الأسِيرَةُ
... وظلت ترقب بشوق كبير بزوغ فجر ذلك اليوم المشهود، الذي سيتم فيه إطلاق سراحها، لتعانق حريتها المفقودة من جديد، ولترتوي العين من إشراقتها وهي مخطوطة على الأوراق، ولتحتفل بنفسها صوتا مهموسا ومجهورا في الأسماع، ولتحتضنها القلوب النابضة ثانية بعد غياب طويل أكرهت عليه قهرا ...
قبل أيام من الإفراج عنها، أخذت والاستبشار يغمرها تنسج من وحي مخيلتها ما ستلقاه من حفاوة الاستقبال ورحابة الصدور، عندما تنزع عنها القيود والأغلال، وما ستجده من مواساة وتطييب خاطر، وما سيبعث في نفسها دفء الحياة وسعة الفرحة، وما سينسيها بعض الشيء قساوة الأسر الطويل، ومرارة الحسرة على ما ضاع لها من أيام وليالي غصبا ...
لم يكن استبشارها بما ستنعم به من إشراقة على الأوراق، واحتفال في الآذان، واحتضان في القلوب، بعد أن أفرج عنها، إلا نسج خيال وقطوفا غير دانية، ولم يكن ما شيدته من أحلام جميلة إلا قصور رمال هاوية ...
د. عبد الفتاح أفكوح - أبو شامة المغربي