|
أَنَّتْ فَأَنَّتْ لأوْجاعٍ لَها نَفسي |
كُلومُها سُفُنٌ في شَطِّنا تُرْسي |
إذا صُداعٌ سَرى في رَأْسِ فاتِنَتي |
حَطَّ الرِّحالَ غَداةَ الصُّبحِ في رأْسي |
وإن بَلابِلُ رَوْضٍ أَفْرَحَتْ سَنَدي |
طَرِبْتُ مُبْتَهِجًا مِنْ رَوْعَةِ الحِسِّ |
هُوَ الغرامُ سَقانا العُمْرَ مُشْتَرَكًا |
نَحْيَى سَواسِيَةً في السَّعْدِ والبُؤسِ |
تُفْنِي لَيالٍ وآلامٌ بِصُحْبَتِها |
سَكْرى تَراها ولَمْ تَشْرَبْ مِنَ الكَأسِ |
كَأنَّما هذهِ الأوجاع قَدْ أَلِفَتْ |
أَعْضَاءَها فَثَوَتْ في جِسْمِها المُلْسِ |
وَمِثْلُها في الدُّجى والعَيْنُ سَاهِرة |
جُنْدِي يُرابِطُ حينَ الحَرْبِ في العَسِّ |
تُعْيِي السِّقامُ إذا طَالتْ زِيارَتُها |
جَلْدَ الرِّجالِ عظيمًا صَاحِبَ البَأْسِ |
فكيْفَ إنْ مَكَثَتْ فيها تُغازِلُها |
تِسْعًا طوالاً تُشيبُ الشَّعْرَ في الرأْسِ |
تِسْعٌ وفي كُلِّ يومٍ عِنْدَها أَلَمٌ |
في النَّوْعِ مُخْتَلِفٌ وَالكُلُّ مِنْ بُؤْسِ |
ينمو ضَناها بِهذي التِّسْعِ مُرْتَفِعًا |
والحَمْلُ حتَّى الضَّنَى يُرْبيهِ بالرَّغْسِ |
وَحَمْلُها عَجَبُ إذْ رَغْمَ قَسْوَتِه |
تَرْجو سلامةَ مَنْ فيها مِنَ المَسِّ |
فَي الثِّقْلِ يُشْبِهُها حَمَّالُ أمْتِعَةٍ |
لَكِنْ لهُ فَرَجٌ في الليلِ إذ يُغْسي |
أَمْسَتْ عجوزًا لدى العِشْرين مِنْ تَعَبٍ |
تَمْشي اختيالاً ولَكنْ ليْسَ مِنْ فَجْسِ |
ذا الحَمْلُ غَيَّرَها والطَّبْعُ حَيَّرَها |
تَقُولُ دَوْمًا.... رَزانًا كُنْتُ بالأمْسِ |
تشْكو ولا تَسْتَسيغُ الشَّكْوَ ذا أَبَدًا |
هِيَ الكَريمَةُ لا تَقْوى على الرَّفْسِ |
وَلَيْتَها أَكْثَرَتْ حَتَّى تُطّهِّرَنِي |
لَمَّا أُشارِكُها في ذَلكَ النَّحْسِ |
رَقَّ الفؤادُ لِحالٍ ظَلَّ يَعْصِرُها |
يَرجو بِلَهْفَتِهِ إطْلالةَ الشّمسِ |
أدْعُو اللَّطيفَ فقَدْ يمحو مَواجعها |
مَن ذا سِواهُ يعافييها ومَنْ يُؤْسِي |
يَا زوجةَ الصَّبِّ يَا أُمِّي ويَا امرأةً |
الآنَ أيْقَنْتُ مَنْ أَنْتُنَّ في الإنْسِ |
قَدْرُ الأمومَةِ عالٍ ليْسَ يَحْقِرُهُ |
إلاَّ شَقِيٌّ حقيرُ الطَّبْعِ والنَّفْسِ |
أَعْظِمْ بها مَثَلاً في كُلِّ تَضْحِيَةٍ |
لَوْ مَلَّتِ الأُمُّ سِرْنَا نَحْنُ لِلرَّمْسِ |
واللهِ لو كنتُ أزْكى الخَلْقِ ماقَدَرَتْ |
نَفْسي عَلى رَدِّ مَا لاقتْهُ بالأمْسِ |
هُوَ الإلَهُ يجازيها بِرَحْمَتِهِ |
فَهْوَ الكريمُ الذي يُعْطي بِلا وَكْسِ |