أحدث المشاركات

مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»»

النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سعودية أباً عن جد ....

  1. #1
    الصورة الرمزية ضفاف أماني قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    الدولة : حيث أكون
    المشاركات : 697
    المواضيع : 99
    الردود : 697
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي سعودية أباً عن جد ....

    "سعـودية أبــاً عن جَــدْ "


    اسمي لينا , والدي سعودي ,ينتمي لعائلة من إحدى قبائل الحجاز ,ووالدتي أمريكية من نيويورك , لها أصولا إيرلندية , تعّرف والدي عليها أثناء دراسته لهندسة الإنتاج والنظم الميكانيكية بجامعة برينستون بولاية نيوجيرسي, كانا زميلان في نفس القسم , والدتي لم تتردد في قبول عرض أبي للزواج بها بعد أن توطدت علاقتهما , كان والدي معجبا بشخصيتها وحجابها فقد كانت مسلمة , وأمي رأت أن والدي هو الرجل الذي لطالما أيقنت أنها لن تجد مثيله ... كان كطوف النجاة لها ...مرسولا من الله ..وقد تحفزت كثيرا بعد أن تم زواجهما على العودة إلى السعودية حيث ستتلمس أرض الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وحيث مكة المكرمة والمدينة المنورة .
    رُزق والديّ بأختي "غادة " التي تكبرني بخمس سنوات, كانت جميلة جدا كوالدي ذات تقاسيم عربية ,وعينان سوداوان وشعر أسود حالك .
    أتيت أنا أتعقب الخُطى لكني ظهرت بعينان زرقاوان وشعر أشقر .. كنت عربية بملامح أمريكية .

    عدنا إلى الديار بعد سنة من مولدي إلى حيث يقطن أهل والدي في جدة , وقد سكنا معهم ...في "العمارة" ذات الطوابق الثلاث و "بيت العود "أي منزل جدي في الطابق الثالث ونحن في الطابق الثاني .

    أثناء تواجدنا وسط العائلة الكبيرة كنت طوال الوقت أرمق التقارب بين أختي ووالدي وجداي وأعمامي حيث أجدهما منسجمان معهم, أما أنا فلون عيني الأزرق وشعري الأشقر يجعلني نشازا بينهم كم كان ذلك يثير الكثيرمن الحنق في نفسي من أختي لأنها تشبههم .

    في جدة حيث كل شيء يتكلم باللكنة الجداوية المكونة من لهجات متشابكة, هناك القبلي والحضرمي وكذا "الحَضُر" والذين تنتمي أصولهم لأعراق مختلفة من مصر وتركيا ومن بلاد فارس والشام وخصوصا من فلسطين ومن تونس ومن الجزائر و المغرب و هناك من تركستان وبخارا وجاوه وكذا من الصين وكثير من الهند وحتى اليابان حيث كانت تعيش جاليتهم في مكة بعد أنقطاعهم عن رحلة العودة لبلدانهم بعد انتهاء إحدى مواسم الحج وبقائهم بها وقد ذكر ذلك المستشرق الهولندي خورنية في مذكراته لرحلته إلى بلاد الحجاز والذي تخفى وعاش في مكة المكرمة عمرا من الوقت , كان هذا المجتمع عبارة عن معزوفة وشائجية عجائبية كونت موزاييكا حضاريا من جمع من التراث المتراكب في مدن الحجاز الكبرى مكة المكرمة وجدة والمدينة المنورة .


