رؤى متناقضة

رؤى متناقضة
-1-

حين تجلس أمامي في حديقة بيتنا الفاخر، تصب لكَ حليبا تضع فيه قليلا من الكاكاو و قطعتي سكر، و تصب لي قهوة سوداء مرة، ثم تبدأ حديثك عني بلغة الغائب... تشرب آخر رشفة من فنجانك، ثم تقف و تحمل سترتك من على الكرسي تطويها بعناية فائقة و تضعها على ساعدك و تمضي بينما أستمر بالتحديق ببلاهة في الكرسي الفارغ أمامي.

-2-

حين نلتقي و نادراًَ ما كنا نفعل، نتحدث أنا و أنت عن الطقس عن الكوارث و عن أخبار الناس و العالم...
و حين تتفادى النظر إلى عيناي و أتفادى الجلوس أمامك أدرك أن " النحن " ماتت و هي تنجب " الأنا " و " الأنت".

-3-

تجلس أمام التلفاز، تفك قليلا ربطة عنقك الوردية المقلمة و تفتح ياقة قميصك الأبيض الحريري، تتابع بشغف كبير برنامجك الفرنسي المفضل، تشتم المذيعين العرب ثم تناقشني بلغتك الفرنسية و أجيبك بلغتي، فتسألني ساخرُا لم تصرين على استعمال كلمات لغة من عصر الحجارة؟.

-4-

في المساء أتزين أتهادى أمام المرآة كأني ملكة و أنزل الدرج ببطء، تتطلع إلى وجهي و تسألني
" لماذا تصرين دائما على ارتداء هذا الثوب الأحمق، ألا ترين معي أنه مجرد خرقة بالية تتدلى من كتفيك إلى أخمص قدميك، على صدرها نقوش من عهد بائد، أي ذوق تملكين؟".

-5-

و أنا في آخد حمام الصباح أترنم بأنشودة أميمة الخليل " طفل يكتب فوق جدار" و أضع عطر المسك الفاخر، بينما أنت تحلق ذقنك و أنت تشدو بأغنية شارل أزنافور و تضع عطرك ما بعد الحلاقة البارسي.

-6-

قبيل أدان الفجر، أجلس على سجادتي مسبحتي بيدي، أسمع خطواتك المتعثرة على الدرج، تدلف غرفة النوم، رائحة كريهة تملأ المكان، تترنح قليلا قبل أن ترمي سترته على الأرض، و جسدك على السرير دون أن تخلع حذاءك، أتمتم بدعاء ليهديك الله إلى طريق مستقيم فتتمتم امرأة حمقاء لا زالت تكتر من الدعاء.

رؤى متناقضة

-1-

حين تجلس أمامي في حديقة بيتنا الفاخر، تصب لكَ حليبا تضع فيه قليلا من الكاكاو و قطعتي سكر، و تصب لي قهوة سوداء مرة، ثم تبدأ حديثك عني بلغة الغائب... تشرب آخر رشفة من فنجانك، ثم تقف و تحمل سترتك من على الكرسي تطويها بعناية فائقة و تضعها على ساعدك و تمضي بينما أستمر بالتحديق ببلاهة في الكرسي الفارغ أمامي.

-2-

حين نلتقي و نادراًَ ما كنا نفعل، نتحدث أنا و أنت عن الطقس عن الكوارث و عن أخبار الناس و العالم...
و حين تتفادى النظر إلى عيناي و أتفادى الجلوس أمامك أدرك أن " النحن " ماتت و هي تنجب " الأنا " و " الأنت".

-3-

تجلس أمام التلفاز، تفك قليلا ربطة عنقك الوردية المقلمة و تفتح ياقة قميصك الأبيض الحريري، تتابع بشغف كبير برنامجك الفرنسي المفضل، تشتم المذيعين العرب ثم تناقشني بلغتك الفرنسية و أجيبك بلغتي، فتسألني ساخرُا لم تصرين على استعمال كلمات لغة من عصر الحجارة؟.

-4-

في المساء أتزين أتهادى أمام المرآة كأني ملكة و أنزل الدرج ببطء، تتطلع إلى وجهي و تسألني
" لماذا تصرين دائما على ارتداء هذا الثوب الأحمق، ألا ترين معي أنه مجرد خرقة بالية تتدلى من كتفيك إلى أخمص قدميك، على صدرها نقوش من عهد بائد، أي ذوق تملكين؟".

-5-

و أنا في آخد حمام الصباح أترنم بأنشودة أميمة الخليل " طفل يكتب فوق جدار" و أضع عطر المسك الفاخر، بينما أنت تحلق ذقنك و أنت تشدو بأغنية شارل أزنافور و تضع عطرك ما بعد الحلاقة البارسي.

