أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    الدولة : المانيا - كولونيا
    المشاركات : 207
    المواضيع : 61
    الردود : 207
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !

    مساءاً أُمَجِّدُ الهاوية !


    *-*-*-*-*-*-*

    سامي العامري
    ---------
    فصل من كتاب (*)

    ---------------------



    رؤيا عن نهرٍ لازْوَرْديٍّ دَنِفٍ عاشقْ


    أودى بِثوانيهِ الحُبُّ


    دقائقَ إثْرَ دقائقْ !


    وقروناً إثْرَ قرونْ


    نَهرٌ جُنَّ


    وثانيةً جُنَّ بهِ المجنونْ


    لا أعشقُ ما فيهْ


    إلاّ كُلَّ أغانيهْ


    نهرٌ من خفْقِ البانْ


    بضفافٍ تَتَعرّى كالجانْ


    وهو بِبالي الآنْ


    يتَشفَّون بِأنْ صار يُشايعُ أدواءَهْ


    لا أرثيهِ ولا آلاءَهْ


    بل أتشفّى بالمُتَشَفّينِ ,


    بِشِعري أخلقُ عَنْقاءَهْ !


    ----------


    فرانكفورت- 1993

    رددتُ هذه الأغنية لكوني على وشك السفر , ولأن
    الفضاءَ هنا كان يردد قبل ساعات مع المعري :


    رُبَّ ليلٍ كأنهُ الصبحُ في الحسنِ


    وإنْ كان أسودَ الطيلسانِ


    ليلتي هذه عروسٌ من الزنج


    عليها قلائدٌ من جُمانِ


    -----------

    قبل ساعات فتحت السماء جيدها لملايين القُبلات الضوئية والصعادات والشُّعَل والألعاب النارية وأفاعٍ من الجمر المتّصل , مضت الساعات الأخيرة لعام مرَّ او مَرَرْنا به فَحَمَلنا كمَن يحمل ماءاً في دلو وسكَبَنا في مجرىً آخر أكثرَ انحداراً , في هاوية !
    أقول أكثر انحداراً بالنسبة لي على الأقل
    غير أن الإنحدار هنا لا يحمل معنى الزوال بل هو التبعثر الرَّحب ,
    انا وهي قطعتا شطرنجٍ ننتقل من أبدية الى أخرى .
    جاري الألماني كبير السن والذي بات في منتصف العقد السابع والذي أشرب القهوة معه في منزله الصغير الآن يقول مبتسماً : أمران يعطيان الحياة المعنى المُغَيَّب : الألم الكبير او السعادة الكبيرة , وهذه البهجة التي تراها في أعين الناس وسلوكهم وعباراتهم وموسيقاهم والعابهم , هذه البهجة , بهجة استقبال عام جديد , هي في الحقيقة محاولة الإنسان لإيهام نفسهِ بأنه مازال قادراً على الفرح وعلى الحب , مسكينٌ هو الإنسان رغم كل شيءٍ , أعني إنساننا في الغرب , فمع الفجر أو بعده بقليل سيستفيق ضَجِراً وتعود له اهتماماته السابقة وعصبيته بسبب أدنى ضغطٍ من الخارج ...
    قلتُ له : أكيد وفي الحقيقة بشَرُنا في الشرق كذلك يحاولون إقناع أنفسهم بأنهم قادرون على النسيان السريع ولعق جراح الماضي بلسانٍ حجمُهُ بحجم الغيم ونداوة بامتداد الشتاء ولكن عموماً سعة فرحِ أي إنسان تتناسب مع أفق وعيه ورهافة مشاعره وقد رصدتُ الناس قبل ساعاتٍ في الشرفات وفي الشوارع إذْ خرجتُ حاملاً كاميرا معي ...
    كانت زجاجات البيرة والنبيذ والشمبانيا جمهوراً آخر يشاركهم الإحتفال وحيث تبدو رؤوس قناني المشروبات بين أصابعهم لامعةً كالخواتم , والصرخات الهستيرية تُذكِّر أجراس الكنائس بتواضع حناجرها , هذه الأجراس التي ظلت فاغرة أفواهها ,
    ففي مثل هذه الساعات يستطيع أي راهب أو قديس أن يجدد الفخر بأبدية المسيح وديمومة العذراء !
    وفي هذه الساعات تصبح عبارة المسيح القائلة ( قليلٌ من الخمر يُفرح القلب ) خاصةً بسُكارى الظل مِن الذين لم يختطفوا الأضواء بعد !
    ثم قلتُ له بحماسٍ الشاعرُ الفرنسي شارل بودلير يقول التالي :
    على المرء أن يكون سكران دائماً


    عليكم أن تسكروا على الدوام

    لكيلا تُحسّوا بالعبء الرهيب للزمن


    ولكن مِمَّ ؟ من الخمر ؟ من الشعر ؟ من الفضيلة ؟


    حسبما تشاؤون ولكن إسكروا .


