سحـابُ الفُلْـكِ يُهدينـي غَمْامـاً
تَعَطّـرَ مـن ثنـايـاكِ سنيـنـا
عُبْـابُ الشِعْـرِ يأتينـي طِلابـاً
فَأُغْدِقُـهُ مـنِ النجـوى حنيـنـا
وإنـي قَـدْ أتَيـتُ اليـومَ طوعـاً
لأُحْسِـنَ فـي المَديْـحِ فَتُحْسنينـا
و أَسْلـو كـلَ نائبـةٍ بـدهـري
و أحيـا فيـكِ أحلامـاً وحيـنـا
وإنـي قَـدْ جُبِلْـتُ اليـومَ شوقـاً
وغيري كان في الأشـواقِ طِينـا
فـلا عجـبٌ إذا سالـتْ دموعـي
فـان الـوردَ يحلـو إن نديـنـا
ولـولا العِشْـقُ أَرَّقَنْـي بُـكـاءً
لمـا حَمَلَـتْ بِحْاركـمُ سَفْيـنـا
فهـذا مـا بـدا مِنـي و إنــي
لأُخْفـي فـي ثنـايـاي الدفيـنـا
عِدْينـا بِالـوِصْـالِ أَلا عِدْيـنـا
بِـرَبـك بالـنـوى لا تَقْتُليـنـا
فمـا أَلْفَـي نَـهْـرٍ إن ظَمِئـنـا
و هل تُجْدي المَرْافِئ إن نُفينـا ؟!
ومـا كُـل النُـجْـومِ إذا أَرِقْـنـا
و مـا نَفْـعُ البـدورِ إذا عَميـنـا
فإن النـورَ فـي وَصْـلٍ قريـبٍ
ونِعْـمَ الـري إن بِـتِّ المَعْيـنـا
فدجلـة والفـرات و نهـر نيـل
ونهر العـاص يرجـوكِ ارشفينـا
فحنـي يـا مليكـةَ كـل عـذبٍ
و فْـي بِلَمـاكِ نَفْـعَ الطالبيـنـا
لعلـي قـد أنـولُ هُنَـاْكَ رشفـاً
يُخَيْـلُ لــي بِـأنـكِ تَلْثُميـنـا
ألا عُـذْراً إذا أسْهَـبْـتُ ليـلـى
فـإن الوَجْـدَ أضنانـي سنيـنـا
لقـد هَطَلَـتْ لـيَّ الدنيـا نِبـالا
فهـل أَهْدَيتنـا دِرعــاً مَتْيـنـا
و كَمْ لَطَمَتْنِـي أمـواج المرافـي
فهـل أغْدَقْتِنـا الصبـرَ الوَتْيِـنـا
صِلينـا مِـنْ ثنـايـاكِ صِليـنـا
بِــرَبِ مُحَـمَـدٍ لا تَهْجُريـنـا
فَهَجْـركِ زادَ شائِقَتـي اشتيـاقـاً
و نـارُ العِشْـقِ لا تَـذَرُ الجبينـا
سَلي الآهات عـن مقـلٍ حيـارى
و كَمْ تَشْكو مِـنْ السهـد الأنينـا
سلي الطعنات فى صدري و عمري
و كم مـن نـارِ حُرْقَتِهـا كُوينـا
ألا يـا لَيْتَنـي يـومـاً قريـبـاً
كجفـنٍ صَاْحَـبَ الدمـعَ الهَتونـا
ألا يـا لَيْتَنـي الأطنـاب حيـنـاً
بِـأرضِ الحـي دَهْـراً تَغْرُسينـا
ألا يـا لَيْتَنـي عـودَ الـسـواكِ
علـى رتـلٍ يَمـوجُ فَتَبْسُميـنـا
ألا يـا زائِـري حِبْـي سـلامـاً
على الأحبـابِ إنْ يومـاً جَفونـا
و خَبِّرهـم أيـا رحـلاً بِـأنـي
عَشِقْتُ الرَحْلَ مُذْ عَشِـقَ الزرينـا
فمـا جُـلُ الهـوادجِ دونَ ليلـي
و نَبْعٌ المـاءِ والصحـراء فينـا؟!
فـلا بالكَاْسِيـاتِ هـنـا أَرِقْـنـا
ولا بالحُورِ يـا عُمْـري غُوينـا
فأنـت اليـوم سطـرت المعالـي
وأنـت اليـوم ملكـت اليميـنـا
و لـو أن النجـومَ اليـومَ تَحْكِـي
لتُخْبِـرُك السُـهـادَ فَتَرحميـنـا
تَغَلْغَـلَ فـيَّ يـا نعمـاهُ حــبٌ
ومنـه الكـونُ والتاريـخُ زِيـنـا
ألا سِيـري بِرَهْطِـكِ فاجمعيـنـا
فمـن هجـرٍ إلـى هجـرٍ شَقينـا
علـى كَفْـي أَدُقُ الكـفَ لـيـلاً
فهـلا ضَمّـتْ اليمـنـى يَميـنـا
....
ما برح الشوق يبرحنا
يزلزلنا... يجرحنا ويدمينا
ويحفر آخاديد دمعٍ في مآقينا
ويصرخ في وجوه الصبر
حينًا من زفير الصمتِ وأحايينا
ممطرنا فوق صدور قحطٍ تمزقنا
تبني أعشاشها فينا
مبعثرنا فوق خدود الجرح
فوق رفات البعدِ
فوق نعوشٍ تواثينا
يشتتنا في أمانينا
ويقتل نبع فرحتنا
ويقصينا ويدنينا
كأننا بين كفيه دمىً
تطلق له الآهات ترويحًا
تنزف له الأعمار تسكينا
...........
تقديري