أحدث المشاركات

سألوني: لمَ لم أرثِ أبى ؟» بقلم هشام النجار » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: غلام الله بن صالح »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: غلام الله بن صالح »»»»» مختارات في حب اليمن» بقلم محمد نعمان الحكيمي » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الغاية لا تبرر الوسيلة» بقلم جلال دشيشة » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: قراءة في كتاب : الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام د. عبد المجيد الصغير

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    المشاركات : 76
    المواضيع : 21
    الردود : 76
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي قراءة في كتاب : الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام د. عبد المجيد الصغير

    [B]
    نظرات في كتاب
    "الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام"
    = قراءة في نشأة علم الأصول ومقاصد الشريعة =
    للأستاذ الدكتور عبد المجيد الصغير
    بسم الله الرحمن الرحيم

    الكتاب الذي بين أيدينا للأستاذ الصغير والموسوم بـ"الفكر الأصولي وإشكالية السلطة في الإسلام، قراءة في نشأة علم الأصول ومقاصد الشريعة" هو عمل ضخم. ضخامة هذا العمل آتية من شساعة موضوعه من جهة ومن كونه جمع بين مناهج كبيرة في تناول هذا الموضوع. لقد جمع الأستاذ الصغير في هذا العمل ما تفرق عنده في أعمال سابقة، أستحضر هنا عمله عن إشكالية إصلاح الفكر الصوفي في القرن 18_19 ، فقد خص هذا العمل بالجانب الاجتماعي الثقافي للتصوف قبل أن يفرد النص الصوفي بدراسة بنيوية في كتابه "التصوف، الوعي والممارسة". أما هذا العمل فتناول فيه العلاقة المتوترة التي جمعت السلطة العلمية بالسلطة السياسية عبر التاريخ الإسلامي ليربط نشأة علم الأصول ثم علم المقاصد بالإرادتين إرادة المعرفة ولكن أيضا إرادة سياسية أو إرادة ذات مقاصد إديلوجية قبل أن يغوص بنا إلى عمق أعمال جليلة عمل الشافعي في "الرسالة" وعمل الجويني الموسوم بـ"غيات الأمم والتياث الظلم" ثم عمل الشاطبي "الموافقات" قبل أن يربط عمل الشاطبي "الاعتصام" بالمقاصد. ونظرا لعمق الدراسة التي قام بها الأستاذ الصغير لكتاب الجويني "الغياثي" والجدة التي ميزت مقاربته فإني أتمنى على الأستاذ الصغير أن يفرد هذه الدراسة في كتيب مستقل حتى تنتشر ويستفاد منها في الدراسات الإسلامية المعاصرة، خاصة وأنه جاء برأي جديد يعتبر فيه الجويني شيخ أهل المقاصد بدون منازع.
    وإني أعتبر عملا جريئا أن يقدم مثل هذا الكتاب في هذا المحفل العلمي وفي مؤسسة دار الحديث الحسنية وهو دليل على إرادة انفتاح لاشك أن سيفيد منه الحقل الفقهي والفلسفي معا، وإن التاريخ الثقافي يثبت بما لايدع مجالا للشك أنه كلما انفتح العقل الفقهي على ما كان يسمى قديما بـ"علوم الأوائل" كلما حقق ثورة منهجية فقهية. ويكفي أن أذكر في هذا الصدد العامري والغزالي وابن حزم وابن رشد...
    عمل الأستاذ الصغير يتمفصل إلى ثلاثة أقسام كبرى:
    قسم أول حول السلطة العلمية والتجربة السياسية في الإسلام أبرز فيه تفاعل رجل العلم في الإسلام مع محيطه المجتمعي والسياسي إيجابا وسلبا، وهذا القسم من مقدمة وفصلين، الفصل الأول خصص لتحليل الخطاب السلطاني كما تمثل في دولة الواقع التاريخي، نتيجة هذا الفصل الوقوف على مبلغ وعي رجل السلطة بالاختلاف بين دعوة القرآن ودعوة السلطان وإصراره على الاستئثار بالنهي والأمر. أما الفصل الثاني فوقف فيه الصغير على بعض المبررات التي قادت الفقيه ورجل العلم في الإسلام إلى إثبات شرعية سلكته المعرفية، وفي آخر هذا الفصل أبرز الصغير أبعاد مشكلة التوظيف السياسي للدين من طرف رجل السلطة. وقسم ثاني حول "الانحطاط وإشكالية القول بـ"علم" مقاصد الشريعة وهو من فصلين الفصل الأول بسط فيه الصغير معالم ضغوط التكيف وضروراته التاريخية كذلك، ثم القسم الثالث الموسوم ب "أبو إسحاق الشاطبي وتأسيس "علم" المقاصد" وهو من مقدمة وأربعة فصول.
