|
أَرِقتُ أَكثَرَ مِمَّا يَأمَلُ الأَرَقُ |
وَ هاجَ بِالأُمنِياتِ الشَّوقُ ؛ فَالشَّبَقُ |
يَعدُو بِيَ السَّهرُ المَوصُولُ نَحوَ غَدٍ |
صَباحُهُ - مِثلَ لَيلِ البُعدِ - يَختَنِقُ |
فَتَنثُرُ الأَمَلَ الأَشجانُ ؛ وَيحَ يَدِي |
تَشُدُّهُ بِعُرَىً , طَورًا فَيَنفَتِقُ |
وَ تارَةً , لَا يَكادُ الحُلمُ يُمسِكُهُ |
إِلَّا تَبَعثَرَ ؛ فِي كَفَّيَّ يَنسَحِقُ |
عَلَى اصطِبارِيَ تَبغُ الصَّبرِ أُشعِلُهُ |
لَفائِفًا ؛ فِي وُجُومِ الوَقتِ تَحتَرِقُ |
وَ أَنبُشُ الوَجَعَ المَخزُونَ فِي لَهَفِي |
فَيَقصِفُ التَّوقُ حُسبانًا ؛ فَأَنصَعِقُ |
رُؤَى الفَناجِينِ مُذْ نامَتْ عَلَى رَهَقٍ |
كَرَّتْ عَلَيها خُيُولُ السُّهدِ ؛ تَستَبِقُ |
فَأَينَ وَجهُكِ ؛ عَنْ أَفكارِ أَخيِلَتِي ؟ |
وَ أَينَ ثَغرُكِ ؟ فِي ضِحكاتِهِ الشَّفَقُ ! |
طُيُوفُ عَينَيكِ فِي أَنقاضِ ذاكِرَتِي |
تَمُرُّ عَجلَى , فَيَحبُو إِثرَها الرَّمَقُ |
عَلَى حَدِيدَةِ سَيفٍ ؛ شَفرَةٍ صَلَمَتْ |
مَلامِحَ الرُّوحِ ؛ فِي جَنبَيِّ تَصطَفِقُ |
فَتَحطِمُ الضِّلعَ ؛ تِلوَ الضِّلعِ فِي غَضَبٍ |
وَ تَستَحِمُّ بِنَزفِي ؛ ثُمَّ تَنزَلِقُ |
تَحتَ الشَّغافِ فَتَقفُوها إِذا رَقَصَتْ |
عَلَى الصَّلِيلِ - بِصَدرٍ نازِفٍ - مِزَقُ |
عَيناكِ سُكْرِيَ - وا عَيني مُعَذِّبَتِي - |
بَحرٌ مِنَ الخَمرِ ؛ يَحلُو لِي بِهِ الغَرَقُ |
جَرَيتُ نَحوَهُما ؛ وَ التَّوقُ يَعصِفُ بِي |
وَ دافِعِي بِاشتِياقِي الصِّدقُ ؛ لَا المَلَقُ |
وَ دَمعَةٌ مِنْ عُيُونِ الوَجدِ أَذرِفُها |
تُساقِطُ الهُدبَ - فِي تَهطالِها - الحَدَقُ |
فَلَا مَفَرَّ مِنَ الأَحزانِ أَمزُجُها |
بِجِنِّ شِعرِيَ لَيمُونًا ؛ فَأَغتَبِقُ |
فَالشِّعرُ - عِندِيَ - لَا حَرفًا يُسَطِّرُهُ |
مِدادُ مَحبَرَةٍ بِالفِكرِ تَندَفِقُ ! |
لَكِنَّهُ أَنَّةٌ فِي الصَّدرِ أَنفُثُها |
جَمرًا ؛ عَلَى حَطَبِ الأَضلاعِ يَلتَصِقُ |
وَ سَورَةٌ مِنْ قَصِيدِ البُعدِ ؛ أَشطُرُها |
يَنُوءُ عَنْ حَملِها الكُرَّاسُ وَ الوَرَقُ |
" شآمُ " ؛ لَا لَستُ مِمَّنْ يَشرَبُونَ طِلًا |
لِأَنَّنِي بِسِوَى عَينَيكِ لَا أَثِقُ ! |
لَكِنَّنِي فِيكِ قَدْ أَدمَنتُ ما عَصَرَتْ |
هُمُومِيَ السُّودُ ؛ مُنذُ استَحصَدَ النَّزَقُ |
لِي فِيكِ يا قِبلَةَ الأَشواقِ أَجنِحَةٌ |
مَقصُوصَةٌ ؛ لَيسَ يُغرِي خَفقَها أُفُقُ |
وَ حَمحَماتُ خُيُولٍ كانَ يُسرِجُها |
بَنُو أُمَيَّةَ لِلهَيجاءِ تَختَرِقُ |
وَ مَسجِدٌ مِنْ بَهاءِ النُّورِ قُبَّتُهُ |
وَ نَهرُ طِيبٍ بِرُوحِ الوِدِّ يَنبَثِقُ |
أَنتِ الحَبِيبَةُ ؛ لَا زُلفَى أُقَبِّلُها |
وَ لَا ادِّعاءً ؛ عَلَى خَدَّيكِ أَصطَلِقُ ! |
فَكَيفَ لِي يا مُنايَ - اليَومَ - يَشغَفُنِي |
هَوَى سِواكِ ؟ وَ أَنتِ الخَيرُ ؛ وَ الغَدَقُ ! |
وَ كَيفَ أَخطِبُ وِدًّا لَيسَ تَنفَحُهُ |
حَبِيبَتِي " الشَّامُ " ؟ كَيفَ العُذرَ أَختَلِقُ ؟ |
يا " شَامُ " ؛ جِئتُكِ مُشتاقًا ؛ وَ بِي لَهَفٌ |
لِأَلثَمَ الخَدَّ ؛ فِي تَعطارِهِ الحَبَقُ |
فَمَرِّغِينِي عَلَى أَفياءِ دالِيَةٍ |
لَبلابُ شَعرِكِ فِي أَيكاتِها وَرَقُ |
وَ قَرِّبِي مَرمَرَ الجِيدِ الذِي لَهثَتْ |
عَلَى جَوانِبِهِ أَقراطُكِ الحَلَقُ |
يا شِعرُ ؛ يا مَنْ إِلَيها قَدْ حَمَلتَ دَمِي |
أُنشُودَةً بِالتِياثِ النَّبضِ ؛ تَنطَلِقُ |
فِيها أُحِبُّ - أَنا - عِطرًا لِزَنبَقَةٍ |
ما ماسَ فِيها النَّسِيمُ اغتالَنِي العَبَقُ ! |
وَ ياسَمِينَ عَلَى جَنَّاتِ راحَتِها |
فَعَّ الأَرِيجُ بِهِ ما مَسَّهُ العَرَقُ |
فَأَينَ سِرتُ أَرانِي - نَحوَ آسِرَتِي |
لَا بُدَّ - أَرجِعُ مَهما طالَتِ الطُّرُقُ |
خُذنِي إِلَيها ؛ بِمَتنِ البَوحِ قافِيَةً |
يا شِعرُ ؛ فَزَّزَها الإِلحاحُ وَ القَلَقُ |
فَذِي خَلايايَ ؛ هاجَتْ كَي تُعانِقَها |
فَما بِغَيرِ " شآمِ الرُّوحِ " أَعتَنِقُ |