نشرت هذه القصيدة في ملتقيين أدبيين ..
وقد أسعدني وأثلج صدري هاتان الدراستان الأدبيتان اللتان قدمتا للقصيدة من كلٍ من :
الشاعر الكبير والناقد الفذ ، الأردني ، الأستاذ / عبدالرحيم محمود
الشاعرة والأديبة الكبيرة ، الأستاذة / هيام مصطفى قبلان
وقد استأذنتهما في نقلهما وحضيت بالموافقة
وإليكم - على التوالي -
- دراسة الأستاذ الناقد الأردني / عبدالرحيم محمود
شاعرنا الغالي الأخ الصديق حامد أبو طلعة المحترم
نص جميل فوق العادة ، يحير الناقد المحترف كيف يدخل إليه ، من السهل التعليق عليه والمرور به إعجابا ، وتذوقا ، لكن النقد المحترف يحير الناقد من أين يدخل ، وكيف يتعامل مع النص بتفضيل مدخل على آخر ، فهناك المداخل الآتية على سبيل الذكر لا على سبيل الحصر:
1- التساؤل المعكوس ، المعروف إجابته لدي المسئول والسائل وهو ما يسمى بالسؤال التقريري المسلم بجوابه والمعروف سلفا قبل أن يسأل ، والهدف من السؤال هو فقط أخذ اعتراف المسئول بعد اعتراف السائل بالجواب الوحيد له .
2 - الصور المبتكرة .
3 - التفاعل مع الطبيعة وجمع أجزائها المتعارضة والمتناقضة معا في سلة واحدة ، والاستعانة بالمتضادات لإبراز جمال الأصل .
4 - الروابط ، وهي الكلمات التي تغير معنى الكلمات لغيرها بالتصاقها بها .
5 - الاستعمال التبادلي والتناظري بين الإنشاء والخبر ، وإخراج بعضها عما وجد له .
- هذه المداخل التي أعجبتني وأردت الدخول منها وكلها جميل ، ومغر للتفاعل بالدخول منه ، ولكنني آثرت الدخول من الباب الأول ، وهو التساؤل واستعمال كلمات السؤال لتحميلها إقرارات السائل والمسئول وهي طريقة يجيدها الشاعر لا أعرف غيره يجيدها بنفس كيفية إجادته لها ، ولنبدأ بالدخول ، والتفاعل .
- يقول الشاعر :
أخبريني كيف صار الملحُ سُكَّـرْ ؟!
كيف صار الشوكُ أعنابا ، وأثمـرْ
أيّ فصلٍ ؟! ألبس الأغصان ثوبـاً
أنبت الأشواقَ في قلـبٍ تصَّحـرْ
- المتضادات الملح والسكر ، والشوك يثمر العنب ، فصل غير الفصول الأربعة المعروفة التي أنبتت لا نباتا بل أشواقا في قلب تصحر وأصبح لا ينبت شيئا !!
كل هذه الأمور جمعها الشاعر في مدخله الصادم للفكر لكي يدخل لمساحات أوسع في نقاشه مع الحبيبة التي يجبرها على التفاعل بعد إثارة الفضول ، بومضات ملونة تجذب البصر مجبرا فيقول :
أيّ يومٍ ؟! صار فيه الصخـر قلبـاً
بقليـلٍ مـن جـفـاءٍ يتفـطّـرْ
صار نبعاً من حنانٍ مـن شعـورٍ
وأحاسيسٍ تحيـل الرمـل جوهـرْ
- يدخل في البعد الزماني المجرد ، متأثرا بتناص جميل مع كتاب الله وأنواع الصخور القاسية التي ينبع منها الماء ، ولكن صخر هذا القلب أصبح نبعا من الحنان الذي يحيل الرمل ألماسا فأي حنان كهذا الحنان المتفرد ؟
ثم يقول :
أخبريني - لستُ أدري - عن ربابٍ
في ثوانٍ صار غيمـاً ثـم أمطـرْ
عن مساءٍ صار مثل الصبـح نـورا
عن نهارٍ جانَبَ الشمـسَ وأقمـرْ
أخبريني - لست أدري - أو دعيني
كلُّ شيءٍ - فجأةً -حولي تغيّـرْ !
هكذا إحساسنا بالحبِّ ، قالـتْ.
أإلى هذا المدى ؟! ، قالت : وأكثرْ
شارحا حالة الحب التي لم يستطع أحدهما إنكارها أو تجاهلها ، ليصل للجواب النهائي ، وببراعة متناهية يجعلها تجيب عنه في البيت الأخير ، فالأجدر أن يقول : قلت : أكثر لكنه عندما توحد بها أجابت بلسانه : قالت : أكثر ، والمعنى المقصود : قلت أنا أكثر .
- كم أنت مبدع هنا وتصل ذروة الارتعاش اللفظي بنهاية قصائدك .
بوركت وبورك قلمك !!
تثبت
***************************
-- دراسة الأديبة العُمانية الأستاذة / هيام مصطفى قبلان
دفقة مليئة بالمشاعر يطلقها شاعرنا فيثري
بأسلوبه نوعا مختلفا من فنيّة اللغة وصياغة
الجمل حيث جمال وايقاع القصيدة من محترف
في كيفية استعمال التضاد وتحويل السلبي الى
ايجابي وكأني به أمام معادلة ترجح فيها كفة الحياة
على اليأس،،: "من الملح الى السكر ، ومن الشوك
الى الأعناب ومن التصحّر الى الأشواق ،والصخر والقلب
والرمل جوهر ،مساء وصبح"
محاولة الشاعر تحويل الكآبة من كلمات تبدو قاتمة
جامدة دون نبض الى مفردات تحمل وجها آخر يرنو
الى الحياة ببهجة ونبض وحنين ونهار وضّاء ،،،اتخاذ هذا
الأسلوب الفني أثرى من القصيدة وأحياها لنعلم أنّ الحب
يمكنه تحويل الوضع والزمان والمكان فهنا الملح يتحول
الى سكر فتحلوّ الحياة ..والأشواك التي تدمي القدم تتحول
أعناب نبيذية اللون والمذاق ،،والصخر الجماد الى قلب ينبض
ويحب ،والرمل الساخن الى جوهر ..وحلكةالمساء ، العتمة
الى ضوء ونهار ،، وبهذا بلغ الشاعر في صياغة مفرداته هذه
الابداع ، وهو يعلم أن تساؤلاته للحبيبة مفروغ منها
لأنها تدري أن كل شيء قد تغيّر وأكثر ... !
جميل ما قرأت هنا الشاعر حامد أبو طلعة
مودتي / هيام مصطفى قبلان
__________________________________________________ _____________
للأديبين الكبيرين :
- الأستاذ / عبدالرحيم محمود
- الأستاذة / هيام مصطفى قبلان
مساحة شاسعة من الشكر النقي والعرفان الطاهر
وللأخوة القراء وافر محبتي وغزير مودتي