    والسؤال الذي نطرحه هاهنا هو: هل ينتمي هذا الكتاب للحقل الفقهي أم أنه ينتمي للحقل الفلسفي، وبعبارة أخرى أين يمكن إدراج هذا العمل: هل ندرجه ضمن تاريخ التشريع الإسلامي أم ضمن تاريخ الفلسفة.
    سنحاول في مقاربتنا هذه أن نتصيد ما تعتبره حججا كافية في نظرنا لإدراج هذا العمل ضمن التاريخ الفلسفي.
    1 = عن عنوان الكتاب
    يكشف عنوان الكتاب عن سعة الموضوع الذي تناوله الأستاذ الصغير في كتابه، فنحن أمام أطروحتين كبيرتين؛ أطروحة حول "الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام" ثم أطروحة حول "إشكالية نشأة علم المقاصد في الإسلام"،وفي نظرنا هذه أول قرينة تربط هذا العمل بتاريخ الفلسفة. قد يقول قائل كيف تدرج عملا فقهيا ضمن تاريخ الفلسفة؟ فأقول: إن المشتغلين بالفلسفة يعرفون أن الفلسفة لا موضوع لها، بمعنى أن كل موضوع هو قابل لأن يكون موضوعا فلسفيا إذا تميز بضرب من التجريد، عندئد يمكن إخضاعه لمنهج التحليل الفلسفي بما يتميز من أشكلة وتحليل مفاهيمي وحجاج. وسنلاحظ أن الأستاذ الصغير استطاع أن يوسع النظر الفقهي ويجرده إذ أنه سيخضع متنه للمقاربة الفلسفية في بعدها البنيوي والإبستملوجي على الخصوص بعد أن يخضع هذا المتن للمقاربة الاجتماعية الثقافية في بعدها السياسي. وهكذا نجد أن الأطروحة الأولى المتعلقة ب "الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام" يمكن إدراجها ضمن مجال العلوم الإنسانية وبخاصة علم اجتماع المعرفة أما الأطروحة الأخرى والمتعلقة ب"نشأة علم المقاصد في الإسلام" فهي أقرب إلى الدرس الابستمولوجي لأنها بحث في شروط تأسيس العلم والعوائق التي تحول دون ذلك ودراسة نقدية للمبادئ والأسس وتحديد قيمتها وحصيلتها الموضوعية.
    أهم مفهوم نجده في العنوان مفهوم "إشكالية السلطة العلمية"، اختيار مفهوم "الإشكالية" ينم عن الطابع المفارق لعمل الأستاذ الصغير. فنحن لسنا هنا أمام عرض مدرسي للمعطيات والمعلومات وإنما نحن أمام إرادة تروم إبراز مفارقات، هذه المفارقات مرتبطة بمفهوم السلطة، لكن ليس السلطة السياسية بل السلطة العلمية بالمعنى المعاصر الذي اختاره الصغير كما يقول "للتنبيه إلى تلك المنزلة التي احتلها "رجال العلم" في مجتمع الإسلام وما تولد عن تلك المنزلة من "نفوذ" معنوي بين جماهيره". يذر قرن الإشكالية وتتولد عند إرادة رجل العلم "القيام بدور المشرع للدولة مع كونه لا يشارك عمليا في تسيير وتدبير شؤون الدولة". فنحن في الشق الأول من العنوان نجدنا أمام مفهومين فلسفيين يراد من خلالهما ولوج عالم الفقهاء إذا نحن استعرنا مفهوما لدومينيك أورفوا. كما نجد في العنوان مفهوم "القراءة" وهذا المفهوم إن كان يحيل في عمقه على حدود العمل فإنه يشير أيضا إلى أن في هذا المجال لا يمكن أن نصنع شيئا سوى ممارسة التأويل بما يقتضيه من انتقاء، فنحن لسنا أمام حديث لا يمكن أن يقول بعده قائل قولا، وإنما أمام قراءة منفتحة على الإنصات وعلى المستجدات. فضلا عن ذلك فالأمر أبعد عن أن يكون بسيطا إلى درجة أنه يمكن القول إن التأويل هو ضد التبسيط. إن القصد من التأويل عند الأستاذ الصغير إبراز ما لم يصرح به الفقهاء ولكنه متضمن ومضمر في ثنايا خطابهم ... وما يثير عنده أكثر هو أنه لايني يحشد لمذهب ذهبه في التأويل من النصوص والوثائق والوقائع والقرائن ما يجعلك تطيل التأمل في المذهب وسواء اتفقت معه أو اختلفت لا يسعك إلا أن تحترم هذا الرأي وتقدر لصاحبه جرأته. وما أحوجنا في حقلنا العلمي اليوم إلى ضروب من الجرأة والمغامرة لتحريك العقل وبناء المعرفة على أسس جديدة تستجيب للوقت.
