أخي الحبيب د. سمير العمري
هي قصيدة خرجت من قلب تأثر أيما تأثر بمجريات الأمور فراح ينبض بها ولم تخرج من أنامل تمسك بقلم يتقن اللغة والبيان ويملك ناصية القريض والضاد.
لم أفكر أن يكون لهذه القصيدة مكاناً غير ملتقى الواحة فسوف تبقى الواحة كما كانت دائماً الأرض التي يجد فيها الفكر حريته والقدر حجمه والقيمة موطنها والضاد أصالتها والكلمة رصانتها. وتلك شخصية ثابتة لها طالما أكده مسارها بمتغيراته على مر السنوات.
فما كان لهذه القصيدة إذن أن يكون لها مكاناً إلا هنا ، وما كان لما حوت من معان ورؤى أن تكون في موضع آخر. وقد كنت ومازلت من هؤلاء الذين يستطيعون تحييد العلاقة الشخصية وكبح التحيز لها وصيانتها بألا تكون دافعاً في غير موضع فليس هناك صحيحاً بإطلاقه كما أنه ليس هناك غير صحيح دائماً. لذلك كان وسيظل ما بيننا هو ما بيننا ، وليت ذلك يكون منهجاً لجميع الأخوة فكم فرق تباين الرؤى بينهم وكم شتت اختلاف الأهواء جمعهم ، بما أراه خلطاً بين الركائز والروابط والمفاهيم. لست أعرف إلا أن يكون للقيمة الحقيقية قدرها دون عامل آخر قد يفسد أُسساً.
لذلك شرفت بأن يكون لتلك القصيدة مكانها هنا وشرفت باستحسانك لمعناها وتكريمك له وكان لذلك عندي الأثر الجميل بقدر المقام والقيمة التي تعرفها عندي لمقامك السامق وقدرك الكبير.
أما عن القصيدة فلا أنكر أن بها ما بها مما يجب إصلاحه لغة أو وزناً ، وقد يكون ذلك لسهو تارة أوغفلة تارة أخرى أو لحماسة في أغلب الأحيان أو لجهل لا يدعي غيره إلا متعالماً وفوق ذي كل علم عليم.
وما كان يجب لي في قصيدة تخص شهيد غزة أن تأخذني فيها عجالة أو أن يمنعني من إصلاحها ضيق وقت ولكن قد أسوق عذراً وهو طول القصيدة والتي تجاوزت 120 بيتاً وكادت تزيد لضعف هذا الرقم لوكنت تحريت تفصيل المعنى غير أنني كبحت جماح ذلك حتى لا أخرج عن قاعدة الايجاز أبلغ من الإطالة وعدم الإسهاب فيما يمكن الاستغناء عنه. وكذلك تعتبر هذه القصيدة أطول قصيدة كتبتها على الإطلاق ، وكتابة القصائد الطويلة تحتاج خبرة ولها رجالها وأساطينها ولست أدعي أنني منهم وما قصدت أن تطول القصيدة ولكنه المعنى الذي جرفتني الحماسة له.
وقد مررت الآن على النص فلم أتبين خطأ لا يمكن للضرورة الشعرية أن تتجاوزه أو غير ذلك إلا في موضعين:
الموضع الأول :
تَرْضىَ بِتَوقِيعٍ كَما اشْتَرَطوا=عَلىَ صُكوكِ فَلَسْطينَ لِمُسْتَلِمِ
هنا يجب أن تكون فلسطينَ فلسطينٍ بتنوين النون فذلك يربأ الوزن وإن كان فيه خروج على قاعدة الممنوع من الصرف على حد علمي والتي يمكن تجاوزها هنا ككثير من شعر التراث.
الموضع الثاني:
وَما استَطاعَ اقتِحاماً لِلْمَدائن فَما = لَدَيْهِ الشُّجاع الذي يَعْلو ذُرا السَنَمِ
هنا خروج واضح على وزن البسيط لست أدري كيف وقعت فيه ، فأرجو تغيير البيت ليكون:
وَما استَطاعَ اقتِحاماً للعَرينِ فَما = لَدَيْهِ مُنْ فارسٍ يَعْلو ذُرا سَنَمِ
كما أن هناك خروج في بعض مواضع الجزم لأدوات الشرط ونصب حروف العلة في فعل لن وغير ذلك مما لم أدركه.
أرجو أن يكون لهذه القصيدة الحظ في أن تدلي فيها بدلوك من أخطاء لمستها فنناقشها حتى يمكن رأب الخلل وتكون الأبيات في حلة تليق بالشهيد الجليل الذي كتبت فيه.
وقد يدفعنا المعنى الذي طرحته القصيدة إلا التساؤل عن تاريخ فلسطين على مدى سبعين عاماً ولماذا لم يتم كتابته شعراً. أليس من حق الواحة أن يكون لها السبق في تنفيذ هذا المشروع في ثوب متجانس ولو تجاوز آلاف الأبيات ليكون وثيقة تاريخية لقضية فلسطين ويتم إضافة كل جديد أولاً بأول لتلك الملحمة الموسوعية لتاريخ أرض سلبت حتى تعود بإذن الله ؟ أليس لذلك الموقع الحق في جعل تميزه حقيقة واقعة بما لا تستطيعه المواقع الأخرى التي يلهيها التوجه الشخصي عن التوجه العام والقيمة الحقيقة. هو مجرد اقتراح أرجو أخذه بجدية.
وأخيراً أخي العزيز تقبل الشكر والتقدير والاحترام الوصول للأسرة الكريمة فرداً فرداُ.