة لتنشلها برعاية وحنان ، كان يومي ينتهي بغروب شمس الأصيل ، سحر السماء في حضن بركة صغيرة قد آثرت أن تبقى في ربوع الحدائق ولم تغادر إلى بيتها ، الكل يريد أن يبقى ليسعد إلى جنب حدائق الجمال .
كانت أميرة ترعى هذه الحدائق ، اسمها حرة ...

يتبع في الحلقة القادمة إن شاء الله ...

مؤلم هو نصك هذا يا حرة ،مؤلم...

ولكنه يحمل في طياته أروع الكلمات..

حرة: نعم، ثقي بأن غيثه قريب .. و حتما ستزهر برحمته كل حدائقك ..

لك حبي وألف باقة ورد وياسمين

لله درك حوراء ما اروعها من كلمات
سلم الفكر والنبض والقلم
حفظك الله لنا اختي الفاضلة