نريــــــــد حلـــــاً يا أهل الضميــــر الحي، فقد طفح الكيل!

بسم الله الرحمن الرحيم

عامٌ مضى وغزة تنزف عزّة، والرأس مرفوع، عامٌ مضى ومن فيها يأكلُ ما توفر ولا يبالي، عامٌ مضى والضفة تئنّ من الجراح وتنزفُ إهانات، عامٌ مضى ومن فيها يأكل في بطنه نار السموم.




أتساءل، هل في الكون كله من يقبل على نفسه أن يعيش عاماً وأكثر من غير راتبٍ يكفيه وأهله؟ وهل في العالم من يقبل بهذا لغيره؟ وهل هناك من يمتلك الجرأة الكاملة لفعل هذا والموافقة عليه؟
مئات الألوف من موظفي غزة على وجه العموم الآن هم بلا رواتب. والسبب؟!

منذ أن بدء ما تسمية حكومة رام الله (الانقلاب العسكري)، وما تسميه حكومة غزة (الحسم العسكري)، والفلسطينيون كلهم يتخبّطون في غياهب كلام هذا ورد ذاك، وفعل هؤلاء، وتصريحات هذا وذلك.

بدء ما بدء، وحصل ما حصل في غزة، فهربت ثلة كالفئران تلوذ إلى أحضان أحبابها، وتتحصّن في قلاعهم، هربوا تاركين وراءهم بيوتـ (هم) ومصالحـ (هم) وأموالـ (هم)، ظاننين أنهم سيبيتون يوماً أو بضع أيامٍ، ثم يعودون معززين مكرمين مرفوعي الرؤوس، يعودون وهم يحيون علم الأمم المتحدةِ، وعلم القوات العربية التي أتت إليهم من بقاءٍ مختلفةٍ كي تعيد لهم غزة.
وما ظنوا أبداً أنهم لن يعودوا، وسيبقون في رام الله يتحسرون على ما تركوه هناكَـ ولم يأخذوه معهم، باتوا هناكـَ في أرضهم ووطنهم غرباء.
غرباء مكانٍ، فيسلون أنفسهم بالحفلات الراقصة المدعومة من الدول الغربية، على أن شعارهم (نرقص لفلسطين)، غرباء الزمن والتاريخ باتوا هناكـَ، فهلكت قلوبهم، وجُنّت عقولهم، وتزلزل كيانهم وتراقص (وكما يريدون هم!!!!) جسدهم...

هؤلاء الذين فشلوا في كسر شوكة الحكومة التي تلتهم، وأخفقوا في إحضار قواتٍ دوليةٍ لتعيش غزة على وقع أنغام أوتارهم، يقلبونها بين أصابعهم حسب مزاجهم، لم يجدوا وبعد الخزي الذي لحق بهم، وبعد أن كشفَ الغطاء، إلّا أن يتمرجلوا على الشعب، كوسيلة ضغطٍ على النفس، ليسمحوا لأنبوب غزة بالانفجار، فيعودوا وحسب رأيهم (معززين ثانيةً)..

هم وبعد أن اقتلعتْ شوكتهم، وفي غزة لم يعد لهم كلمة ولا حرف، سارعوا لإثبات وجودهم لهؤلاء ضعيفي النفوس الذين لا يزالون في غزة، ولهؤلاء أيضاً الذين أحياناً يتمردون عليهم في الضفة، أرادوا أن يثبتوا أنهم زعماء قرارٍ وإقرارٍ، لأمرين إن لم يكونا ثلاثةً!
فأما الأول؛ فلأجل أن يُعرّفوا أهل غزة أنهم سيعودون يوماً منتصرين، إذن أطيعونا وإلا تندمون حال وصولنا إليكم، وكذلكـَ ليعلموا أنهم هم من له فضل عليهم، وهم من يعيّشونهم ويطعمونهم، وطالما أنهم خرجوا عن أمرهم وارتدوا عن تنفيذ أوامرهم، صاروا الآن بلا قيمةٍ، حتى أنهم سيهلكون مرضاً وجوعاً.
وأما الثاني؛ فلأجلِ أن يثبتوا (رجولتهم) أمام أهلنا في الضِّفة الغربية، فهم هناكـَ تقريباً وبعد أن دُحروا عن أرض غزة، فقدوا قوتهم وسيطرتهم ، إذن، يجب عليهم أن يضربوا بيدٍ من حديد، هؤلاء الذين هم في الضفة حتى لا يتمردوا.
وأما الثالث، (واللهُ أعلم)...كي يرضوا أحبتهم.

