|
تَجَهَّمَ الصُّبْحُ فِي الآفَاقِ مُمْتَقِعاً |
يُنَاوِلُ الرُّوحَ زَقُّوماً وَ غِسْلِينَا |
فِي غَفْلَةٍ مِنْ سِبَاقِ الدَّهْرِ دَاهَمَنِي |
بِلا َ نَدِيمٍ وَلاَ كَأْْسٍ يُسَلِّينَا |
ضَاقَ الفُؤَادُ وَقَدْ شَطَّ المَزَارُ بِهِ |
وَ كُلَّمَا رَاقَ أَدْمَاهُ الْهَوَى لِينَا |
مَالِي أُصَدِّقُ قَلْباً صَارَ مُضْطَرِباً |
أُقَلِّبُ الطَّرْفَ فِي أَحْلاَمِ مَاضِينَا |
قَدْ وُكِّلَ الْقَلْبُ بِالأَحْلاَمِ فَانْكَشَفَتْ |
عَمْداً ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوْلاً وَ تَبْيِينَا |
ثُمَّ اسْتَهَلَّ عَذَابُ الْبُعْدِ مُنْسَكِباً |
بِوَادِقٍ مِنْ جِمَارِ الطَّيْفِ يَرْمِينَا |
كَمْ بَثَّ فِي حَاضِرِ الْعَيْنَيْنِ مِنْ أَلَمٍ |
وَكَمْ تَرَنَّمَ نَشْوَاناً يُحَيْيِينَا |
حِينَ انْبَرَى مَائِلاً مِنْ عُلْوِ مَطْلَعِهِ |
وَالْبَدْرُ يَسْكُبْ عَنْ يُمْنَاهُ يَسْقِينَا |
شَرِبْتُ مِنْ كَفِّهِ فَنْجَانَ قَهْوَتِهَا |
كَسَوْرَةِ الرَّاحِ تَنْشِينَا وَتُظْمِينَا |
رَامَ الْوْدَاعَ وَمَا اسْتَشْعَرْتُ مِنْ حَذَرِي |
وَالنَّجْمُ يَنْظُرُ فِي أَحْدَاقِ وَاشِينَا |
يَبْكِي الدِّيَارَ وَ أَيْاماً بِهَا سَلَفَتْ |
فِي نَشْوَةٍ مِنْ أَنِينِ الْعِشْقِ تُغْشِينَا |
يَا طَائِرَ الشَّوْقِ هَلْ آنَسْتَ مَوْطِنَنَا ؟ |
بَنِي سُلَيْمٍ لِسَانُ الدَّهْرِ يُفْشِينَا |
سَقَى طَرَابُلْسَ أَنْهَاراً تُطَاوِلُنِي |
يَفِيضُ مِنْهَا هَوىً يَسْقِي الْمُحِبِّينَا |
تَمُوجُ بِالسَّاحِلِ الدَّانِي رَفَاهِيَةً |
تُغَازِلُ النَّخْلَ فِي أَحْضَانِ أَهْلِينَا |
يَكْسُو الصَّبَاحُ ضَوَاحِيهَا بِمُغْتَبَقٍ |
يَفُوحُ مِنْهُ خِتَامَ الأَرْضِ نِسْرِينَا |
وَ الْلَيْلُ فِي كَفِّـهَا يُثْنِي أَعِنَّتَهَا |
تَخْتَالُ مَائِسَةً لِلْوَصْلِ تُصْبِينَا |
وَهْيَ الْغَرَامُ أُدَارِيهِ وَ أَعْذِلُهُ |
وَ شَجْوُ قَلْبِي إِلَيْهَا عَادَ يُحْيِينَا |
يَا أُمَّ أَحْمَدَ لِي ذِكْرَى تُشَوِّقُنِي |
إِلَيْكِ ، تَنْطِقُ آهَاتٍ تُقَاضِينَا |
وَقَدْ طَلَبْتُ النّوى عَمْداً عَلَى رَشَدٍ |
فَمَا يَئِسْنَا وَمَا جَفَّتْ مَآقِينَا |
نَاهِيكِ عَنْ سَفَرٍ فِي جَوْفِ سَابِحَةٍ |
وَ لِلْمَنَايَا حُسَاماً بَيْنَ أَيْدِينَا |
