أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: على الأريكة

  1. #1
    الصورة الرمزية حسين الطلاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : الجبيل - المملكة العربية السعودية
    المشاركات : 424
    المواضيع : 89
    الردود : 424
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي على الأريكة

    على الأريكة .
    ـــــــ
    ألا ليت أني لم أر الأريكة ،،، ولم أرها .
    ولا باغتتني سورة تغتالني ،،، وآه من حُمَيّاها .
    كأني بِحَمَّارة القيظ أخطو حافيا ،،، أوّاه من رمضائها واها .
    لكالمَسّ أحسسته في النُّهى ،،، فجهدتُ في الرُّقى حينا ، وأخرى في رقاها .
    وكم نهدة صعَّدَتْها حسرة ،،، ومن خلال السُجُف أنظر ذا الزفرات فاها .
    فحارت بي الدنيا وحرت ُ بها ،،، فلا مُلجما لها ولا ناهيا فينهاها .
    فادْلَهَمّ ظلام واستوثق سواد ،،، فتلك دنياي ولم أدرِ ما دنياها .
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
    ثم عوى الذئب وقال : ما خطبك يا حسين ؟
    قلت : أهلا أبا سرحان ،،، وما الذي جاء بك الساعة ؟
    قال : كنتُ في الجوار ، فسمعتك تترنم بكلمات ما هي بشعر !! غير أنها لذيذة فأطربتني فأحببتُ المثول بين يديك ،،، لآنس ثم آنس .
    قلت : هل أنت خرجت مني ! أم أنا خرجتُ منك ؟؟؟ .
    قال : كلانا تَخَلّق بعضه من بعض ،،، أو كلانا كنُطاف أُصْهر في رحم كريمة ، فأجنّت بعد أن علِقَتْ ، فتقبَّب البطن ، فبلغ الأجل ، فخرجتَ أنت وخرجتُ أنا .
    قلت : اقترب ،،، أريد أن أبعثك سفيراً .
    قال : إلى أين ؟
    قلت : إلى الورقاء .
    قال : متى ؟
    قلت : الساعة ،،، وعلى أن ترجع عليّ بخبرها بعد ساعة ! .
    قال : وكيف أسْفُر بينك وبينها في ساعة ؟ .
    قلت : شأنك يا ذئب .
    قال : فأين عِفْرِيْتُ سُليمان !!! لِيُقلّني ؟؟؟ .
    قلت : لا عفريت لديّ ،،، وهيا انطلق ،،، .
    ــــــــــــــــــــــ
    فانطلق يمرق الأرجاء ،،، كالسهم يتخلل الأحشاء ،،، ثم بعد ساعة عاد بالأنباء .
    فقال : جئتك من سبأ بنبأ ،،، فهل لي من أجر ؟
    قلت : لقد حلّ ذبح ذاك الحَمَل ،،، ولك منه ما شئت ،،، فهاتِ ما عندك ؟
    قال : رأيت العجب العجاب ،،، ورأيتُ امرأة تطوف بصحن دارها ،،، فقلت ستقعد ،،، فلم تقعد ، حتى ظننتُ أنها ستطوف ما طاف الحجيج ،،، .
    ثم أرسلتْ نظرة إلى أريكة كانت هناك ،،، فسحبتها رجلاها إليها ، ثم أدارت ومسكت المتّكئين براحتيها ، وجعلت تجلس بأناة وتؤدّة حتى أسلمت ظهرها للمسند ،،، وهي مديرة فمها ، شاخصة بصرها كأنها تتأمّل حدثا ما بمُخّها .
    قلت : وماذا بعد ؟
    قال : جلستْ ، واتّسَدَتْ يدها ، فجعلت راحتها على أيسر الحنك ،،، فضاق الخدّ وزاحم اللّمى حتى استدارت كخاتم من عقيق أحمر .
    ثم أسدلتْ الجفنين على مُقلها ، فاحدودب ظاهرها ، ثم احمرّت رسومها ، فتبللتْ أشفارها ، فهتنتْ ما تيسر لها من تهتان .
