أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: صدور مسرحية جديدة للدكتور مصطفى عطية بعنوان " أمطار رمادية " :

  1. #1
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    المشاركات : 191
    المواضيع : 44
    الردود : 191
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي صدور مسرحية جديدة للدكتور مصطفى عطية بعنوان " أمطار رمادية " :

    صدرت هذا الشهر أغسطس 2008 م ، مسرحية " أمطار رمادية " للدكتور مصطفى عطية جمعة ، عن مركز الحضارة العربية بالقاهرة .
    وقد جاء في الغلاف الخلفي للمسرحية :
    تتقاطع أحداث هذه المسرحية على مستويات ك مستوى واقع معيش يومي ، حيث نرى فساد الطبقة المثقفة صانعة التنوير في مصرن وفساد الأحزاب السياسية الكرتونية ، والسلطة السياسية .
    ومستوى آخر يمثل لعبة السلطة الأمنية في مواجهة الإسلاميين بنهج جديد ، ومستوى ثالث يتعلق بتاريخ شخصيات المسرحية وأعماقهم ، التي تعيش واقعا متخيلا في العمل الدرامي ، لتكون المحصلة أمطارا رمادية تغرق الحاضر ولا تنبت القادم .

    ويجدر بالذكر أن الدكتور مصطفى عطية له الإصدارات الآتية :
    -وجوه للحياة ( قصص ) 1997 القاهرة ( نصوص 90 )
    - نثيرات الذاكرة ( رواية ) 1999 دار سعاد الصباح بالكويت
    - دلالة الزمن في السرد الروائي 2000( نقد ) الشارقة
    - شرنقة الحلم الأصفر ( رواية ) 2002 مركز الحضارة بالقاهرة
    - طفح القيح ( قصص ) مركز الحضارة بالقاهرة ( 2005 )
    - أشكال السرد في القرن الرابع الهجري ( 2006 ) ( نقد ) مركز الحضارة بالقاهرة
    - أمطار رمادية مسرحية مركز الحضارة بالقاهرة ( 2008 )

    له تحت الطبع في دور النشر :
    - هيكل سليمان ( فكر سياسي ) دار الفاروق بالقاهرة
    - الرحمة المهداة ( إسلاميات ) مركز الإعلام العربي بالقاهرة
    - الظلال والأصداء ( نقد ) اتحاد الكتاب بالقاهرة

  2. #2
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    المشاركات : 191
    المواضيع : 44
    الردود : 191
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي الفصل الأول : المشهدان الأول والثاني من المسرحية



