أخت السحاب
شدا بلبلُ الوجدانِ شوقـاً وغـرّدا يـرددُ أنغامـاً وحبّـاً مـؤكـدا فطارَ لهـا قلبـي وشوقـي يقلُّـهُ يسافرُ توّاقـاً ويستقـربُ المـدى إلى الباحةِ الغنّـاءِ وهـجِ أرومتـي ديـاراً وأرجـاءً وداراً ومسجـدا لها ..لأميرِ المجدِ والفكـرِ والنُهـى محمـد إذ أعلـى البنـاءَ وشيّـدا أميـرٌ نعمنـا بالحـيـاةِ بظـلِّـهِ يمدُّ بفيضِ الجودِ مـن فضلِـهِ يـدا وفيصلًُ فـي دربِ الأُبـاةِ مسيـرُهُ وقد نالَ صرحاً بالعلومِ موطّـدا من العلمِ أفضالاً ..من الفكرِ حكمةً وفـوق الثريّـا بالمكـارمِ مقعـدا وطرتُ إلى أُختِ السحابِ ميمِّمـاً فما زادَ هـذا الشـوقُ إلاّ توقـدا هي الأرضُ أفياءً و روضـاً ومنبتـاً هم الأهلُ أمجاداً و فخراً وسـؤددا همُ السادةُ الأحرارُ رأياً ومطمحـاً وعلماً وآدابـاً وفكـراً ومقصـدا إلى غامد الأفذاذِ وجّهـتُ وجهتـي فأكرِم بهـم قومـاً و جـدّاً تغمّـدا (1) لهم - واسألوا التاريخَ- سِفرُ كرامةٍ سَموا بالتقى هدياً وبالدينِ مـوردا وقد ناصروا الإسلامَ ديناً ودعـوةً وقد رافقوا منـذُ الزمـانِ المهنّـدا وساروا بنورِ اللهِ دربـاً و منهجـاً وقد ناصروا خيـرَ الأنـامِ محمّـدا فذاكَ أبو ظبيان جندلَ ( رُستماً ) (2) وقـادَ لِنـشرِ الدينِ جيـشاً وجنَّدا وهذا ابنُ عوفٍ (3) ، ذاك صخرٌ(4) و جُندبٌ (5) وذا ابنُ سليمٍ (6) إذ سـما وتفـرّدا شموسٌ أضاءت فالجـلالُ سـمـاؤها فـبُوركتِ الأرواحُ والنورُ إذ بَـدا رجالٌ سموا فوقَ النجـومِ بعزمِهـم فكانوا بما حازوا من الفخرِ فَرقـدا وإن أنسَ لا أنسى لزهـرانَ مجدهـا رجـالاً وأعلامـاً وفعـلاً مُخلّـدا رُواةُ حديثٍ ، قـادةٌ ، و جهابذٌ رجـالٌ سَموا قَدراً وقد طاولوا شدا ! فذاكَ ابنُ صخرٍ(7) والطُفيلُ (8)وقبلهم جـذيـمةُ(9) في أرضِ الـعراقِ تسـيّدا و لابنِ دريدٍ (10) في التواريـخِ صفحةٌ و جاءَ الخليلي(11) بالـعروضِ مُـجَـدِّدا و هم إن سألتَ المجدَ قـومٌ وَ سَـادةٌ حموا رايةَ الإسلامِ..كانوا لهُ الفِـدا بنفسي قوماً لـم يذلّـوا لغاصـبٍ فللهِ هم فضـلاً وعلمـاً ومقتـدى و نحنُ جميعـاً للخطـوبِ رجالُهـا ونارٌ على الباغي إذا جارَ واعتـدى ونحنُ فداءُ الأرضِ في سـاحةِ الوغى فَدينا و نفدي أرضنا اليـومَ أو غـدا لقاداتنـا كـنّـا الـرجـالُ إرادةً و نُهدي ولاءً كـلَّ يـومٍ مُجـدّدا إلى خادمِ البيتيـنِ صـدقَ ولائنـا مليكاً حكيمـاً بالقلـوبِ مؤيـدا ونزجي وليَّ العهـدِ صِـرفَ محبّـةٍ فسلطانُ صنوَ الجودِ والفضلِ والندى تربّعَ فـي الأرواحِ عرشـاً ومنـزلاً فكانَ لنا رمـزاً مجيداً وسيّـدا وللنائـبِ الثانـي الوفـاءُ سجيّـةٌ و نُهديهِ من فيضِ الأصالةِ عسجـدا لآلِ السعـودِ الراشديـنَ عدالـةً فَشِرعتُهم هديٌّ و آراؤهـم هُـدى فَطِب موطني للحقِ والعدلِ والهدى بـأمِ الـقـرى نـوراً أضاءَ فأسعدا
