سلامٌ عليكَ... على أرضنا
إلى محمود درويش
إلى أين تذهبُ هذا المساءْ
وضوءُ سلالتكَ امتدَّ فينا
وأطلقنا في مثلّثه مثلما نشتهي
و نحبُّ ولا ننتهي
آنَ للماءِ أنْ يتجدولَ بين أصابعنا
قمْ إذنْ يا فتى
لم نصلْ بعدُّ مسقط أرواحنا
صوتكَ المتناسلُ دربني أن أكونْ
كما زهرةُ اللوزِ فوقَ الغضونْ
وأن لا أخونْ
يمامَ يديكَ وعشبَ جراحِكْ
وعلّمني مهنة الصحو
حتى أقاصي الحواسْ
وماذا يريدُ النعاسْ
من العاشقين بأرض ِ الجنونْ!
إلى أينّ تذهبُ, ثمة عمر ٍ جديدْ
على التلِّ ينتظرُ
وصباح ٍ سعيدْ
على شارع الحبِ يقطرُ
وأنتَ القريبُ البعيدْ
و هذا الذي في المدى من ندى...
جدولٌ ماؤه المستحيلْ
تعلّمَ أن لايسيلْ
إذا ما تعمَّدَ من سلسبيل لقاحِك
إلى أين تذهبُ قلْ
والسماء الأخيرةٌ خلفَ جناحِكْ
تحاولُ أنْ تستمدَّ الثباتَ فتهوي
فيرفعها ويثبتها في المدار ِ
هبوبُ ِرياحِكْ
فراغُكَ مكتملٌ
والعصافيرُ مدتْ مناقيرها
واحتستْ جلنارَ صباحِكْ
ومنْ قشِّ سبع ٍوستينَ سنبلة ٍ
نسجتْ في الربيع ِ وكنْ
تعالَ إذنْ
واخرجْ الآنّ واتركْ مواتكَ يلهو
كما يشتهي في بياضَ الكفنْ
ولا فرقَ بينَ الغياب ِ
وبينَ الحضور ِ
إذا لم تكنْ في الوطنْ
وأنت هنا واقفٌ في التراب ِ
تسيرُ بهِ في ثباتين ِ
مهما يدورُ الزمنْ
وصار البعيدْ
يصبُّ الندى في مراحِكْ
أرى الآنَ زيتونكَ العذبَ
يمتدَّ في سرةِ الأرض ِ
تلتفُّ دائرةٌ من جذور ٍ وتعلو
وهذا العلّو اصطفتّهُ السماءُ
وغامتْ إلى ما يشاء الهطولْ
وما تشتهي البذرةُ المهملة
مطرٌ ينسجُ الخصبَ فوقَ الحقولْ
وماذا يقولُ الذي أثملَ العشبَ
من يتقاسمَ هذا النِّمو,دموعُ الغمامة ِ
أم دمنا!
يا إلهي
متى سنكفُّ عن الأسئلة !
وكلُّ سؤالٍ يعلقنا
فوقَ مسمار هذا الغيابْ
وأين الجوابْ
وشارةُ أحرفهُ انفرطتْ
في الترابْ
وفي سلّة ِ الضوءِ عادتْ
كما السنبلة
وكأنَّ الكلامَ المشفرَ فوقَ الشفاه
وضوحُ سنابلكَ الطيّبة
حَصْحَصَ السرًّ وارتفعتْ
في دمي الأجوبة
آن لي أن أشمّ رائحةَ الأتربة
آن لي أن أقولْ
وأبكي على كتفِ أمي البتولْ:
عرفتُ المنافي جميعاَ
وما جفّ بينَ الحدودِ لهاثي
وكنتُ أتيتُ
هنا ما تيّسر لي..
لي غزالةُ كنعانْ
وحقلٌ صغيرٌ من الأقحوانْ
وأمٌّ وبيتُ....
ولي ما تيسّر من سنّدسَ العشبِ...
قبرٌ ونافذةٌ لأرى ما اريدْ
وما فوقهُ لي
وما تحتهُ لي
ولي أن أطل على من أحبُّ
بكلِّ صباح ٍ جديدْ
وماذا تبقّى على هذه الأرض
يستدرجُ الروحَ حتى أقاصي الحياة
مواتُ يؤرّخنا في ممرّ المراثي!
وليس لنا أن نموتَ
كما يشتهي ويحبَ الطغاة!
لنا أن نحبَّ كما أنتَ علّمتَ
والحبُ أرضٌ ونبضٌ
وسلّم ضوءٍ
ورفّ حمام ٍ وداليةٌ
وسفينُ نجاة
وماذا سيبقى على الأرض ِللعابرين
سوى أثر ٍ للخطى والحصى تحتها
اصطفى الأبجديةَ, دوّن فوقَ خطاهم:
غزاةٌ ... غزاةٌ .. غزاة
سلامٌ عليكَ..على أرضِنا
على وردةٍ أرّختْ فيضَ نبضكِ
حينَ تجدّولَ في نبضِنا
وسلام ٌعلى أبجديّتِكَ الطيّعة
وجناحُ الوصايا يرفُّ
وينّهمرُ الحرفُ
إلى أن تؤثثنا المفردة
ونعود كما تشتهي أمَّنا الموجَعة..
والصلاةٌ على ثغرها لا تكفُّ:
قليلٌ من الحبِ في وطن ِ الحب ِ
هذا إذنْ درجُ الصاعدين إلى بعضهم
كم ذُبحنا بخنجرِمن وصلو بعدنا
وعرفنا النهايةَ واحدةً
والبدايةَ ساجدةً
ربّما ستقومُ بنا ربّما ستقومُ
إذا الموتُ فرَّ بعيداَ
وخلّفنا وحدنا
وإذا ما نجى أنْ نصوّبهُ في الصلاة ِ
على بعضِنا
وسلامُ عليكَ هنا ولنا
وسلامٌ على ما تريدُ الحياةُ من الموتِ
أن لا يموتَ هنا
وإذا ما أراد, على عجلٍ أن يموتَ بنا
ولنا في بلادي الحياة