    الفصل الأول

    المشهد الأول

    (في قسم الشرطة ، حيث يجلس ضابط خلف مكتب ، وبجانبه صول يكتب في أحد السجلات ، فيما يقف شرطي بعيدًا ينظر للاشيء )
    الضابط ( متوجهًا إلى الموظف علي ) : هاه ، ألن تعترف يا علي بما حدث ؟
    علي : أعترف بماذا يا سعادة الباشا ؟
    الضابط ( بقرف ) : غير معقول ، أعيد الاتهام في كل سؤال !
    علي : أنا لست متهمًا بشيء يا باشا .
    الضابط : وكلام الموظفة " منى " عنك .
    علي : كذابة ... ، مليون كذابة .
    الضابط : ألم تتحرش بها في غرفة مكتبها ؟
    علي ( متهكمًا وهو يطالع منى ) : أتحرش بها ؟ بمنى ؟ عجيبة ! من شدة جمالها يا باشا ؟!
    منى ( تتدخل في الحوار بصراخ ) : نعم يا سي علي ؟ حصل ، وسألبسك تهمة إن شاء الله ، يا قليل الأدب ، ياسافل ...
    الضابط : احفظي لسانك ... ! أنت في قسم شرطة ، ولستِ في الشارع .
    علي : أنت شاهد يا باشا على لسانها الطويل وسفالتها .
    منى : فيه شهود عليه يا باشا ، الولد " زكي " الساعي رآنا ، وأنا أحضرته معي في الخارج . ( ترفع صوتها ) : يا زكي ، يا ولد زكي ، تعال إلى الباشا الضابط .
    الضابط ( ناظرًا للصول الذي يكتب المحضر ) : يتم استدعاء الساعي زكي . ( ثم ينظر إلى منى ) يبدو أنكِ مستعدة بكل وسيلة .
    علي ( بتحفز ) : مؤامرة منها يا باشا ، تريد أن تلبسني تهمة بأي طريقة.
    ( يدخل زكي ، شاب ضخم الجثة ، يبدو البله عليه ، ويرتدي ملابس قديمة تبدو أكبر من مقاسه ، يتنفس بصوت مرتفع كالشخير ، يبتسم بسذاجة وخوف للضابط )
    الضابط : اسمك بالكامل ؟ وسنك ومهنتك ؟
    زكي : زكي ... ، زكي عبد المتعال ... ، فرّاش .
    الضابط : أنت رأيت الأستاذ " علي " يتحرش بالآنسة " منى " أمس في غرفتها بمركز بيت الثقافة ؟
    زكي ( دون فهم ) : منى وعلي ، أمس ...
    الضابط : هل كان " علي " يتحرش بها جنسيًا ؟
    زكي ( بغباء ) : يضربها يا باشا يعني ؟
    منى ( متدخلة في الحوار بسرعة ) : يا زكي يا حبيبي ، البارحة ، الساعة اثنتين بعد الظهر، أنت شفت " علي " كان يحاول ... ( تشير إلى صدغها وتغمز له بعينها ) .
    زكي ( ضاحكًا ببلاهة ) : علي كان يبوسك يعني ؟
    منى ( بخجل متصنع ) : نعم يا زكي ؟
    زكي ( متذكرًا ) : البارحة حصل هذا ؟
    منى ( مشجعة له ) : نعم ... نعم ... ، البارحة يا زكي ، قل للباشا الضابط .
    زكي : صحيح ، أنا شفته كان يريد أنه يحضنك ويبوسك ، وقال لكِ إنك حلوة وبيضاء
    علي : يا زكي يا بن الـ ... ( يمسك لسانه عن السب متلجلجًا وهو ينظر للضابط ) أنت شفتني وأنا أبوسها ( يحرك إصبعه متوعدًا ) .
    زكي ( خائفًا من عينيّ علي ) : هي قالت لي هذا .
    علي : الحق ظهر ، اسمع يا باشا ، يقول هي قالت لي .
    الضابط : قالت لك ماذا يا زكي ؟
    منى ( بانفعال وبكاء ) : والله العظيم ، هذا ما حدث يا باشا و... قل يا زكي الحقيقة.
    زكي ( ببلاهة ) : نعم يا ست " منى " ، هذا حصل ، كان ... ( يلعب بشفتيه علامة التقبيل ، وذراعيه علامة الاحتضان )
    علي : مظلوم والله ...
    الضابط : ليس أمامي إلا حجزك وغدًا تعرض على النيابة .
    علي ( صارخًا والدموع في عينيه ) : النيابة ! ؟ يا خراب بيتي !
    منى ( منتشية بالنصر ) : حتى تتأدب يا أستاذ علي ، أتظنني مثل بقية البنات ...
    ( صوت جلبة وضجيج في الخارج ، ثم يدخل مدير قصر الثقافة ، في أواخر الخمسينيات من العمر ، في وجهه تجاعيد خفيفة ، يرتدي قميصًا زاهي اللون ، شعره رمادي )
    المدير : السلام عليكم ...
    الجميع في أصوات متداخلة : وعليكم السلام ، أهلاً يا أستاذ فوزي .
    فوزي ( للضابط ) : أنا فوزي أبوطالب ، مدير قصر الثقافة.
    الضابط : أهلا فوزي بك .
    فوزي ( ناظرًا لمنى وعلي وزكي ) : ما الحكاية ؟ عم محمود الحارس أخبرني أنكم في القسم ؟ خيرًا ...