__________________________
(1) غامد هو عمرو بن عبدالله وقيل عمر بن عبدالله بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبدالله بن مالك بن نصر وهو شنوءة بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن عبد شمس (سبأ) بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر ( هود علية السلام ) بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح علية السلام ابن متوشلخ بن اخنوخ ( إدريس علية السلام ) بن يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيث عليه السلام بن آدم عليه السلام. سمي كذلك كما تقول العديد من الروايات لأن عمرو كان حكيما وكان قادرا على حل مشاكل القبائل العربية آنذاك فأسماه ملك اليمن التبع أسعد أبو كرب بن ملكيكرب الحميري ( غامد ) وفي رواية قيل سبب تسمية غامد أنه وقع بين عشيرته شر فتغمد ذنوبهم - أي غطاها - ومنه الغمد .. قال شاعرهم معتزا و مادحًا:
تغمدت شرا كان بين عشيرتي * فأسماني القيل اليماني غامدا
________________________
(2) أبو ظبيان رضي الله عنه هو عبدالله بن الحارث بن كثير بن جشم بن سبيع بن مالك بن ذهل بن مازن بن ذبيان بن مازن بن ثعلبة بن الدول بن سعد مناة بن غامد الغامدي ، رضي الله عنه .قال أبن الكلبي : أسمه : عبد شمس فغيره النبي صلى الله عليه وسلم لما وفد عليه وكتب له كتاباً .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد كتب إليه يدعوه ويدعو قومه ، فأجاب في نفر من قومه قدموا عليه بمكة ، وهو صاحب راية قومه يوم القادسية ، وكان فارساً شجاعاً وكان في ألفين وخمسمائة من العطاء ، وكان كثير الغارة
(3) سفيان بن عوف بن المغفل بن عوف بن عمير بن كلب ويقال كليب بن ذهل بن سيار وقيل (يسار) بن والبة بن الدول بن سعد مناة بن غامد الأزدي الغامدي . رضي الله عنه .
أحد صحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، كما أنه أحد قواد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .روى الحاكم عن مصعب الزبيري قال : وسفيان بن عوف الغامدي صحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان له بأس ونجدة وسخاء وهو الذي أغار على (هيت والأنبار) ، في أيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقتل وسبى ، وإياه عنى على بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله في إحدى خطبـه : وإن أخا غامد أغار على هيت والأنبار وقتل حسان بن حسان .
(4) زهير بن سليم بن الحارث بن عوف بن ثعلبة بن عامر بن ذهل بن مازن بن ذبيان بن ثعلبة بن الدول بن سعد مناة بن غامد الأزدي الغامدي . رضي الله عنه .
وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، في وفد أبي ظبيان الأزدي الغامدي ، رضي الله عنه ومعه أخواه : مخنف وعبدالله أبنا سليم الغامدي .شارك رضي الله عنه في معركة القادسية في الجيش الذي قاده سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، ولما انهزمت العجم في تلك المعركة ، وجه يزدجرد ملك الفرس النخارجان على رأس جيش مدداً للجيش المهزوم .
أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفد المدينة بعد أن هاجر إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم ، حيث كان رضي الله عنه ضمن وفد قومه ، صحبة عمير بن الحارث الأزدي ذكر ذلك أبن حجر في الإصابة ، فقال : وله ذكر في ترجمة عمير بن الحارث الأزدي ، أنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم ، في نفر من قومه ، منهم : جندب بن زهير، ومخنف بن سليم وعبدالله بن سليم ، وجندب بن كعب وغيرهم .
وهذه هي الوفادة الثانية لغامد ، أما الوفادة الأولى فكانت بمكة قبل الهجرة النبوية الشريفة .
وهو الذي نزلت فيه الآية القرآنية التالية( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )
(6) عبدالله بن سليم بن الحارث بن عوف بن ثعلبة بن عامر بن ذهل بن مازن بن ذبيان بن ثعلبة بن الدول بن سعد مناة بن غامد الأزدي الغامدي . رضي الله عنه.
وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخويه مخنف وزهير صحبة أبي ظبيان الغامدي رضي الله عنه .
كان عبدالله في جيش المثنى بن حارثة وهو يقاتل الفرس بالعراق ، في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولما قتل مهران قائد الفرس ، انهزمت العجم واتبعهم المسلمون ، وعبدالله بن سليم الأزدي يقدمهم .
كما شارك في معركة الجمل ، في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وتسلم راية الأزد بعد مقتل أخيه الصقعب بن سليم فقتل بالمعركة .
(7) ابن صخر هو الصحابي الجليل عبد الرحمن بن صخر الدوسي (أبو هريره) راوي الحديث وسيد الحفاظ الأثبات.
(8) الطفيل بن عمرو بن طريف الدوسي صاحبي جليل أسلم قبل الهجرة النبوية ثم لحق بالرسول بالمدينة بعد معركة أحد وأقام فيها أستشهد في حروب الردة بمعركة اليمامة.
(9)جذيمة الأبرش هو جذيمة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران الأزدي ،الملك المشهور وأصله من زهران أحد القبائل الأزدية، وكان ثالث ملوك تنوخ وأول ملك بالحيرة، وأول من حذا النعال، وأدلج من الملوك وصنع له الشمع، وكان شاعراً، وقيل له الأبرص والوضاح لبرص كان به ، ويعظم أن يسمى بذلك فجعل مكانه الأبرش.
كان جذيمة بن مالك ملكًا على الحيرة والبحرين وعلى ما حولها من السواد ملك خمساً وسبعين سنة.
(10) أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي البصري ، من نسل عمرو بن مالك بن فهم الزهراني ، هو عالِم وشاعر وأديب عربي، كان يقال عنه: «ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء» ولد في البصرة عام 223هـ/837م، وكان أبوه وجيهاً من وجهاء البصرة، وقرأ ابن دريد على علمائها وعلى عمه الحسين بن دريد، وعند ظهور الزنج في البصرة أنتقل مع عمه إلى عُمان وذلك في شهر شوال عام 257هـ، وأقام فيها اثنتي عشرة عاماً، ثم رجع إلى البصرة وأقام فيها زمناً، ثم خرج إلى الأحواز بعد أن لبى طلب عبدالله بن محمد بن ميكال الذي ولاه الخليفة المقتدر -أبو الفضل جعفر- أعمال الأحواز، فلحق به لتأديب ابنه أبا العباس إسماعيل وهناك قدم له كتابه جمهرة اللغة وتقلد ابن دريد آنذاك، ديوان فارس فكانت كتب فارس لا تصدر إلا عن رأيه، ولا ينفذ أمر إلا بعد توقيعه وقد أقام هناك نحواً من ست سنوات
(11) الخليل بن أحمد الفراهيدي مؤسس علم العروض ينسب الى فرهود بن زيد بن شبابة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبدالله بن زهران بن كعب بن الحارث.
1/1/1430 هـ