    كنت أذهب بشكل يومي ودؤب إلى منزل" العُودْ" ذاك المنزل الذي تتجلله المهابة بشخوصه ,كان لي مكانة في قلب جداي , أقبل يديهما الطاهرتين ورأسيهما ...وأشم رائحتهما الشرقية التي تتعشق مع روحي فأزداد حبا وشغفا بهما وبوطني الآسرالذي لطالما شغفني حبا .
    كانت جدتي تعرف أنني أحب القهوة ومع التمر وتغميسة "طحينة السمسم" لذا غالبا لم يخلو البيت منها ..
    جدي كان يلقب القهوة بالشاذلية وقد علمني كيف أسكبها له في الفنجان.... يقول لي ضعي قليلا منها فيه ....أي برستيج ضروري ... قلت لجدي أن إحدى صديقاتي ذات الأصل الحضرمي التي صاحبتها بعد دخولي للمدرسة تقول أننا عكسكم عندما كنت أخبرها عن طقسك هذا ..حيث أنه من العيب عدم ملء الفنجان بل المستوجب جعله مترعا إلى أن يكد يندلق ما فيه من قهوة ..والعكس بالنسبة لكاسة الشاي نحن نملئه وهم يقللون المقدار ,ضحك جدي وقال لي : أن عُرفنا معقول ..وأن القهوه هي "كيف" أي مزاج لذا لاتكثري من صبها لي ... فنجانان أو ثلاث وفقط .

    في طفولتي كنت أبحر مع قصص جدتي ومع بقية الأحفاد, ننصت لها بشغف كبير ونلتصق بها إلى أن نكاد نتراكب حولها ,وبعضنا يسحب ثوبها ليكتمل مزاجه مع مص اصبعه ذاك محمد ابن عمي خالد, من أجمل القصص التي تقصها علينا قصة الفتاة الجميلة التي تزوجها السعلي تقصد به الوحش هي هكذا تسميه ..الذي كان له ثلاث رؤوس وأن موته مشروطا بضربة واحدة بالسيف على رأسه الصغير دون تثنية وإلا سيعود للحياة من جديد.

    جدتي كانت فيلسوفة ونادرة الوجود على الرغم من أميتها تحفظ بعض السور من القرآن فقد كان والدها يحظر لأبنائه المطوع الذي يُعلم أطفال الدار ويُدرسهم القرآن ,وهي من خلف ساتر تتعلم مع إخوتها في دارهم , كانت تحكي لنا عن طفولتها ببراعة تجعلك مشنفا أذنيك إلى أن تنتهي وكانت تلحن الأشعار التي تتضمنها قصصها بصوتها الرقيق ,كانت تبكي وتهطل دموعها مع بعض الأشعار الحزينة .


    في ليلة العيد كان لوالدي طقسا عجائبيا لمشوار لايتخلف عنه "بمشيئة الله "و كنت رفيقته فيه حيث يكون مقصدنا إلى شارع "قابل" ذاك الشارع المكتنز بالتراث ... وجدة القديمة تراها شاهدة في دورها وشارع الملك عبدالعزيز الذي كنا نتمشى فيه لنتفرج على تلك الدكاكين ..المكان يحتضن أناسا من كل مكان أكثرهم من الجالية الفلبينية ..يأكلون ويتبضعون ..والجو عجيب يشعرك بالفرح , و كُشكات بيع البليلة التي كنت اشتهيها بمجرد أن أشتم رائحتها في ذاك الشارع التاريخي في العمر ....الآسن في الشكل الحالي ...وهو العمود الفقري لجدة القديمة ... في ليالي رمضان وفي ليلة العيد بالذات التي كنت مواضبة فيها على ملامسة نبض هذا الشارع مع والدي الذي جعلني فيما بعد أتخذه طقسا لي لايمكن أن أتركه كان كل شيء فيه يجري كجريان أجرام المجرة والكون بأسره ليستعد للضيف القادم ومودعا رمضان بكل قداسته ,وتتضوع روائح ذكية متخالطة وأستطيع أن أميز كل نكهة فيها أمممم ذرة مشوية وبليلة وحتى العطور الشرقية خصوصا دهن العود بعد أن أكون ووالدي قد تبضعنا عطورا للعيد فنخرج من المحال التجارية مضمخين بعبق العطر أيا كان نوعه .

    حينما نعود للمنزل ومعنا الحلويات ....تكون جدتي قد اشترت الحلويات الشعبية التي لاتنساها كل عيد كبلاط الجنة اللذيذ ... والحلقوم ... الذي لا أحبه مطلقا والمعمول الذي كانت تصنعه بنفسها في السابق ....وتضعها في أواني جميلة .

