أخي الكريم/ بهجت الرشيد
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
ومرحباً بك وبسؤالك الجميل
***
أما من يحاول أن يكتب الشعر وهو في بداية الطريق فأنصحه بالآتي:
- أن يتقبّل كل الآراء حتى وإن لم يكن مقتنعاً بها، فلعل الرأي الذي لم يقتنع به يكون صحيحاً وهو غير مدرك هذا الأمر، وسيدركه في مرحلة قادمة من مراحل التعلم والكتابة.
- أن يحاول في البداية أن يقلّد، وهذا طبيعي لكل من يبدأ في أي صناعة في الحياة، كل تلميذ يحاول أن يقلد أساتذته، ولا عيب في ذلك، بل هو واجب وضروري، فإن أفلح في التقليد والمحاكاة في البداية فإنه سينتقل إلى مرحلة التميز والإنتاج الخاص المميز ذي البصمة الشخصية له.
- أن يعرف ما هي أدوات صنعته حتى يحاول امتلاكها، فمثلاً، إن أراد شخص أن يعلم مهنة النجارة، لا بد له من أن يلتحق بورشة نجارة أولاً، ثم يرى كيف يعمل النجار المحترف، وما هي أدواته التي يستخدمها، ثم يبدأ في تقليده في صنع قطعة خشبية صغيرة، فيتقنها بنسبة معقولة ولا تخلو من عيوب، ثم يقارن بينها وبين ما صنعه أستاذه فيرى الفرق ويرى مكامن النقص عنده.... وهكذا
وطبعاً لن يستطيع أن يفعل هذا دون أدوات النجارة المعروفة، فإن أراد أن يدق مسماراً دون مطرقة فهو واهم أو أحمق أو غافل، كالذي يريد أن يكتب بيت شعر عمودياً دون أن يستخدم التفعيلة العروضية أو البحر.
- أن يقرأ كثيراً في الشعر العربي الأصيل الموزون أكثر من غيره؛ وذلك حتى تتعود أذنه على موسيقى الشعر والتفعيلات والتفريق الموسيقي بين البحور سماعياً. ولا أنصحه أن يقرأ إلا لشعراء كبار، حتى يستفيد منهم أكبر استفادة، في الشكل وفي المضمون، أي في موسيقى ولغة القصيدة، وفي معاني وصور القصيدة.
- أن يترك العزلة والانطواء، فلا يكتب قصيدة ثم يضعها في درج مكتبه خوفاً وخجلاً من ضَعف مستواها، بل على العكس، يعرض على الناس كل ما يكتب، ويطلب منهم النقد والتوجيه والنصح، حتى وإن قطعوه إرباً إرباً، يتحمّل ويستفيد من كلامهم إلى أن يصل إلى المستوى المطلوب من الإتقان والإبداع.
- إذا قرأ نصاً أعجبه لشاعر آخر لا بد أن يقارن بعين إبداعه ويقول في نفسه بروح التنافس الشريف: ما الذي يتفوق به عني هذا الشاعر؟ كذا وكذا .. إذن فأنا ينقصني كذا وكذا...... ويبدأ في إكمال ما فيه من نقص ويسعى إلى الأمام ليكون مثل هذا الشاعر... وأحسن.
- أن يختار موضوعات حيوية غير تافهة، وأن يتناولها تناولاً غير مسبوق إن أمكنه هذا، فيتكلم في الموضوع بشكل جديد وبرؤية مميزة وبصور خيالية خاصة به وليست مأخوذة من شعراء آخرين كالتشبيهات والتعبيرات التي تميز بها شعراء آخرون.
- أن لا يكون أنانياً في كتاباته ويقتصر على نفسه فقط، بل يشارك مجتمعه وأمته في همومها وأفراحها وأحداثها وأزماتها، وأن يكتب كل ما يكتب، واضعاً أمام عينيه أنه لوجه الله، حتى لا يأتي يوم القيامة فيقال له (لقد كتبتَ ليقال كاتب ... وقد قيل) فلا يُجزى على ما كتب بمثقال حسنة لأنه لم يضع نية خيّرة حين كتبها في الدنيا.
- أن لا يترك اليأس يستحوذ عليه إن طالت فترة تعلّمه ولم يصل بعدُ إلى المستوى الاحترافي في الكتابة. فالصبر الصبر، والسعي السعي، ولكل مجتهد نصيب.
- أن يقرأ أكثر مما يكتب، وأن يقرأ بشكل عام وفي مجالات كثيرة ليكون كاتباً (مثقفاً)، لأن القراءة هي الوقود الذي يمدّ الكاتب بالأفكار والأهداف.
- أن لا يملكه الغرور إن أحسن وأثنى الناس عليه، حتى يظن نفسه قد بلغ منتهى الإبداع، وهذا بداية الانحدار.
- أن لا يعتذر عن بيت كتبه بأنه كتبه بسرعة، أو كان مشغولاً بأمر آخر، أو كان النوم يداعب عينيه، أو كان في العمل، أو في الشارع أو في ........ أياً كان ......... إن كتب الشاعر بيتاً أو قصيدة وقرر أن يعرضها على الناس فلا يعتذر عنها ولا يستجدي الأعذار في نقص فيها..... فما دام قد عرضها على الناس فعليه أن يتحمل نقدهم وآراءهم، وإلا انتظر حتى يجلس مع قصيدته جلسة أخرى في وقت أفضل، فيصلح ما يصلح ويعدل ما يعدل..... ثم يعرضها.
*****
في الحقيقة النصائح كثيرة كثيرة ولا تنتهي، وهذا ما يحضرني الآن، وربما عدت بغيرها إن شاء الله.
تحياتي و تقديري لك أخي بهجت، ولكل مبدع يريد أن يرتقي بإبداعه