هل التجاوب و الانسجام يتحقق بتقبل الآخر كما هو؟؟أي أن تقبلي من الآخر كل تصرفاته ..مواقفه و آرائه الكبرى العريضة في الحياة ..كما هي؟؟ أم كما تريدين أنت؟؟ لأن هناك فرق ..
فعندما تبدئين في تخطيط ملامح الشريك تتوهين.. لأنك ترسمين له صورة كما تحلو لك في المخيلة و في اللاشعور الطفولي الوهمي.. الذي حتما يكون مختبئا تحت أحلام بريئة ..ما تنفك تصطدم بصخور الواقع الحقيقي.. فالواقع اللحظي يهاجمك بكل أنيابه.. ليعلن عن حماقة أحلامك و تمنياتك..أنذاك إما أن تستمري في سيمفونية الدفاع عن الأحلام البليدة الهدامة المتمسكة بأطراف جلابيب حياتك و التي تصرخ كطفل متمرد.. لن يهدأ له بال إلا بعد أن تستسلم أمه و تمنحه ما يريد .. أو أن تكوني أمام اختيار لا يرضاه هواك و لكنه يكون أقرب للصواب.. خصوصا عندما تتقبلين الآخر كما هو.. و تحاولين التأقلم مع منطقه في الحياة.. و تتجاوبين مع الغرابة في أفكاره و ممارساته.. و تمتطين حصان برمجة نفسك على قناته دون أي إحساس بالمهانة أو إحساس بالإكراه...
و لكن يبقى السؤال حتى و إن قبلت شريك حياتك كما هو.. و تنازلت عن بعض معتقداتك و أفكارك و آرائك في الحياة و قدمت على سلوك لم تعهده منك نفسك و لا محيطك.. أ ستظلين تتساءلين...هل هدأ بال شريكي ليقدم لي عربون الجميل؟؟أم هنا تبدأ حكاية لعبة الولاء و الجبروت.. و مرة أخرى تكونين أمام قدرين..خيارين...إما أن تربحي المغامرة..وتكسبي لحيظات الهناء..أو تخسري أحلامك الطفولية.. لتبدأ الأسئلة تستهوي قناعاتك..و تبشر مسطرة التأنيب قدوم قانون جديد لن ينسحب و يغلق صفحاته بظهير شريف..إلا بعد أن تنقري كلمة العبور الوحيدة ..استسلمت..خاب أملي..ضاع مني الهدوء..خارت قواي..
أنذاك ستقفين مشدوهة من فرط الإعياء.. لتقولين كفى لن أستمر في اللعبة..سأقلب الصفحة.. و لكن إلى متى ستستمرين في قلب الصفحات..؟ و في طي الحكايات الخاسرة و الأسهم البراقة الفاشلة؟؟.إلى متى ستسترقين السمع و تصدقي همسات الأمل و دغدغات روح البدء من جديد؟؟ إلى متى ستظلين مبتسمة للصدمات ؟؟تعانقينها لتقولي لها أعيدي اللكمة ..فصدري رحب إن ذلك يقويني..إن ذاك يزرع مناعة بداخلي.. هل ستظلين العمر كله تجمعين في المناعات؟؟..لا.. أنت محتاجة إلى حياة تنعمين فيها بالراحة و المصالحة مع النفس..
اذن فكري في إعادة برمجة نفسك على قنوات حياة شريكك..و تقبليه كما هو.. و طوعي حياتك و أحاسيسك مع رغباته و طباعه..أنذاك سيتعلم منك درس العطاء و التسامح و التنازل و التضحية.. و إياك أن تنتظري المقابل فانتظار المقابل هو الإعلان الرسمي عن فشل مجهوداتك لإنجاح مشروع الزواج...دون الانتظار ستجدينه حتما يطرق بابك.. ليقترب منك.. ليستعطف قلبك الحليم..و حتى و إن لم يعترف لك صوتا ..نطقا.. كلاما ...تكيفي و تقبلي اعترافه بالإيماء و الصمت.. فستجدين أن ذلك أعذب و أحلى..فعذوبة تعالي الشريك عن البوح و الاعتراف و أنت عالمة لما يخفيه صدره و لما تكتنز ضلوعه.. ما ستجدين عذوبة أجمل منها...
فهيا اغرفي من السعادة حتى الثمالة .. ووطدي العلاقات مع التسامح و الاحترام.. و لا تنسي أن تلغي من قاموس حياتك مع شريكك اصطياد نقط ضعفه.. أو تحين الفرص لتحسيسه بمدى قوتك و مدى ضعفه.. فلعمري ذاك هو الخنجر المسموم الذي تطعنين به حياتك الزوجية..إياك و الانزلاق في متاهات الأنا و الأنت... و ارسما لوحة من لون واحد بريشتين مختلفتين.. و اقتنياها من نفس المتجر..و ضعا في اعتباركما أن ثمة شمعة جميلة تلألأ حياتكما فلا تفرطا في الاستمتاع ببراءة ابتسامتها بينكما.. و لا تقترفا في حقها ذنبا تجعلانها تكفر عنه لوحدها ..فقط لأنكما أحسستما يوما بالضجر..فتلك ذريعة لا تتسلقا أبراجها لأن أي تصرف لا مسؤول منكما قد يدفع بشمعتكما من أعلى تلك الأبراج..فهل ترضيا باقتراف جريمة ضد فلذة كبدكما؟؟..لا أظن..لأن حبكما لها أعظم.. و خوفكما عليها سيظل الرقيب و الحسيب على أي سلوك أهوج تجاه حياتكم جميعا..