    في دار العود ليلة العيد نحدث نحن الأحفاد جلبة وضجيجا...ونكون كلنا قد سهرنا نغني أغنيات العيد عند جدتي وهي تحني نفسها بالحناء التي تضعها في يدها وتربط عليها قطعة القماش وتضع خطوط على اصابعها من الدائرة التي في المنتصف بعد أن تجف ..وحينما يأتي صباح العيد نذهب للمشهد الكبير وبعد أن نأدي الصلاةونقبل العائلة قُبل التهنئة بالعيد ونهنئ أولا جدي وجدتي ونقبل أيديهما ثم .. نذهب للساحة الكبيرة لحوش العمارة حيث مشهد الذبح "للطلي " ـ الطلي يعني الخروف ـ يقوم جدي بهذه المهمة بمساعدة أعمامي حيث يمسك بالسكين بالطبع أنا وغادة وجميع الصغار كنا نغمض أعيننا حتى لانرَ الدم المهرق ... ونصرخ لا ياجدي حرام حرام "ليش يا جدي تقتله " يضحك إلى أن يكاد أن "يهستر" من الضحك على تعليقاتنا الطفولية ..ويقول إن لم نأكلها "هي راح تاكلنا".. ..وكانت جدتي تعد "التقاطيع " وكذا "المقلقل" ليضاف مع مائدة الفطرة لذلك اليوم العجائبي بروائحه وبخوره وحلوياته وألوانه .


    في هذه الجنة الشرقية كنت أنمو وأترعرع , بعيدا عن لوني وسراب الوطن الذي يتباعد عن أنفي بسبب أوهامي التي جعلتها حاجزا كبيرا بين وبينه .


    أرادت والدتي أن تدخلنا إلى المدرسة البريطانية بجدة واستطاعت أن تاتي بأوراق لدخولنا ...ولم يعترض والدي وفي المساء تنتظرنا دروس الدين مع إحدى المعلمات الخصوصيات ... وكان شرط والدي أن ندرس في هذه المدرسة لما دون الصف الرابع الإبتدائي فقط .....,لم تنمو معي المدرسة الأجنبية بل كنت أمقتها لأنها كانت تجعلني غير عربية شكلا ومضمونا ...بخلاف أختي التي كنت أراها تعجب بلون شعري وعيني كنا كلما كبرناكنت أجدها تنجذب لتراث والدتي وأنا ازداد إلتصاقا بتراث والدي .. مرة من المرات عَرّجت إحدى المعلمات على جنسيتي وقالت :معلقة لو لم أرَ بياناتك لأجزمت بأنك أمريكية كان كلامها هذا مثل القذارة ألقتها في وجهي لم أمقت شكلي أكثر من تلك اللحظة فقد أصبحت أوصم بلأمريكية لشكلي ..لم أعاني مشكلة مع أمي فهي حنون جدا لكن لم أشعر بانتمائي لأصلها مطلقا قد يكون لأنني أحب جداي كثيرا وأعمامي وعماتي وأحسد أختي أنها تشبههم ..قد يكون ولكن كبر معي هذا الكره لعدم انسجام لوني مع وطني ,أعترف بأنني قد ميزت من كل من أعرف ومن لم أعرف وكأن شكلي أصبح كارد فيزا الذهبية لشهرتي لكني كرهت هذا التعامل لأنه يبعدني عن أصلي وارثي العربي ..في المدرسة الحكومية بعد انتقالي لها أذكر أنني أصبحت أصرخ في الطوابير بالنشيد الوطني وأقف كما يقف عساكر الحراسة للقصور الملكية في بريطانيا دون أن يحدثوا أي حركة ..وأصم الآذان "بزعيقي" في فناء المدرسة وأنا أغني النشيد الوطني كل هذا ليتأكدوا أنني سعودية مثل أختي ..هذا ما كان عقلي الطفولي يوحي لي به ..