    .
    2 = الأطروحة الكبرى للدراسة

    أطروحة الكاتب هي أطروحة صدامية، إذ هناك قناعة يصفها الأستاذ الصغير ب"الزائفة" تغالي في الفصل بين "العلمي" و"السياسي" في تاريخ الفكر الإسلامي، وقصد الباحث هو "تعرية الغطاء عن هذه القناعة" معتمدا في ذلك "على تحليل مفاهيمي لأهم المصطلحات والتصورات الأساسية لما أسماه الصغير ب"أم العلوم" في الإسلام قاصدا به علم أصول الفقه. هنا يصبح التحليل الاجتماعي الثقافي معتمد الباحث في الدراسة ويصبح التاريخ محك قراءته العلمية، فهاهنا حرص على الالتفات إلى الواقع المعيش لتفسير نشأة "الكلام الفقهي" بتعبير ابن رشد.وهاهنا حرص على إعادة النظر في علم الأصول ومقاصد الشريعة خاصة إبان النشأة كمفاهيم أطرها مناخ سياسي واجتماعي ساهم في بلورتها بجانب عناصر أخرى. والأستاذ الصغير بهذا الإعلان يستجيب لأحد أهم مقاصد التأليف التي بلورتها ثقافة التأليف عند المسلمين كما نجدها في مقدمات كتبهم وهي تلمس الجدة في كل عمل علمي، فقد عرف عن المسلمين أنهم حددوا أغراض التصنيف في مقاصد لعل أجمعها قول أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الإشبيلي الذي قال في مقدمة كتابه عارضة الأحوذي في شرح صحيح الترمذي :" لا ينبغي لحصيف أن يتصدى لتصنيف أن يعدل عن غرضين : أما أن يخترع معنى وإما أن يبتدع وصفا ومتنا" ولابن حزم في التقريب شيئا من هذا المعنى تؤكد أن الكتابة لا ينبغي أن تكون إلا لمقاصد كلها تؤم الجدة والإضافة، والأستاذ الصغير هنا يعلن عن إضافته المتمثلة في الربط بين الفكر الإسلامي وأبعاده السياسية متسلحا بالمنهجية التاريخية والابستمولوجية لدراسة نشأة العلم ومنطق العلم. خطر هذه الأطروحة آت من كونها تضفي طابع النسبية على الفكر الإسلامي في بعده الكلامي وفي بعده الأصولي والمقاصدي، وتخلع القداسة عن الأشخاص والأفكار وتجعل كل شيء محل مراجعة ومساءلة. وأقرب مثال على ذلك ما صنعه في مقدمة الكتاب مع علم الكلام، فالفقهاء، في تقديره، لم يفهموا الأبعاد السياسية الواضحة التي أطرت المواقف الكلامية وأعطتها معانيها الأولى ومن هنا فعلم الكلام ليس ترفا فكريا وإنما هو " كلام في السياسة وفي الكبائر السياسية خاصة [ص44]، وكذلك ما صنعه مع علم أصول الفقه حيث يعتبر "الرسالة" للشافعي بيانا يمس الموضوع الرئيس للسياسة السلطانية : موضوع الأمر والطاعة والشرعية، مؤكدا أن معجم "الرسالة" كأنه قاموس في المصطلحات السياسية وأن علم أصول الفقه يعكس في لحظة الميلاد والتأسيس الهموم الأخلاقية والسياسية التي كانت موضوع تجربة "رجل العلم" مع دولة الخلافة. ومن هنا فالعمل العلمي للشافعي المتمثل في ضوابط الجمع بين المختلفات من خلال أصول الفقه لا يخفي المقاصد الأساسية : ضبط وتقنين كل عمل وضمنه العمل السياسي. فسر اهتمام الشافعي بضبط صور بيان النص وطرق استنباط معانيه والفقه فيها هو تقنين المواقف العملية وتنظيمها، هذا التقنين يتم في ضوء النص الذي يجب ضبط بيانه ومعانيه ودلالاته اللغوية وإنقاذها من كل عبث من يريد توظيفها ذاتيا باسم الاستحسان أو المصلحة. وعندما سيصبح علم أصول الفقه قاصرا عن الوفاء بالغرض سيظهر علم القاصد لتوحيد السلطة العلمية إنقاذا للوضع المتردي الذي أصاب المجتمع ليحرص الأستاذ على ربط مفهوم مقاصد الشريعة بالمشكل السياسي والاجتماعي وبخاصة من خلاله تحليه القيم لكتاب الجويني الموسوم بـ"الغياثي" والذي أبرز فيه ضرورة الربط بين المقاصد الشرعية الكلية "اليقينية" وبين كل محاولة للخروج من هوة الانحدار. ثم إن مشروع الموافقات يحركه هاجس وحدة الأمة ونفي التدابر والتباغض والاختلاف، بمعنى أنه يحركه هاجس اجتماعي. وهكذا فالوعي بالمقاصد لا يخلو من أبعد مجتمعية وسياسية أحيانا كثيرة...
