ذات شتاء
وحيدة أنا في هذا المقعد البارد..أرقب العالم من خلال شرفتي الزجاجية..كل شيء حولي بارد وجامد..السماء غائمة..البحر هادر صاخب..طيور النورس حطت في هدوء على الشاطىء..ثم حلقت بعيدا...منظرها المهيب أثار في نفسي رغبة غامضة ومجنونة...تنهدت بعمق فأحسست بأنفاسي الساخنة تدفؤ شفتي منذذاالمتجمدتين..فكرت في تحضير فنجان من القهوة ..ثم عدت لأحملق في الأفق البعيد..اكتسبت هذه العادة منذ عدة سنوات ...كنت أتمنى لو أن زخات من المطر زينت زجاج الشرفة ...لتكتمل اللوحة الربانية المدهشة...لطالما عشقت المطر..تنتابني أحاسيس غريبة خلال الشتاء...قمت من مقعدي وفتحت نوافذ الشرفة لكن سرعان ما أغلقتها إذ لسعني برد تشرين القارس...قمت بتحضير فنجان ساخن من القهوة ..إرتديت كنزة من الصوف ثم شغلت أغنية رائعة لفيروز...وعدت لمقعدي البارد ..استرخيت وأغمضت عيني..صوت فيروز يريحني..و أغنية "بعدك على بالي" توقظ في نفسي مزيجا من الأمل والألم ..أحسست بالدفئ يسري في جسدي المنهك ...فتحت عيني لأجد أن الظلمة قد أحالت الأشياء الى أطياف مرعبة...البحر يبدو موحشا وكئيبا...أعدت الأغنية مرات عديدة...بتطل الليالي وبتروح الليالي وبعدك على بالي...قاومت ...لكنني استسلمت أخيرا للذة التفكير...فكرت في أشياء كثيرة ..أحسست بالتعب فقمت من مقعدي ..تركته مثقلا بالذكريات..وأخذت أرقص...