(وتوالت الصفعات صفعة بعد صفعة ويوما بعد يوم من اقرب الناس لي،كلما زاد قربه كلما زادت صفعاته وقوتها..).
في الغربة انا وحيد حزين،لا اهل ولا اصحاب لا اقرباء ولا احباب،الله كم اشتقت اليك يا ابي،الله كم تهت بعدك يا امي،يقطعني الم الفراق ويا له من الم،امشي كئيبا في الطرقات افكر في حالي الذي وصلت اليه والذي يرثى له،الكل يبتعد عني وينظر لي نظرة استصغار واحتقار،الكل يعيب علي حديثي المريض بالادب والثقافة،هل انت يا قلبي حزين؟ احزن وابكي كما شئت حتى تمل فليس هنالك من يأبه لك،هل انت يا لساني مريض؟ نعم انت مريض وليس عندي لك من دواء،يسالني الجميع عما اخفي من امر دفين،يظنون بي علة اومرض او جنون،يقولون اتركوه فهو انسان سخيف لا يخالط الناس ولا يجالسهم..لا يمازحهم..لا يضحك كثيرا دائما جدي..دائما مهموم يفكر في امور قديمة،وانا اسأل...وهل هذا بيدي؟ ألا ايها الناس انظروا لحالي..مات قلبي قبل ان يكون لي قلب،شل تفكيري قبل ان يخطو اول خطوة له،ما ذنبي اذا كان هذا قدر الله علي؟ ماذا افعل او اقول وانا احمل همومي وجراحي التي اثقلت كاهلي فوق ظهري وامشي بها في الشوارع بين الناس،يسالونني مابك تحمل نفسك فوق طاقتها؟ الق همومك من على ظهرك وانظر الى الدنيا وتمتع بها،واي دنيا تلك هي التي تمتعني؟ لو القيت همومي لجائتني باكبر منها عقابا لي،اذا كانت مزحة من صديقي تفتح علي آلاف البواب من الجراح،اذا كانت نظرتي للعشاق تصيبني بآلاف الاوجاع والآلام،اذا كان قلبي جرحه لا يندمل ولا يتوقف عن النزيف،ورغم كل هذا لا تذرف دمعة من عينيَّ لتطفئ قليلا من نار احزاني،فهل هذا بيدي؟ إني قد بلغت حدا اعجز فيه عن التفكير ولو في اصغر(احتياجاتي الشخصية) يقولون لي :"في هذا الزمن لا يعرفك ولا يتقرب منك الا من له مصلحة عندك فنحن في زمن المصالح،كلما كنت انسانا تافها في كلامك ليس عندك اي قيمة للحياة وكلما كان لسانك سليطا متفننا في الفحش لا يعرف الخطوط الحمراء ولا يقف عند حد معين كلما زادت شعبيتك وحتى تكون شخصا محبوبا عليك بالسهر في المراقص والمقاهي والكاباريهات والملاهي ولا تترك فيها شيئا الا وتجربه حتى تتحدث ببطولاتك فيه، وحتى تكون مرغوبا في الجلسة عليك بالضحك الى ان تنقلب على قفاك،واذا اردت ان تصبح شخصا اجتماعيا نوصيك بالغيبة والنميمة والكذب والتلفيق واختراع القصص..فالله الله في هذه الوصية اعمل بها حرفا حرفا وكلما زدت من هذه الصفات كلما زادت محبتك"
هل صار الشخص الذي لا يسكت او الذي تبرأ لسانه منه هو الشخص المرغوب؟ هل صار الانسان الرويبظة هو الصديق الودود؟ وهل الشباب الذين لا يرون ابعد من انوفهم وبالكاد يتدبرون امر يومهم هم المحبوبون في الجلسة..ألا تبا لهذه الجلسة،زماننا اعوج قد قلب كل الموازين ورماها عرض الحائط ولم يكتفي بذلك وحسب بل داس عليها دون اي اعتبار،اذا كان هذا هو ثمن المحبة فقبحا لها ولا اراني الله اياها،ولو كانت محبة الناس ثمنها معصية الله ورسوله وغضب والدي علي فانني اعلنها باعلى صوت انني ساظل انسانا مريضا وسخيفا ومجنونا وكما شئتم ان تسموني فسموني
فقلت خلو سبيلي لا ابا لكمُ فكل ما كتب الرحمن مفعولُ
"كعب بن زهير"
ولكن لي سؤال بسيط هنا،هل صدق الشافعي حين قال:
نـعيب زمانـنا والـعيب فـينـا ***** ومـا لـزمـانـنا عـيب سوانا
ونهجوا ذا الزمان بغير ذنب ***** ولو نطق الزمان لنا هجانا
اليس غريبا هذا التناقض؟؟!!...