لَكِ الْكَرَى ، وَ الرُّؤَى مَخْضُوبَةً بِيَدِي |
وَلِي النَّوَى بَدَلاً ، وَ الصَّبْرُ يَكْفِينَا |
مَا أَجْمَلَ الصَّبْرَ؟ أَلْفَاظٌ مُنَمَّقَةٌ |
لَكِنَّهُ حَاجَةً فِي النَّفْسِ تُلْهِينَا |
يَا أَبْعَدَ النَّاسِ أَعْطَافاً وَ أَقْرَبَهُمْ |
سَيَتْحَفُونَكِ بِالْعُتْبَى لَيَالِينَا |
إِنِّـي ذَكَرْتُكِ وَ الدَّاعِي هَوىً طَلَلٌ |
دَاءَ الْفُؤَادِ وَلَذَّاتٍ أَفَانِينَا |
يَالَيْتَ شِعْرِي وَهَلْ يُثْنِي النَّوَى دَنِفٌ ؟ |
وَمَا وَجَدْنَا سَبِيلاً عَنْكِ يُثْنِينَا |
قَدْ نَابَ عَنْكِ وُجُودُ الرُّوحِ فِي بَدَنِي |
وَنَابَ عَنْ سُوءِ أَحْوَالِي تَصَافِينَا |
وَمُنْيَتِي مَجْلِسٌ مَالَ الْعِنَاقُ بِهِ |
حَالَ الصَّبَابَةَ أُمّاً وَالْهَوَى دِينَا |
أَعْطَيْتِ حَتَّى تَرَكْتِ الرُّوحَ عَامِرَةً |
وَجُدْتِ حَتَّى كَأَنَّ النَّأَيَ يُدْنِينَا |
تَرْمِي الْفُؤَادَ بِعَيْنَيْ مُدْنِفٍ خَجِلٍ |
أَشْكُو إِلَيْكِ الْهَوَى وَهْناً فَتُرْضِينَا |
وَبَارِقُ الْوُدِّ قَدْ سَالَتْ سَوَاكِبُهُ |
فَاخْضَرَّ مَا كَانَ مَزْرُوعاً بِوَادِينَا |
إِذِ الْمَشَاعرُ غَضَّتْ لِلْهَوَى مُقَلاً |
رَقَّ الْفُؤَادُ ، وَ قَالَ الزَّرْعُ آمِينَا |
حَسْبِي مِنَ الْقَوْلِ ، مَا أُعْطِيتُ مِنْ ظَفَرٍ |
إِنَّ الْمآثِرَ َ أََعْوَانٌ تُوَالِينَا |
أَمَا يَغُرَّكِ مَا أَسْلَفْتُ مِنْ كَلَمٍ ؟ |
مَدٌّ مِنَ الْقَوْلِ قَدْ يَعْلُو أَحَايِينَا |
وَمَا نَهَيْتُ فُؤَادِي عَنْ تَلَذُّذُهِ |
وَمَا يَدُومُ لَهُ سَعْدٌ يُوَاسِينَا |
إِنّْي فَزِعْتُ بِأَحْلاَمِي إِلَى قَلَمِي |
لَمَّا تَبَدَّى وَمِيضُ الشِّعْرِ يُغْرِينَا |
حَلَّ الْمَسَآءُ أَنِيقاً مِثْلَ طَلْعَتِهَا |
حَلَّ الْمَسَآءُ وَمَا نَرْجُو تَلاَقِينَا |
وَمَا اسْتَطَعْتُ لِقَاءَ الْلَيْلِ مِنْ كَمَدِي |
وَاحَرَّ قَلْبَاهُ مِنْ لَيْلٍ يُعَنِّينَا |
أَمْسَتْ هُنَاكَ وَهَذَا الرَّوْعُ يَمْلَئُنِي |
يَا وَحْشَةً عَقْبَ ذَاكَ الشَّكْوِ تُبْلِينَا |
لَوْلاَ الْفُؤَادُ الذِي عَمَّتْ جَمَائِلُهُ |
مَا رَاقَ مِنْ جَانِبِ الأَحْشَاءِ مُضْنِينَا |
قَضَى لَنَا اللهُ أَمْراً حِينَ نَذْكُرُهَا |
وَصْلٌ مِنَ (( النِّتِّ)) أَوْ طَيْفٌ يُسَلّْينَا |