الأمير الشّاعر صالح علي الحرفوش

الأمير الشّاعر صالح علي الحرفوش


بقلم: حسين أحمد سليم آل الحاج يونس


شاعر يتكلّم شعرا, ويُعبّر عن آرائه بالشّعر, يُحبّ من وحي قصيدة الشّعر, ويهجو شعرا لإذا هجا, ويفاخر إعتزازا تاريخيّا بالشّعر... يتنفّس في هدأته الشّعر, وينهل في عطشه من ينابيع الشّعر, ويقتات إذا ما جاع بالشّعر, ويستقبل محبّيه بالشّعر, يعيش حياته شعرا في شعر... ورث لقب الأمير عن أجداده, وزاوج بين الشّعر وإرث الإمارة, فأغدق عليها من فصيح اللسان وبلاغة البيان, ما توّجه شاعرا أميرا في عالم الشّعر...

الأمير صالح الأمير علي الحرفوش صاحب الحسب والنّسب, وسليل العائلة الحرفوشيّة الخزاعيّة, التي تتّصل بحرفوش الخزاعي, أحد قادة حملة عبيد الله بن الجراح لمدينة بعلبك... العائلة العريقة التي حكمت بلاد بعلبك ردحا من الزّمن السّالف ,وترك بعض رجالاتها بصماتا خالدة تتماهى عبر حقب التّاريخ, متألّقة بالبطولة والكرم والشّجاعة والمناقب الرّفيعة ومكارم الأخلاق, وبوارق مرفرفة من العلم والأدب ورجال الدّين, ومنهم الشّيخ محمد بن علي بن أحمد الحرفوشي الحريري الكركي وهو أديب وعالم لغوي ونحوي وشاعر, ومنهم أيضا الأمير موسى بن علي بن موسى الحرفوشي أمير بعلبك الشّاعر الشّجاع الجواد...

وهكذا يّقدّم الأمير الشّاعر نفسه معرّفا بها:

أنا رجل المنابر والدّساكر والعلم
أنا رجل المحابر والدّفاتر والقلم
أنا السّيف الذي ثلم السّيوف وما إنثلم
أنا الطّماع, يرنو للعلى, يهوى القمم
أنا من أمّة, شمخت, تتيه على الأمم
أنا من أسرة, ناخ الزّمان على القدم
أنا رجل المباديء والمناقب والهمم
أنا من معشر, صنعوا البسالة والكرم
أنا من هام في عشق المكارم والقيم
أنا للشّعر وهو, لي, حياتي, كالنّسم
أنا من بعلبك المجد, عنوان الشّيم
بلد الأشاوس والفوارس والشّمم

الأمير صالح الأمير علي الحرفوش إبن ثريّا البقاع, قرية النّبي رشادي الواقعة غربي مدينة الشّمس بعلبك, متربّعة على هضبة واسعة تتهادى في كنف إمتدادات أراضي حدث الوليّ الطّائع, المترامية الأطراف شرقا حتّى حدود نهر الليطاني... ثريّا البقاع قرية النّبي رشادي, التي ولدت في قلب وعقل وشعر الأمير كما ولد فيه, هو صنو ثريّا البقاع والقرية صنوه... القرية الرّيفيّة البعلبكيّة البقاعيّة النّائية التي أنجبت للتّاريخ, الكثير من الرّجالات من سلالات العائلات الكريمة, التي تسكنها في مجالات عديدة من العلم والأدب والفنّ والتّربية, ومنهم قديما, الشّيخ الفاضل ابراهيم بن يونس, والطّبيب تقيّ الدّين الحدثي الحشائشي البعلبكي, ومن المعاصرين, الأديب يوسف برّو وعلي سليمان محمّد وباسمة سعدو زين الدّين ووضحة سعيد شعيب مباسلة موسى زعيتر, والصّحافي حسن سلمان محمّد والصّحافي منير حسين يونس والفنّان الموسيقار عباس ابراهيم يونس والموسيقار الفنّان سالم أحمد سليم, والفنّان الرّسّام علي حسين سليم وغيرهم...

الأمير صالح الأمير علي الحرفوش, الشّاعر المجلّي في خيمة القريض على إيقاعات العروض الفراهيديّة, لمع نجمه في لبنان شاعرا وطنيّا, تزدهي هياكل مدينة الشّمس بعلبك بشاعريّته الفذّة, حيث غنّى بعلبك بعشرات القصائد التي خصّ فيها مدينة الشّمس, متوّجا وفاءه وإخلاصه لمدينة الشّمس في إصدار كتابه البكر ديوان: " الهياكل" الذي جمع فيه خلاصة وزبدة كلماته وقصائده في الغزل والوجدانيّات والوطنيّات والفخر والشّجاعة والعنفوان... ولم ينس التّأريخ في قصائده لأجداده الذين حكموا بلاد بعلبك ردحا من الزّمن الماضي...

