سر جعل الكعبة إلى جهة اليسار في الطواف
حدثنا الأستاذ أبو عبد الله البلنسي قال حدثنا الأستاذ الخطيب أبو عبد الله محمد بن مرزوق قال سألت أبي رحمه الله ونحن نطوف بالبيت الحرام زاده الله تشريفاً فقلت له لم كان البيت يجعل في الطواف إلى جهة اليسار، ولم يجعل إلى جهة اليمين وهو أشرف؟ فقال لي سرها يا بني أن القلب على جهة اليسار فجعل الشق اليسار الذي هو محل القلب إلى جهة البيت ليكون أقرب موافقة لقوله تعالى " فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم " فقلت له إن الطبيعيين وأهل التشريح أطبقوا على أن محل القلب الحقيقي هو الوسط لا الجهة اليسرى ولا اليمنى، نعم وضع رأسه مائلاً ذات اليمين قليلاً وإبرته مائلة ذات اليسار قليلاً، ثم وقفت المسالة فأنهيتها إلى الفقيه الطبيب العارف أبي عبد الله الشقوري فقال لي ما قلت للأستاذ حق، إلا أني أقول الحكمة في ذلك وجهان.
أحدهما أن جهة اليمين أقوى من جهة اليسار، وذلك مشاهد، والطواف سير دوري، ولا شك أن أبعد الجهات إلى المركز الذي هو جهة البيت أقوى حركة من الجهة التي هي أقرب إليه فجعل الشق الأيمن الأقوى إلى الحيز الذي الحركة فيه أقوى، والشق الأيسر الأضعف إلى الحيز الذي الحركة فيه أضعف ليتعادلا.
الوجه الثاني أن جهة اليسار من القلب هي محل الروح ومنبعه، ومنه ينبعث في الشريان الأعظم المسمى بالأبهر إلى جميع الجسد، ولذلك نجد حركة النبض في الجهة اليسرى، والروح أشرف ما في الجسد فجعل ذلك الشق موالياً للبيت الشريف ليكون الإقبال على بيت الله بما هو أشرف.
عن كتاب الإفادات والإنشادات للشاطبي