|
إليْكِ اشتياقُ الحُرِّ والرُّوحُ تُعرِِبُ |
بأنَّ ارتقاءَ المجدِ وعرٌ ومطلبُ |
وأنَّ بلوغَ الأمنياتِ معارجٌ |
لها الهمَّةُ العلياءُ والعزمُ مذهبُ |
وأنَّ بريقَ الفجر آتٍ تبرُّجاً |
فقد دارتِ الأيَّامُ والحقُّ أشهبُ |
سنونٌ عِجافٌ والحصارُ أخو الرَّدى |
وشعبٌ بمرِّ القهر يحيا ويُنكبُ |
وظلمٌ تردَّى والظَّلام رداؤهُ |
وإنكارُ حقٍ واحتلالٌ مركَّبُ |
وذاك جدارٌ يفصِلُ الرُّوحَ والعُرى |
يقطِّعها أشلاءَ والقُدسُ تُغصبُ |
وماتتْ حقوقٌ واسْتحالتْ كجيفةٍ |
بِسِلمٍ بِنَقْعِ الذُّلِّ يَهْذي ويخطُبُ |
فبعضُ بني قومي تبلَّدَ حسُّهُ |
وخابتْ به الدُّنيا وبالدِّينِ يلعبُ |
يُداري بني صهيونَ ينسلُّ نحوها |
ويُقصي دعاةَ الحقِّّ للشَّرِّ يحطِبُ |
تغرَّبَ والآمالُ فيه تفسَّختْ |
يُتاجرُ بالأقداسِ للحُرِّ يشطبُ |
وغَزَّةُ من سُودِ الرَََزايا تفطرَّت |
وغزَّةُ من هوْلِ الدَّواهي تُعذَّبُ |
تعاظمتِ الجُلَُى عليها ولاصَدَى |
تصعَََّدتِ اللأواءُ والحالُ مُرعبُ |
وكلُّ جحيمِ القاذفاتِ نصيبُها |
وأفتكُها بالمهلكاتِ يُجرَّبُ |
مذابحُ نارُ الحِقدِ فيها تَسعَّرتْ |
تصيحُ المآسي والمنايا تَلهًّبُ |
وترتجفُ الدُّنيا ويهتزُّ عالمٌ |
برؤيةِ ذا الطغيان والشّرُّ يَجلِبُ |
معالمُ هُدَّت ،والمدائن هُدِّمت |
تناثرت الأشلاءُ، والجوُّ غيهبُ |
وزلزتِ الأصقاعُ ،والقصف ماردٌ |
يُقَهْقِهُ فوقَ الآمنين ويُرهِبُ |
مجازرُ تترا والرَّّدى يتبعُ الرَّدى |
وذا الحال تشييعٌ وللموت مَرْكبُ |
وللخزي آذانٌ، وللعارِ أعينٌ |
وللذُّلِّ أنفاسٌ ، وللصَّمت مَوْكبُ |
فمحرقةٌ عظمى بغزّةَ أسفرتْ |
لها الأرضُ تندى، والسَّماء تُقطِّبُ |
ويشهقُ كلُّ الكونِ من هولِ ما يرى |
وتبكي أحاسيسُ الزَّمانِ وتغضبُ |
ومجلسنا أعمى ويُغضي سَفَاهةً |
يُقادُ كما صهيونُ يُوصي ويرغبُ |
أصمُّ لآمال الشُّعوبِ وأبكمٌ |
يكيلُ بمكيالينِ، للحقِّ يسلبُ |
وعالمنا لاهٍ وأقطابُهُ سُدىً |
وذا الغربُ أفعى والأفاعيلُ عقربُ |
وقِمَّةُ توحيدِ الصُّفوف تسطَّحتْ |
وخابَ أمينُ القوم والجمعُ أخْيَبُ |
وماثارَ فينا بالبطولةِ فارسٌ |
ولا عادَ مِنَّا للحميَّةِ يَعْرُبُ |
تدورُ رَحَى الأحداثِ فوقَ رؤوسنا |
ومطلَبُنا سِلمٌ وللصلح نرقُبُ |
ولا حِسَّ عنها ،والبيان مُؤَطَّرٌ |
وغزةُ بلَْهَ القدسُ أمرٌ مُغَيَّبُ |
لترفعَ شكواها إلى اللهِ ربِّها |
فأيُّ حصارٍ بالعقابيل ينشَبُ |
وأيُّ اجتياحٍ فاقَ كلَّ تصوُّرٍ |
فلا عُرفَ تلقى، والمواثيقُ تُصلبُ |
وظلمُ البرايا للبرايا جريمةٌ |
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ وأغربُ |