ويتغنّى في مدينة الشّمس فيقول:

وهياكل في بعلبك تشامخت
نحو السّماء تصارع الأقدارا
تحكي الحضارة في بديع زخارف
نحت بصخر يذهل الأفكارا
يا قلعة في بعلبك ترسّمت
للسّائحين محجّة ومزارا
من كلّ فجّ يقصدون ليشهدوا
ويروا عجائب تخطف الأبصارا

الأمير صالح الأمير علي الحرفوش, لم يقف عند منمنمة قصائده في سيمفونيات, تطرب لها الأسماع عند غزلها على لسان الأمير, وترفل لها العيون قبل الآذان عندما تتهادى على صهوة الأثير في المنتديات والمحافل, وتهيم في صورها العقول المتفكّرة وهي تتخاطر بها في اللقاءات الشّعريّة والأدبيّة والفكريّة هنا وهناك, وتتراقص لها صبايا بعلبك وقرية النّبي رشادي وقرى غربي بعلبك وسائر المدن اللبنانيّة, فالغزل للشّاعر الأمير يتّصف بالعفّة واللطافة, وهو من النّوع القريب للقلب والعقل والوجدان بلا تكلّف وليس فيه تعقيدا وليس يشكو من غموض, رقيق كما النّسائم, ممتدّ واسع يعمّ المدى, فوّاح يتشذّى عطرا مكنونا في كلّ الإتّجاهات...

ويُنمنم الكلمات شعرا غزليّا فيّغنّي:

لولا الجمال وقد بدا متألّقا
عند الحسان وخرّد وملاح
كان الوجود بذا الوجود شقاوة
في غمرة الأحزان والأتراح
إنّي لمن عشق الجمال بموضع
فذّ, فريد, شيّق, ممراح
لا طيب في عيش إذا ما لم تكن
فيه المليحة نجمة الإصباح

لم يكتف بهذا بل أوغل الأمير وفاءا وإخلاصا لوطنه لبنان ومدينته بعلبك, فأسّس بالتّعاون مع ثلّة من الأدباء والشّعراء والمفكّرين البعلبكيين واللبنانيين " دوحة البقاع الثّقافية " التي لها الكثير من المواقف المجلّية... في المجالات الثّقافيّة والمعرفيّة في بلاد بعلبك وسائر المناطق اللبنانيّة...

تفخر بالأمير صالح الأمير علي الحرفوش, ثريّا البقاع قرية النّبي رشادي, التي تغنّى بها في قصائده الكثيرة, والتي توّجها وطنا خاصّا به عاصمتها الثّريّا, كما تفخر به مدينة الشّمس بعلبك, كشاعر الخصال الكريمة والحلال الرّفيعة, والمكرمات الفاضلة, التي كانت عماد الحرافشة في القرى البعلبكيّة, ويعتزّ به الوطن الغالي لبنان, لدفق أقواله الحكمي, ولمع خواطره المنهجيّة, وصلابة وحسن مواقفه, وواقعيّة خطابه الشّعري, وما يتجلّى في جواهر نطقه وحضوره... كما ويعتزّ به كلّ مجلّ في مجالات الفكر والشّعر والأدب والفنون, لشفافيّة يمتاز بها في أثيريّة شاعريّته, والتي برزت في ومضات غزليّاته النّابعة من صميم قلبه... وله المكانة الأعلى بين كوكبات الخلق والإبداع والبذل والعطاء, لما له من الوثبات البارزة في المعنى كما في المبنى, بحيث يرتاح القاريء لقريضه وترتاح الأسماع لشعره... وله إمارة الشّعر في بلاد بعلبك, لما في شعره من الحكم والمواعظ, والبلاغة وعمق المعاني بلا تكليف أو تأنيق, ثريّا البقاع قرية النّبي رشادي مسقط رأسه, ومحراب النبي رشادي عرين إمارته, وسهول حدث الوليّ الطّائع مسرح تأمّلاته, ونهر الليطاني رذاذ خيالاته وخواطره, يتماهى في قصائده في فضاءات مدينة الشّمس, أميرا للكلمة الشّعريّة, كما كانت تنقاد لأجداده وآبائه, إمارة الحكم في بلاد بعلبك مدينة الشّمس عبر حقب التّاريخ, والتي تسامقت رفعة في رحاب ثريّا البقاع قرية النّبي رشادي...

أخي الراقي حسين أحمد

كتبت عن شاعر عندما قرت كلماته بت أجزم أنه النقاء نفسه, سردت هنا كلمات غزلت بالجمال, فشكراً لإتاحة الفرصة لنا بالإستمتاع بالأبيات وتفاصيلكَ النقية.

تقديري

أبياته جميلة وحلوة الروح
اشكرك على جهدك
تقديري