    لاشك أن الأطروحة التي يدافع عنها أستاذنا الجليل، وهي أطروحة طريفة في هذا المجال، ستنبو عنها أذواق كثر، خاصة أن كثيرا من التأويلات التي تربط الأصول الفقهية بالهم السياسي بما هو هم نفعي براكماتي يضفي كثيرا من النسبية على هذه الأصول، وهي ليست نسيبة معرفية وإنما نسبية اجتماعية أيضا لأن الأمر يتعلق أحيانا باللجوء إلى أصل معرفي لإغاظة الخصوم كما يتجلى في الصلة التي نسجها بين عمل أهل المدينة وبين واقعة الحرة ومحنة المدينة من دمشق وبغداد !!.
    3- عن المنهج
    [/b
    ]يوقفنا كتاب الأستاذ الصغير أمام معالجة فلسفية لموضوعات شرعية اعتاد المفكرون أن يقدموها بشكل مدرسي تعليمي حريص على الوضوح عمي عن الإشكالات، هذا المنهج المدرسي ينشط الذاكرة لكنه في نفس الوقت يغلق أبواب البحث، كتاب الأستاذ الصغير يثير الإشكالات بل ويثير الشكوك أيضا، وهو ما نجده يصنع في كثير من ثنايا البحث، فهل نعتبر هذه الشكوك من مناهج البحث عن الحقيقة كما يعلمنا درس الغزالي أم نعتبرها نوعا من التلبيس كما يحذرنا بعض الفقهاء؟ إن التناول الفلسفي لكثير من القضايا يروم من جملة ما يرومه في مجال البحث العلمي خلخلة بعض القناعات الشائعة وأحيانا بث الشكوك ولذلك يجب أن يظل هذا المنهج بعيدا عن الجمهور خاصا بأهل الهمم العلمية العالية من هذه النخبة التي تخلصت من ربقة التقليد وتريد أن تؤسس المعارف على أساس من برهان. ومن هنا أهمية الأشكلة؛ ولأبي حامد الغزالي مواقف من ذلك طريفة في آخر كتابه "ميزان العمل": فبعد أن ذكر الغزالي معنى المذهب واختلاف الناس فيه يقول :"ولو لم يكن في مجاري هذه الكلمات إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث لتنتدب للطلب فناهيك به نفعا، إذ الشكوك موصلة إلى الحق...". ولابن رشد من بعده في المسألة آراء جديرة بالاحتفاء وأهم موضع يحلل فيه ذلك [مقالة الباء] من تفسير ما بعد الطبيعة.