-6-

قبيل أدان الفجر، أجلس على سجادتي مسبحتي بيدي، أسمع خطواتك المتعثرة على الدرج، تدلف غرفة النوم، رائحة كريهة تملأ المكان، تترنح قليلا قبل أن ترمي سترته على الأرض، و جسدك على السرير دون أن تخلع حذاءك، أتمتم بدعاء ليهديك الله إلى طريق مستقيم فتتمتم امرأة حمقاء لا زالت تكتر من الدعاء.

الأستاذة عايدة عبد الله

محاكاة رائعة وصادقة..لواقع أستشعر أنه يجسد حالة الإنفصام بين البرقع الزائف للحضارة الغربية

والجذور العميقة الممتدة لتراب العروبة والدين..

تعشق موفق بين الأنا ..وما يحيط بها

همسة عابرة ..هناك بعض الأخطاء أعزوها لتعثر فوق لوحة مفاتيح الكتابة !

الى عيناي , تكتر ,أدان ,وأنا في آخذ ,,اتمنى منك تدقيقا ً وإهتماما ً أكبر لبعض المفردات

سعيد أن أصافح نبض هذا الحرف الجميل..

سلمت..وسلم مدادك ِ

احترامي

عايدة عبد الله

يا سيدتي في زمن الصخب والضخيخ وتأرجح الالوان احتلت الرومانسية والكلاسيكية المرتبة الدنيا وتعلق المتشبثون بالتحضر درجات سلم زائف يتكسراثر خطوة لامنية

و حين تتفادى النظر إلى عيناي و أتفادى الجلوس أمامك أدرك أن " النحن " ماتت و هي تنجب " الأنا " و " الأنت".

معنى عميق رائع واستنتاج ذكي يناسب كل تفكك
فوحدها الانانية الفردية من تفضي على كل اتحاد
تلك الرؤى على تناقضها كانت بمنتهى الروعة
سلم مدادك

المورقة / عايدة عبد الله

رؤى متناقضة / قطع نثرية جميلة استطعت من خلالها أن تقدمي صورة على تعايش بين فكرين مختلفين ، كل فكر منهما يجسد أحقيته في الوجود من خلال السلوكيات و التصرفات التي تتجلى واضحة متناقضة بين قيمتين تتصارعان في محيط واحد ، و لكن بأسلوبين مختلفين .

و برغم أن النص في مجمله قدم صورة المرأة الشرقية الشاعرية التي ما زالت تحتفظ بموروثاتها الرومنسية - إن صح التعبير - و بين الرجل الشرقي الذي أصبح يرى في الغرب و مظاهره صفة تميز و تحضر ، ضاربا بذلك طبيعة بيئته ، في نوع من التمرد أو عدم تمكنه من إثبات الذات الشرقية بداخله مع تفتحه على ثقافة الغير ، و ايجاد نقاط توازن بينهما .

لقد تناولت بذكاء ظاهرة سلبية باتت منتشرة بكثرة في مجتمعاتنا اليوم سواء من طرف الرجل أو المرأة ، و قد أجدت التصوير عنها في قالب أدبي مميز .

دمت بهكذا جمال ...

إكليل من الزهر يغلف قلبك
هشـام

السلام عليكم
الأخ الفاضل تائر الحيالي
أسعدني ردك
لك كل الاحترام و التقدير

عايدة عبدالله
اورق حظي حين قرأت لك
رؤى متناقضة
وكأنك تدخلين بيوت هذا العصر
تشاركين كثيرا من أصحابها
تضعين أصبعك على الأكثر ايجاعا
في بيوت ما زالت سيدته هي الأقوم
شكرا لكل ما كتبت

ثمة لحظات نادرة أشعر فيها بسعادة غامرة حين تقع فيها عيني على نصّ ثري مثل هذا.
نصّ غني بالعبر، يكشف عن مدى سوء واقعنا وتخلفنا وركضنا وراء حضارة زائفة ومتهالكة وفارغة من كل القيم. رؤوس فارغة تبحث عن الكماليات وتنسى جذورها ومنشأها وحضارتها ودينها كل بساطة وكأنها ليست من عالمنا ولا تنتمي إليه .

والله كنت أقرأ وأنا أتمنى أن لا ينتهي النصّ..ليتك تابعت ولو قليلا..

أنت مثقفة رائعة بكل معنى الكلمة ، وشرف كبير لي أن أقرأ حرفك النقي .

أختي الفاضلة عايدة عبدالله

شكرا لك

كوني بخير

اللهم امين وندعوا معك ان يصلح كل ضال
دمت بخير

الأخت أماني عواد
في زمن الضجيج ليس لنا إلا الصمت لعل الألوان تعود إلى طبيعتها
اسعدني ردك
لك تحياتي و احترامي

الأخ هشام عزاس
لأني امرأة رأت دموع نساء كثيرات
كتبت عن المرأة
ربما في رؤى أخرى
سأكتب مرة أخرى عن رجل يلبس جلبابا وعمامة
و عن امرأة تتعرى من كل القيم
أسعدني حقا أن تتواجد بين حروفي
لك تحياتي و احترامي