    علي ( بسرعة ؛ منتهزًا الفرصة قبل منى ) : ظلمتني منى ... ، تتبلّى عليّ، ستسجنني ، تقول إنني تحرّشت بها البارحة .
    فوزي : غير معقول يا منى ! عليّ المحترم يفعل هذا ؟
    منى : أنت رجل طيب يا أستاذ فوزي ، ولا تعلم أن " تحت الساهي دواهي " .
    فوزي ( متوجهًا للضابط ) : عمومًا الموضوع بسيط ، وسيتم حله .
    الضابط : فيه محضر ، وغدًا سيعرضون على النيابة .
    فوزي ( مستنكرًا بخطابية ) : النيابة ؟! لا يا حضرة الضابط ، نحن في مصلحة حكومية محترمة ، نحن نصنع الثقافة والفكر والفن ...، ولابد أن نحافظ على سمعة قصر الثقافة والعاملين فيه ، ماذا يقول الناس عنا ؟
    الضابط ( مقاطعًا ) : يوجد محضر ، وتهمة وشهود ..
    فوزي : أين الشهود ؟
    علي : الولد زكي الفراش .
    فوزي : مَنْ ؟ زكي ابن أم زكي ؟ من أحضرك إلى هنا يا ولد ؟
    منى : أنا يا أستاذ فوزي ، هو الذي شهد ما حدث ، فأحضرته معي .
    علي : تخيل يا أستاذ ، هذا الأهبل يشهد علي ، وسيكون السبب في حبسي .
    فوزي ( بنبرة حاسمة ) : هذا كلام فارغ ، لابد أن نحافظ على سمعة قصر الثقافة ، ماذا تقول بقية المصالح الحكومية عنّا ؟ وعن موظفينا ؟
    الضابط ( يفهم المراد ) : الموضوع الآن متجه إلى النيابة ، ولابد من اتخاذ موقف واضح .
    فوزي : كلامك صحيح يا حضرة الضابط ، وسأحل المشكلة بطريقتي الخاصة .
    الضابط : وكيف ستحلها ؟
    فوزي ( مبتسمًا ) : تسمح لي أن آخذهم إلى الخارج لنتفاهم .
    الضابط ( باسمًا ) : أخشى أن يهرب المتهم علي .
    فوزي : هذا على ضمانتي الشخصية ، اطمئن .
    الضابط : زيادة في الاحتياط ، سأخرج أنا وأترك معكم العسكري في الغرفة .
    ( يتحرك الضابط إلى خارج الغرفة ، ويشير للعسكري أن يبقى، فيما يجلس زكي على الأرض ينظر ببلاهة ويغمض عينيه نائمًا من آن لآخر )
    فوزي ( متوجهًا لمنى وعلي وهو يضرب كفًا بكف ) : والله عال ، آخر المطاف يدخل فوزي أبوطالب ابن عائلة أبوطالب الباشوات ، ومدير قصر الثقافة ، يدخل أقسام الشرطة بسببكما ، والغريب أني تارك أمي تموت في البيت وجئت لكما ، هل يعجبكما ؟ أمي على فراش الموت وأنا في القسم في قضية تحرش جنسي ، من اثنين موظفين عندي ، يعني أنا مدير طرطور ، قاعد في خمارة أو بيت دعارة ..
    منى ( بخجل ) : هو السبب يا أستاذ والله العظيم .
    فوزي : كيف يا برنسيس ؟
    منى : حاول يبوسني ويحضني .
    فوزي ( مخاطبًا عليًا ) : صحيح يا علي يا عليوة .
    علي : لا طبعًا ..
    فوزي ( محذرًا ) : علي ، صحيح الكلام هذا .
    علي ( منكسًا رأسه ) : الموضوع ليس بهذا الشكل .
    فوزي : وما شكله الأصلي إذاً ؟
    منى ( بحدة ) : كان عاوزني في سهرة حمراء ، وهو السمسار .
    فوزي : آه ، اتضحت الأمور ، تساومها يا علي يا عليوة على سهرة ، من سهراتك .
    منى : شغله الأصلي ، قواد .
    علي : نعم يا أماه ، نسيت أمجادك في فرقة الفنون الشعبية ، كان رقصتك هي التي تجلب الجمهور ، للكراسي الفارغة .
    منى : رقص محترم .
    علي ( يرقص في مكانه مقلدًا لها ) : محترم جدًا ، جدًا .
    فوزي : وطبعًا أنتِ يا ست منى عملتِ الفيلم هذا كله من أجل هذا السبب ؟
    منى : لأنه زاد في الموضوع ولو تركته سيفضحني .
    فوزي : ولماذا لم تعرضي الموضوع عليّ وأنا كنت منعته ؟ بدلاً من الفضائح . نسيتِ أنني عينتك موظفة في قصر الثقافة بعد أن طردتك فرقة الفنون الشعبية .
    منى : لا ننسى أفضالك يا أستاذ فوزي أبدًا .
    فوزي : انتهى الموضوع ، ننادي الضابط وتتنازلين عن البلاغ ، وحقك عندي محفوظ .
    منى : أمرك ...
    علي ( مبتهجًا ) : شكرًا يا كبيرنا .
    فوزي : أنت تستأهل كسر رقبتك ...
    زكي ( مستيقظًا من نومه ) : وأنا أروح لأمي ؟
    فوزي : أنا لي كلام مع أمك .
    ثم يردف بصوت حزين : سأرجع إلى أمي التي تحتضر ، يمكن ألحقها أو أدفنها ..