    لم تكن أختي غادة بمتلهفة على هذا الإقتراب لأصلنا العربي مثلي فقد يكون لأنها لاتحتاج إلى سبب لإثبات سعوديتها مثلي ... حينما كبرنا كانت تحب أن تستمع لذلك الأخرق الذي لم أكن أسميه باسمه أقصد آلتون جون ....كلاسيكية هي في سماعها وسميته لها با أبو صوت شكمانة سيارة جمس مفقوعة ومحبوبتها سلين ديون التي لاتفارقها بأغنياتها والتي أزعجتني بصوتها المرتفع .

    و كانت تتحذلق علي وتقول لي : " إيش يفهمك في الأغاني الرومانتيكية" أنت حدك و"يا علي صحت بالصوت الرفيع" وبس ......بصدق كان صوت ذاك الرجل المقعقع في بداوته الصحراوية أصلح لروحي أكثر من جون وديون وقلت وقتها لأختي : لست من الغاوين لأستمع للأغاني من أصله لم تكن لتستهويني وقد يكون لتوصيات جدتي بأن الأغاني محرمة فعل السحر في عدم انجرافي خلف دندنة الموسيقى بأسرها ,
    والدتي كانت في صباها تعشق فرقة البيتلز "المصدية " وحينما تعايشت في جدة كرهت كل تلك الخيوط التي تذكرها بماضيها المأفون كما تراه هي لأنه خارج تغطية الإسلام ..وقد أحبت جدة كثيرا وأحبت تراثها الروحاني الخلاق ..صحيح أنها لم تمارس فيها عملها كمهندسة لكنها فتحت بوتيكا نسائيا وانشغلت في الأعمال الحرة .

    ترنحت كثيرا بين هذه الشبكة التي تخنقني لتميهني في أثواب كثيرة بعض المرات أقول في نفسي أن والدي ارتكب خطأ كبيرا بهذه الزيجة ..فانفصاميتي تتكاثف بين شكلي وعشقي لهواء وطني مما حدا بي الأمر أن ذهبت للسوق واشتريت شعرا مستعارا بلون أسود وعدسات سوداء الكل قال لي وقتها حينما رأني أنني أصبحت أشبه والدي ....بكيت وقتها من فرط السعادة واحتضنتني جدتي التي تعلم سري وكانت تلون شعري بالحناء فيصبح لونه أحمرا صارخا ولم تكن تحب أن ترى تلك الدموع في عيني ولم أكن لأغلق فمي أمامها أخبرها بكل شيء .

    كنت ككاتم السر لها وهي لي كذلك نترافق كصديقتان والتزمها أكثر من والدتي المنشغلة في عملها .. حتى حينما تذهب إلى "بنقلة السمك" كنت أرافقها وتتخير السمك الناجل أو الحريد كنت أضحك من شكل سمك الحريد شكل فمه كفم الببغاء أخضرا ,لكن طعمه جميلا جدا في القلي وكانت جدتي بعض الجُمع تصنع طبق الصيادية اللذيذ والذي يجعل البيت يصبح ملوثا برائحة البصل المحروق ..كنت أتقارب كثيرا ولا أفوت فرصة هذا التقارب إلى العالم الذي أريد بقربي الشديد من جدتي ومرافقتها لكل مكان .


    عمي منصور عاشقا للشعر وللثقافة العربية وقارئ نهم ,غرفته ممتلئة بالكتب التي تتلمذت عليها كان يقرأ لي كثيرا من كتبه العريقة تلك, فزاد تعلقي بها ككتاب ابن كثير "البداية والنهاية "والعقد الفريد الذي لطالما كنت أسرق من مجلداتها كتابا كتابا من غرفته وأعيدها إليه بعد قرائتي لها بعد أن يضبطني بالجرم المشهود وأنا أسرق أحدها, لم يكن ليسطع أن يعاقبني لأني رفيقته في القراءة رغم صغري عنه إلا أني وهو كصديقان نتحاور في تلك القصص التي يوردها ابن عبدربه ومدى صحتها كقصة المهلهل وأخيه كليب وابن عمهم جساس وما جرى بين بنو كليب وبنو تغلب من حرب ضروس بسبب ناقة البسوس وكانت القراءة تُصير لي تلك الحوادث كحياة تدبي أمامي وقت قرائتي لها .