    وقد راع النظر من الأشفار ما يشبه ذيل الطير بجودة نَسَقه وحسن نظْمه ، غير أنه غاص في البحر يسترزق لينال قُوْته ،،، ثم أقلع والماء يتقطر منه ،،، فتجلّت صورة الأشفار مُتحدية الوصف والتشبيه .
    ولعلّ الدمع بعد أن رضي بالأشفار ميزاباً[1] ، جعل يَجِدّ في رسمه المراجيع ، حتى تآلف واقترن بصاحبه عند الحنك ،،، ثم جعل ينهمل ويقرّ في كأسٍ كان مزاجها .... الورقاء .
    ثم راع النظر ألم اللّمى ،،، وعطشها للبكاء ، فكانت ترعد وترعد ، ولا زالت ترعد حتى هزّ القلب من جانبها باعث ،،، وحتى كِدتُ أن أجهش ، غير أنها سبَقَتْ فأجهشِتْ من خلال أوتار أرّقها الشجو .
    ثم راع النظر وضع جبينها على الساعدين ، فتدلّى الشعر الحالك مظفوراً من هنا ، ومنفوشاً من هناك .
    أما المظفور ، لكأنه الحبل الممرُوْر ، ولو شاءت أن تُطَوِّحه وتضرب به ، لكان أوْجع من السوط ! لفرط شدته وقوته .
    وأما المنفوش ، فبما تذبذب قامت به اليد التي اتسدتها ما بين الحنك تارة وجانب الرأس أخرى ،،، فانتفش .
    ثم راع النظر بعد أن أراحت صدغها الأيمن على ظاهر كفيها ما احمرّ من ذرفها[2] ، وما جاد به الشأنان[3] .
    فأطلتُ النظر ، وإذا العين حمراء ، فأرتني الدمع أحمرا ، والدمع في حقيقته لا حمرة فيه ،،، وإن كادت لتتهالك نفسي لجسامة الأثر وسطوة الحزن ، لولا أن تداركني تماسك كنتُ أعدّه من مقوماتي كذئب .
    ثم راع النظر عقارب شعرها المبتلة عرقا ودمعا ، وهي تداعب صفحة خدّها وطرفا من أنفها ، مولدة ما يشبه الحكّة ، فتحكّه ثم تتبعه شهقة تسلب النفس وتزهق الروح ، وإن كادت لتزهق لولا بقية من العمر إلى أجل مُغَيّب في ملكوت السماء .
    ثم راع النظر بعد رشدها قيامها وإدبارها ، حيث ذكرتُ قول الأعرابية التي وصفت إحدى الحسان لأحد الملوك قائلة ( مَهِيْل الرّمل من ردفها )[4]،،، أما والذي أمات وأحيا ، والذي أمره الأمر ،،، لكأني أرى الأعرابية وأسمع قولها الساعة .
    ثم ذهبت تسير تلتمس الماء لتغتسل بعد أن قرّح الدمع عينيها ،،، ففعلتْ .
    ثم راع النظر إقبالها ، وقد استحر الحسن واستفحل !!! فهممتُ أن أتوارى ،،، غير أنها رأتني فتدثّرتْ ثم قالت : من ؟؟؟
    قلتُ : الذئب .
    قالت : ذئب يوسف ؟
    قلت : نعم .
    فاقتربتُ منها وقلت : ما هذا البكاء يا ورقاء ؟
    قالت منكرة الأمر : لم أبكِ !!! .
    ابتسمتُ وقلت لها : ( ما استتر من قاد الجمل )[5] !!! .
    ولكن ،،، حسبكِ الآن ،،، فأنا الذئب ولا زلتُ ( أسْتَفُّ التراب ولا أخضع لأحد على باب )[6] ،،، فكفكفي .
    فقالت : من أرسلك يا ذئب ؟
    قلت : آه ،،، ذكرت الآن من الأمور ما هي عاجلة ، وعليّ أن أذهب ،،، ألا تُشَيِّعيني بدعوات منبعها القلب ومحطّها السماء ؟
    قالت : في أمان الله وحفظه
    ـــــــــــــ
    وها أنا ذا يا حسين ،،، فأين الحمَل ؟؟؟ .
    قلت : أحسنت يا ذئب ،،، ودونك الحمل ، ولكن دعني أعالجه ذبحا بِدَجّ أوداجه أولا .
    ثم كل منه حتى تشبع ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، .