ما كان خارج منهم غير قطعِ الرواتب عن أُسرٍ متوسط أفرادها 6 أفراد، كي يرضخوهم فيشعروهم بقيمتهم، لكن بالمقابل، هل غزة واعية لهذا؟! بالطبع نعم، ولكنها لا تؤمن بجدوى تلك الخطوة، فهم لأنهم عاجزون الآن، يحالون أن يخترعوا أيما طريقةٍ يجدونها قد تفيد، ولكن غزة تجيب.. (نظن أنهم قد نسوا أننا أخضعنا الرومان، وأهلكنا التتار، وحطّمنا أسطورة الصليبيين، ولم نخضع)!

هم في غربتهم، ومن شدة حيرتهم، لن يسمحوا لمن يعملُ في غزة مع الحكومة المُنتخبة أن يقبض راتبه، أما من يجلس في بيته يسهر ليله، وينام نهاره، ويراقص هذه وتلك لأن (وقته فارغ، وراتبه جاهز) فهذا له راتبه وزيادة.

يجيب أحد المدرسين في غزة: نحنُ تعوّدنا على الحصار، وعشنا المر قبل الحلو، قطعت الكهرباء كثيراً قليلاً، مات منا الأطفال قبل الرجال، الشيوخ قبل الشباب، بسبب ذلك...دُمرنا على يد الصهاينة، ولا زلنا، فهل يا ترى، نموت على يد بعضنا؟!.
نحنُ قد عشنا مرار أيامنا، عشنا في خيام، أكلنا أوراق الشجر، شربنا ماء القذارة، فطمنا أطفالنا مذ كان عمرهم لا يتجاوز بضع شهور، وإن هذا واللهِ لشرف لنا، لأننا أكلنا عن اقتناعٍ أن هذي الأرض تستحق، إذن نأكل ونشرب ونحيا بعزة، ليس كمثلكم، تظنون أننا سنخضع (لألفي شيكل) لأنكم أردتم أن تثبتوا ولاءكم لثلة محتلين؟!

فهذا يدعو لإقامة دولةٍ فلسطينية، وأننا لن نقبل بغير هذا ولا صلح ولا.......ولا......إلا ب الدولة، بالقدس ب الحدود ب اللاجئين ب......
وقد تجاهل، وقد غفل الشعب عن أنه من نسل ذاك المدعو (البهائي) تاجر الأراضي الفلسطينية، التي بيعت للعصابات اليهودية.

وذاك الذي كانت أمه تبيع البيض، حتى تشتري له (حفاية) ليذهب للجامعة!

وهؤلاء أهل العروبة، يشكرون الله ويحمدونه أن حكومة رام الله لا ترسل أموالهم لحكومة غزة، وإلا لكانوا ممولين للقاعدة التي فجأة وُجِدت في غزة! ثم فجأة يأتي من أشاع هذا الخبر لكي يرحب بسفينتي كسر حصار غزة ويشكرهم على ما قدّموه لشعب غزة (المسكين)!!..

وآخرون على الحدود، ينشرون كلاب الحراسة كي تنهش أعظم من سيمرُّ عبر النفق ليأخذ حاجته من الدولة الشقيقة! وينشرون حراساً يقتلون المحتاجين من أهالي غزة بالغازات السّامة.
وهكـــــــذا عاشت دولنا حرة أبيّة تحرس تحت أقدام الصهاينة.

وهكذا تردّ غزة عليهم.

اتفقت حكومة رام الله مع حكومة غزة على أن يكون الدوام الرسمي للمدارس بتاريخ 24/8/2008م، بدلاً من تاريخ 1/9/2008م؛ وذلك لحلول شهر رمضان.
إلّا أننا وبعد أن توجهنا لمدارسنا، فوجئنا بأنه لا ناظرة! لا مدرسين، لا مدرسات! لا نظام!.....
وبعد يومين، فوجئنا أكثر حينما علمنا أن كل المدرسات والمدرسين الأساسيين، تم استبدالهم بآخرين خريجي جامعات جدد.
وحين سألنا عن السبب، كان الجواب: (التنقلات).

يؤكد المتحدث باسم نقابة المعلمين، أن نسبة 90% من التنقلات كانت صحيحة لا غبار عليها، وأن 10% من التنقلات غير صحيحة، ولأجل الـ 10% قررت النقابة خوض إضراب عن التعليم، حتى يتم تصحيح هذا الخطأ (البسيط)..
ثم جاء دور رام الله، لتؤكد أن كل من لن يلتزم بالإضراب سيتم قطع راتبه!
و تشير إحصائية (المعلمون) التي صدرت عام 2003/2004، إلى أنّ أعداد المعلمين الذي يشتغلون في مدارس قُطَاعِ غزة الحكومية قد بلغ: (8421) ما بين معلمٍ ومعلمة، بينما في الضفة وصل إلى(23437) معلم ومعلمة، وأن أعداد الطلبة الغزيين قد بلغ(218867) طالبٍ وطالبة يتبعون للمدارس الحكومية، وفي الضفة الغربية( 492672) طالبٍ وطالبة يتبعون للمدارس الحكومية.
ويشكل معلمو الحكومة في الضفة وغزة على حد السواء، ما نسبته 71.5% من نسبة المعلمين العاملين أيضاً في الضفة وغزة.