    وما دامت الفلسفة لا موضوع لها لخاصية الشمول التي ميزتها عبر تاريخها الطويل، إذ كل موضوع يمكن أن يصبح موضوعا فلسفيا إذا تنوول بطرائق المعالجة الفلسفية المعروفة، سيصبح موضوع الفقه مادة للاشتغال الفلسفي عند الأستاذ الصغير. وممارسة التحليل المفاهيمي لموضوع المقاصد مناسب تماما لأن مجال المقاصد هو بجهة ما مفاهيم تستنبط من الخطاب الشرعي وتستقرأ من جزئياته بل إنها عند الأستاذ الصغير مقاصد تستنبط من ظروف الحياة المعيشة ومن جزئيات عاداتها المستقرأة. تظهر هذه المعالجة الفلسفية في تحليل المفاهيم لنتجاوز التشويش الفقهي وما أسماه ب"الالتباس المعرفي" الذي يلحق بكثير من المفاهيم، فإرادة الوضوح تسري في ثنايا الكتاب، وهو ما بتم خلعه على مشروع الشاطبي الذي يقول فيه صاحب الكتاب إن التصحيح الفقهي عنده يمر عبر التصحيح المفاهيمي، فهناك حرص على تصحيح مفهومي الطاعة والإجماع لدفع كل محاولة لتوظيف واستغلال سلطوي لمثل هذه المفاهيم. كما أن هناك حرصا على ضبط معنى الإجماع كما أن هناك حرصا على تخليص مفهوم "المباح" مثلا من التشويش الصوفي والتشويش السلفي، ويمر هذا الوضوح المفاهيمي بإثارة الإشكالات داخل المفاهيم نفسها كما صنع الأستاذ مع مفهوم التكليف. ولما كان مفهوم المصالح والمقاصد المحور الذي يدور حوله مشروع الشاطبي كله فقد حرص الأستاذ على الاشتغال فلسفيا على مفهوم المصالح بحقله الدلالي الكبير المتكون من الاستحسان وفتح الذرائع وسدها ومراعاة العرف، وغير ذلك من المفاهيم لتوضيحها وإبراز مستوياتها وقيمتها. تحليل المفاهيم لتوضيحها وإزالة اللبس عندما من المجهودات التي نجدها بياض الرسالة والتي تكشف عن العمق الفلسفي لهذه الدراسة المتميزة. لكن هذا التوضيح المفاهيمي ليس مقصودا في ذاته، فضبط المصطلحات وتوضيح المفاهيم الأصولية القصد منه ضبط فهم "النص" ومحاولة تفويت الفرصة على كل من يريد "اديلوجيا" تأويله ليشهد لصالح اختياراته ومواقفه العملية. إذن في هذا الكتاب لاشيء من البنية الفوقية يمكن فصله عن البنية التحتية إذا صح هذا القول، وكلما وجد الأستاذ الصغير عند مؤرخي التشريع مباحث في علم الأصول ومضامين ركز فيها على البعد المعرفي ولم ينتبه إلى مستلزماتها العملية والسياسية كلما تصدى لذلك إكمالا للنقص وسدا للثلم كما صنع مع علم الأصول الذي أبرزه في كتابه علما يعكس في لحظة الميلاد والتأسيس الهموم الأخلاقية والسياسية التي كانت موضوع تجربة "رجل العلم" مع دولة الخلافة.
    لا يغفل الأستاذ الكريم عن تأطير عمله ضمن التاريخ الفلسفي، فالكتاب لا يندرج ضمن تاريخ التشريع الذي "احتكر" لوحده الحديث عن المسار الفقهي والتشريعي من النشأة إلى الحاضر، والمؤلف نفسه يعلن تميزه عن هذا التاريخ الذي كتبه من الأقدمين ابن خلدون الذي قصر في إبراز تاريخية علم الكلام ولم ير في مبحث الدلالات سوى مجرد رغبة في "إصلاح ملكة اللسان"، في حين أن المقصود الأكبر لدى الفقيه الأصولي في نظر الصغير هو تقييد السلطان لا تقييد اللسان، ومن المحدثين مصطفى عبد الرزاق والحجوي ومن المعاصرين الخضري، فالأستاذ الصغير واع بأن منهجه في التأريخ لعلم الأصول هو منهج يختلف عن منهج من سبقه من الأقدمين ، "وعوض التساؤل التقليدي كيف تطورت فكرة الأصول ونشأ منطق التشريع حتى وقت نضجه مع الشافعي" كان من الأنسب مع الأستاذ الصغير التساؤل عن دلالة ومقاصد الخطاب الأصولي خاصة في صورته التأسيسية عند الشافعي.."إن الأمر لا يتعلق بوصف أو توصيف وإنما بقراءة، أي بإثارة تساؤلات حول دلالات النشأة الأصولية". ويجد الصغير في تاريخ الفلسفة ما يضيء له بعضا من هذه النشأة؛ فهذا أفلاطون الذي ما أن أعلن طلاقه للعمل السياسي حتى عاد يكتب في صلب السياسة راغبا في تقنينها والتنظير لمفاهيمها من خلال خطاب جديد كان هو الخطاب الفلسفي، كذلك صنع الشافعي الذي قام بإعادة التأسيس للمفاهيم الشرعية بذاكرة محفورة بتاريخ محن قريبة العهد به بل مسه أحيانا من لهيب السلطة حرها القوي. لقد خشي الشافعي أمام تدهور العلاقة بين القرآن والسلطان أن يمتد طموح السلطة السياسية إلى الكتاب للاستئثار بتأويله وتوظيفه فقرر إنقاذا للوضع ضرورة إعادة تأصيل المفاهيم الشرعية وتوحيدها وتقنين وتحديد فهم مقاصدها، فدور الفقيه بهذه الجهة من النظر ليس ممارسة السلطة السياسية وإنما تقنينها والتنظير لها. بل إن استلهام الصغير تمييز أفلاطون بين الفيلسوف الأصيل والفيلسوف الزائف ليمز به بين صنفين من الفقهاء لمن الدلالات الكبرى على حرص الرجل على جعل كتابه ضمن تاريخ الفلسفة والتفكير في إشكالات المجتمع الإسلامي الاجتماعية والسياسية والمعرفية بخلفية فلسفية. كذلك يجد الصغير نسبا بين ما صنعه الشافعي وما صنعه أرسطو غير النسب الذي وجده الرازي؛ فإذا كان الرازي قد جعل أصول الشافعي في منزلة منطق أرسطو فإن الصغير نظر إلى العلاقة من جهة أخرى، فإذا كان المعلم الأول اعتزل الناس فاستخرج من عزلته علم المنطق فإن الشافعي اعتزل الناس أيضا لكن ليستخرج علم الأصول.