    ــــ إنتهى ــــــــ
    حسين الطلاع
    13/6/2009 م .
    المملكة العربية السعودية - الجبيل




    [1] : الميزاب هو مجرى الماء ومخرجه من على الأسطح المسبب بالمطر .

    [2] : كناية عن الدمع .

    [3] : هي مجاري الدمع .

    [4] : مثل عربي جاهلي .

    [5] : مثل عربي يضرب لمن يقوم بعمل لا يستطيع التواري منه .

    [6] : مثل عربي يضرب للكرامة والإباء .

  2. #2
    الصورة الرمزية حسنية تدركيت أديبة
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    الدولة : طانطان
    المشاركات : 3,596
    المواضيع : 313
    الردود : 3596
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    كأنني أقرأ ألف ليلة وليلة غير أن هذه أروع وأجمل وأفصح
    شكرا جزيلا لك هذا الإبداع الجميل جدا .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيhttps://www.youtube.com/watch?v=FLCSphvKzpM

  3. #3
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : سيرتـا
    العمر : 46
    المشاركات : 3,845
    المواضيع : 82
    الردود : 3845
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    الجميل حسين الطلاع

    استحق لحما حلالا طيبا فقد أتى بوصف منهمر يكاد يلامس السحاب في جودته و حسن نظمه أيها المبدع .
    ذئبك ( حرفك ) بريء , فما أخطأك حاذق إلاّ و رفعك , فلا تحزن و استمر أيها البارع المتمكن .

    هي قصة أخرى تضاهي قصص ألف ليلة و ليلة و لكنها بروح طلاعية خالصة .

    دمت بألق ...

    إكليل من الزهر يغلف قلبك
    هشـام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية حسين الطلاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : الجبيل - المملكة العربية السعودية
    المشاركات : 424
    المواضيع : 89
    الردود : 424
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    الأستاذة : حسنية تدركيت حفظها الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أشكر لكِ إطراءك العذب الجميل ، وتذوقكِ للنمط العربي الأصيل في صياغة النصوص ، وهذا إن دل على شيء دل على أصالتكِ وتوغلكِ في العمق العربي .
    منحكِ الله حبا للعربية أكثر وأكثر وزين بها ألسنتنا ولسانكِ .
    مع تمنياتي لكِ التوفيق والسداد .
    حسين الطلاع
    ـــــــــــــ
    الأستاذ : هشام عزاس حفظه الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نعم لقد استحق لحما طريّا ، ويحق له ذلك ،،، أوَلم يأت لنا بالخبر اليقين ، وكان صادقا ؟
    أيها الحبيب : أشكر لكِ بصمتك على النص وترصيعه بجوهر كلامك .
    هذا مع تمنياتي لك التوفيق والسداد
    حسين الطلاع .

  5. #5

  6. #6
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    ما شاء الله تبارك الله!

    أي فصاحة وأي حصافة!

    نص أدبي جميل راق لي وأكثر ويسرني أن أقرأ لك أكثر وأكثر.

    بمثل هذه انصوص يرتقي الأدب.

    أهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.