    ( إظلام )





    المشهد الثاني

    ( ليلاً ، في منزل أم زكي ، صالة فسيحة ، ذات طلاء باهت ، وأثاث قديم ، ينبعث صوت أم كلثوم – خافتًا - بأغنية ألف ليلة وليلة من جهاز تسجيل ، يجلس الأستاذ فوزي على مقعد وثير ، يدخن الجوزة التي ينبعث منها دخان أزرق ، وبجواره زجاجة خمر ، تدخل- من أحد الغرف - أم زكي، امرأة تخطت الخمسين ، تضع مكياجًا بطريقة فاقعة ، تضحك بغنج، وتجلس بجوار فوزي )
    فوزي ( يغني بسطل بأغنية لأحمد عدوية ) : " أم زكي ، زكي بيعيّط " .
    أم زكي ( ترد على غنائه بمقطع أغنية أخرى لأحمد عدوية ) : " السح ادح امبو ، ادِِ الواد لأبوه ، يعين الواد بيعيط ..." .
    فوزي : الولد ابنك العبيط ، راح يشهد على الأستاذ " علي " في القسم ، البنت منى أعطته خمسة جنيهات ، ليشهد .
    أم زكي : الفرحة ما تمت ، أخذت منه الخمسة مرة ثانية ، بعد الصلح .
    فوزي : المشكلة في الموضوع كله هو ابنك ، أنا عينته في قصر الثقافة فراشًا بدلاً من السرقة والتلطم في الشوارع ، ولكنه حمار وأهبل ، يمشي وراء كلام النسوان والبنات في القصر .
    أم زكي : يا رجل اعقل ، أنت قلت لي إنك عينته لأجل عيوني وعيونه .
    فوزي ( مستنكرًا ) : صحيح لأجل عيونك الحولاء وعيونه المعمّصة .
    أم زكي : أنت الليلة مزاجك مقلوب ، نسيت أنك كنت تتغزل فيّ طول الليل ، أيام زواجنا السعيد .
    فوزي ( مواصلاً تنفسه الدخان ) : صحيح كنت أتغزل فيك في الظلمة ، وكان الطلاق فعلاً سعيدًا ..
    أم زكي : طلاق أم زواج ؟
    فوزي : الطلاق طبعًا ، الذي يعاشرك يبيع عياله ...
    أم زكي ( بغضب متصنع ) : نعم ، يبيع عياله ؟! أنت كنت تريد قعدة حلوة ، ونسيت أن الزواج مسؤولية ومصاريف وحماية للزوجة وشرفها ...
    فوزي ( مقاطعًا ) : مسؤولية ؟ صحيح ، وأنت أحسن امرأة تتحمل المسؤولية ، أما الشرف عندك ، نعم الشرف ... ، المشكلة كانت فيّ ، ولكن أسألك سؤالاً واحدًا : ابنك زكي ، من أين ورث كل هذا العبط ؟
    أم زكي : من أبيه طبعًا .
    فوزي : حلو ، ومن أبوه ؟
    أم زكي : اسمه زكي عبد المتعال النحاس .
    فوزي : هذا في شهادة الميلاد ، من أبوه الحقيقي ؟
    أم زكي : أنت رجل ناقص ، تشك فيّ ؟ عبد المتعال كان زوجي قبلك .
    فوزي ( متذكرًا ) : أي رقم ؟
    أم زكي ( مقهقهة ) : لا أذكر ... ، كان رجلًا طيبًا .
    فوزي : حسب معرفتي بعبد المتعال النحاس ، كان رجلاً أهبل فعلاً .
    أم زكي ( باستمتاع ) : أحب الرجل الذي يأكل وينام ولا يسأل عن شيء آخر .
    فوزي : ليلتك أنس . ( يزفر دخان الجوزة ، ويردد مقاطع من أغنية أم كلثوم )
    ( طرقات على الباب ، تنهض أم زكي بتثاقل ، تفتح الباب ، يدخل الأستاذ " علي " )
    أم زكي : أهلاً بالضبع .
    علي : سبع أو ضبع ، لادخل لكِِ .
    فوزي : خيرًا يا علي يا عليوه .
    علي : أشكر لمعاليك موقفك من مؤامرة البنت " منى " .
    فوزي ( متنهدًا ) : اعمل المعروف وارمه البحر .