    إن موضوع الكتاب هو موضوع فقهي لكن تناوله سيتم ضمن تاريخ الفلسفة ومن هنا جدة العمل الذي قدمه الأستاذ الصغير في هذا الكتاب. إن الشافعي لا يقدم وصفا تقليديا لقضايا أصول الفقه، إنه يوظف المفاهيم الأصولية لخدمة أطروحته المنافحة عن تفسير المعرفي بالسياسي. فمشكلة الطاعة هاجس أساسي في رسالة الشافعي، إذ لا يمكن حسب الأستاذ الصغير، إعطاء معاني الاستدلال والقياس والاجتهاد دلالاتها وأبعادها المشروعة إلا بالنظر إلى رفض التفويض المطلق في ممارسة سلطة الأمر والإيجاب. فالقصد المهيمن على رسالة الشافعي يستفاد من خلال الجواب عن السؤال الأساس :"لمن تكون الطاعة؟".فالمفاهيم الأصوليه من مثل الاستحسان والرأي والأمر والمعروف وغيرها من المفاهيم تم النظر إليها من زاوية معرفية ولم يتم الانتباه إلى مستلزماتها السياسية. لكن الغريب أن الأستاذ الصغير وهو يقدم لنا في تحليل رائع عمل الجويني في "الغياثي" يكاد يقدم لنا هذا الفقيه في إهاب فيلسوف لأننا نجد العقل الفقهي عند الجويني يشتغل على ثلاثة مستويات :مستوى التخييل ومستوى التنظير ومستوى الاستنباط، وفي ذلك تحرير للعقل الفقهي وفتح لآفاق له. فعلى مستوى التخيل يقول الجويني : "إني تخيلت انحلال الشريعة.." فيقدم الجويني افتراضات غريبة أهمها الافتراض الكبير عن حتمية انحلال الزمان وتراجعه وافتقاد المرجعية الشرعية فيه وافتراض خلو الزمان عن أصول الشريعة بل وعن مقاصدها، فالجويني يفترض الأسوأ مستقبلا لكن ينظر لطرائق في التعامل مع هذا الواقع الأسوأ، ويشتغل على النصوص وعلى النظر في الحال والمآل ليستنبط ما يراه صالحا من قواعد تضيء "ليل المعرفة". أما على مستوى التنظير فنحن بإزاء تصور شامل محكم لما ينبغي أن يصنع عند خلو الزمان من المجتهد بل ومن الشريعة أصلا، أما على مستوى الاستنباط، فنحن أمام طرائق غنية في استخراج الأحكام من النص والواقع تدل على براعة عقلية الجويني. كما وظف الأستاذ الصغير المنهج الجدلي في تحليله، ويكفي للتدليل على ذلك كثرة توظيفه لمفهوم "العلاقة الجدلية" لإبراز التفاعلات والتوترات سواء بين المفاهيم ذاتها أو بين الوقائع الاجتماعية أو بين المفاهيم والوقائع الاجتماعية. بل إنه في مرة واحدة وظف مفهوم التحول من الكم إلى الكيف لإبراز خصوصية الشروط الموضوعية التي تساهم في تحويل التراكم المعرفي إلى تغير كمي، كما يفكر الأستاذ الصغير في موضوعه بخلفية العلوم الإنسانية المعاصرة، فوظف علم اجتماع المعرفة في قراءته لنشأة علم الأصول، فسبب هذه النشأة عنده ترجع إلى إنقاذ النص المؤسس للشرعية في الإسلام من محاولات التوظيف التي ظهرت باسم المصلحة.كما وظف كثيرا من المفاهيم السيكلوجية التي تنتمي إلى التحليل النفسي من مثل مفهوم اللاشعور والمكبوت السياسي..