    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    الصورة الرمزية حسين الطلاع شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2008
    الدولة : الجبيل - المملكة العربية السعودية
    المشاركات : 424
    المواضيع : 89
    الردود : 424
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    الأستاذ : سالم العلوي حفظه الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شرفني مروركم الكريم ،،، وأشكر إطراءكم العذب .
    وإن كنتَ أعجبت بها ، فهذا لطيب تذوقكِ ورفعة ثقافتك أخي الكريم .
    هذا مع تمنياتي لك التوفيق والسداد .
    أخوك : حسين الطلاع
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    الأستاذ الدكتور : سمير العمري حفظه الله
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    لا يخفى عِظم الشرف والمكانة التي منحتنا إياها بمرورك على هذه القطعة المتواضعة .
    وأشكر لك طيب خلقكَ وحسن إطراءك .
    على أمل المزيد من التواصل ،،،،،، وبالله التوفيق
    أخوك : حسين الطلاع

  8. #8
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2009
    العمر : 39
    المشاركات : 33
    المواضيع : 4
    الردود : 33
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    تتقزم حروفي بمحرابِ بيانك
    وكأني بحضرة الجاحظ
    كلمات جزلة وتمكن شديد من اللغة

    دام تميزك سيدي

    محبتي وتقديري

  9. #9
    الصورة الرمزية زياد موسى العمار شاعر
    تاريخ التسجيل : Jul 2007
    الدولة : سورية
    المشاركات : 597
    المواضيع : 16
    الردود : 597
    المعدل اليومي : 0.10

    افتراضي

    الأخ المكرم حسن الطلاع
    سلامٌ من الله تأنس به روحك ورحمة منه ترضيك وتكفيك الدَّارين
    قطعة أدبية زاخرة المعنى متراصة البناء تشي بتفوّقٍ أدبي مائز بحق...!
    ولكن إن أذِنْتَ لي بسؤال فقل لي: أيُّ سحابة تلك التي حملتك إلى مثل هذا العالم الرحيب من اتساع الفكر والأدب؟!
    سأذكر هذا الاسم حرصاً على تقفّي مداده أنّى تأنّى لي.
    تقديري وعظيم محبَّتي

  10. #10
    الصورة الرمزية مينا عبد الله قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Feb 2006
    الدولة : حيث تكون روحي
    العمر : 42
    المشاركات : 2,091
    المواضيع : 110
    الردود : 2091
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    أستاذي العزيز د . حسين الطلاع

    هل تكتفي مني بالصمت رداً على هذه الرائعة من روائع ابداعك ؟!

    أم هل يحق للكلمات مهما كبرت وعلت إلا أن تقف اقزاماً عندي أقدام تلك الكلمات ... ؟!

    الحق لقد سلبت هذه الرائعة ، النبض مني فتسارع قلبي مهرولاً ليمسكه..
    وسرقت من عيني النظر .. ليصل الى معاني الكلمات الغائرة في عمق بحر امكانياتك العالية ، كلألأ ودانات .

    استاذي .. معك تتعثر كلماتي وتتصاغر إجلالا لروعة ما تجد هنا فتفقد النطق ، فتقبل عذرها وعذري

    احترامي دائما

    مينا
    أنفاسي خطواتي نحو الممات .. و ربما تبقى لي ذكريات .. هكذا علمتني الحياة

المواضيع المتشابهه

  1. على غير عادته صمم الزوج على ألا يعود هذه المرة..
    بواسطة فاطمة أولاد حمو يشو في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 08-11-2023, 07:38 PM
  2. عاشق فراتي : رداً على قصيدة السماوي : بدد على بدد
    بواسطة د. عمر جلال الدين هزاع في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 01-06-2007, 06:37 PM
  3. دجلة كفني...رداً على قصيدة (حزناً على عراقيّة)
    بواسطة منى الخالدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 25-03-2007, 04:55 PM
  4. مشاركات: 33
    آخر مشاركة: 10-12-2004, 01:41 AM
  5. الأسد والقرد-قصيدة بمناسبة الآعتداء على سوريا ورد القسام على ذلك
    بواسطة فارس عودة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 27-11-2003, 08:49 PM