وغزّةُ تسعى للحياةِ كريمةً |
وإنْ جارَتِ الدُّنيا عليها و نُوَّبُ |
وغزَّةُ دارُ العزِّ تختطُّ دربَها |
على العزّةِ القعساء لا دربَ أصعبُ |
لِتَصْمُدَ دونَ الأرض والعرضِ هامةً |
ومن يطلبِ العلياءَ لا يتهيَّبُ |
هنا انداحتِ الأنوار والنَّارُ حولَها |
وأشرقتِ الآيات والأمرُ أعجبُ |
هنا الشُّمُّ والصِّيدُ الأُباةُ تعاهدوا |
على وقْعِ نقعٍ بالرَّدى يتصبَّبُ |
هنا ترتقي الهامات والمِسْك فوحُها |
بسبابةِ الأبطال لمّا تأوَّبوا |
هنا الهديُ باقٍ والبقيَّةُ هاهنا |
كما أخبرَ المصدوقُ والحالُ يُقلبُ |
هنا وقعةُ الفرقانِ بالبِشْرِِِ تنجلي |
فقوسَ انتصارٍ قد رأيناهُ يخلِبُ |
تجلّى على الآفاقِ فوق جبينها |
بإكليلِ غارٍ والبشائرُُ تُسْكَبُ |
فرغمَ الرّدى والقصفِ فاللطفُ بيّنٌ |
ورغم الأسى والبأسِ فالأرضُ تحدُبُ |
وتهمي عيونُ المُزْنِ والجوُّ حالكٌ |
وذا البدرُ مكلومٌ وللحال يشجُبُ |
وغزّةُ تُبدي بالصُّمود ملاحماً |
تحارُ لها الألبابُ والغيثُ صَيِّبُ |
ليشهدَ أهلُ الأرضِ ما أفْقَدَ الحِجى |
فأيُّ صمودٍ بالميادينِ أهْيَبُ |
وأيُّ اقتدارٍ فاقَ نارَ فُجُورهم |
وأيُّ دروسٍ في الكرامةِ تُضربُ |
وأيُّ سُطُورٍ بالدماء تضرَّجت |
ويا روعةَ الأسفار لمّا تُخضَّبُ |
كتائبُ باعتْ للإله نفوسَها |
ويا هيبةَ الحُفَّاظِ لمّا تأهَّبوا |
ويا عزّةَ الفُرْسانِ لمّا ترجَّلوا |
وللرُّوح أهدوها،وللنَّصر قرَّبوا |
فأسطورةُ الجيشِِ العتيدِ تحطَّمتْ |
تبخَّرتِ الأهدافُ والأمنُ خُلَّبُ |
وصورتُهُ اهتزَّت ،وبالعار لُطِّختْ |
تجلى سرابُ القاعِ والقاعُ مُجدِبُ |
وألقى عليه الرعب ظُلَّةَ بأسهِ |
وخابَ بنو صهيون والحالُ تُنْدَبُ |
سنونٌ هي الأدهى وغزّةُ للعُلا |
وأنشودةُ الإحياءِ بالبذلِ تُطربُ |
وسرُّ صمودِ القوم نسغُ عقيدةٍ |
عليها رِباطُ الخيل والنَّارُ تُعْرِبُ |
وغزّةُ عادت رغمَ عمقِِ جراحها |
أشدُّ وأقوى والشَّكيمةُ أصلبُ |
وللحقِّ سُلطانٌ ،وللبغيِ ظُلمةٌ |
ويا روعةَ الإشراقِ والشمسُ تُرقَبُ |
ويا دهشة البشرى بتمكين عصبةٍ |
فمنْ رَحِمِ الأفلاكِ يُؤْذِنُ كَوْكَبُ |
فطُوبى وطُوبى فالفضاءاتُ تُعرِبُ |
وتُعْلِنُ أنَّ النَّصرَ ذيّاكَ أقْرَبُ |
ونجمَ بني صهيون لابُدَّ آفِلٌ |
وتلكَ الليالي الحالكاتُ ستغرُبُ |
وما خطَّهُ الفاروقُ والعهدُ عُهْدَةٌ |
وماكان في حِطِّينَ والدَّرسُ يُكتَبُ |
وراياتُ توحيدٍ بها الآيُ والهُدى |
وتوحيدُ راياتٍ بها الصَّدعُ يُرْأَبُ |
ليفترَّ ثغرُ القُدْسِ يبدو جُمانُها |
ويأتلقُ الأقصى وفينا يُرحِّبُ |