    لكن، لعل أبرز منهج تكشف عنه قراءة الكتاب هو المنهج الإبستمولوجي. في هذا الإطار أيضا نجد الأستاذ الصغير يدافع عن رؤية منهجية لا ترى فصلا بين تاريخ العلم وتاريخ السياسة في الإسلام لأن الوعي بتاريخ أصول الفقه ظل غائبا كما يقول. يعرف لالاند الإبستمولوجيا بأنها الدراسة النقدية لمبادئ العلوم وفرضياتها ونتائجها قصد تحديد أساسها المنطقي لا السيكلوجي وبيان قيمتها وحصيلتها الموضوعية، لا يصرح الأستاذ الصغير بتبنيه لهذا المنهج في الكتاب، بل إنك لا تجد في الكتاب جميعه مصطلح "ابستملوجيا" رغم أن المقام اقتضاه في كثير من المواضع، وهو درس من الدروس التي اعتقد أن الكتاب يقدمها لنا، هذا الدرس يمكن صياغته على الشكل التالي : يجب التسلح بالمنهجية المعاصرة في التحليل لكن أن نتمثلها دون التصريح بها. المنهج الابستمولوجي في الكتاب واضح من خلال مفاهيم كثيرة ولم يشكل أبدا نشازا، بل إنك لتجد الأستاذ الصغير يشتغل بهذا المنهج وكأنه لا يشتغل به، والمنهج الابستمولوجي ملائم جدا لأن الأمر يتعلق بدراسة علم نشأ من خلال تجاوز عوائق وتحقيق ضرب من القطيعة المعرفية مع ما سبقه وإفصاح مفاهيمه وفرضياته ونتائجه ومناهجه عن قيم إيجابية كثيرة سواء على المستوى المعرفي أو المنهجي. فالمتأمل في الكتاب لايني يلتقي بعبارات مأخوذة من الحقل الابستملوجي من مثل "إعادة التأسيس" "العوائق"، القيمة المعرفية والعلمية والتطبيقية، والمنهجية، فنجد البحث مثلا عن قيمة مفهوم المباح، والبحث عن القيمة المعرفية للإستقراء، وكذا عن القيمة المعرفية والعلمية للمآلات في الخطاب الشرعي، وكذا الحديث عن قيمة السلطة المعرفية لرجل العلم في الإسلام، ومفهوم "الرؤية التأسيسية" البادية على مشروع المقاصد عند الشاطبي. يبدو توظيف المنهج الابستمولوجي في أجلى صوره عند توصيف نشأة علم المقاصد والحديث عنها خاصة مع الشاطبي، لقد وصل الخطاب الفقهي إلى نوع من أزمة الأسس فلم يعد الخطاب الفقهي في بعده الفروعي والأصولي قادرا على الاستجابة لظروف العصر المستجدة فظهر علم القاصد لتوحيد السلطة العلمية إنقاذا للوضع المتردي الذي أصاب المجتمع، فما هي مبادئ هذا العلم وأسسه من القواعد والأصول الكلية، ومفاهيمه وافتراضاته؟ إن الشاطبي أعاد تأسيس مشكلة المصالح ذاتها، إذ أصبح الناس يتهافتون على جلب المصالح دون ضابط شرعي وعقلي، كما أعاد تأسيس مشكلة الطاعة والأمر والأحكام بإعادة طرح مشكلة التكليف من الأساس لأن المنهجية الأصولية القديمة أصبحت عاجزة عن أن توصل إلى "التعريف بأسرار التكليف". كما أن من شروط تأسيس القول في المقاصد انتهاج الاستقراء واعتماد الاستقراء والمبادئ العقلية المحصورة والمضبوطة لإضفاء طابع القطع على أصول وقواعد الشريعة وهو ما أغفله الفقهاء حيث أغفلوا استقراء أدلة الشريعة التفصيلية فغفلوا بذلك عن "روح المسالة" بتعبير الشاطبي وعن "نفس الشرع" بتعبير العز بن عبد السلام. كما يبحث الابستمولوجي عن عوائق المعرفة العلمية وهي هنا الاعتناء الزائد بالمسائل، وكذا الإسقاطات ذات المصدر الباطني الإسماعيلي، وكذا التعصب المذهبي، والبدعة كعائق معرفي وعملي في ذات الوقت، وغير ذلك من العوائق التي يحرص الأستاذ الصغير على تصيدها لإبراز كيف شكل تجاوزها تأسيسا لعلم جديد. فقد كان المقصد الأكبر للشاطبي هو إعادة تأسيس صرح الشريعة، وكان يكتب بهاجس التأسيس لأرضية الاتفاق والتوفيق. سمح بالمقاربة الإبستمولوجية اعتقاد الباحث أن الجويني والشاطبي قاما معا بتأسيس علم جديد تجاوز المعرفة العلمية السابقة وهو علم المقاصد وأن هذا العلم قام على أسس جديدة وعلى إعادة تأسيس مفاهيم تأسيسا جديدا، وتحررا من عوائق وحققا ضربا من القطيعة.
