الأستاذ راضي الضميري ،
شكرا لهذه الإطلالة الصاّدقة ، كأنّك إذ تحاورُ العمرَ و تسائلُ الصّباح تختصِرُ فيناَ عذاب السؤالات و الحيرة
و تدعونا إلى وقوف صادق نرى بهِ حقيقة ما يمورُ في واقعنا
و حقيقة ما نستهلِكُهُ في عمرنا ، و ما ندفعهُ و مقابل ماذا ؟
ليسَ أقسى من أن يستيقظُ الإنسانُ ذاتَ يومٍ ،و ليس أصدق ..
أن يستيقظَ و لكنْ خارجَ روتينهِ المتكرّر ، و رتابته المعتادة ، فيرى أيّامَ حياته و أوراقَ كتابه
تمضي و تُطوى تباعاً سراعاً ، و لا يجدُ مقابل ذلك الاستهلاك العمْري أبسط ما يأملُهُ طفل صغير
و يحلُمُه شخصٌ فقير ...
إذا كان الثمنُ هو العمر فما المقابل ؟
و إذا كانَ حصادُك اليومَ بعد كلّ الذي مضى من زرعك و تعهّدك هو هذه اللّوحة المطلسمة
بينَ يأسٍ يتردّدُ صوتُه بين الفينة و الفينة ، و بؤسٍ يتعالى مشهدُهُ عظيماً مكينا
مهما حاولتَ المكابرة بالعودة الى روتينك و رتابتك ، لكنّه يسكنُ فيك ، يعلو صوتُه احيانا
حتى يكادُ يُسمعُ العالم كلّه ، حتى يكادُ يظهرُ زلزالاً مبينا
سبحان الله !!!
إلى متى نستهلكُ هذا العمر ، و لا نحصدُ من استهلاكِهِ راحة طفلةٍ تداعبُ دماها أو طفلٍ صغيرٍ يثشاكِسُ ألعابه ؟؟؟
و نومةُ الصّغارِ أهنأُ من نومنا ، و أروعُ من كبريائنا و جبروتنا المزعومة
من لا يزعمُ أنّ هناء و براءة الأطفال أعظمُ من هذا الكبرياء المزعوم الذي يحمي أفكارنا السّقيمة و عادتنا العقيمة ؟؟؟
تساؤلاتٌ ... سيدي الفاضل أطلقها فيّا بوحُك في رحلة السؤال عن حقيقة هذا العمر المستهلك ؟؟؟
شكرا لصفحتك الكبيرة المنيرة ...
سرّني كثيرا تواجدي هنا ..
دمتَ بخير ، و جعل الله صباحك جميلا ، و غدك أجمل .