    ومن الكتب التي كانت بمثابة الصديق المرفه لي انا وعمي كتاب "سير أعلام النبلاء" للإمام الذهبي توقفنا كثيرا عند شخوصه بتعجب ولم أنسَ قصة المعتمد ونهايته في آغمات وقصص الطين من المسك والكافور التي عجنها لزوجه اعتماد لكي تعاودها ذكرى ايام الطين التي كانت تتذكرها من ماضيها ...وقصة الظاهر بيبرس كثيرة تلك القصص التي أدهشتني أنا وهو كان دائما يشجعني ويلقبني بفارسة العائلة .. كان يضيف لرصيدي العربي الكثير ويزيدني وثوقا بجذوري و زعزعتي تخف كثيرا .

    في المقابل كانت غادة تتسابق لكتب أمي الكثيفة التي كان لوالدي كذلك بعضها وكلها ذات عرق أجنبي ,لم أكن لاطيقها مطلقا كانت كالجثامين معلقه على رفوف المكتبة إياها والتي لاتمت لجذري الذي أريد له النمو بأي صلة لذا لم أقترب منها مطلقا ....لا أدري كلما مررت بالقرب منها أشتم فيها رائحة عفن تجعلني أختنق... أعلم أنني أكرهها لدرجة التوهم بهذه الرائحة لها .

    غادة كانت شغوفة بها كثيرا وبملاحقة الروايات الأجنبية الجديدة ,لم تلفتني إلا روايتي دان براون "ملائكة وشياطين" و"شيفرة دافنشي" لِما كانت توضحه من خباثة بابوات الفاتيكان وتفضح جماعة صهيون بقيادة دافنشي ..وخصوصا كنت متابعة لحيثيات إنجيل برنابا الذي خبئة البابوات في إحدى كتدرائيات إيطاليا ...وإلا ما عدا هذه الروايات التي لا يكون خلفها أصل واقعي ومفيد لم أكن لأركض ورائها كما كانت غادة تفعل في قراءة كل رواية تعبر بها إلى حيث لاتكون إلا عرقا غربيا وأذكر حالات التلبس لها حينما تتأثر بإحدى الشخوص في رواياتها كروايات أرنست همنغواي أوغابرييل جارسيا ماركيز ...وترد علي حينما أسألها سؤالا ما ...فيأتيني جوابها من سطور الرواية كان تلك الحالة تُفجر بطني من الضحك على بلاهتها .

    كانت تحب التقنية كثيرا وأنا على العكس أحب الأشياء اليدوية... كل هذه الأشياء تجعلني أتقارب مع جدتي التي كانت تملك ماكينة خياطة لم تستخدمها منذ زمن فأهدتها إلي حينما شعرت بحبي للخياطة والتطريز ..ووالدتي كانت تشجع ذلك فيني كثيرا .
    أختي تخرجت من قسم الأدب الانجليزي من جامعة الملك عبدالعزيز وتقدمتْ على دراسة الماستر فيها ,وأنا بعد الثانوية دخلت إلى الفنون الجميلة وأخذت كورسات في الأشغال اليدوية كعمل الكُريشة و الإكسسوارات المعدنية كذلك ..ولم أنس في الوقت نفسه اهتمامي بالآداب العربية ,كنت شغوفة بتلك الكتب التي كُتبتْ على رتم البلاغة الإسلامية القديمة ,أما ما عداها من كتب الحداثيين فكانت تسبب لي غثيان لأني أجدها تقليدا أخرقا للغرب بسبب العقدة التي كانت لاتفارقني .
    كتبت الشعر وأصدرت ديوانا بعنوان فارسة عربية ... أستلهمت أشعاره من قصة الفارسة العظيمة سلمى الشيبانية ذباحة الفرس وهاصرة رؤوسهم البغيضة .

