غربتي ... سماعة الهاتف ... وصوت أمي
أدفع بيدي المرتجفه إلى سماعة الهاتف ... ألتقط السماعة في خلسة من وعيي وأطلب الرقم على عجل ... لا ألبث بعدها أستحث وصول صوتها ... صوت أمي ... يصل عابرا ضباب المحتل ... ذلك الضباب غير العادي الذي حجب عني الرؤيه فأضحيت في غربتي كعصفور غض تلف محيطه سحائب مكفهرة ويصدح في مسامعه عواء الذئاب الجائعه ... يأتي صوت أمي بدفئه الذي عهدته مذ تفتحت مفاتيح وعيي الأول ... أماه ... يا حبا يخجل من إحاطته تواضع قلبي ... أماه ... يا قصة تنتقص من بلاغتها ركاكة بياني ... أماه ... يا أنشودة يعجز عن ترديدها ثقل لساني ... أماه ... رحماك بضعفي ... فقد غدوت أشفق من سماع صوتك ... أضحيت أخشى ذلك الدفئ الذي تبحر به كلماتك ... وكيف لا أخشاه ... كيف لا أخشاه وهو يلتقط من روحي أرواحا ... يرتقي بها إلى ملكوتك المقدس ... ثم يعيد ما التقط دفعة واحدة إلى عالم غربتي الموحش عند كل إغلاق للسماعه ....