    -----

    قال : تعبيرُ حكيمٍ , أأملُ أن تسكرني الفضيلة !
    أما انا فأغنيتي يوقِّعها الشوق :


    نكهة


    *****


    في عتمة الليلِ انثنيتُ ,


    فتحتُ نافذتي أناجيكْ


    فأضاءَ ليلي ريشُ ديكْ !


    والصمتُ أغنيةٌ ويكملُها النبيذُ معتَّقاً


    فرفعتُ نخبَكَ قائلاً : أفديكْ !


    لا تُبْقِهِ في الكأسِ لا ,


    لا تُبقِهِ في الأسرِ !


    إني بالأناملِ ذقتُ نكهتَهُ


    فَحَنَّ فمي


    وجُنَّ دمي


    وما من حاجةٍ لامستُها


    إلاّ غدتْ عَبَقاً


    وهذا كلُّهُ حَسَناتُ حُبِّكَ يا مَليكْ !

    ------------------

    وأضفتُ : التقطتُ صوراً لبعضهم هنا وصوراً للسماء المشتعلة وصوراً حية للضحكات بل وللقبلات فانا على وشك السفر الى الشرق وسأنقل لشوارعه ومَن لفَّ لفَّها هذه الصور وما تحتويه من ضجيج أخرس ولكنهم سيفهمونها دون شك ثم أنحدر شمالاً وحقائبي السوداء غربان تصطفق أجنحتُها حولي لتحثني , سأنحدر شمالاً مستقلاً باصاً متمرساً بالظلمة ونزق المنحدرات ! وبعد عشر ساعات من الطيوف والأخيلة والتوقعات والخوف الحميم سأعرف الهدوء وسأحدثها عنك !


    قال ضاحكاً بصفاء : شكراً جزيلاً لك ولها ,


    ثم رفع فنجان قهوته !


    --------------------------------------------


    (*) فصل من كتاب قصصي نثري شعري بعنوان : النهرُ الأول قبل الميلاد .


    (-) أعرق الحضارات هي تلك التي أقامها الإنسان على ضفاف الأنهار ويكفي أن نذكر حضارة وادي الرافدين ووادي النيل حتى نتبيَّن ذلك وأمّا عنوان الكتاب فهو الذي فرضَ نفسهُ او فاض بنفسه ِ !


    -----------------------


    كولونيا


    2009 / 1 / 1



  2. #2
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.34

    افتراضي

    جميل هذا المزج بين أجناس أدبية مختلفة
    وإن سيطر الشكل الروائي على العمل ككل.
    باختلاف البيئات تختلف العادات والتقاليد
    فما يكون بديهياً عن بعض الشعوب ،يكون مستهجناً
    بل وحراماً عند الشعوب الأخرى ، ومرد هذا دائماً
    إلى الدين ؛فديننا الحنيف يحرم علينا تلك المظاهر وما يصاحبها
    من سُكر ، وعربدة و..
    اعجبني جداً هذا التعبير:
    "أأملُ أن تسكرني الفضيلة !"
    فلتسمح لي بنقل النص إلى حيث ينتمي
    تقديري واحترامي
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  3. #3

المواضيع المتشابهه

  1. عويلُ الهاوية
    بواسطة فاطمه عبد القادر في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 53
    آخر مشاركة: 31-05-2022, 10:34 AM
  2. صفحة أمجد الدليمي - شعر فصيح
    بواسطة أمجد الدليمي في المنتدى مَدْرَسَةُ الوَاحَةِ الأَدَبِيَّةِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-04-2017, 03:30 PM
  3. ما الذي أوقع التعليم العربي في الهاوية؟
    بواسطة عبد الرحيم صادقي في المنتدى الإِعْلامُ والتَّعلِيمُ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 21-07-2012, 03:32 AM
  4. كلمات على حافة الهاوية ،،
    بواسطة عبد الرحيم محمود في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 30-12-2007, 11:03 PM
  5. الموعد- مهداة إلى روح الشهيد القائد أمجد حناوي
    بواسطة فارس عودة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 21-01-2006, 04:42 PM