    وفي عام 2008 حصلت على عقد لتصميم الملابس التراثية لإحدى الاحتفالات التي تُعنى بالتراث والثقافة وحصلت تقديرا لجودة انتاجي على جائزة المفتاحة حيث صممت الملبوسات العسيرية الجميلة ...أتذكر أن جدتي حينما أخبرتها قبلتني وقالت لي أشم فيك رائحة عربية تعشق بلا حد لوطنها وميراث أجدادها ..
    ابتسمت لعبارتها تلك التي صافحت روحي وأطلقت أفراحها .
    لم تعد ملامحي تظهر على السطح كثيرا فأنا لحسن أدائي العربي أصبحت "سعودية أبا عن جد" وكان هذا عنوان مقالة كُتبت عني في صحيفة عكاظ نسبة إلى الاسم الذي أطلقته على معرضي التشكيلي المقام في أتيليه جدة والذي حقق نجاحا باهرا .

  2. #2
    الصورة الرمزية د. نجلاء طمان أديبة وناقدة
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    الدولة : في عالمٍ آخر... لا أستطيع التعبير عنه
    المشاركات : 4,224
    المواضيع : 71
    الردود : 4224
    المعدل اليومي : 0.68

    افتراضي

    سعودية أبًا عن جد, مشروع روائي من قلب الحياة. الوجه وعلاقته بالبيئة, والجمال وارتباطه أو انفصاله عن الأصالة والتأصل, كلها ملامح احتاجت أن تأخذ منكَ مساحة أكبر في الوصف الداخلي. المقدرة السردية عندكِ مميزة والنفس طويل, والمحور الزماكاني يحتاج أن يظهر بصورة أكبر. العنوان يحتاج أكثر للتعميم لتتضح الشمولية, والعمل يحتاج منكِ جهدًا أكبر ليكون رواية ناجحة جدًا, وخاصة في الخاتمة التي قمتِ باختزالها بشدة, في حين أن صقل الرواية يكمن في الطرق على هذا الجزء الأخير.

    اسمحي لي بنقلها من منتدى القصة لمكانها الصحيح.

    تقديري
    الناس أمواتٌ نيامٌ.. إذا ماتوا انتبهوا !!!

  3. #3
    الصورة الرمزية ضفاف أماني قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2008
    الدولة : حيث أكون
    المشاركات : 697
    المواضيع : 99
    الردود : 697
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. نجلاء طمان مشاهدة المشاركة
    سعودية أبًا عن جد, مشروع روائي من قلب الحياة. الوجه وعلاقته بالبيئة, والجمال وارتباطه أو انفصاله عن الأصالة والتأصل, كلها ملامح احتاجت أن تأخذ منكَ مساحة أكبر في الوصف الداخلي. المقدرة السردية عندكِ مميزة والنفس طويل, والمحور الزماكاني يحتاج أن يظهر بصورة أكبر. العنوان يحتاج أكثر للتعميم لتتضح الشمولية, والعمل يحتاج منكِ جهدًا أكبر ليكون رواية ناجحة جدًا, وخاصة في الخاتمة التي قمتِ باختزالها بشدة, في حين أن صقل الرواية يكمن في الطرق على هذا الجزء الأخير.

    اسمحي لي بنقلها من منتدى القصة لمكانها الصحيح.

    تقديري
    اهلا بك دكتور نجلاء

    رأيك أعتز به كثير كثيرا وإن شاء الله أعمل على تطوره بشكل أفضل

    دمت بكل الخير

المواضيع المتشابهه

  1. تلاوة جدّ رائعة من سورة المنافقون
    بواسطة إيمان ربيعة في المنتدى كَرَوَانُ الوَاحَةِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 25-10-2021, 08:40 PM
  2. دقة زار .. جدّ وْ مشْ بهزار
    بواسطة محمد الشحات محمد في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 35
    آخر مشاركة: 11-07-2012, 12:37 AM
  3. جُد لي بعفــــــــوك
    بواسطة معين الكلدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 15-11-2011, 11:54 PM
  4. فتوى سعودية بجواز قطع نسل من لديه مرض وراثي خطير
    بواسطة زاهية في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-11-2005, 08:16 PM
  5. سعودية تستنجد لتعرف هل هي متزوجة أم لا
    بواسطة عربيا انا في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 31-12-2003, 03:53 PM