هؤلاء، ماذا عليهم أن يفعلوا؟

هم احتاروا وحيرونا معهم، إن لم يضربوا، قامت حكومة رام الله بقطع رواتبهم، وتشفير حساباتهم من المدخرات، وإن جلسوا في بيوتهم أخذوا راتبهم كاملاً!!!
بالمقابل، حكومة غزة، ستعطي من سيتوجه للتدريس راتباً بقدر معلوم، لكن طبعاً ليس بقدر ما ستعطيه حكومة رام الله لهم...
ونحن بالمقابل كطلاب احترنا وضعنا...

نتوجه لمدارسنا لنبدأ الدوام بحصة (فاضية) وننهيه بدرس بدون مدرس!
وحين ثبت الوضع قليلاً، فوجئنا بأن من يدرسوننا لا يملك معظمهم أدنى حدٍ من القدرة على الشرح والإفهام؛ ذلك لأن هذه أول مرة يقفون فيها أمام طلاب (تجربة يعني!!)...

ثم وبعد أن طفح الكيل، توجهت طالبات الثانوية العامة؛ للمطالبة بعودة المدرسين الأساسيين، على اعتبار أن لديهم الخبرة، خرج علينا قرار يقول: بأن العقد مع المدرسات الجدد سيكون لمدة خمسة شهور، قابلٍ للتجديد! وبعد إعطاء مهلة للمدرسين الأساسيين لكي يعودوا لأماكن عملهم، وبعد انتهاء المهلة، يخرج علينا قرار آخر يقول: بأنهم -وإن عادوا-، فأهلاً ومرحباً بهم، ولكن دون أن يدرسوا أي صف!!
ثم بعد أن تقوم الطالبات بمظاهرة داخل المدرسة؛ احتجاجا على هذا..يتم قمعهن بالتهديد!

لا تغربوا، كل هذا فعلته الألفي شكيل!
يرد المدرسون الأساسيون، الذي هم جالسون في بيوتهم: إن عدنا للتدريس، فمن أين نطعم أبناءنا؟! نريد أن نعود لساحة التعليم، ولكن الراتب يقيدنا!

وهكذا...
نحنُ في دوامةٍ باقون...إلى أن يشاء الله...
فهل تملكون حلاً؟!


وموظفو الصحة، لم يضربوا؟!
منذ يومين، توفي طفلين في مستشفى دار الشفاء، والسبب..لا أطباء!!
ثم بعدها بيوم، يقضي شاب بسبب حادث سير نازفاً، ثم يتم إدخاله القبر، والسبب.. لا أطباء يسعفونه!
وامرأة تموت وهي تلد...والسبب، لا أطباء..

والسبب الأساسي، الراتب!
بل: الضميــــــــــــر الميت!

ربما مشكلة التعليم، يمكن أن تحل على أيدي المدرسات الخريجات الجدد، ولو بشيء بسيط، لكن مشكلة الصحة، من أين نأتي بأطباء يداوون المرضى؟!

الطبيب المضرب، قبل أن يستلم عمله، أقسم قسم المهنة، بأن لا يغدر بشعبه، وأن يكون يداً تعمل على مد العون للجميع، في أوقا ت الحرب قبل أوقات السلم..
أين ذهب هذا القسم؟!
كان قسماً يبدأ بـ: (أقسم بالله العظيم)...
والآن...صار القسم...بالراتب!

أي عاقل يقبل هذا؟!
أفهمونا...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا عزيزتي على مجهودك
وحرقتك على الوطن واهله
وفعلا حال مزري ومؤسف
ان شاء الله يتغير قريباً..
وتعود الدراسة وكل شي
كما كان وافضل..
آمين يا رب العالمين
وتحيتي لك ولقلمك

الكريمة ماجدة..
سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته..
دعما لكلمة أختي ريما الحاج يحي..
نحن والله نتألم لألمكم..
ننتظر أن يفرجها الله بمصالحة شاملة بين إخواننا الذين نحبهم جميعا..
لاحل إلا في الوحدة..
وعلينا بمواصلة النضال..
بالغ تقديري أيتها الكريمة النجيبة..
خالص تحياتي..