    الخاتمة

    وأخيرا، فإن المتأمل في الإنتاجات التي أصبحت تعرض للناس في الأيام الأخيرة يلاحظ أن أكثرها يغلب عليها الطابع الإشكالي حيث أصبح العرض يغيب لصالح الاستشكال وإبراز المفارقات والتناقضات والتوترات الثاوية في الخطاب، يصدق هذا على كثير من الإنتاجات الفلسفية كما يصدق على بعض الإنتاجات الفقهية التي أصبحت تستشكل الخطاب الفقهي وتقدمه من خلال تقابلات وبجرأة صادمة أحيانا. ونحن هنا في هذه الجلسة وقفنا عند كتاب طابعه الإشكالي أظهر من أن يشار إليه. فكتاب "الفكر الأصولي وإشكالية السلطة العلمية في الإسلام" الذي يجلي هموم السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، هو قراءة للتاريخ الإسلامي من جهة نظر ثقافية وقراءة للثقافة الإسلامية في بعدها الفقهي من جهة نظر سياسية. وهو فضلا عن ذلك موسوعة في أدب الفقه السياسي، حيث يرصد في جزء كبير منه تطور الممارسة السياسة في الإسلام من خلال أدبيات الفقه السياسي وانعكاس ذلك على الخطاب الفقهي، لقد كان الأستاذ الصغير مهموما بالبحث عن الهم الاجتماعي والتاريخي في أعمال الفقهاء الأصولية والمقاصدية، وقد تمخض همه هذا عن إعادة الاعتبار في الفكر الفقهي المغربي إلى أعمال فقهية متميزة لم ينبه عليها من قبل من مثل كتاب "الغياثي" الذي فصل القول فيه كثيرا حتى إنه ليخيل إلينا أن مشروع الجويني هو مشروع معاصر لنا. إن الموضوع الذي عالجه الأستاذ في كتابه هذا موضوع مركب متشعب الخيوط حتى إنه من كثرة تشابكها وتعقدها تكاد أن تلتبس لولا المتابعة الدقيقة التي قد تجدها من الباحث اليقظ. نحن هنا أمام معالجة فلسفية لموضوعات شرعية اعتاد الفقهاء أن يقدموها بشكل تعليمي مدرسي حريص على الوصف التاريخي عمي في كثير من جوانبه عن الإشكالات، نحن هنا أمام بحث يثير الإشكالات بل والشكوك، وهو من هذه الجهة، مع صدقه ونزاهته العلمية، يمكن أن يشكل محركا للباحثين لإعادة النظر في كثير من قضايا تراثهم وبخاصة التراث الفقهي، التراث الأصيل لهذه الأمة.

  2. #2

المواضيع المتشابهه

  1. التجديد الأصولي بين البوطي والمرزوقي... ( منقول )
    بواسطة خليل حلاوجي في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 13-10-2012, 11:15 PM
  2. الدكتور عبد المجيد الصغير يقدم كتاب الفقة والفلسفة في الخطاب الرشدي
    بواسطة إبراهيم عبد الله في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-07-2011, 07:27 PM
  3. (( بِلْفُور وَعْدَك فِي الْجَحِيْم) شِعْر عَبْد الْمَجِيْد فَرْغَلِي رَحِمَه الْلَّه
    بواسطة عمادالدين رفاعي في المنتدى مُخْتَارَاتٌ شِعْرِيَّةٌ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-11-2010, 10:22 PM
  4. المذاهب الإسلامية وإشكالية حمل اللفظ على معنى ظاهره الحقيقي وبين ضرورة التأويل
    بواسطة صادق الشيحاني في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 15-05-2010, 10:26 AM
  5. عًٍ ى دًٍ
    بواسطة اسماء محمود في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 28-10-2008, 05:11 PM