|
يا شاعر الأمس ... |
يا شاعر الأمـسِ إنّ الأمـس قـد رحلا |
المركـب الحـائـر المحـزون غـادره |
ربّانـه ورمـاه المـوج فـانخــذلا |
والريـح تمضـغ صاريـه وتلـفظـه |
فينحنـي منهكـاً مسـتسلمـاً وَجِـلا |
أين الأُلى سطّروا في الكـون ملحمـةً |
للمجــد أذهلـت التـاريـخَ والـدُّوَلا |
أين الأُلى عمروا بالدين صرح هـدىً |
يهدي البرايا ويمحـو الـزّور والخطـلا |
الحـقّ رايتهـم والخيــر غايتهــم |
وبيـرق الحـق فـي كـلّ النّجـود عَلا |
في السِّند والهند بل في الصِّين جحفلهم |
يغشـى الدّجـى ويعيد النـور والأمـلا |
وطـارق الخير يمضـي بالسّفين إلـى |
شطـآن أندلـسٍ كـي يحـرق الفشـلا |
يا شاعر الأمـس نـار اليـوم تلفحنـا |
إذا ضربـت لـنا مـن أمسنـا مثــلا |
فكلّمـا قلـت قــولاً فيـه تصـفعنـا |
نكَـأْتَ جـرحـاً ظننّـا أنّـه اندمــلا |
انظـر حواليـك واقـرأ فـي ملامحنـا |
همّـاً وقهـراً وغمّـاً ينسـف الجبـلا |
فإنّنـا فـي خضـمّ الحـزن تأكـلنــا |
آلامنـا والشّجـا يسـتوطـن المقـلا |
إنّا نـرى النّـار طوقـاً بات يحصرنـا |
والكفر يذكي لهـيب النـار كي تصـلا |
يا شاعر الأمـس إنّ الأمـس يرفضنـا |
والحاضـر المـرُّ لم يترك لنـا سُـبلا |
يا شاعر الأمس ليـس الأمـس قافيـةً |
نبكـي بهـا دارسـاً أو ننـدب الطّلَـلا |
لكنّــه قصّــة للمجــد خـالــدةٌنرنو إلى نورهـا كـي نقبـس الشُّـعَلا |
فـلا تظنّـنَّ فينـا الجهـلَ يمـنعنــاعـن فهـم أمـسِ فإنّـا نـدرك العلـلا |
يا شاعـر الأمـس لا يُفقـدْكَ واقعُنـاعزمَ المجاهـد فانهض واهـزم الوجـلا |
وقـم بنـا مرشـداً واتـرك عواطفنـاوصف لنا كيـف ننجـو وانبـذ الجـدلا |
إنّـا وإن عـثرت خيـل الزّمـان بنــا |
لقـادرون علـى أن نصـلح الخلــلا |
إن كـان حاضـرنــا لليـأس يدفعنـا |
فذلـك الأمـس بالأمجـاد قـد حفـلا |
فـي كـلّ سـفـرٍ بطـولاتٌ مسـطّـرةٌ |
فهل تـرى زمنـاً عن ذكرنـا غفـلا |
وهـل تـرى في الليالـي غيرنـا قمـراً |
أنار في الكـون علمـاً مردفـاً عمـلا |
في الشّرق والغـرب تاريخ لنا سـطعت |
منه الحضارة تمحـو الجهـل والدّجـلا |
قـل للجمـوع تخلَّـوا عن ضغـائنكـم |
ووحِّدوا الصفَّ وانسـوا واقعـاً هـزلا |
واسـتلهمـوا من كتـاب الله رايتكــم |
وحطّمـوا صـنمـاً للفـرقـة افتُعِـلا |
فإنكــم أمّـةٌ كالأمــس واحـــدةٌأقـرّهـا الحـقّ في التّنزيـل مُذْ نـزلا |
هـذي سـبيلٌ مع الفرقـان نقصدهـا |
فـإن وصلنـا إلـى الشطـآن ثانيـةً |
سـيعلـم الكـون أنا خـير من وصـلا |
وإن تطــاول بعــد اليــوم إمّعــةٌ |
وصاغ وهْمـاً وأغـرى وافـترى حيـلا |
فـلا تطـأطـئ لـه واردعـه منتضـياً |
سيف الحقيقـة وانكـثْ كلَّ ما غـزلا |