بيد أن حبه صلى الله عليه وسلم لخديجة -رضي الله عنها - لم يمنعه من أن يحب باقي زوجاته اللواتي تزوج بهن فيما بعد وفي مقدمتهن عائشة بنت أبي بكر-رضي الله عنها - , التي كانت أحب إنسانة إليه بعد خديجة-رضي الله عنها - لما امتازت به من علم وأدب ومعرفة بالشعر وأيام العرب إضافة إلى شبابها وخفة روحها ومقام أبيها منه صلى الله عليه وسلم. فكان هذا مما جعله يتعاطف معها قلبا وقالبا , ناهيك عن ذكائها وفصاحتها وفقهها (1)وقد روت من الأحاديث مالم تروه امرأة غيرها من زوجاته صلى الله عليه وسلم وسواهن وعدت من المكثرين من الرواية عنه صلى الله عليه وسلم (2) .
ومن لطيف ما يروى في إعرابه صلى الله عليه وسلم عن حبه لها وتمسكه بها قوله لها " كنت لك كابي زرع في الألفة والوفاق لا في الفرقة والخلاء "فقالت عائشة " يارسول الله بل أنت خير لي من أبي زرع " (3).
وقد جسدت علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم مع عائشة الصورة المثالية لعلاقة
الزوجين المبنية على الحب المتبادل والانسجام والنشاط في الحضر والسفر.
فذات يوم كانت عائشة مع الرسول صلى الله عليه وسلم في سفر فسابقها قالت " فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم (أي امتلأ جسمها) سابقته فسبقني فقال هذه بتلك " (4).
وحازت زينب بنت جحش -رضي الله عنها - على محبته صلى الله عليه وسلم بدليل قول عائشة -رضي الله عنها - " وهي التي كانت تساميني في المنزلة عند رسول الله (5)( أي تعادلني وتضاهيني في الحظوة والمنزلة الرفيعة ) " (6).
.................................................. ..................
1- "حب الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء "ص.40
2- فقد بلغ عدد ماروته 2210حديثا اتفق الشيخان على 174وانفرد البخاري ب 54حديثا ومسلم ب58(انظر تراجم الصحابة ص.146) .
3- " بغية الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد" للقاضي عياض ص.11-12
4- السيرة الحلبية 2/602
5- المصدر السابق2/614
6- صحيح مسلم بشرح النووي 15/206