    علي ( فاهمًا المقصود ) : لا طبعًا ، المعروف معي يبقى دينًا في رقبتي العمر كله .
    فوزي : سنرى ، هات ما عندك من أخبار .
    علي ( ضاحكًا ) : هل تذكر يا فوزي بك حسين عبد المولى ؟
    فوزي : لا ، ما حكايته ؟
    علي : جاءتني دعوة من حزب السلام والتنمية ...
    فوزي ( مقاطعًا ) : لك أنت ؟ عجيبة ! أنت ممثل حزب الحكومة في القصر وفي قطاع الثقافة كله .
    علي : الدعوة كانت أن أذهب للقاء أمين عام الحزب في المحافظة عندنا .
    فوزي : وماذا بعد ؟
    علي : رحت للحزب ، شقة في المساكن الشعبية الجديدة ، قعدت في الصالة ، وأخبرت السكرتيرة ، بعد فترة جاءني الفراش وقال لي : سيادة الأمين العام في انتظارك ، دخلت ، لقيته حسين عبد المولى ، أخذني بالحضن ...
    فوزي ( متذكرًا ) : حسين عبدالمولى الذي كان كومبارس في مسرحية " فندق خمس نجوم " .
    أم زكي ( متدخلة ) : أعرفه ، أمه كانت تبيع أنابيب البوتاجاز في حارتنا .
    فوزي ( صارخًا ) : وهل كان عند أبيك بوتاجاز ؟ كنتم تطبخون على كانون الحطب ( يصمت ، ثم يرفع صوته متسائلا : ) وهل كنتم تطبخون من أساسه ؟ كنتم عائشين على معونات أهل الخير من العائلات العريقة مثل عائلة " أبو طالب " ، عائلتي .
    أم زكي ( بسخرية ) : عائلة كبيرة زمان ، أين هي الآن ؟ وأين الأطيان والقصور ؟
    فوزي ( بحدة ) : الثورة هي السبب ، أخذت أرضنا وقصورنا ، وحوّلت قصر جدي مدرسة ، ولكن أنا موجود وأمي موجودة ، نسل العائلة باقي .
    علي ( مهللا ) : تمام ... ، تمام ... ، نرجع للموضوع ، حسين عبد المولى كان الكومبارس في مسرحية فندق خمس نجوم ، وسعادتك أخرجت هذه المسرحية منذ خمس سنين ، وكان حسين يلعب دور عامل التشريفات ، ( مستأنفًا كلامه) المهم ، أخبرني أنهم اختاروه وعينوه أمين عام حزب السلام والتنمية في المحافظة .
    فوزي : ثم أما بعد ؟ ماذا حدث ؟
    علي : دعاني إلى أن أجهّز مسرحية باسم الحزب ، وسيقوم الحزب بتمويلها بسخاء .
    أم زكي : خذني معك يا سي علي في المسرحية الجديدة .
    فوزي ( مستنكرًا ) : هل ستعودين للرقص وهز الوسط ؟ صحيح الوسط السائب لا يثبت .
    علي ( بحزم ) : هذه مسرحية محترمة ، والحزب لا يريد أي ابتذال .
    أم زكي : محترمة ؟ ! وهل يأتي من وراءك شيء محترم ؟ أنت قواد على الراقصات.
    علي ( رافعًا صوته ) : وأنتِ ماذا كنتِ ؟ راقصة من الحجم الثقيل في الأفراح ( يشير بيديه علامة السمنة ويرقص بجسمه ) ، بعد أن فشلتِ في فرقة الفن الشعبي في الثقافة الجماهيرية ، وفصلوكِ من الفرقة .
    أم زكي : فصلوني لأني رفضت الرقص في حفلات الحزب ، وكان الأمن يريدني في ليالي..... ( تغمز بعينها ) .
    فوزي ( متوجهًا لعلي وهو يعيد بعض كلماته مع أم زكي ) : الحزب لا يريد أي ابتذال . هل أصبحت عضوًا في الحزب ؟
    علي : نعم ، نعم ، ملأت استمارة عضوية أمس ، وسأتولى مسؤولية اللجنة الفنية ، وسأضع خطة طموحة لنهضة فنية في الحزب .
    فوزي : بهذه السرعة يا علي .
    علي : طبعًا ، أنا مع المسرح الجاد يا سعادة الباشا .
    فوزي : المسرح الجاد ! وما موضوع المسرحية التي ستعدها للحزب ؟
    علي : نبحث عن مؤلف بنص جيد .
    فوزي ( بتأنٍ ) : هل الحزب يريد مسرحية سياسية أم اجتماعية أم ...؟
    علي : أي شيء ، المهم أن يكون مسرحًا جادًا ، حتى يكسب تواجدًا بين الجماهير ، الحزب يريد كسب النخبة المثقفة في البلد . ما رأيك يا أستاذ فوزي في الموضوع ؟
    فوزي ( بتعالٍ مصطنع ) : سأفكر ، وأشوف مواعيدي ومشاغلي .
    علي ( بنفاق ) : ستكون المسرحية رائعة من روائعك الخالدة ، وأجر المخرج في هه المسرحية عشرة آلاف جنيه ، وممكن أن يزيد حسب الخبرة والأعمال السابقة ، وطبعًا سعادتك لك تاريخ طويل في الإخراج المسرحي .
    فوزي ( ينفث الدخان من الجوزة ) : والله يا علي أنا مللت من مسرحيات الثقافة الجماهيرية ، تعب وصداع وأجر ضعيف ، ولكن أنت تعرف أن مشاغلي في القصر كثيرة والواحد منا لابد أن يحسبها جيدًا .
    علي : يا باشا ، الحزب طلب سعادتك بالاسم ، وأنا معك في المسرحية في كل شيء ، سأبحث عن مؤلف ، وأتصل بالريجسير ، وأحضر الممثلين ، وبالمناسبة هم يريدون ممثلة مشهورة من القاهرة حتى تكون البداية قوية .
    فوزي : وهل تقبل ممثلة مشهورة من إياهن أن تحضر لبلدنا ، وتمثل في مسرحية كل ليلة؟
    علي : سنبحث ، وسأطلعك على كل خطوة أفعلها .
    فوزي ( يدندن أنغامًا خفيفة ) : ابحث للبنت منى عن دور في المسرحية ، يعني : عربون مصالحة .
    علي : منى مرة ثانية ! هذه بنت مشاكل .
    فوزي : وأم زكي أيضًا .
    أم زكي ( تضربه بكوعها في جنبه ) : مشكور يا سعادة المخرج .
    فوزي : وأيضًا زكي ، يأتي ليحضر القهوة لي .
    علي ( بقرف ) : كل هؤلاء ؟ كل الحبايب في المسرحية .
    فوزي ( متجاهلاً ) : وسلامتها أم حسن قصدي أم زكي .

    ( يرتفع صوت مقطع موسيقى خفيف من أغنية أحمد عدوية :" سلامتها أم حسن ، من العين ومن الحسد ... )
    ( إظلام )

المواضيع المتشابهه

  1. صدور مجموعة قصصية بعنوان " صندل أحمر " لسميرالفيل .
    بواسطة سمير الفيل في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-12-2008, 06:40 AM
  2. «صيد المطر» مجموعة قصصية جديدة لإبراهيم عطية
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-03-2008, 06:15 PM
  3. "أرواح فى حلوق"....دراسة نقدية تحليلية عن قصة "حلوق حارة" للأديب الرائع: د.مصطفى عطية
    بواسطة د. نجلاء طمان في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 09-01-2008, 03:58 PM
  4. مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-08-2007, 06:11 PM
  5. مرحبا بالمبدع والناقد والباحث والمفكر الدكتور مصطفى عطية
    بواسطة د. مصطفى عراقي في المنتدى الروَاقُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 13-01-2007, 08:20 AM